كتاب سلسلة جهاد شعب الجزائر (اسم الجزء: 1)

في ذلك اليوم البلاء الحسن. غير أنه لم يتمكن من الصمود طويلا، واضطر إلى الانسحاب إلى (القصبة) , ودخل السلطان الحفصي - الحسن - إلى تونس في مقدمة الجيش الصليبي. ولقيهم الأعراب بالمقاومة، فقاتلهم قائد الجيش الصليبي - الصبنيول - ودخل السلطان القصبة، ووعد أهلها بالأمان، وهو لا يملك حق إعطاء الأمان بعد أن تعهد للصبنيول بالموافقة على شرطه وهو استباحة البلاد لمدة ثلاثة أيام. وما إن أمن الناس، وخرجوا من معاقلهم، وتخلوا عن أسلحتهم وانصرفوا إلى أعمالهم ومتاجرهم، حتى باغتتهم القوات الإسبانية، وأعملت فيهم قتلا وبمتاجرهم نهبا وببيوتم سبيا. وفر إلى (زغوان) من استطاع أن يجد الفرصة للفرار بنفسه وبأهله.
وانتهت هذه المذبحة الرهيبة بإبادة ثلث أهل تونس ونجاة الثلث ووقوع الثلث في قبضة الأسر والمأسور يفتدي نفسه إن كان له مال. وبلغت الفدية ألف دينار، وتغيرت البلاد وطمست أعلامها وكانت هذه النكبة التي تعرضت لها تونس في سنة 941 هـ (1535 م) هي أقسى ما عرفته في حياتها من نكبات وكوارث، إذ أن عدد القتل من سكان تونس خلال الأيام الرهيبة الثلاثة قد بلغ سبعين ألفا. ونهبت خلال ذلك ثروات المدينة وكنوزها ونفائسها وأموالها وما تراكم فيها عبر مئات السنين بفضل ما عرف عن أهلها من الجهد والنشاط. وأضيفت إلى قائمة الكوارث التي تعرضت لها المدن الإسلامية (مثل بغداد على أيدي التتار والقدس على أيدي الفرنج الصليبيين) كارثة جديدة عرفت (بكارثة تونس).
لقد استمرت معركة تونس 36 يوما، مما يؤكد قسوة الصراع وعنفه، فقد نزل الإسبان فوق أرض تونس يوم 16 حزيران - يونيو -

الصفحة 131