كتاب سلسلة جهاد شعب الجزائر (اسم الجزء: 1)

جريح. وكتب راهب - أسقف - طليطلة إلى الإمبراطور - مبشرا بالفتح، وكان في رسالته ما يلي:
(أكد لنا الدين يعرفون البلاد، أن لمدينة هنين ومرساها أهمية بالغة، فهنين بلدة محصنة ذات أسوار منيعة، ولها قلعة عظيمة، ولا تبعد عن تلمسان أكثر من (12) مرحلة، وهذا أمر له أهميته العظمى بالنسبة للحركة التجارية التي يمكن أن نتداولها مع العرب، كما أن امتلاكنا لمدينة هنين يساعدنا بصورة خاصة على إبقاء ملك تلمسان تحت قبضة أيدينا، فهو لن يفكر في مهاجمتنا عندما يرانا قد تمكنا من البلاد داخل حدودنا الجديدة وتحصنا بها).
اما الدكتور لبربخا ممثل الإمبراطور بوهران فقد كتب لسيده يوم 2 أيلول - سبتمبر - 1531 ما يلي: (أعتقد أن احتلالنا لمرسى هنين إنما هو حدث عظيم جدا، ذلك أننا باستقرارنا وبتمكننا من هذه البلدة، نستطيع أن نعاقب ملك تلمسان، ونجبره على القيام بتعهداته، ذلك أن الطريق من هنين إلى تلمسان، أقرب وأضمن من طريق وهران والمرسى الكبير، ونستطيع من هذه البلدة، دون كبير عناء، أن ندخل مدينة تلمسان، وأن نأخذ من مولاي عبد الله أحسن ممتلكاته (¬1)).
¬__________
(¬1) تجدر الإشارة إلى تلك المقاومة البطولية التي نظمها الشعب المجاهد في (هنين) حيث حرم الإسبانيين من متعة انتصارهم، وأحكم الحصار حولهم، ولم يترك لهم الفرصة للتوغل إلى داخل البلاد، وحرمهم من الحصول على متطلباتهم من المواد التموينية. وشن عليهم الغارات باستمرار، وأرغمهم بعد ثلاث سنوات من الصراع المرير على الجلاء عن (هنين) حيث انسحبت القوات الإسبانية في كانون الثاني - ديسمبر - 1534. وقد كان انتقام الإسبانيين رهيبا، إذ أمعنوا في تخريب المدينة وتدميرها حتى جعلوا عاليها سافلها، وقوضوا معالمها، وأفسدوا مساجدها، وضربوا مرساها، ومحوا آثارها من الوجود، بعد أن كانت طوال خمسامائة عام منارا من منارات الإسلام الشهيرة.

الصفحة 134