كتاب سلسلة جهاد شعب الجزائر (اسم الجزء: 1)

الجزائر (محمد حسن آغا) يطلب إذنا للسماح بحرية المرور لمن أراد من أهل الجزائر وخاصة نساءها وأطفالها مغادرة المدينة عبر (باب الواد). وعرف (شارلكان) أن حامية الجزائر مصممة على الدفاع المستميت، وأنه من المحال احتلال الجزائر إلا إذا تم تدميرها تدميرا تاما. ولم يكن الإمبراطور قد أنزل مدفعية الحصار حتى تلك الساعة، فلم يتمكن بذلك من قصف الجزائر بالمدفعية، وفي الوقت ذاته كان المجاهدون الجزائريون يوجهون ضرباتهم الموجعة إلى القوات الإسبانية، في كل مكان، حتى قال أحد فرسان مالطة في تقريره عن المعركة:
(لقد أذهلتنا هذه الطريقة في الحرب، لأننا لم نكن نعرفها من قبل). وكانت أعداد المجاهدين تتعاظم باستمرار بفضل تدفق مقاتليهم من كل مكان بمجرد سماعهم بإنزال القوات الإسبانية. وكان هؤلاء يستفيدون في توجيههم لضرباتهم من معرفتهم الدقيقة بالأرض واستخدامهم لمميزاتها بشكل رائع.
وبدأ المطر الغزير في السقوط مع بداية الليل، وكانت كثافة الأمطار وغزارتها تتزايد مع تقدم الليل. بينما هبت ريح عاتية من الشمال الغربي، فتعالت الأمواج وتشابكت، وأصبح الأسطول الذي يحمل السلاح الثقيل - المدفعية - والأعتدة والمواد التموينية أمام مأزق خطير. ولم يكن للإسبانيين في تلك الليلة خيام يحتمون فيها من وابل المطر، إذ لم يكونوا قد جاؤا بالعتاد اللازم من السفن. فكان لا بد لهم من قضاء شر ليلة بين الماء والوحل بعد أن قضوا أسوأ نهار في المسير والاشتباك بنيران المجاهدين.
ثم أقبل الفجر أخيرا على المجاهدين الذين لم يناموا ليلهم وهم في مدينة الجزائر المحاصرة يستعدون للمعركة الحاسمة. وارتفع الأذان

الصفحة 153