كتاب سلسلة جهاد شعب الجزائر (اسم الجزء: 1)

من المساجد داعيا الناس لبيوت الله، ورددت عشرات مآذن المدينة الدعوة، فأنزلت السكينة على النفوس. وما كادت تنقضي الصلاة، حتى فتحت أبواب المدينة بصورة مباغتة، وتدفقت موجات المجاهدين وهي تردد بصوت واحد صيحة الحرب (الله أكبر).
وقاد المجاهد (الحاج البشير) الهجوم على ميمنة الخط الإسباني، وكانت مستقرة أمام رأس تافورة (بين إدارة البريد المركزي اليوم والبحر). وتلقت الفرقة الإيطالية الصدمة الأولى، فلم تتمكن من الصمود لها، واستولى عليها الرعب والفزع، فتقهقرت متراجعة بدون نظام حتى وصلت إلى معسكراتها. وازداد المجاهدون إقداما واندفاعا لاستثمار هذا النصر الأول. فواصلوا هجومهم في مطاردة فلول الهاربين إلى أن اصطدموا بكامل الفرقة الإيطالية التي كانت تحتل القطاع الأوسط في التنظيم القتالي للقوات الصليبية. وعلى الرغم من التفوق الساحق للقوى الإيطالية، فقد اندفع المجاهدون بحماسة لا توصف لقتالها. ولم تتمكن الفرقة الإيطالية من الصمود أمام الهجوم القوي للمجاهدين. واضطرب أمرها. فولت منهزمة، وتشتت إلى مجموعات صغيرة. ووجد المجاهدون الجزائريون فرصتهم لإبادة ما يستطيعون إبادته من هذه القوى الممزقة. ولم تتوقف المذبحة إلا عندما تدخلت فرقة فرسان مالطة.
كانت هذه الفرقة تقف على مسافة بعيدة من مواقع القوات الإيطالية، فما كادت ترى ضراوة المعركة، وتمزق القوات الإيطالية، مما بات يهدد الجيش الإمبراطوري كله بالدمار، حتى اندفعت بكامل قوتها، وتمركزت في الفج الصغير الذي يقع وراء الجسر والذي يمر منه الطريق المؤدي إلى كدية الصابون، فضمنت بذلك حماية فلول

الصفحة 154