كتاب سلسلة جهاد شعب الجزائر (اسم الجزء: 1)

عندما وقفوا عاجزين عن استخدام أسلحتهم النارية التي أفسدت السيول والأمطار بارودها وحولته إلى كتل من العجين غير المتفجر. في حين كان المجاهدون فوق الأسوار يستخدمون أسلحتهم النارية بصورة رائعة، كما كان النازحون الأندلسيون يستخدمون بكفاءة عالية القسي الحديدية لرمي السهام البعيدة المدى بدقة مثيرة للإعجاب. وتكسرت موجات الهجوم واضطرت للإنسحاب بعد أن تركت فوق أرض المعركة الغارقة بالوحل أعدادا كبيرة من القتلى.
وهكذا وبينما كانت معركة يوم 25 تشرين الأول - أكتوبر -تسفر عن نصر حاسم لمصلحة القوات البرية الجزائرية، كانت العواصف تقوم بدورها لتمزيق الأسطول البحري الإسباني، إذ أدت الأمواج المتلاطمة إلى ضرب قطع الأسطول بعضها ببعض - وخاصة منها سفن النقل الكبيرة - لتعمل على تحطيمها والقذف بها فوق أرض الساحل. وأسفر هذا الموقف عن كارثة حقيقية نزلت بالأسطول الصليبي، عندما تجاوز عدد سفن النقل التي تحطمت على الساحل (150) سفينة. وكان المجاهدون المسلمون من عرب البلاد الداخلية يغنمون ما فيها ويأسرون رجالها.
أما السفن الحربية التي كانت أمتن صنعا وأحسن قيادة فقد انسحبت من موقع الخطر، مستعملة المجاذيف، واستمرت عمليتها هذه نحو من أربع وعشرين ساعة. غير أن هذه السفن الحربية التي ناورت بمهارة مبتعدة عن مركز الخطر، كانت تحمل في جوفها خطرا أكبر، إذ كان العاملون على مجاذيفها من أسرى المسلمين المستعبدين في معظمهم، وكان هؤلاء يتابعون تطورات المعركة بحذر ويقظة، وتبين لهم أن لحظتهم المناسبة قد أزفت لتحرير أنفسهم من العبودية،

الصفحة 156