كتاب سلسلة جهاد شعب الجزائر (اسم الجزء: 1)

وركوب سفن الأسطول الباقية للوصول إلى جهة - تامانتغوس). وأيد معظم قادة الجيش وجهة نظر قائد الأسطول، إلا القائد الإسباني (فرناندو كوريتز) الذي كان يرى وجوب البقاء والمقاومة (¬1) ووقف معه أيضا الكونت (د. الكوديت) حاكم وهران العام. وهكذا رجحت كفة الانسحاب، وبدأت المسيرة الشاقة للابتعاد عن الأسوار، واختراق ضفة البحر، للوصول إلى رأس (تامانتغوس). ونظرا لنفاد المواد التموينية، فقد أمر الإمبراطور بذبح الخيول التي كانت لدى الجيش، وتوزيع لحمها لإطعام الرجال، مبتدئا بذبح تلك الخيول العربية البديعة التي جاء بها لنفسه. وبات الجيش الصليبي في تلك الليلة وراء (وادي خنيس). ثم استأنف الجيش تحركه في اليوم التالي (27 تشرين الأول - أكتوبر) حتى وصل وادي الحراش. ولما كانت مياه الطوفان قد ارتفعت كثيرا فقد بات من المحال متابعة المسير. وتم التوقف أمام الوادي.
وفي صبيحة يوم الجمعة (28 تشرين الأول - أكتوبر) استطاع الجنود صنع جسر من أخشاب السفن عبروا عليه إلى الضفة الأخرى.
وتابعوا تحركهم البطيء حتى وصلوا (وادي الحميض - أو الحمير) فباتوا عنده. واستؤنفت المسيرة يوم السبت (29 - تشرين الأول - أكتوبر) وأمكن الوصول في النهاية إلى رأس (تامانتغوس).
لم تكن مشاق الطريق ووعورته وصعوبة التحرك هي كل ما
¬__________
(¬1) اكتسب (فرناندو كوريتز) بجدارة شهرة جلاد أمريكا الجنوبية - أو السفاح - وكان حافزه للبقاء والمقاومة هو رؤيته لسفينته المحملة بالكنوز من الذهب والفضة والحجارة الكريمة التي اغتصبها من أصحابها سكان القارة الأمريكية وقد غرقت في مياه الجزائر، فلم يبق له من أمل في الحياة إلا كسب المعركة على أمل التعويض عن بعض ثروته المفقودة.

الصفحة 159