كتاب سلسلة جهاد شعب الجزائر (اسم الجزء: 1)

تعرض له الجيش الصليبي أثناء تراجعه، وإنما كانت الصعوبة الحقيقية هي في رد الإغارات التي شنها المجاهدون الجزائريون والتي لم تتوقف طوال أيام المسير، في الليل كما في النهار، مما اضطر الإمبراطور (شارلكان) إلى وضع الفرقة الإيطالية في الميمنة، وعلى أبعد مسافة من الضربات المحتملة للجزائريين، في حين أسند حماية المجنبة اليسرى والمؤخرة للفرسان المالطيين والمشاة الإسبانيين. وتولى هو بنفسه قيادة المؤخرة، لرد هجمات المجاهدين، وإنقاذ من يسقط من الرجال. وبذلك لم تصل القوات إلى منطقة أنقاض مدينة (رسغوليا) - المدينة الرومانية القديمة - إلا وقد استنزفت المسيرة بقية ما تمتلكه من القدرة والجهد. وقضت بتلك الأطلال يومي الأحد والإثنين، حيث استعادت بعضا من قوتها، ثم بدأت عملية ركوب البحر يوم الثلاثاء (الفاتح من تشرين الثاني - نوفمبر -) وانتهت عملية الركوب يوم (3) تشرين الثاني، وكان الإمبراطور هو آخر رجل ركب البحر إلى مدينة بجاية، وفي الطريق ابتلع البحر الهائج بعضا من السفن أيضا، وأصاب بعضها بالعطب، فكانت أعمال الإصلاح والترميم تتم فوق السفن بلا انقطاع وتوقف. وعندما وصلت القوات إلى بجاية. وجدت أن الموقف أسوأ مما كان متوقعا. فقد أحكم المجاهدون العرب الحصار على الحامية، ومنعوا عنها التموين، إلا ما كان يقدمه بعض العملاء بأثمان خيالية وبكميات محدودة. ومضى الإمبراطور إلى المساجد التي تم تحويلها إلى كنائس، يمضي معظم وقته بالصلوات والابتهالات. وأصدر أمره بإبقاء الكنائس مفتوحة في الليل والنهار للعبادة. كما أعلن الصيام تذللا إلى الله وخشوعا. ولم يجد الإمبراطور في بجاية ما يعمله فأصدر أمره بجمع اليهود وقتل بعضهم واسترقاق الآخرين وبيعهم في أسواق أوروبا.

الصفحة 160