كتاب سلسلة جهاد شعب الجزائر (اسم الجزء: 1)

مستقلة، أما مدينة بجاية فقد كانت في الفترة ذاتها تكتسب ثروة طائلة وبصفة مستقلة، من التجارة الواسعة التي كانت تتعاطاها مع البلاد الإيطالية ومن القرصنة. وكانت مملكة تلمسان تشمل بصفة غير محددة الغرب الجزائري، الحالي. وكان رجال الدولة قد تحرروا من السلطة المركزية، فكان أدعياء الملك لا يجدون صعوبة في جمع الأنصار لمحاربة السلطان القائم. وكان الأبناء يثورون ويخلعون آباءهم. كما كان الأبناء يحاربون بعضهم بعضا لاقتسام ملك أبيهم. وكانت هذه الفوضى ذاتها موجودة بالبلاد التونسية حيث آل أمر بني حفص إلى العجز التام، فكان الملك لا يملك حق التصرف، ولا في نفس العاصمة تونس، حيث كان يحتمي بحرس من المرتزقة المسيحيين. وكان جبل الرصاص على مقربة من مدينة تونس خارجا عن طاعة السلطة المركزية، بينما كانت أكثر القبائل التونسية مستقلة فعلا.
على الرغم من ذلك، فقد خشي - فرديناند - أن يؤدي طرد ملك غرناطة - أبي عبد الله - إلى المغرب إلى رد فعل عنيف من جانب دول المغرب الإسلامي، غير أن الراهب (خمينيس) تمكن من إقناعه بأن لا خطر البتة من وراء إرسال ملك غرناطة إلى المغرب لأن حالة الخلاف والشقاق المستحكمة هناك لن تسمح لأهلها بالإقدام على مثل هذا العمل. واتقاء لخطر اتحاد إسلامي موسع في أفريقيا ضد الصليبية الإسبانية فقد أرسل الملك - فرديناندو - في العام 1501، وبعد سقوط غرناطة بسنوات، وفدا إلى مدينة القاهرة عاصمة دولة المماليك - يرأسه بطرس ماريتر دانغريرا - من أجل عقد معاهدة صداقة وحسن تعامل بين الإسبان ودولة المماليك التي كان يترأسها يومئذ قانصوه الغوري. وتم له ذلك.

الصفحة 57