كتاب سلسلة جهاد شعب الجزائر (اسم الجزء: 1)

وأثارت مشكلة السباق بين البرتغال وإسبانيا لاحتلال المغرب الإسلامي صراعا بين الدولتين كاد يؤدي إلى الحرب فيما بينهما. غير أن البابا تدخل في الأمر من أجل اقتسام النفوذ في العالم (وفقا لمعاهدة تورد - سيلاس - سنة 1495). وأعقب ذلك الاتفاق على اقتسام المغرب العربي - الإسلامي (وفقا لمعاهدة فيلافرنكا - 1509) والتي نصت على منح المغرب الأقصى للبرتغال مقابل حصول إسبانيا على المغرب الأوسط (الجزائر).
وهكذا ومع بداية القرن السادس عشر، كانت دولة البرتغال تملك في المغرب الأقصى مدن (سبتة وطنجة وأصيلا وأزمور والصويرة وأسفي مع كامل مقاطعة دكالة الممتدة بين مصب نهري أم الربيعة وتنسيفت على المحيط الأطلسي).
أما الإسبان فقد ملكوا بالبلاد المغربية (صخرة باديس - فاليس - ومدينة مليلة)، وانطلق الإسبانيون لتطوير الحرب الصليبية ضد الجزائر.
ولقد تطلب الإعداد لهذه الحملة الصليبية الجديدة إعدادا طويلا، وإمكانات كبيرة، بدأها البابا في روما الذي عمل على وضع كل الإمكانات البشرية والمادية تحت تصرف الملوك الإسبان من أجل إبعاد المسلمين عن بلاد الأندلس أولا، ومن أجل إخضاع بلاد الشمال الأفريقي للحكم المسيحي وللدين المسيحي ثانيا. ومن أجل ذلك، أصدر البابا أمره السامي لكل المسيحيين بأن يستمروا في دفع الضريبة الصليبية (كروزادا) لملوك إسبانيا من أجل الحرب الافريقية. وجمع القساوسة والرهبان أموالا ضخمة من أجل ذلك. بل إنهم باعوا ذخائر الكنائس وكنوزها الثمينة لكي يزودوا الجيوش المسيحية بالمال والعتاد.

الصفحة 58