كتاب سلسلة جهاد شعب الجزائر (اسم الجزء: 1)

29 آب - أغسطس - 1505، تحت قيادة (دون رايموند دي قرطبة) وكان الأسطول ينقل معه قوة من (5) آلاف رجل (بقيادة دون ديتوفر فرنانديز دي قرطبة). ووصل هذا الأسطول إلى المرسى الكبير يوم 11 - أيلول - سبتمبر - وأحكم الحصار على المدينة لمدة خمسين يوما، وكانت الاشتباكات خلال هذه الفترة مستمرة. وكانت السفن الإسبانية تضع على مقدماتها أكياس الصوف حتى لا تصيبها قذائف المسلمين. وقد تبادلت منذ اقترابها من الساحل طلقات المدفعية النارية. غير أن دوي تلك الطلقات كان أكبر من مفعولها. وعندما بدأ الإسبانيون عملية الإنزال، قاومهم المسلمون مقاومة يائسة عنيفة، وأظهروا شجاعة كبيرة وحماسة ضارية، غير أن المدفعية الإسبانية أرغمتهم على ترك مواقعهم والانسحاب إلى الداخل. ورافقت عملية الإنزال عاصفة قوية وأمطار غزيرة، لكن ذلك لم يضعف المقاومة التي استمرت تجاهد صابرة حتى منتصف الليل، ثم استؤنفت المعركة من الغد، وكان يوم جمعة، واستمرت عنيفة قاسية طوال النهار. ثم ازدادت شدة وعنفا عندما جاء المجاهدون من الداخل، بعدما بلغهم نبأ نزول الإسبان في حمية جنونية، بينما كانت مدفعية الحصون الإسلامية ترمي الأسطول الإسبانى بقذائف من الحجارة تزن أربعين رطلا. واستمرت المعركة إلى الليل رغم استشهاد قائد الموقع الذي أصابته قذيفة مدفع إسباني. وأثناء الليل تشاور المسلمون فيما بينهم - في اجتماع عقدوه في دار المزوار - وكانت الأغلبية تميل إلى متابعة الجهاد في حين كانت الأقلية ترغب في الاستسلام وحجتها، أنه من المحال على الحامية التي لا تزيد في الأصل عن خمسمائة مجاهد التغلب على قوة خمسة آلاف مقاتل إسباني. وبالإضافة إلى ذلك فإن انتصار الإسبان يعني استباحة المدينة وأهلها. وفي النهاية انتصر المعتدلون

الصفحة 60