كتاب سلسلة جهاد شعب الجزائر (اسم الجزء: 1)

وتقرر مفاوضة القائد الإسباني على شروط التسليم. ولم تفلح حماسة الشاب المجاهد (موسى بن علي) بإثارة مشاعر الناس وحضهم على متابعة القتال.
وافق القائد الإسباني على انسحاب المسلمين من المدينة، وحدد لهم فترة ثلاث ساعات من أجل الجلاء عن المدينة وبقية الحصون، واشترط عليهم أن لا يأخذوا معهم أي شيء من الزاد والمؤن، ولا من حيوانات الجر، ولا من الأسلحة. وأخلى المسلمون أول الأمر النساء، ثم تبعهم الرجال، وعندما تم انسحاب المسلمين في الفترة المحددة من التاسعة صباحا إلى الظهر، اقتحم الإبان المدينة، ورفعوا فوقها أعلامهم. وتوجه المركيز القائد الأعلى إلى مسجد المدينة الأعظم، فأمر بتحويله إلى كنيسة للنصارى فورا. وكرسه وباركه وأطلق عليه اسم (كنيسة القديس ميكائيل). وأقيم به القداس صبيحة الأربعاء 15 تموز - يوليو.
وانصرف الإسبان على الفور لتحصين المدينة. وعندما وصل المجاهدرن وجيش تلمسان في صباح يوم السبت، وكان عددهم (22) ألفا من المشاة وألفين من الفرسان، كانت الحامية الإسبانية قد تمركزت بقوة في المدينة، وحاولت قوة من الفرسان اقتحام المدينة غير أن الحامية الإسبانية أحبطت هذه المحاولة التي وصفها أحد شهود المعركة بقوله: (لم أر في حياتي إطلاقا أبدع من هذه الفرقة المؤلفة من ثلاثمائة من الفرسان العرب التي كان يقودها - القائد ابن دالي - ولا أرهف سلاحا، سواء من حيث خيولها المطهمة البالغة منتهى الجمال، أو من حيث ذلك الجهاز الفاخر المطرز الذي كان يكسوها).
وما كاد خبر الاستيلاء على المرسى الكبير يصل إسبانيا، حتى

الصفحة 61