كتاب سلسلة جهاد شعب الجزائر (اسم الجزء: 1)

من أجل تدمير الخندق المحيط به وتدمير أسواره.
وأمر (عروج) ببناء برج مرتفع فوق التل الذي يهيمن على (بجاية) حتى يراقب سير المعركة. وعمل على رفع المدافع إلى التل من أجل ضرب الأسوار بالرمي المباشر. وقرر مهاجمة المدينة هجوما عاما من كل الجهات. ووقعت معارك دموية استشهد فيها عدد كبير من المجاهدين، وقتل عدد من الإسبانيين أيضا. وقد تركز الهجوم الإسلامي على خمس نقاط حتى لا يترك للإسبانين فرصة التجمع في مكان واحد. وكانت أعمال القصف والتدمير قد استنزفت كمية البارود التي أعدها (عروج) للمعركة. فأرسل في طلب البارود من (السلطان الحفصي بتونس محمد بن الحسن) غير أن هذا السلطان امتنع عن تقديم ما طلبه (عروج) وتجاهله، فوجد هذا نفسه مضطرا لإيقاف الاشتباكات بعد أن نفذت الذخائر. وكانت مياه وادي الصومام قد تناقصت حتى لم يعد باستطاعة السفن الملاحة فيه، كما لم يعد باستطاعة هذه السفن العودة للبحر نظرا لأن الإسبانين كانوا قد حشدوا أسطولا قويا وقف يتربص خروج السفن من النهر إلى البحر. فأمر (عروج) بإحراق السفن، بعد أن استخدم قسما منها لعبور القوات. وخسرت قوات عروج ثلاثة أرباع قوتها، كما قتل في المعركة (محمد الياس) الأخ الأكبر لعروج وخير الدين، والذي كان قد نذر نفسه للعلم وحفظ القرآن والتفقه في أمور الدين إلى جانب مشاركته في الجهاد. واصطحب عروج أثناء انسحابه ستمائة أمير من المقاتلين الإسبان.
وكان (عروج) قد أرسل للسلطان (سليم) عند استيلائه على (جيجل) هدية رمزية مما حصل عليه من الغنائم، وأرفق الهدية برسالة شرحت للسلطان العثماني ما يتعرض له - وأخوه خير الدين - من

الصفحة 92