كتاب الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (اسم الجزء: 1)

(بِلَا حَدٍّ) فِي التَّقْلِيلِ وَلَا يُشْتَرَطُ تَقَاطُرُهُ عَنْ الْعُضْوِ بَلْ الشَّرْطُ جَرَيَانُهُ عَلَيْهِ (كَالْغُسْلِ) ، فَإِنَّهُ يُنْدَبُ فِيهِ الْمَوْضِعُ الطَّاهِرُ وَالتَّقْلِيلُ بِلَا حَدٍّ (وَتَيَمُّنُ أَعْضَاءٍ) بِأَنْ يُقَدِّمَ يَدَهُ أَوْ رِجْلَهُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى (وَ) تَيَمُّنُ (إنَاءٍ) أَيْ جَعْلُهُ عَلَى جِهَةِ الْيَمِينِ (إنْ فُتِحَ) فَتْحًا وَاسِعًا يُمْكِنُ الِاغْتِرَافُ مِنْهُ لَا كَإِبْرِيقٍ، فَإِنَّهُ يَجْعَلُهُ عَلَى الْيَسَارِ إلَّا الْأَعْسَرَ فَبِالْعَكْسِ (وَبَدْءٌ بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ) فِي الْمَسْحِ وَكَذَا بَقِيَّةُ الْأَعْضَاءِ يُنْدَبُ الْبَدْءُ بِمُقَدَّمِهَا (وَشَفْعُ غَسْلِهِ) أَيْ الْوُضُوءِ (وَتَثْلِيثُهُ) أَيْ الْغَسْلِ أَيْ كُلٌّ مِنْ الْغَسْلَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ مُسْتَحَبٌّ بَعْدَ إحْكَامِ الْفَرْضِ أَوْ السُّنَّةِ (وَهَلْ الرِّجْلَانِ كَذَلِكَ) أَيْ مِثْلَ بَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ يُنْدَبُ فِيهِمَا الشَّفْعُ وَالتَّثْلِيثُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (أَوْ الْمَطْلُوبُ) فِيهِمَا (الْإِنْقَاءُ) مِنْ الْوَسَخِ وَلَوْ زَادَ عَلَى الثَّلَاثَةِ خِلَافٌ مَحَلُّهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَإِلَّا كَانَ الْمُتَوَضِّئُ مِنْ الْبَحْرِ مَثَلًا تَارِكًا لِلْفَضِيلَةِ وَلَا قَائِلَ بِهِ (قَوْلُهُ: بِلَا حَدٍّ فِي التَّقْلِيلِ) فَلَا يُحَدُّ التَّقْلِيلُ بِسَيَلَانٍ عَنْ الْعُضْوِ أَوْ تَقْطِيرٍ عَنْهُ.
وَأَمَّا السَّيَلَانُ عَلَيْهِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ فَلَا بُدَّ مِنْهُ وَإِلَّا كَانَ مَسْحًا وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: إنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ سَيَلَانِ الْمَاءِ عَلَى الْعُضْوِ وَتَقْطِيرِهِ عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَتَيَمُّنُ أَعْضَاءٍ) أَيْ يُنْدَبُ الِابْتِدَاءُ بِيَمِينِ أَعْضَائِهِ عَلَى الْيَسَارِ مِنْهَا وَلَوْ كَانَ أَعْسَرَ بِخِلَافِ الْإِنَاءِ كَمَا يَأْتِي وَهَذَا إذَا تَفَاوَتَا فِي الْمَنْفَعَةِ كَالْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ وَالْجَنْبَيْنِ فِي الْغَسْلِ دُونَ الْأُذُنَيْنِ وَالْخَدَّيْنِ وَالْفَوْدَيْنِ وَهُمَا جَانِبَا الرَّأْسِ لِاسْتِوَاءِ يَمِينِ مَا ذُكِرَ مَعَ يُسْرَاهُ فِي الْمَنْفَعَةِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُقَدِّمُ يَمِينَ مَا ذُكِرَ عَلَى يُسْرَاهُ وَفِي المج عَنْ الشَّعْرَانِيِّ أَنَّ الشَّخْصَ إذَا شَمَّرَ يَدَيْهِ، فَإِنْ كَانَ لِمُلَابَسَةِ عِبَادَةٍ كَالْوُضُوءِ شَمَّرَ يَمِينَهُ أَوَّلًا وَإِنْ كَانَ لِمُلَابَسَةِ أَمْرٍ غَيْرِهَا شَمَّرَ يُسْرَاهُ أَوَّلًا فَلَمْ يَجْعَلْهُ مِنْ بَابِ خَلْعِ النَّعْلِ بِحَيْثُ يَبْدَأُ بِالْيُسْرَى مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: إنْ فُتِحَ فَتْحًا وَاسِعًا يُمْكِنُ الِاغْتِرَافُ مِنْهُ) أَيْ كَالطَّشْتِ (قَوْلُهُ: لَا كَإِبْرِيقٍ) أَيْ لَا إنْ ضَاقَ عَنْ إدْخَالِ الْيَدِ فِيهِ كَالْإِبْرِيقِ، فَإِنَّهُ يَجْعَلُهُ عَلَى الْيَسَارِ فَفِي الْمَوَّاقِ عَنْ عِيَاضٍ اخْتَارَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيمَا ضَاقَ عَنْ إدْخَالِ الْيَدِ فِيهِ وَضْعَهُ عَلَى الْيَسَارِ اهـ (قَوْلُهُ: فَبِالْعَكْسِ) أَيْ، فَإِنْ كَانَ الْإِنَاءُ مَفْتُوحًا فَتْحًا وَاسِعًا جَعَلَهُ عَلَى يَسَارِهِ وَإِلَّا جَعَلَهُ عَلَى يَمِينِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْأَضْبَطَ وَهُوَ الَّذِي يَعْمَلُ بِكِلْتَا يَدَيْهِ عَلَى السَّوَاءِ مِثْلُ الْأَيْمَنِ لَا مِثْلُ الْأَعْسَرِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا بَقِيَّةُ الْأَعْضَاءِ يُنْدَبُ الْبَدْءُ بِمُقَدَّمِهَا) أَيْ فَلَا مَفْهُومَ لِلرَّأْسِ وَإِنَّمَا خَصَّهَا بِالذِّكْرِ مَعَ أَنَّ غَيْرَهَا كَذَلِكَ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَبْدَأُ بِمُؤَخَّرِهَا وَعَلَى مَنْ قَالَ: إنَّهُ يَبْدَأُ مِنْ وَسَطِهَا ثُمَّ يَذْهَبُ إلَى حَدِّ مَنَابِتِ شَعْرِهِ مِمَّا يَلِي الْوَجْهَ ثُمَّ يَرُدُّ إلَى قَفَاهُ ثُمَّ يَرُدُّ إلَى حَيْثُ بَدَأَ.
وَأَمَّا غَيْرُ الرَّأْسِ مِنْ الْأَعْضَاءِ فَلَا خِلَافَ فِيهِ وَالْمُرَادُ بِمُقَدَّمِ الْأَعْضَاءِ أَوَّلُهَا عُرْفًا فَأَوَّلُ الْيَدَيْنِ عُرْفًا رُءُوسُ الْأَصَابِعِ وَكَذَلِكَ أَوَّلُ الرِّجْلَيْنِ وَأَوَّلُ الرَّأْسِ مَنَابِتُ شَعْرِ الرَّأْسِ الْمُعْتَادِ وَكَذَلِكَ الْوَجْهُ، فَلَوْ بَدَأَ بِمُؤَخَّرِ الرَّأْسِ أَوْ بِالذَّقَنِ أَوْ بِالْمِرْفَقَيْنِ أَوْ بِالْكَعْبَيْنِ وُعِظَ وَقُبِّحَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ عَالِمًا وَعُلِّمَ إنْ كَانَ جَاهِلًا (قَوْلُهُ: وَشَفْعُ غَسْلِهِ) فُهِمَ مِنْ إضَافَةِ شَفْعٍ لِلْغَسْلِ أَنَّ تَكْرَارَ الْمَسْحِ لِكَالْأُذُنَيْنِ وَالرَّأْسِ لَيْسَ بِفَضِيلَةٍ وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَسْحَ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّخْفِيفِ وَالتَّكْرَارُ يُنَافِيهِ ثُمَّ يَنْوِي بِالثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ الْفَضِيلَةَ عَلَى الْمَشْهُورِ بَعْدَ أَنْ يَنْوِيَ بِالْأُولَى فَرْضَهُ وَقِيلَ لَا يَنْوِي شَيْئًا مُعَيَّنًا وَيُصَمِّمُ اعْتِقَادَهُ أَنَّ مَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدَةِ الْمُسْبِغَةِ فَهُوَ فَضِيلَةٌ وَاسْتَظْهَرَهُ سَنَدٌ وَأَقَرَّهُ الْقَرَافِيُّ قَالَ شَيْخُنَا وَهُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ: أَيْ كُلٌّ مِنْ الْغَسْلَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ مُسْتَحَبٌّ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهُمَا فَضِيلَتَانِ هُوَ الْمَشْهُورُ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَقِيلَ كُلٌّ مِنْهُمَا سُنَّةٌ وَقِيلَ الْغَسْلَةُ الثَّانِيَةُ سُنَّةٌ وَالثَّالِثَةُ فَضِيلَةٌ وَنَقَلَ الزَّيَّاتِيُّ عَنْ أَشْهَبَ فَرْضِيَّةَ الثَّانِيَةِ وَقِيلَ إنَّهُمَا مُسْتَحَبٌّ وَاحِدٌ وَذَكَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ إحْكَامِ الْفَرْضِ) أَيْ إنْ كَانَ الْعُضْوُ الْمَغْسُولُ غَسْلُهُ فَرْضٌ كَالْوَجْهِ وَقَوْلُهُ: أَوْ السُّنَّةِ أَيْ إنْ كَانَ الْمَغْسُولُ غَسْلُهُ سُنَّةٌ كَمَا فِي مَحَلِّ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ وَقَوْلُهُ: بَعْدَ إحْكَامِ الْفَرْضِ إلَخْ أَيْ بِالْغَسْلَةِ الْأُولَى (قَوْلُهُ: يُنْدَبُ فِيهِمَا الشَّفْعُ وَالتَّثْلِيثُ) أَيْ بَعْدَ الْإِنْقَاءِ مِنْ الْوَسَخِ (قَوْلُهُ: أَوْ الْمَطْلُوبُ فِيهِمَا الْإِنْقَاءُ مِنْ الْوَسَخِ) وَلَوْ زَادَ عَلَى الثَّلَاثَةِ أَيْ وَلَا يُطْلَبُ بِشَفْعٍ وَلَا تَثْلِيثٍ بَعْدَ الْإِنْقَاءِ مِنْ الْوَسَخِ فَالْمَدَارُ عَلَى الْإِنْقَاءِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَلَوْ زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ لَا حَاجَةَ لَهُ تَأَمَّلْ وَهَذَا

الصفحة 101