كتاب الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (اسم الجزء: 1)

فِي غَيْرِ النَّقِيَّتَيْنِ أَمَّا هُمَا فَكَسَائِرِ الْأَعْضَاءِ اتِّفَاقًا وَهَذَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ الْإِنْقَاءُ (وَهَلْ تُكْرَهُ) الْغَسْلَةُ (الرَّابِعَةُ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَلَوْ قَالَ الزَّائِدَةُ لَشَمَلَ غَيْرَ الرَّابِعَةِ لِأَنَّ فِيهَا الْخِلَافَ أَيْضًا (أَوْ تُمْنَعُ خِلَافٌ) مَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَفْعَلْهَا لِتَبَرُّدٍ أَوْ تَدَفٍّ أَوْ تَنْظِيفٍ وَإِلَّا جَازَ وَحَذَفَ خِلَافٌ مِنْ الْأَوَّلِ لِدَلَالَةِ هَذَا عَلَيْهِ وَلَوْ عَبَّرَ فِي هَذَا بِتَرَدُّدٍ لَكَانَ أَنْسَبَ بِاصْطِلَاحِهِ

(وَتَرْتِيبُ سُنَنِهِ) أَيْ الْوُضُوءِ فِي أَنْفُسِهَا بِأَنْ يُقَدِّمَ الْيَدَيْنِ إلَى الْكُوعَيْنِ عَلَى الْمَضْمَضَةِ وَهِيَ عَلَى الِاسْتِنْشَاقِ وَهُوَ عَلَى مَسْحِ الْأُذُنَيْنِ (أَوْ) تَرْتِيبُ سُنَنِهِ (مَعَ فَرَائِضِهِ) أَيْ الْوُضُوءِ بِأَنْ يُقَدِّمَ الثَّلَاثَةَ الْأُوَلَ عَلَى الْوَجْهِ وَالْفَرَائِضَ الثَّلَاثَةَ عَلَى الْأُذُنَيْنِ وَعَطَفَ بِأَوْ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُسْتَحَبٌّ مُسْتَقِلٌّ (وَسِوَاكٌ) أَيْ الِاسْتِيَاكُ وَهُوَ الْفِعْلُ لِأَنَّهُ كَمَا يُطْلَقُ عَلَى الْآلَةِ يُطْلَقُ عَلَى الْفِعْلِ وَلَا تَكْلِيفَ إلَّا بِفِعْلٍ هَذَا إذَا كَانَ بِعُودٍ مِنْ أَرَاكٍ أَوْ غَيْرِهِ بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (بِإِصْبَعٍ) ، فَإِنَّهُ يَكْفِي فِي الِاسْتِحْبَابِ عِنْدَ عَدَمِ غَيْرِهِ وَيَكُونُ قَبْلَ الْوُضُوءِ وَنُدِبَ اسْتِيَاكٌ بِالْيُمْنَى وَابْتِدَاءٌ بِالْجَانِبِ الْأَيْمَنِ عَرْضًا فِي الْأَسْنَانِ وَطُولًا فِي اللِّسَانِ وَكُرِهَ بِعُودِ الرَّيْحَانِ وَالرُّمَّانِ لِتَحْرِيكِهِمَا عِرْقَ الْجُذَامِ أَوْ بِعُودِ الْحَلْفَاءِ أَوْ قَصَبِ الشَّعِيرِ، فَإِنَّهُ يُورِثُ الْأُكْلَةَ وَالْبَرَصَ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَزِيدَ عَلَى شِبْرٍ وَلَا يَقْبِضُ عَلَيْهِ (كَصَلَاةٍ) أَيْ كَنَدْبِ السِّوَاكِ لِأَجْلِ صَلَاةٍ (بَعُدَتْ مِنْهُ) أَيْ مِنْ السِّوَاكِ بِمَعْنَى الِاسْتِيَاكِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْقَوْلُ شَهَرَهُ بَعْضُ مَشَايِخِ ابْنِ رَاشِدٍ لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ الْأَوَّلُ وَالْمُرَادُ بِالْوَسَخِ الْمُتَجَسِّدُ الْحَائِلُ الَّذِي يُطْلَبُ إزَالَتُهُ فِي الْوُضُوءِ كَطِينٍ مَثَلًا أَمَّا الْوَسَخُ الْغَيْرُ الْحَائِلِ فَلَا يُطْلَبُ إزَالَتُهُ فِي الْوُضُوءِ كَذَا فِي بْن نَقْلًا عَنْ الْمِسْنَاوِيِّ (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ النَّقِيَّتَيْنِ) أَيْ وَهُمَا اللَّتَانِ عَلَيْهِمَا وَسَخٌ حَائِلٌ (قَوْلُهُ: أَمَّا هُمَا) أَيْ النَّقِيَّتَانِ وَهُمَا اللَّتَانِ لَيْسَ عَلَيْهِمَا وَسَخٌ حَائِلٌ بِأَنْ كَانَتَا لَا وَسَخَ عَلَيْهِمَا أَصْلًا أَوْ عَلَيْهِمَا وَسَخٌ غَيْرُ حَائِلٍ وَقَوْلُهُ فَكَسَائِرِ الْأَعْضَاءِ أَيْ يُنْدَبُ فِيهِمَا الشَّفْعُ وَالتَّثْلِيثُ (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي غَيْرِ النَّقِيَّتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَهَلْ تُكْرَهُ الرَّابِعَةُ) أَيْ بَعْدَ الثَّلَاثِ الْمُوعِبَةِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ نَاحِيَةِ السَّرَفِ فِي الْمَاءِ وَهُوَ نَقْلُ ابْنِ رُشْدٍ عَنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ وَهُوَ الرَّاجِحُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا وَقَوْلُهُ أَوْ تُمْنَعُ أَيْ وَهُوَ نَقْلُ اللَّخْمِيِّ وَغَيْرِهِ عَنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْخِلَافَ الْمَذْكُورَ فِي الْغَسْلَةِ الْمُحَقَّقُ كَوْنُهَا رَابِعَةً بَعْدَ ثَلَاثٍ مُوعِبَةٍ.
وَأَمَّا الْمَشْكُوكُ فِي كَوْنِهَا رَابِعَةً أَوْ ثَالِثَةً بَعْدَ إيعَابِ الْغَسْلِ، فَإِنَّ الْخِلَافَ فِيهَا بِالنَّدْبِ وَالْكَرَاهَةِ كَمَا يَأْتِي وَالْغَسْلَةُ الْمُحَقَّقُ كَوْنُهَا رَابِعَةً بَعْدَ ثَلَاثٍ غَيْرِ مُوعِبَةٍ وَاجِبَةٌ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ: لَشَمَلَ غَيْرَ الرَّابِعَةِ) أَيْ كَالْخَامِسَةِ وَالسَّادِسَةِ الْوَاقِعَةِ بَعْدَ إيعَابِ الْغَسْلِ (قَوْلُهُ: مِنْ الْأَوَّلِ) وَهُوَ قَوْلُهُ وَهَلْ الرِّجْلَانِ كَذَلِكَ وَالْمَطْلُوبُ الْإِنْقَاءُ (قَوْلُهُ: لَكَانَ أَنْسَبَ بِاصْطِلَاحِهِ) أَيْ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الشُّيُوخِ الْمَذْكُورِينَ نَقَلَ مَا ذَكَرَهُ عَنْ الْمُتَقَدِّمِينَ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ فَقَدْ تَرَدَّدَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي النَّقْلِ عَنْ الْمُتَقَدِّمِينَ.

(قَوْلُهُ: أَوْ مَعَ فَرَائِضِهِ) عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ حُذِفَ لِلْعِلْمِ بِهِ أَيْ وَتَرْتِيبُ سُنَنِهِ مَعَ أَنْفُسِهَا أَوْ مَعَ فَرَائِضِهِ، فَلَوْ حَصَلَ تَنْكِيسٌ بَيْنَ السُّنَنِ أَوْ بَيْنَ السُّنَنِ وَالْفَرَائِضِ لَمْ تُطْلَبْ الْإِعَادَةُ لِمَا نَكَّسَهُ وَلَا لِمَا بَعْدَهُ لِلتَّرْتِيبِ؛ لِأَنَّ الْمَنْدُوبَ إذَا فَاتَ لَا يُؤْمَرُ بِفِعْلِهِ سَوَاءٌ نَكَّسَ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يُقَدِّمَ الثَّلَاثَةَ الْأُوَلَ) أَيْ الثَّلَاثَ سُنَنِ الْأُوَلَ وَهِيَ غَسْلُ الْيَدَيْنِ لِلْكُوعَيْنِ وَالْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ بِأَنْ يُقَدِّمَ الْأَرْبَعَةَ نَظَرًا إلَى أَنَّ الِاسْتِنْثَارَ لَمَّا لَمْ يَسْتَقِلَّ بِنَفْسِهِ صَارَ كَأَنَّهُ مَعَ الِاسْتِنْشَاقِ شَيْءٌ وَاحِدٌ (قَوْلُهُ: وَالْفَرَائِضُ الثَّلَاثَةُ) أَيْ وَيُقَدِّمُ الْفَرَائِضَ الثَّلَاثَةَ غَسْلَ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ وَمَسْحَ الرَّأْسِ (قَوْلُهُ: وَسِوَاكٌ) مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ السِّوَاكَ مُسْتَحَبٌّ هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَفِي ح عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ مُقْتَضَى الْأَحَادِيثِ مِنْ مُلَازَمَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيْهِ لِمَرَضِ مَوْتِهِ وَقَوْلُهُ: «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ» أَنْ يَكُونَ سُنَّةً وَهُوَ وَجِيهٌ لَكِنَّهُ خِلَافُ الْمَشْهُورِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ السِّوَاكَ (قَوْلُهُ: يُطْلَقُ عَلَى الْفِعْلِ) أَيْ الَّذِي هُوَ اسْتِعْمَالُ عُودٍ وَنَحْوِهِ فِي الْأَسْنَانِ لِتَذْهَبَ الصُّفْرَةُ عَنْهَا (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرُهُ) أَيْ كَالْجَرِيدِ وَخَشَبِ التُّوتِ وَالْجُمَّيْزِ وَالزَّيْتُونِ وَالشَّيْءِ الْخَشِنِ كَطَرَفِ الْجُبَّةِ وَالثَّوْبِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ عَدَمِ غَيْرِهِ) أَيْ عِنْدَ عَدَمِ الْعُودِ الَّذِي مِنْ الْأَرَاكِ وَنَحْوِهِ مِمَّا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: الْأُكْلَةَ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْكَافِ وَهِيَ شَيْءٌ يَقُومُ بِالْأَسْنَانِ يَكْسِرُهَا (قَوْلُهُ: أَيْ كَنَدْبِ السِّوَاكِ لِأَجْلِ صَلَاةٍ بَعُدَتْ مِنْهُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مُتَطَهِّرًا لِتِلْكَ الصَّلَاةِ بِمَاءٍ أَوْ تُرَابٍ أَوْ غَيْرَ مُتَطَهِّرٍ كَمَنْ لَمْ يَجِدْ مَاءً وَلَا تُرَابًا

الصفحة 102