كتاب الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (اسم الجزء: 1)

أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ فِي وُضُوءٍ أَوْ لَا وَكَذَا يُنْدَبُ لِقِرَاءَةِ قُرْآنٍ وَانْتِبَاهٍ مِنْ نَوْمٍ وَتَغَيُّرِ فَمٍ بِأَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ أَوْ طُولِ سُكُوتٍ أَوْ كَثْرَةِ كَلَامٍ (وَتَسْمِيَةٌ) بِأَنْ يَقُولَ عِنْدَ الِابْتِدَاءِ بِسْمِ اللَّهِ وَفِي زِيَادَةٍ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قَوْلَانِ (وَتُشْرَعُ) أَيْ التَّسْمِيَةُ وَعَبَّرَ بِتُشْرَعُ لِيَشْمَلَ الْوُجُوبَ وَالسُّنَّةَ وَالنَّدْبَ (فِي) (غَسْلٍ وَتَيَمُّمٍ) نَدْبًا (وَأَكْلٍ وَشُرْبٍ) اسْتِنَانًا وَنُدِبَ زِيَادَةُ اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِيمَا رَزَقْتَنَا وَزِدْنَا خَيْرًا مِنْهُ (وَذَكَاةٍ) وُجُوبًا مَعَ الذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ (وَرُكُوبِ دَابَّةٍ وَسَفِينَةٍ وَدُخُولٍ وَضِدِّهِ لَمَنْزِلٍ وَمَسْجِدٍ وَلُبْسٍ) لِكَثَوْبٍ وَنَزْعِهِ (وَغَلْقِ بَابٍ) وَفَتْحِهِ (وَإِطْفَاءِ مِصْبَاحٍ) وَوَقِيدِهِ فِيمَا يَظْهَرُ (وَوَطْءٍ) مُبَاحٍ وَتُكْرَهُ فِي غَيْرِهِ عَلَى الْأَرْجَحِ (وَصُعُودِ خَطِيبٍ مِنْبَرًا وَتَغْمِيضِ مَيِّتٍ وَلَحْدِهِ) وَتِلَاوَةٍ وَنَوْمٍ وَابْتِدَاءُ طَوَافٍ وَدُخُولِ خَلَاءٍ نَدْبًا وَالْأَوْلَى إتْمَامُهَا فِيمَا يَظْهَرُ إلَّا فِي الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالذَّكَاةِ

(وَلَا تُنْدَبُ إطَالَةُ الْغُرَّةِ) وَهِيَ الزِّيَادَةُ فِي غَسْلِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ عَلَى مَحَلِّ الْفَرْضِ بَلْ يُكْرَهُ لِأَنَّهُ مِنْ الْغُلُوِّ فِي الدِّينِ وَإِنَّمَا يُنْدَبُ دَوَامُ الطَّهَارَةِ وَالتَّجْدِيدِ (وَ) لَا يُنْدَبُ (مَسْحُ الرَّقَبَةِ) بَلْ يُكْرَه
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يُصَلِّي (قَوْلُهُ: أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ) أَيْ السِّوَاكُ الَّذِي بَعُدَتْ مِنْهُ الصَّلَاةُ (قَوْلُهُ: وَتَسْمِيَةٌ) جَعْلُهَا مِنْ فَضَائِلِ الْوُضُوءِ هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِعَدَمِ مَشْرُوعِيَّتِهَا فِيهِ وَأَنَّهَا تُكْرَهُ (تَتِمَّةٌ) بَقِيَ مِنْ الْفَضَائِلِ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ وَاسْتِشْعَارُ النِّيَّةِ فِي جَمِيعِهِ وَالْجُلُوسُ مَعَ التَّمَكُّنِ وَالِارْتِفَاعُ عَنْ الْأَرْضِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ الِابْتِدَاءِ) أَيْ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الْوُضُوءِ (قَوْلُهُ: قَوْلَانِ) رُجِّحَ كُلٌّ مِنْهُمَا فَابْنُ نَاجِيٍّ رَجَّحَ الْقَوْلَ بِعَدَمِ زِيَادَتِهِمَا وَالْفَاكِهَانِيُّ وَابْنُ الْمُنِيرِ رَجَّحَا الْقَوْلَ بِزِيَادَتِهِمَا (قَوْلُهُ: اسْتِنَانًا) رَجَّحَ بَعْضُهُمْ أَنَّ سُنِّيَّةَ التَّسْمِيَةِ فِي الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ عَيْنِيَّةٌ وَقِيلَ: إنَّهَا سُنَّةُ كِفَايَةٍ فِي الْأَكْلِ.
وَأَمَّا فِي الشُّرْبِ فَسُنَّةُ عَيْنٍ (قَوْلُهُ: وَنُدِبَ زِيَادَةُ إلَخْ) أَيْ وَنُدِبَ أَنْ يَزِيدَ بَعْدَ التَّسْمِيَةِ فِي الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ اللَّهُمَّ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَزِدْنَا خَيْرًا مِنْهُ) هَذَا إذَا كَانَ الْمَشْرُوبُ أَوْ الْمَأْكُولُ غَيْرَ لَبَنٍ.
وَأَمَّا إنْ كَانَ لَبَنًا، فَإِنَّهُ يَزِيدُ بَعْدَ التَّسْمِيَةِ اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِيمَا رَزَقْتَنَا وَزِدْنَا مِنْهُ وَلَعَلَّ السِّرَّ فِي ذَلِكَ مَعَ أَنَّهُ وَرَدَ أَفْضَلُ الطَّعَامِ اللَّحْمُ وَيَلِيهِ اللَّبَنُ وَيَلِيهِ الزَّيْتُ أَنَّ اللَّبَنَ يُغْنِي عَنْ غَيْرِهِ وَغَيْرُهُ لَا يُغْنِي عَنْهُ كَذَا ذَكَرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَذَكَاةٍ) أَيْ وَتُشْرَعُ وُجُوبًا مَعَ الذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ فِي ذَكَاةٍ بِأَنْوَاعِهَا الْأَرْبَعَةِ وَهِيَ الذَّبْحُ وَالنَّحْرُ وَالْعَقْرُ لِلصَّيْدِ الْمَعْجُوزِ عَنْ ذَبْحِهِ وَمَا يُعَجِّلُ الْمَوْتَ كَقَطْعِ جَنَاحٍ لِنَحْوِ جَرَادٍ (قَوْلُهُ: وَرُكُوبِ دَابَّةٍ) أَيْ وَتُشْرَعُ نَدْبًا فِي رُكُوبِ دَابَّةٍ وَرُكُوبِ سَفِينَةٍ وَكَذَا مَا بَعْدَهُمَا وَفِي شب رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ مَنْ قَالَ عِنْدَ رُكُوبِ السَّفِينَةِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} [هود: 41] {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الزمر: 67] أَمِنَ مِنْ الْغَرَقِ اهـ (قَوْلُهُ: وَدُخُولٍ وَضِدِّهِ إلَخْ) أَيْ وَتُشْرَعُ نَدْبًا فِي دُخُولِ الْمَنْزِلِ وَالْخُرُوجِ مِنْهُ وَفِي دُخُولِ الْمَسْجِدِ وَالْخُرُوجِ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَلُبْسٍ لِكَثَوْبٍ) سَوَاءٌ كَانَ قَمِيصًا أَوْ إزَارًا أَوْ عِمَامَةً أَوْ رِدَاءً (قَوْلُهُ: وَغَلْقِ بَابٍ) وَسِرُّهَا دَفْعُ مَنْ يُرِيدُ فَتْحَهُ مِنْ السُّرَّاقِ (قَوْلُهُ: وَتُكْرَهُ فِي غَيْرِهِ) أَيْ وَهُوَ الْوَطْءُ الْمَكْرُوهُ وَالْمُحَرَّمُ وَقَوْلُهُ: عَلَى الْأَرْجَحِ أَيْ وَهُوَ الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الشَّارِحُ بَهْرَامُ وَالْمُؤَلِّفُ فِي التَّوْضِيحِ وَقَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ: إنَّهُ الْمَذْهَبُ وَارْتَضَاهُ شَيْخُنَا وَقِيلَ تَحْرُمُ فِي كُلٍّ مِنْ الْمُحَرَّمِ وَالْمَكْرُوهِ وَقِيلَ تُكْرَهُ فِي الْمَكْرُوهِ وَتَحْرُمُ فِي الْمُحَرَّمِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ فِي الْمُحَرَّمِ لِعَارِضٍ كَالْحَيْضِ لَا زِنًا وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ الْحُرْمَةُ اتِّفَاقًا وَمِنْ أَمْثِلَةِ الْوَطْءِ الْمَكْرُوهِ وَطْءُ الْجُنُبِ ثَانِيًا قَبْلَ غَسْلِ فَرْجِهِ وَوَطْؤُهُ الْمُؤَدِّي لِلِانْتِقَالِ لِلتَّيَمُّمِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَمُنِعَ مَعَ عَدَمِ مَاءٍ تَقْبِيلُ مُتَوَضِّئٍ وَجِمَاعُ مُغْتَسِلٍ (قَوْلُهُ: وَلَحْدُهُ) أَيْ إلْحَادُهُ فِي قَبْرِهِ أَيْ إرْقَادُهُ (قَوْلُهُ: نَدْبًا) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَرُكُوبُ دَابَّةٍ وَمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: إلَّا فِي الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالذَّكَاةِ) أَيْ وَإِلَّا عِنْدَ دُخُولِ الْخَلَاءِ فَلَا تَكْمُلُ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ الْأَرْبَعَةِ.

(قَوْلُهُ: وَلَا تُنْدَبُ إطَالَةُ الْغُرَّةِ) أَيْ الْإِطَالَةُ فِيهَا وَالْمُرَادُ بِالْإِطَالَةِ الزِّيَادَةُ وَالْمُرَادُ بِالْغُرَّةِ الْمَغْسُولُ فَكَأَنَّهُ قَالَ وَلَا تُنْدَبُ الزِّيَادَةُ فِي الْمَغْسُولِ عَلَى مَحَلِّ الْفَرْضِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يُنْدَبُ دَوَامُ الطَّهَارَةِ وَالتَّجْدِيدِ لَهَا) أَيْ وَيُسَمَّى ذَلِكَ أَيْضًا إطَالَةَ الْغُرَّةِ كَمَا حُمِلَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ» فَقَدْ حَمَلُوا الْإِطَالَةَ

الصفحة 103