كتاب الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (اسم الجزء: 1)

(وَجَازَ) أَيْ الِاسْتِنْجَاءُ بِمَعْنَى الِاسْتِجْمَارِ إذْ الِاسْتِنْجَاءُ يَشْمَلُ اسْتِعْمَالَ الْمَاءِ وَالْأَحْجَارِ فَأَعَادَ عَلَيْهِ الضَّمِيرَ بِاعْتِبَارِهِ فَرْدِهِ الثَّانِي (بِيَابِسٍ) كَانَ مِنْ نَوْعِ الْأَرْضِ كَحَجَرٍ وَمَدَرٍ أَيْ طُوبٍ وَهُوَ مَا حُرِقَ مِنْ الطِّينِ كَالْآجُرِّ أَوْ لَا كَخِرَقٍ وَقُطْنٍ وَصُوفٍ غَيْرِ مُتَّصِلٍ بِحَيَوَانٍ وَإِلَّا كُرِهَ (طَاهِرٍ مُنَقٍّ غَيْرِ مُؤْذٍ وَلَا مُحْتَرَمٍ) (لَا) يَجُوزُ بِ (مُبْتَلٍّ) كَطِينٍ (وَ) لَا (نَجَسٍ) كَعَظْمِ مَيْتَةٍ وَرَوْثِ مُحَرَّمِ أَكْلٍ وَعَذِرَةٍ (وَ) لَا (أَمْلَسَ) كَزُجَاجٍ وَقَصَبٍ لِعَدَمِ الْإِنْقَاءِ (وَ) لَا (مُحَدَّدٍ) كَمَكْسُورِ زُجَاجٍ وَقَصَبٍ وَحَجَرٍ وَسِكِّينٍ (وَ) لَا (مُحْتَرَمٍ) إمَّا لِطَعْمِهِ أَوْ لِشَرَفِهِ أَوْ لِحَقِّ الْغَيْرِ وَبَيَّنَ الْأَوَّلَ بِقَوْلِهِ (مِنْ مَطْعُومٍ) لِآدَمِيٍّ وَلَوْ مِنْ أَدْوِيَةٍ وَعَقَاقِيرَ كَحَزَنْبَلٍ وَمُغَاتٍ وَشَمَلَ الْمِلْحَ وَالْوَرَقَ لِمَا فِيهِ مِنْ النَّشَا وَبَيَّنَ الثَّانِيَ بِقَوْلِهِ (وَ) مِنْ (مَكْتُوبٍ) لِحُرْمَةِ الْحُرُوفِ وَلَوْ بَاطِلًا كَسِحْرٍ (وَ) مِنْ (ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ) يَاقُوتَةٍ وَجَوْهَرٍ نَفِيسٍ وَبَيَّنَ الثَّالِثَ بِقَوْلِهِ (وَجِدَارٍ)
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ لِطَهَارَتِهِ وَمِثْلُ الرِّيحِ فِي كَوْنِهِ لَا يُسْتَنْجَى مِنْهُ الْحَصَى وَالدُّودُ إذَا خَرَجَا خَالِصَيْنِ مِنْ الْبِلَّةِ أَوْ كَانَتْ خَفِيفَةً.
وَأَمَّا لَوْ كَثُرَتْ الْبِلَّةُ فَلَا بُدَّ مِنْ الِاسْتِنْجَاءِ أَوْ الِاسْتِجْمَارِ بِالْحَجَرِ وَإِنْ كَانَتْ لَا تَنْقُضُ الْوُضُوءَ كَمَا يَأْتِي وَبِهَذَا يُلْغَزُ وَيُقَالُ شَيْءٌ خَرَجَ مِنْ الْمَخْرَجِ الْمُعْتَادِ أَوْجَبَ قَطْعَ الصَّلَاةِ وَالِاسْتِنْجَاءَ وَالْوُضُوءُ بَاقٍ بِحَالِهِ.

(قَوْلُهُ: وَجَازَ بِيَابِسٍ) أَيْ جَازَ بِمَا اجْتَمَعَتْ فِيهِ هَذِهِ الْأَوْصَافُ الْخَمْسَةُ الْمُشَارُ لَهَا بِقَوْلِهِ بِيَابِسٍ إلَخْ وَالْمُرَادُ بِهِ الْجَافُّ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ فِيهِ صَلَابَةٌ أَوْ لَا لَا خُصُوصَ مَا فِيهِ صَلَابَةٌ بِدَلِيلِ تَمْثِيلِ الشَّارِحِ بِالْخِرَقِ وَمَا بَعْدَهَا (قَوْلُهُ: إذْ الِاسْتِنْجَاءُ يَشْمَلُ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الِاسْتِنْجَاءَ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ الْأَثِيرِ إزَالَةُ الْأَذَى مِنْ عَلَى الْمَخْرَجِ بِالْمَاءِ أَوْ بِالْحَجَرِ وَالِاسْتِجْمَارُ إزَالَةُ مَا عَلَى الْمَخْرَجِ بِالْأَحْجَارِ فَهُوَ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ الِاسْتِنْجَاءِ (قَوْلُهُ: أَيْ طُوبٍ) تَفْسِيرٌ لِلْمَدَرِ وَقَوْلُهُ وَهُوَ أَيْ الطُّوبُ مَا حُرِقَ إلَخْ وَقَوْلُهُ أَوْ لَا هَذَا مُقَابِلٌ لِقَوْلِهِ كَانَ ذَلِكَ الْيَابِسُ مِنْ أَنْوَاعِ الْأَرْضِ وَقَوْلُهُ كَخِرَقٍ بِالرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْقَافِ جَمْعُ خِرْقَةٍ لَا بِالزَّايِ الْمُعْجَمَةِ وَالْفَاءِ؛ لِأَنَّ الْخَزَفَ هُوَ الْآجُرُّ وَهُوَ مِنْ أَنْوَاعِ الْأَرْضِ (قَوْلُهُ: لَا بِمُبْتَلٍّ إلَخْ) هَذَا شُرُوعٌ فِي مُحْتَرَزِ الْأَوْصَافِ الْخَمْسَةِ الْمُشْتَرَطَةِ فِي جَوَازِ مَا يُسْتَجْمَرُ بِهِ عَلَى سَبِيلِ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمُرَتَّبِ وَإِنَّمَا صَرَّحَ بِمَفْهُومِ تِلْكَ الْأَوْصَافِ لِعَدَمِ اعْتِبَارِهِ لِمَفْهُومِ غَيْرِ الشَّرْطِ كَالصِّفَةِ هُنَا (قَوْلُهُ: لَا يَجُوزُ بِمُبْتَلٍّ) أَيْ يَحْرُمُ لِنَشْرِهِ النَّجَاسَةَ وَأَحْرَى الْمَائِعُ، فَإِنْ وَقَعَ وَاسْتَجْمَرَ بِهِ فَلَا يُجْزِيهِ وَلَا بُدَّ مِنْ غَسْلِ الْمَحَلِّ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْمَاءِ، فَإِنْ صَلَّى عَامِدًا قَبْلَ غَسْلِهِ أَعَادَ أَبَدًا وَمَا قِيلَ فِي الْمُبْتَلِّ يُقَالُ فِي النَّجَسِ أَيْ مِنْ كَوْنِهِ لَا يُسْتَنْجَى بِهِ وَيَغْسِلُ الْمَحَلَّ بَعْدَ ذَلِكَ إنْ كَانَ مَائِعًا وَأَنَّهُ إنْ صَلَّى عَامِدًا بِدُونِ غَسْلٍ أَعَادَ أَبَدًا (قَوْلُهُ: وَقَصَبٍ وَحَجَرٍ) عَطْفٌ عَلَى زُجَاجٍ أَيْ مَكْسُورِ قَصَبٍ وَمَكْسُورِ حَجَرٍ بِأَنْ كَانَ مُحَرَّفًا (قَوْلُهُ: وَعَقَاقِيرَ) الْعَطْفُ مُغَايِرٌ إنْ أُرِيدَ بِالْأَدْوِيَةِ الْمُرَكَّبَاتُ مِنْهَا وَمِنْ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ: وَالْوَرَقُ) أَيْ وَكَذَلِكَ النُّخَالَةُ غَيْرُ الْخَالِصَةِ مِنْ الدَّقِيقِ.
وَأَمَّا النُّحَالَةُ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَهِيَ مَا يَسْقُطُ مِنْ الْخَشَبِ إذَا مَلَّسَهُ النَّجَّارُ أَوْ خَرَطَهُ وَالسُّحَالَةُ وَهِيَ مَا يَسْقُطُ مِنْ الْخَشَبِ عِنْدَ نَشْرِهِ بِالْمِنْشَارِ فَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِ الِاسْتِجْمَارِ بِهِمَا كَذَا قَالَ الشُّرَّاحُ لَكِنْ بَحَثَ ابْنُ مَرْزُوقٍ فِي النُّخَالَةِ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ بِأَنَّهَا وَإِنْ خَلَصَتْ مِنْ الطَّعَامِ إلَّا أَنَّهَا مَا زَالَتْ مُحْتَرَمَةً لِحَقِّ الْغَيْرِ؛ لِأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِهَا حَقٌّ؛ لِأَنَّهَا عَلَفٌ لِلدَّوَابِّ وَإِذَا اُحْتُرِمَ عَلَفُ دَوَابِّ الْجِنِّ فَأَحْرَى عَلَفُ دَوَابِّ الْإِنْسِ اهـ (قَوْلُهُ: لِحُرْمَةِ الْحُرُوفِ) أَيْ لِشَرَفِهَا قَالَ الشَّيْخُ إبْرَاهِيمُ اللَّقَانِيُّ مَحَلُّ كَوْنِ الْحُرُوفِ لَهَا حُرْمَةٌ إذَا كَانَتْ مَكْتُوبَةً بِالْعَرَبِيِّ وَإِلَّا فَلَا حُرْمَةَ لَهَا إلَّا إذَا كَانَ الْمَكْتُوبُ بِهَا مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ وَقَالَ عج الْحُرُوفُ لَهَا حُرْمَةٌ سَوَاءٌ كُتِبَتْ بِالْعَرَبِيِّ أَوْ بِغَيْرِهِ وَهُوَ مَا يُفِيدُهُ ح وَفَتْوَى النَّاصِرِ قَالَ شَيْخُنَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَاطِلًا) أَيْ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْمَكْتُوبُ بَاطِلًا كَسِحْرٍ وَتَوْرَاةٍ وَإِنْجِيلٍ مُبَدِّلًا فِيهِمَا أَسْمَاءَ اللَّهِ وَأَنْبِيَائِهِ (قَوْلُهُ: وَجِدَارٍ لِوَقْفٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْوَقْفُ مَسْجِدًا أَوْ غَيْرَهُ كَأَنْ وَقَفَهُ أَوْ وَقَفَ غَيْرَهُ كَانَ الِاسْتِجْمَارُ بِجِدَارِ الْوَقْفِ مِنْ دَاخِلِهِ أَوْ مِنْ خَارِجِهِ فَالْحُرْمَةُ بِالِاسْتِجْمَارِ بِهِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي لِهَدْمِهِ

الصفحة 113