كتاب الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (اسم الجزء: 1)

أَوْ حُقْنَةٍ فَلَا يَنْقُضُ وَمَغِيبُ حَشَفَةٍ، فَإِنَّهُ لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ خَاصَّةً بَلْ يُوجِبُ مَا هُوَ أَعَمُّ وَالْقَرْقَرَةُ وَالْحَقْنُ الشَّدِيدَانِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ وَخَرَجَ بِالْمُعْتَادِ مَا لَيْسَ مُعْتَادًا كَدَمٍ وَقَيْحٍ إنْ خَرَجَا خَالِصَيْنِ مِنْ الْأَذَى وَحَصًى وَدُودٍ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ (لَا حَصًى) تَوَلَّدَ بِالْبَطْنِ (وَدُودٌ) وَإِنَّمَا خَصَّهُمَا بِالذِّكْرِ لِيُنَبِّهَ عَلَى حُكْمِ خُرُوجِهِمَا مُبْتَلَّيْنِ وَالْخِلَافُ فِيهِ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ بِبِلَّةٍ) مِنْ بَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ أَيْ وَلَوْ خَرَجَا مَعَ أَذًى وَلَوْ كَثُرَ لِتَبَعِيَّتِهِ لِمَا لَا نَقْضَ فِيهِ وَهُوَ الْحَصَى وَالدُّودُ وَسَيَأْتِي مُحْتَرَزُ الْمَخْرَجِ الْمُعْتَادِ فِي قَوْلِهِ مِنْ مَخْرَجَيْهِ فَشَمَلَ كَلَامُهُ اثْنَيْنِ مِنْ الدُّبُرِ وَهُمَا الْغَائِطُ وَالرِّيحُ وَسِتَّةٌ مِنْ الْقُبُلِ وَهِيَ الْبَوْلُ وَالْمَذْيُ وَالْوَدْيُ وَالْمَنِيُّ فِي بَعْضِ أَحْوَالِهِ وَالْهَادِي عَلَى مَا سَيَأْتِي لَهُ فِي الْحَيْضِ وَدَمُ الِاسْتِحَاضَةِ عَلَى تَفْصِيلٍ سَيَأْتِي فِي السَّلَسِ وَشَمَلَ خُرُوجَ مَنِيِّ الرَّجُلِ مِنْ فَرْجِ الْمَرْأَةِ إذَا دَخَلَ بِوَطْءٍ وَخَرَجَ بَعْدَ أَنْ اغْتَسَلَتْ لَا إنْ دَخَلَ بِلَا وَطْءٍ فَلَا يَنْقُضُ خُرُوجُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ وَالْأَظْهَرُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَوْ حُقْنَةٍ) هِيَ الدَّوَاءُ الَّذِي يُصَبُّ فِي الدُّبُرِ بِآلَةٍ (قَوْلُهُ: بَلْ يُوجِبُ مَا هُوَ أَعَمُّ) أَيْ مِنْ الْوُضُوءِ وَهُوَ غَسْلُ جَمِيعِ الْجَسَدِ وَالتَّعْرِيفُ إنَّمَا هُوَ لِلْحَدَثِ الْمُوجِبِ لِلْوُضُوءِ خَاصَّةً؛ لِأَنَّ الْفَصْلَ مَعْقُودٌ لِمَا يُوجِبُ الْوُضُوءَ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَالْقَرْقَرَةُ وَالْحَقْنُ) عَطْفٌ عَلَى الدَّاخِلِ كَأَنَّهُ يَقُولُ خَرَجَ بِهِ مَا هُوَ دَاخِلٌ كَالْعُودِ إلَخْ وَمَا لَيْسَ بِدَاخِلٍ وَلَا خَارِجٍ كَالْقَرْقَرَةِ إلَخْ وَالْقَرْقَرَةُ هِيَ حَبْسُ الرِّيحِ وَالْحَقْنُ حَبْسُ الْبَوْلِ (قَوْلُهُ: الشَّدِيدَانِ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُمَا لَا يَمْنَعَانِ مِنْ الْإِتْيَانِ بِشَيْءٍ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ.
وَأَمَّا لَوْ مَنَعَا مِنْ الْإِتْيَانِ بِشَيْءٍ مِنْهَا حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَمَا لَوْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى الْإِتْيَانِ بِهِ بِعُسْرٍ فَقَدْ أَبْطَلَا الْوُضُوءَ فَمَنْ حَصَرَهُ بَوْلٌ أَوْ رِيحٌ وَكَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْإِتْيَانِ بِشَيْءٍ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ أَصْلًا أَوْ يَأْتِي بِهِ مَعَ عُسْرٍ كَانَ وُضُوءُهُ بَاطِلًا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ بِهِ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الطَّهَارَةِ كَمَسِّ الْمُصْحَفِ وَيُمْكِنُ دُخُولُ هَذَا فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ الْخَارِجُ الْمُعْتَادُ أَيْ الْخَارِجُ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا لِيَشْمَلَ الْقَرْقَرَةَ وَالْحَقْنَ الْمَانِعَيْنِ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ أَوْ كَانَ يَحْصُلُ بِهِمَا مَشَقَّةٌ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ) حَيْثُ قَالَ: إنَّ الْحَقْنَ وَالْقَرْقَرَةَ الشَّدِيدَيْنِ يَنْقُضَانِ الْوُضُوءَ وَلَوْ لَمْ يَمْنَعَا الْإِتْيَانَ بِشَيْءٍ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: إنْ خَرَجَا) أَيْ مِنْ الْمَخْرَجِ خَالِصَيْنِ مِنْ الْأَذَى أَيْ وَإِلَّا نَقَضَ الْمُخَالِطُ لَهُمَا لِنَدُورَ مُخَالَطَتِهِمَا لِلْأَذَى بِخِلَافِ الْحَصَى وَالدُّودِ، فَإِنَّهُ لَا يَنْقُضُ مُخَالِطُهُمَا كَمَا يَأْتِي لِغَلَبَةِ الْمُخَالَطَةِ فِيهِمَا كَذَا فِي عبق وَأَقَرَّهُ الْأَشْيَاخُ وَاعْتَرَضَهُ الْعَلَّامَةُ بْن قَائِلًا مَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الدَّمِ وَالْحَصَى وَالدُّودِ فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الدَّمُ وَالْحَصَى وَالدُّودُ سَوَاءٌ فَلَا نَقْضَ بِهَا مُطْلَقًا كَانَ مَعَهَا أَذًى أَمْ لَا كَمَا يُفِيدُهُ نَقْلُ الْمَوَّاقِ وَح وَهُوَ الَّذِي عَزَاهُ ابْنُ رُشْدٍ لِلْمَشْهُورِ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَنَصُّهُ وَفِي نَقْضِ غَيْرِ الْمُعْتَادِ كَدُودٍ أَوْ حَصًى أَوْ دَمٍ ثَالِثُهَا إنْ قَارَنَهُ أَذًى لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَابْنِ رُشْدٍ عَلَى الْمَشْهُورِ وَالثَّالِثُ عَزَاهُ اللَّخْمِيُّ لِابْنِ نَافِعٍ اهـ (قَوْلُهُ: تَوَلَّدَ بِالْبَطْنِ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ ابْتَلَعَ حَصَاةً أَوْ دُودَةً فَنَزَلَتْ بِصِفَتِهَا فَالنَّقْضُ وَلَوْ كَانَا خَالِصَيْنِ مِنْ الْأَذَى؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ قَبِيلِ الْخَارِجِ الْمُعْتَادِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا خَصَّهُمَا بِالذِّكْرِ) أَيْ دُونَ الْقَيْحِ وَالدَّمِ (قَوْلُهُ: وَالْخِلَافُ فِيهِ) قَالَ بْن لِابْنِ رُشْدٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ أَحَدُهُمَا لَا وُضُوءَ عَلَيْهِ خَرَجَتْ الدُّودَةُ نَقِيَّةً أَوْ غَيْرَ نَقِيَّةٍ وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ الثَّانِي لَا وُضُوءَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ تَخْرُجَ غَيْرَ نَقِيَّةٍ، وَالثَّالِثُ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ مُطْلَقًا وَإِنْ خَرَجَتْ نَقِيَّةً وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ خَاصَّةً مِنْ أَصْحَابِنَا اهـ نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ بِبِلَّةٍ أَيْ وَلَوْ بِأَذًى وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ كَانَ أَوْضَحَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَثُرَ) أَيْ الْأَذَى بِأَنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ الْحَصَى وَالدُّودِ الْخَارِجِ مَعَهُمَا مَا لَمْ يَتَفَاحَشْ فِي الْكَثْرَةِ وَإِلَّا نَقَضَ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا (تَنْبِيهٌ) يُعْفَى عَمَّا خَرَجَ مِنْ الْأَذَى مَعَ الْحَصَى وَالدُّودِ إنْ كَانَ مُسْتَنْكِحًا بِأَنْ كَانَ يَأْتِي كُلَّ يَوْمٍ مَرَّةً فَأَكْثَرَ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ إزَالَتِهِ بِمَاءٍ أَوْ حَجَرٍ إنْ كَثُرَ وَإِلَّا عُفِيَ عَنْهُ أَيْ بِحَسَبِ مَحَلِّهِ لَا بِحَسَبِ إصَابَتِهِ لِثَوْبٍ (قَوْلُهُ: فَشَمَلَ كَلَامُهُ) أَيْ شَمَلَ قَوْلُهُ الْخَارِجُ الْمُعْتَادُ فِي الصِّحَّةِ مِنْ مَخْرَجَيْهِ ثَمَانِيَةَ أَشْيَاءَ: اثْنَيْنِ مِنْ الدُّبُرِ وَسِتَّةً مِنْ الْقُبُلِ (قَوْلُهُ: فِي بَعْضِ أَحْوَالِهِ) أَيْ وَهُوَ مَا إذَا خَرَجَ بِلَذَّةٍ غَيْرِ مُعْتَادَةٍ أَوْ كَانَ سَلَسًا وَلَازَمَ أَقَلَّ الزَّمَنِ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا سَيَأْتِي لَهُ فِي الْحَيْضِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَوَجَبَ وُضُوءٌ بِهَادٍ (قَوْلُهُ: عَلَى تَفْصِيلٍ إلَخْ) أَيْ إذَا لَازَمَ أَقَلَّ الزَّمَانِ لَا إنْ لَازَمَ كُلَّهُ أَوْ جُلَّهُ أَوْ نِصْفَهُ (قَوْلُهُ: وَشَمَلَ) أَيْ التَّعْرِيفُ الْمَذْكُورُ وَهُوَ قَوْلُهُ الْخَارِجُ الْمُعْتَادُ فِي الصِّحَّةِ مِنْ مَخْرَجَيْهِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَنْقُضُ خُرُوجُهُ)

الصفحة 115