كتاب الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (اسم الجزء: 1)

وَيُشْتَرَطُ الْإِحْسَاسُ فِي الْأَصْلِيَّةِ أَيْضًا

ثُمَّ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى مَا لَيْسَ بِحَدَثٍ وَلَا سَبَبٍ وَهُوَ شَيْئَانِ: الْأَوَّلُ مَا أَشَارَ لَهُ بِالْعَطْفِ عَلَى بِحَدَثٍ مُعِيدًا لِلْعَامِلِ بِقَوْلِهِ (وَ) نُقِضَ (بِرِدَّةٍ) وَلَوْ مِنْ صَبِيٍّ فِيمَا يَظْهَرُ وَفِي إبْطَالِهَا الْغُسْلَ قَوْلَانِ رُجِّحَ كُلٌّ مِنْهُمَا وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا الْإِبْطَالَ

وَأَشَارَ لِلثَّانِي بِقَوْلِهِ (وَ) نُقِضَ (بِشَكٍّ) أَيْ تَرَدُّدٍ مُسْتَوٍ فَأَوْلَى بِظَنٍّ بِخِلَافِ الْوَهْمِ (فِي) حُصُولِ (حَدَثٍ) أَيْ نَاقِضٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــQلَكِنَّهُ لَا يَتَصَرَّفُ تَصَرُّفَ إخْوَتِهِ تَحْقِيقًا فَلَا نَقْضَ (قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ الْإِحْسَاسُ فِي الْأَصْلِيَّةِ أَيْضًا) أَيْ وَإِنْ كَانَتْ لَا تُسَاوِي إخْوَتَهَا فِي التَّصَرُّفِ فَالْمَدَارُ فِي الْأَصْلِيَّةِ عَلَى الْإِحْسَاسِ بِخِلَافِ الزَّائِدَةِ فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْأَمْرَيْنِ مَعًا.

(قَوْلُهُ: وَنُقِضَ بِرِدَّةٍ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَهُوَ قَوْلُ يَحْيَى بْنِ عُمَرَ وَرَوَى مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ نَدْبُ الْوُضُوءِ مِنْ الرِّدَّةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مِنْ صَبِيٍّ فِيمَا يَظْهَرُ) أَيْ لِاعْتِبَارِ الرِّدَّةِ مِنْهُ وَصَرَّحَ خش فِي كَبِيرِهِ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَفِي إبْطَالِهَا الْغُسْلَ) أَيْ وَعَدَمُ إبْطَالِهَا لَهُ قَوْلَانِ الْأَوَّلُ لِابْنِ الْعَرَبِيِّ وَرَجَّحَهُ بَهْرَامُ فِي صَغِيرِهِ وَالثَّانِي لِابْنِ جَمَاعَةَ وَيَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ ح تَرْجِيحُهُ وَتَبِعَهُ عج وَوَجْهُ الثَّانِي بِأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِحَبْطِ الْأَعْمَالِ بِالرِّدَّةِ أَنَّ الْأَعْمَالَ نَفْسَهَا تَبْطُلُ بَلْ بُطْلَانُ ثَوَابِهَا فَقَطْ فَلِذَا لَا يُطْلَبُ بَعْدَهَا بِقَضَاءِ مَا قَدَّمَهُ مِنْ صَلَاةٍ وَصِيَامٍ فَكَذَا مَا قَدَّمَهُ مِنْ غُسْلٍ فَهُوَ وَإِنْ حَبِطَ ثَوَابُهُ بِهَا لَا يَلْزَمُهُ إعَادَتُهُ بَعْدُ وَإِنَّمَا وَجَبَ الْوُضُوءُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ بَعْدَ تَوْبَتِهِ بِمَنْزِلَةِ مَنْ بَلَغَ حِينَئِذٍ فَوَجَبَ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ لِمُوجِبِهِ وَهُوَ إرَادَةُ الْقِيَامِ لِلصَّلَاةِ بِخِلَافِ الْغُسْلِ، فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ إلَّا بِوُقُوعِ سَبَبٍ مِنْ أَسْبَابِهِ وَوَجْهُ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الرِّدَّةَ تُبْطِلُ نَفْسَ الْأَعْمَالِ، فَإِذَا ارْتَدَّ وَبَطَلَ عَمَلُهُ رَجَعَ الْأَمْرُ لِكَوْنِهِ مُتَلَبِّسًا بِالْحَدَثِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ الْعَمَلِ كَانَ ذَلِكَ الْحَدَثُ أَصْغَرَ أَوْ أَكْبَرَ (قَوْلُهُ: وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا الْإِبْطَالَ) لَا يُقَالُ إنَّهُمْ لَمْ يَعُدُّوا الرِّدَّةَ مِنْ مُوجِبَاتِ الْغُسْلِ بَلْ اقْتَصَرُوا عَلَى الْأُمُورِ الْأَرْبَعَةِ الْآتِيَةِ فِي بَابِهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ اقْتِصَارُهُمْ عَلَى ذَلِكَ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ.

(قَوْلُهُ: وَنُقِضَ بِشَكٍّ فِي حَدَثٍ بَعْدَ طُهْرٍ عُلِمَ) هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَقِيلَ: لَا يُنْتَقَضُ الْوُضُوءُ بِذَلِكَ غَايَةَ الْأَمْرِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ الْوُضُوءُ فَقَطْ مُرَاعَاةً لِمَنْ يَقُولُ بِوُجُوبِهِ وَالْأَوَّلُ نَظَرَ إلَى أَنَّ الذِّمَّةَ عَامِرَةٌ فَلَا تَبْرَأُ إلَّا بِيَقِينٍ وَالثَّانِي نَظَرَ إلَى اسْتِصْحَابِ مَا كَانَ فَلَا يَرْتَفِعُ إلَّا بِيَقِينٍ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ مَنْ تَأَمَّلَ عَلِمَ أَنَّ الشَّكَّ فِي الْحَدَثِ شَكٌّ فِي الْمَانِعِ لَا فِيمَا هُوَ شَرْطٌ فِي غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْمَشْكُوكَ فِيهِ فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ الْحَدَثُ لَا الْوُضُوءُ وَالْمَعْرُوفُ إلْغَاءُ الشَّكِّ فِي الْمَانِعِ فَكَانَ الْوَاجِبُ طَرْحَ ذَلِكَ الشَّكِّ وَإِلْغَاءَهُ اهـ وَإِنَّمَا كَانَ الشَّكُّ فِي الْمَانِعِ غَيْرَ مُؤَثِّرٍ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ مَا كَانَ عَلَى حَالِهِ وَعَدَمُ طُرُوُّ الْمَانِعِ وَكَانَ الشَّكُّ فِي الشَّرْطِ يُؤَثِّرُ الْبُطْلَانَ؛ لِأَنَّ الذِّمَّةَ عَامِرَةٌ لَا تَبْرَأُ إلَّا بِيَقِينٍ وَرُدَّ عَلَيْهِ بِأَنَّ قَوْلَهُ: الْمَشْكُوكُ فِيهِ الْحَدَثُ لَا الْوُضُوءُ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الشَّكَّ فِي أَحَدِ الْمُتَقَابِلَيْنِ يُوجِبُ الشَّكَّ فِي الْآخَرِ فَمَنْ شَكَّ فِي وُجُودِ زَيْدٍ فِي الدَّارِ فَقَدْ شَكَّ فِي عَدَمِ كَوْنِهِ

الصفحة 122