كتاب الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (اسم الجزء: 1)

فَيَشْمَلُ السَّبَبَ مَا عَدَا الشَّكَّ فِي الرِّدَّةِ فَلَا أَثَرَ لَهُ لَا فِي وُضُوءٍ وَلَا غَيْرِهِ (بَعْدَ طُهْرٍ عُلِمَ إلَّا) الشَّكَّ (الْمُسْتَنْكِحَ) بِكَسْرِ الْكَافِ أَيْ الَّذِي يَعْتَرِي صَاحِبَهُ كَثِيرًا بِأَنْ يَأْتِيَ كُلَّ يَوْمٍ وَلَوْ مَرَّةً فَلَا يَنْقُضُ وَلَا يُضَمُّ شَكٌّ فِي الْمَقَاصِدِ كَالصَّلَاةِ إلَى شَكٍّ فِي الْوَسَائِلِ كَالْوُضُوءِ، فَإِذَا كَانَ يَأْتِيهِ يَوْمًا فِي الصَّلَاةِ وَآخَرَ فِي الْوُضُوءِ نَقَضَ وَأَمَّا عَكْسُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ الشَّكُّ فِي حُصُولِ الطَّهَارَةِ بَعْدَ حَدَثٍ عُلِمَ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الطَّهَارَةِ وَلَوْ مُسْتَنْكِحًا (وَ) نُقِضَ (بِشَكٍّ فِي سَابِقِهِمَا) أَيْ فِي السَّابِقِ مِنْ الطُّهْرِ وَالْحَدَثِ سَوَاءٌ كَانَا مُحَقَّقَيْنِ أَوْ مَشْكُوكَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا مُحَقَّقًا وَالثَّانِي مَشْكُوكًا فَهَذِهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ وَسَوَاءٌ كَانَ مُسْتَنْكِحًا أَمْ لَا بِدَلِيلِ تَأْخِيرِهِ عَنْ الْمُسْتَنْكِحِ

وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ النَّوَاقِضِ أَتْبَعَهَا بِمَا لَيْسَ مِنْهَا مِمَّا وَقَعَ فِيهَا الْخِلَافُ وَلَوْ خَارِجَ الْمَذْهَبِ فَقَالَ (لَا) يُنْقَضُ الْوُضُوءُ (بِمَسِّ دُبُرٍ أَوْ أُنْثَيَيْنِ) وَلَوْ الْتَذَّ (أَوْ) بِمَسِّ (فَرْجِ صَغِيرَةٍ) وَلَوْ قَصَدَ اللَّذَّةَ مَا لَمْ يَلْتَذَّ بِالْفِعْلِ عِنْدَ بَعْضِهِمْ وَاسْتَظْهَرَ شَيْخُنَا عَدَمَ النَّقْضِ مُطْلَقًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَأَمَّا مَسُّ جَسَدِهَا فَلَا يَنْقُضُ وَلَوْ قَصَدَ وَوَجَدَ أَوْ قَبَّلَهَا بِفَمٍ (وَ) لَا (قَيْءٍ) وَقَلْسٍ (وَأَكْلُ لَحْمِ جَزُورٍ) أَيْ إبِلٍ (وَذَبْحٍ وَحِجَامَةٍ وَفَصْدٍ وَقَهْقَهَةٍ بِصَلَاةٍ وَ) لَا (مَسَّ امْرَأَةٍ فَرْجَهَا) أَلْطَفَتْ أَمْ لَا قَبَضَتْ عَلَيْهِ أَمْ لَا وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ (وَأُوِّلَتْ أَيْضًا بِعَدَمِ الْإِلْطَافِ) ، فَإِنْ أَلْطَفَتْ انْتَقَضَ وَالْإِلْطَافُ أَنْ تُدْخِلَ شَيْئًا مِنْ يَدِهَا فِي فَرْجِهَا

(وَنُدِبَ) لِكُلِّ أَحَدٍ وَتَأَكَّدَ لِمُرِيدِ الصَّلَاةِ (غَسْلُ فَمٍ) وَيَدٍ (مِنْ لَحْمٍ)
ـــــــــــــــــــــــــــــQفِيهَا وَمَنْ شَكَّ فِي وُجُودِ الْحَدَثِ فَقَدْ شَكَّ فِي وُجُودِ الطَّهَارَةِ حِينَ شَكِّهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَحِينَئِذٍ فَالشَّكُّ فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ شَكٌّ فِي الشَّرْطِ وَهُوَ مُؤَثِّرٌ نَقَلَهُ بْن عَنْ شَيْخِهِ سَيِّدِي أَحْمَدَ بْنِ مُبَارَكٍ وَقَدْ يُقَالُ الْحَقُّ مَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ مِنْ أَنَّ الشَّكَّ فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ إنَّمَا هُوَ الْمَانِعُ.
وَأَمَّا الشَّكُّ فِي الشَّرْطِ فَلَا يَظْهَرُ إلَّا إذَا تَيَقَّنَ الْحَدَثَ وَشَكَّ فِي الْوُضُوءِ وَالْكَلَامُ هُنَا فِي عَكْسِ ذَلِكَ وَإِنْ أَرَادَ اللُّزُومَ فَكُلُّ شَكٍّ فِي الْمَانِعِ يَسْتَلْزِمُ الشَّكَّ فِي الشَّرْطِ.
إنْ قُلْت حَيْثُ كَانَ التَّحْقِيقُ: إنَّ الشَّكَّ فِي الْحَدَثِ شَكٌّ فِي الْمَانِعِ فَلِمَ اُعْتُبِرَ وَجُعِلَ نَاقِضًا عَلَى الْمَذْهَبِ مَعَ أَنَّ الشَّكَّ فِي الْمَانِعِ يُلْغَى كَالشَّكِّ فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالظِّهَارِ وَحُصُولِ الرَّضَاعِ قُلْتُ كَأَنَّهُمْ رَاعَوْا سُهُولَةَ الْوُضُوءِ وَكَثْرَةَ نَوَاقِضِهِ فَاحْتَاطُوا لِأَجْلِ الصَّلَاةِ قَرَّرَهُ شَيْخُنَا هَذَا وَذَكَرَ ح عَنْ سَنَدٍ أَنَّ الشَّكَّ فِي الْحَدَثِ لَهُ صُورَتَانِ الْأُولَى مَنْ شَكَّ هَلْ أَحْدَثَ أَمْ لَا بَعْدَ وُضُوئِهِ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَتَوَضَّأُ وَالثَّانِيَةُ أَنْ يُتَخَيَّلَ لَهُ أَنَّ شَيْئًا حَاصِلًا مِنْهُ بِالْفِعْلِ لَا يَدْرِي هَلْ هُوَ حَدَثٌ أَوْ غَيْرُهُ وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ الْوَهْمِ فَلِذَا أُلْغِيَ (قَوْلُهُ: فَيَشْمَلُ السَّبَبَ) أَيْ فَإِذَا شَكَّ هَلْ حَصَلَ مِنْهُ لَمْسٌ بِلَذَّةٍ أَوْ مَسٌّ لِذَكَرِهِ أَوْ لَمْ يَحْصُلْ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ (قَوْلُهُ: وَلَا غَيْرَهُ) أَيْ فَإِذَا شَكَّ هَلْ حَصَلَتْ مِنْهُ رِدَّةٌ أَوْ لَا، فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ وُضُوءَهُ وَلَا يَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُهَا (قَوْلُهُ: إلَّا الْمُسْتَنْكِحَ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يَنْقُضُ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَأْتِيَ كُلَّ يَوْمٍ وَلَوْ مَرَّةً) .
وَأَمَّا لَوْ أَتَى يَوْمًا بَعْدَ يَوْمٍ، فَإِنَّهُ يَنْقُضُ وَقَالَ عج الْأَلْيَقُ بِالْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ أَيْ بِالْمِلَّةِ الْإِسْلَامِيَّةِ السَّهْلَةِ أَنَّ إتْيَانَهُ يَوْمًا بَعْدَ يَوْمٍ مُسْتَنْكِحٌ كَالْمُسَاوِي فِي السَّلَسِ فَأَجْرَاهُ عَلَيْهِ لَكِنْ قَدَحَ فِي ذَلِكَ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ وَلَمْ يُسَلِّمْهُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَلَا يُضَمُّ شَكٌّ فِي الْمَقَاصِدِ إلَخْ) وَأَمَّا الشَّكُّ فِي الْوَسَائِلِ فَيُضَمُّ بَعْضُهُ لِبَعْضٍ فَإِذَا أَتَاهُ الشَّكُّ يَوْمًا فِي الْغُسْلِ وَيَوْمًا فِي الْوُضُوءِ فَلَا نَقْضَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الطَّهَارَةَ كُلَّهَا شَيْءٌ وَاحِدٌ فَيُضَمُّ الشَّكُّ فِي الْوُضُوءِ لِلشَّكِّ فِي الْغُسْلِ وَالنَّجَاسَةِ وَكَذَا الْعَكْسِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ كَانَ مُسْتَنْكِحًا أَمْ لَا) هَذَا هُوَ التَّحْقِيقُ كَمَا فِي طفى نَقْلًا عَنْ عَبْدِ الْحَقِّ خِلَافًا لعبق حَيْثُ قَيَّدَهُ بِغَيْرِ الْمُسْتَنْكِحِ وَجَعَلَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَذْفًا مِنْ الثَّانِي لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ.
(تَنْبِيهٌ) لَوْ شَكَّ هَلْ غَسَلَ وَجْهَهُ أَمْ لَا أَتَى بِهِ وَهَلْ وَلَوْ مُسْتَنْكِحًا أَوْ يُلْهَى عَنْهُ كَمَا فِي الصَّلَاةِ وَاسْتَظْهَرَهُ شَيْخُنَا

(قَوْلُهُ: لَا يُنْقَضُ الْوُضُوءُ بِمَسِّ دُبُرٍ أَوْ أُنْثَيَيْنِ) أَيْ لِنَفْسِهِ، وَأَمَّا دُبُرُ الْغَيْرِ فَيَجْرِي عَلَى الْمُلَامَسَةِ وَكَذَا إنْ انْسَدَّ الْمَخْرَجَانِ وَكَانَ لَهُ ثُقْبَةٌ فَلَا يَنْقُضُ مَسُّهَا بِالْأَوْلَى مِنْ الدُّبُرِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَلْتَذَّ بِالْفِعْلِ) أَيْ، فَإِنْ الْتَذَّ بِالْفِعْلِ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ وَلَوْ كَانَتْ عَادَتُهُ عَدَمَ اللَّذَّةِ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: عِنْدَ بَعْضِهِمْ) أَرَادَ بِهِ عج قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ وَفِي النَّوَادِرِ عَنْ الْمَجْمُوعَةِ مَالِكٌ لَا وُضُوءَ فِي قُبْلَةِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ الْآخَرَ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ فِي مَرَضٍ أَوْ نَحْوِهِ وَلَا فِي قُبْلَةِ الصَّبِيَّةِ وَمَسِّ فَرْجِهَا إلَّا لِلَّذَّةِ وَرَوَى عَنْهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ وَهْبٍ نَحْوَهُ فِي مَسِّ فَرْجِ الصَّبِيِّ وَالصَّبِيَّةِ وَرَوَى عَنْهُ عَلِيٌّ لَا وُضُوءَ فِي مَسِّ فَرْجِ صَبِيٍّ أَوْ صَبِيَّةٍ يُرِيدُ إلَّا اللَّذَّةَ اهـ بْن (قَوْلُهُ: عَدَمَ النَّقْضِ مُطْلَقًا) أَيْ لِعَدَمِ اللَّذَّةِ بِذَلِكَ عَادَةً وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَالْقَرَافِيِّ وَرَجَّحَهُ ح وَبَهْرَامُ قَدْ عَلِمْتَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْقَوْلَيْنِ رَاجِحٌ (قَوْلُهُ: وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ) أَيْ كَمَا قَالَ عج وَمَنْ تَبِعَهُ قَالَ بْن وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ نَقْلِ الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ يُونُسَ أَنَّ الْمَذْهَبَ هُوَ التَّفْصِيلُ بَيْنَ الْإِلْطَافِ وَعَدَمِهِ انْتَهَى قَالَ شَيْخُنَا وَقَدْ يُقَالُ تَقْدِيمُ الْمُصَنِّفِ الْقَوْلَ بِعَدَمِ النَّقْضِ مُطْلَقًا وَجَعْلِهِ فِي تَوْضِيحِهِ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ وَظَاهِرَهَا مِمَّا يُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ عج ثُمَّ قَالَ بْن وَنَقَلَ الْقَبَّابُ عَنْ عِيَاضٍ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا كَانَ مَسُّهَا لِفَرْجِهَا بِغَيْرِ لَذَّةٍ، فَإِنْ كَانَ الْمَسُّ بِلَذَّةٍ وَجَبَ الْوُضُوءُ كَالْمُلَامَسَةِ اهـ كَلَامُ بْن.

(قَوْلُهُ: لِكُلِّ أَحَدٍ) أَيْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى مُرِيدٍ لِلصَّلَاةِ أَمْ لَا وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ هُنَا مَعَ أَنَّهُ لَا يَتَقَيَّدُ بِالْمُتَوَضِّئِ؛ لِأَنَّ لَهَا تَعَلُّقًا بِهِ فِي الْجُمْلَةِ وَهُوَ تَأَكُّدُ النَّدْبِ عِنْدَ إرَادَةِ الصَّلَاةِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ

الصفحة 123