كتاب الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (اسم الجزء: 1)

(أَوْ) خَرَجَ بِلَذَّةٍ (غَيْرِ مُعْتَادَةٍ) كَنُزُولِهِ بِمَاءٍ حَارٍّ وَلَوْ اسْتَدَامَ فِيمَا يَظْهَرُ وَكَحَكِّهِ لِجَرَبٍ بِذَكَرِهِ أَوْ هَزِّ دَابَّةٍ لَهُ فَلَا غُسْلَ مَا لَمْ يُحِسَّ بِمَبَادِئِ اللَّذَّةِ فَيَسْتَدِيمُ فِيهِمَا حَتَّى يُمْنِي فَيَجِبُ كَذَا يَظْهَرُ وَأَمَّا جَرَبٌ وَحِكَّةٌ بِغَيْرِ ذَكَرِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَالْمَاءِ الْحَارِّ (و) لَكِنْ (يَتَوَضَّأُ) وُجُوبًا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لِنَقْضِ وُضُوئِهِ بِخُرُوجِ الْمَنِيِّ فِيهِمَا لَكِنْ فِي السَّلِسِ إنْ فَارَقَ أَكْثَرَ أَوْ قَدَرَ عَلَى رَفْعِهِ

ثُمَّ شُبِّهَ فِي الْحُكْمِ وَهُوَ وُجُوبُ الْوُضُوءِ دُونَ الْغُسْلِ قَوْلُهُ (كَمَنْ) (جَامَعَ) بِأَنْ غَيَّبَ الْحَشَفَةَ فِي الْفَرْجِ وَلَمْ يُمْنِ (فَاغْتَسَلَ) لِجِمَاعِهِ (ثُمَّ أَمْنَى) فَإِنَّهُ يَتَوَضَّأُ وَلَا يَغْتَسِلُ لِتَقَدُّمِ غُسْلِهِ وَالْجَنَابَةُ الْوَاحِدَةُ لَا يَتَكَرَّرُ لَهَا الْغُسْلُ (و) لَوْ صَلَّى بِغُسْلِهِ ثُمَّ نَزَلَ الْمَنِيُّ بَعْدَهَا (لَا يُعِيدُ الصَّلَاةَ) الْمُوجِبُ الثَّانِي مَغِيبُ الْحَشَفَةِ فِي الْفَرْجِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (و) يَجِبُ غُسْلُ ظَاهِرِ الْجَسَدِ (بِمَغِيبِ حَشَفَةٍ) أَيْ رَأْسِ ذَكَرٍ (بَالِغٍ) وَلَوْ لَمْ يَنْتَشِرْ أَوْ لَمْ يُنْزِلْ وَيَجِبُ عَلَى الْمُغَيَّبِ فِيهِ أَيْضًا إنْ كَانَ بَالِغًا ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَوْ غَيْرُ مُعْتَادَةٍ) قَالَ بْن اعْتَرَضَ ابْنُ مَرْزُوقٍ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ الرَّاجِحَ وُجُوبُ الْغُسْلِ بِخُرُوجِهِ بِلَذَّةٍ غَيْرِ مُعْتَادَةٍ كَمَا اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ وَظَاهِرُ ابْنِ بَشِيرٍ قَالَ شَيْخُنَا عَدَمُ تَعَرُّضِ الشُّرَّاحِ لِنَقْلِ كَلَامِ ابْنِ مَرْزُوقٍ وَإِعْرَاضُهُمْ يَقْتَضِي عَدَمَ تَسْلِيمِهِ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ الرَّاجِحُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَبِالْجُمْلَةِ فَلَيْسَ كُلُّ مَا قِيلَ مُسَلَّمًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ اسْتَدَامَ) أَيْ وَلَوْ حَسَّ بِمَبَادِئِ اللَّذَّةِ وَاسْتَدَامَ حَتَّى أَمْنَى وَقَوْلُهُ فِيمَا يَظْهَرُ الْمُسْتَظْهِرُ لِعَدَمِ وُجُوبِ الْغُسْلِ فِي مَسْأَلَةِ الْمَاءِ الْحَارِّ وَلَوْ حَسَّ بِمَبَادِئِ اللَّذَّةِ عج لِبُعْدِ الْمَاءِ الْحَارِّ عَنْ شَهْوَةِ الْجِمَاعِ بِخِلَافِ هَزِّ الدَّابَّةِ فَإِنَّهُ أَقْرَبُ لِشَهْوَةِ الْجِمَاعِ (قَوْلُهُ: فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَالْمَاءِ الْحَارِّ) أَيْ فَلَا يَجِبُ الْغُسْلُ وَلَوْ أَحَسَّ بِمَبَادِئِ اللَّذَّةِ وَاسْتَدَامَ حَتَّى أَنْزَلَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْغُسْلُ مُطْلَقًا فِي مَسْأَلَةِ الْمَاءِ الْحَارِّ وَالْجَرَبِ إذَا كَانَ بِغَيْرِ الذَّكَرِ وَأَمَّا إذَا كَانَ فِيهِ فَهُوَ كَهَزِّ الدَّابَّةِ إنْ أَحَسَّ بِمَبَادِئِ اللَّذَّةِ وَاسْتَدَامَ حَتَّى أَنْزَلَ وَجَبَ الْغُسْلُ وَإِلَّا فَلَا وَمَا قَالَهُ شَارِحُنَا هُوَ مَا اسْتَظْهَرَهُ شَيْخُنَا وَقَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ لَا يَجِبُ الْغُسْلُ فِي مَسْأَلَةِ الْمَاءِ الْحَارِّ وَالْحَكِّ لِلْجَرَبِ وَهَزِّ الدَّابَّةِ مَا لَمْ يُحِسَّ بِمَبَادِئِ اللَّذَّةِ وَيَسْتَدِيمُ وَإِلَّا وَجَبَ الْغُسْلُ فِي الثَّلَاثَةِ وَقَالَ عج لَا يَجِبُ الْغُسْلُ فِي الْمَاءِ الْحَارِّ مُطْلَقًا وَلَوْ اسْتَدَامَ وَأَمَّا فِي مَسْأَلَةِ الْجَرَبِ وَهَزِّ الدَّابَّةِ إنْ اسْتَدَامَ وَجَبَ الْغُسْلُ وَإِلَّا فَلَا وَقَدْ أَجْمَلَ فِي الْجَرَبِ فَظَاهِرُهُ كَانَ بِذَكَرِهِ أَمْ لَا وَفَصَّلَ فِيهِ شَارِحُنَا فَجَعَلَ الَّذِي فِي الذَّكَرِ كَهَزِّ الدَّابَّةِ وَاَلَّذِي فِي غَيْرِهِ كَالْمَاءِ الْحَارِّ. بَقِيَ شَيْءٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّهُ فِي هَزِّ الدَّابَّةِ إذَا حَسَّ بِمَبَادِئِ اللَّذَّةِ وَاسْتَدَامَ حَتَّى أَنْزَلَ فَهَلْ يَجِبُ الْغُسْلُ وَلَوْ كَانَتْ الِاسْتِدَامَةُ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى النُّزُولِ مِنْ عَلَيْهَا كَمَنْ أُكْرِهَ عَلَى الْجِمَاعِ أَوْ لَا غُسْلَ حِينَئِذٍ تَرَدَّدَ فِي ذَلِكَ عج (قَوْلُهُ: وُجُوبًا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ) أَيْ وَقِيلَ بِنَدْبِهِ فِيهِمَا وَالْمُرَادُ بِالْمَسْأَلَتَيْنِ مَسْأَلَةُ خُرُوجِ الْمَنِيِّ بِلَا لَذَّةٍ أَصْلًا أَوْ بِلَذَّةٍ غَيْرِ مُعْتَادَةٍ (قَوْلُهُ: لَكِنْ فِي السَّلَسِ إلَخْ) أَيْ لَكِنْ نَقْضُ الْوُضُوءِ فِي السَّلَسِ إنْ فَارَقَ أَكْثَرَ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى رَفْعِهِ أَوْ قَدَرَ عَلَى رَفْعِهِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ لَازَمَهُ كُلَّ الزَّمَانِ أَوْ نِصْفَهُ أَوْ جُلَّهُ أَوْ أَقَلَّهُ وَأَمَّا إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى رَفْعِهِ وَفَارَقَهُ أَقَلَّ الزَّمَانِ أَوْ نِصْفَهُ أَوْ لَمْ يُفَارِقْ فَلَا يَكُونُ نَاقِضًا

(قَوْلُهُ: بِأَنْ غَيَّبَ الْحَشَفَةَ فِي الْفَرْجِ إلَخْ) مِثْلُ الرَّجُلِ الْمَذْكُورِ الْمَرْأَةُ إذَا خَرَجَ مِنْ فَرْجِهَا مَاءُ الرَّجُلِ بَعْدَ غُسْلِهَا فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهَا الْوُضُوءُ وَلَا تُعِيدُ الْغُسْلَ وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ تَشْمَلُ هَذِهِ الصُّورَةَ لِأَنَّ قَوْلَهُ ثُمَّ أَمْنَى مَعْنَاهُ ثُمَّ خَرَجَ مِنْهُ الْمَنِيُّ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَنِيَّهُ أَوْ مَنِيَّ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ صَلَّى) أَيْ الْمُجَامِعُ وَقَوْلُهُ بِغُسْلِهِ أَيْ بَعْد غُسْلِهِ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا جَامَعَ وَاغْتَسَلَ قَبْلَ خُرُوجِ مَنِيِّهِ وَصَلَّى فَخَرَجَ مَنِيُّهُ فَإِنَّهُ وَإِنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ لَا يُعِيدُ تِلْكَ الصَّلَاةَ الَّتِي صَلَّاهَا قَبْلَ خُرُوجِ الْمَنِيِّ وَمِثْلُ هَذَا مَا إذَا الْتَذَّ بِلَا جِمَاعٍ وَصَلَّى ثُمَّ خَرَجَ مَنِيُّهُ فَإِنَّهُ وَإِنْ وَجَبَ غُسْلُهُ لَكِنْ لَا يُعِيدُ تِلْكَ الصَّلَاةَ الَّتِي صَلَّاهَا قَبْلَ خُرُوجِ الْمَنِيِّ (قَوْلُهُ: وَبِمَغِيبِ حَشَفَةِ بَالِغٍ) أَيْ وَلَوْ مِنْ خُنْثَى مُشْكِلٍ إذَا غَيَّبَهَا فِي فَرْجِ غَيْرِهِ أَوْ فِي دُبُرِ نَفْسِهِ وَإِلَّا بِأَنْ غَيَّبَهَا فِي فَرْجِ نَفْسِهِ فَلَا مَا لَمْ يُنْزِلْ وَاشْتِرَاطُ الْبُلُوغِ خَاصٌّ بِالْآدَمِيِّ فَإِذَا غَيَّبَتْ امْرَأَةٌ ذَكَرَ بَهِيمَةٍ فِي فَرْجِهَا وَجَبَ الْغُسْلُ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْبَهِيمَةِ الْبُلُوغُ كَذَا فِي ابْنِ مَرْزُوقٍ وَلَوْ رَأَتْ امْرَأَةٌ فِي الْيَقَظَةِ مِنْ جِنِّيٍّ مَا تَرَاهُ مِنْ إنْسِيٍّ مِنْ الْوَطْءِ وَاللَّذَّةِ أَوْ رَأَى الرَّجُلُ فِي الْيَقَظَةِ أَنَّهُ جَامَعَ جِنِّيَّةً قَالَ ابْنُ نَاجِيٍّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا غُسْلَ عَلَى الرَّجُلِ وَلَا عَلَى الْمَرْأَةِ مَا لَمْ يَحْصُلْ إنْزَالٌ وَقَالَ ح الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا غُسْلَ عَلَيْهِمَا مَا لَمْ يَحْصُلْ إنْزَالٌ أَوْ شَكٌّ فِيهِ لِأَنَّ الشَّكَّ فِي الْإِنْزَالِ يُوجِبُ الْغُسْلَ وَاعْتَرَضَهُ الْبَدْرُ الْقَرَافِيُّ بِأَنَّ الْمُوَافِقَ لِمَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ مِنْ أَنَّ الْجِنَّ لَهُمْ حَقِيقَةُ الِاخْتِيَالَاتِ كَمَا تَقُولُ الْحُكَمَاءُ وَأَنَّهُمْ أَجْسَامٌ نَارِيَّةٌ لَهُمْ قُوَّةُ التَّشَكُّلِ وَلِقَوْلِ مَالِكٍ بِجَوَازِ نِكَاحِ الْجِنِّ وُجُوبُ الْغُسْلِ عَلَى كُلٍّ مِنْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ الْإِنْزَالُ وَلَا شَكٌّ فِيهِ وَوَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ تِلْمِيذُهُ عج قَالَ شَيْخُنَا وَهُوَ التَّحْقِيقُ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ) أَيْ الْغُسْلُ عَلَى الْمُغَيَّبِ فِيهِ أَيْضًا أَيْ كَمَا يَجِبُ عَلَى الْمُغَيِّبِ اسْمُ فَاعِلٍ وَقَوْلُهُ إنْ كَانَ أَيْ الْمُغَيَّبُ فِيهِ بَالِغًا.
وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُغَيِّبَ إنْ كَانَ بَالِغًا وَجَبَ الْغُسْلُ عَلَيْهِ وَكَذَا عَلَى الْمُغَيَّبِ فِيهِ إنْ كَانَ بَالِغًا وَإِلَّا وَجَبَ عَلَى الْمُغَيِّبِ دُونَ الْمُغَيَّبِ

الصفحة 128