كتاب الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (اسم الجزء: 1)

وَلَوْ لَفَّ عَلَيْهَا خِرْقَةً خَفِيفَةً لَا كَثِيفَةً تَمْنَعُ اللَّذَّةَ وَلَا إنْ غَيَّبَ بَعْضَهَا وَلَوْ ثُلُثَيْهَا (لَا مُرَاهِقٌ) أَيْ مُقَارِبٌ لِلْبُلُوغِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ وَلَا عَلَى مَوْطُوءَتِهِ الْبَالِغَةِ مَا لَمْ تُنْزِلْ (أَوْ) بِمَغِيبِ (قَدْرِهَا) أَيْ قَدْرِ حَشَفَةِ الْبَالِغِ مِنْ مَقْطُوعِهَا أَوْ مِمَّنْ لَمْ تُخْلَقْ لَهُ حَشَفَةٌ وَكَذَا لَوْ ثَنَى ذَكَرَهُ وَأَدْخَلَ مِنْهُ قَدْرَهَا وَهَلْ يُعْتَبَرُ طُولُهَا لَوْ انْفَرَدَ وَاسْتُظْهِرَ أَوْ مَثْنِيًّا (فِي فَرْجٍ) مُتَعَلِّقٌ بِمَغِيبِ قُبُلٍ أَوْ دُبُرٍ (وَإِنْ) كَانَ الْفَرْجُ (مِنْ بَهِيمَةٍ وَ) مِنْ (مَيِّتٍ) آدَمِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ بِشَرْطِ إطَاقَةِ ذِي الْفَرْجِ فَإِنْ لَمْ يُطِقْ فَلَا غُسْلَ مَا لَمْ يُنْزِلْ كَمَا إذَا غَيَّبَ بَيْنَ الْفَخْذَيْنِ أَوْ الشَّفْرَيْنِ أَوْ فِي هَوَى الْفَرْجِ.

(وَنُدِبَ) الْغُسْلُ (لِمُرَاهِقٍ) وَمَأْمُورٍ بِالصَّلَاةِ وَطِئَ مُطِيقَةً دُونَ مَوْطُوءَتِهِ وَلَوْ بَالِغَةً مَا لَمْ تُنْزِلْ (كَصَغِيرَةٍ) مَأْمُورَةٍ بِالصَّلَاةِ (وَطِئَهَا بَالِغٌ) لَا غَيْرُهُ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ فَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا (لَا) يَجِبُ الْغُسْلُ عَلَى امْرَأَةٍ (بِمَنِيٍّ وَصَلَ لِلْفَرْجِ)
ـــــــــــــــــــــــــــــQفِيهِ فَإِنْ كَانَ الْمُغَيِّبُ غَيْرَ بَالِغٍ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى مَنْ غَيَّبَ فِيهِ سَوَاءٌ كَانَ بَالِغًا أَمْ لَا مَا لَمْ يُنْزِلْ ذَلِكَ الْمُغَيَّبُ فِيهِ وَإِلَّا وَجَبَ عَلَيْهِ الْغُسْلُ لِلْإِنْزَالِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَفَّ إلَخْ) مُبَالَغَةٌ فِي قَوْلِهِ وَيَجِبُ غُسْلُ ظَاهِرِ الْجَسَدِ بِمَغِيبِ حَشَفَةِ بَالِغٍ (قَوْلُهُ: لَا كَثِيفَةَ تَمْنَعُ اللَّذَّةَ) أَيْ وَلَيْسَتْ الْجِلْدَةُ الَّتِي عَلَى الْحَشَفَةِ بِمَثَابَةِ الْخِرْقَةِ الْكَثِيفَةِ فَيَجِبُ مَعَهَا الْغُسْلُ بِأَنَّهُ يَحْصُلُ مَعَهَا لَذَّةٌ عَظِيمَةٌ بِخِلَافِ الْخِرْقَةِ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ ثُلُثَيْهَا) الْمُبَالَغَةُ عَلَى ذَلِكَ تَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا غَيَّبَ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثَيْنِ يَجِبُ الْغُسْلُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ لَا بُدَّ فِي وُجُوبِ الْغُسْلِ مِنْ تَغْيِيبِهَا بِتَمَامِهَا أَوْ تَغْيِيبِ قَدْرِهَا قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: أَيْ مُقَارِبٌ لِلْبُلُوغِ) وَهُوَ ابْنُ اثْنَتَيْ عَشَرَةَ سَنَةً أَوْ ثَلَاثَ عَشَرَةَ سَنَةً قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ وَلَوْ حَذَفَ لَا مُرَاهِقَ اسْتِغْنَاءً بِمَفْهُومِ الْوَصْفِ وَبِقَوْلِهِ بَعْدُ وَنُدِبَ لِمُرَاهِقٍ لَكَانَ أَنْسَبَ بِاخْتِصَارِهِ اهـ وَقَالَ شَيْخُنَا إنَّهُ صَرَّحَ بِقَوْلِهِ لَا مُرَاهِقَ وَإِنْ كَانَ يُعْلَمُ مِمَّا تَقَدَّمَ لِلرَّدِّ عَلَى الْمُخَالِفِ الْقَائِلِ إنَّ وَطْأَهُ يُوجِبُ الْغُسْلَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَهَلْ يُعْتَبَرُ) أَيْ فِيمَا إذَا ثَنَى ذَكَرَهُ وَانْظُرْ لَوْ خُلِقَ ذَكَرُهُ كُلُّهُ بِصِفَةِ الْحَشَفَةِ هَلْ يُرَاعَى قَدْرُهَا أَيْضًا مِنْ الْمُعْتَادِ أَوْ لَا بُدَّ فِي إيجَابِ الْغُسْلِ مِنْ تَغْيِيبِهِ كُلِّهِ وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الْأَوَّلُ وَهُوَ مُرَاعَاةُ قَدْرِهَا مِنْ الْمُعْتَادِ (قَوْلُهُ: قُبُلٍ أَوْ دُبُرٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ دُبُرَ نَفْسِهِ أَوْ دُبُرَ غَيْرِهِ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْغَيْرُ خُنْثَى مُشْكِلًا وَظَاهِرُهُ غَيَّبَ الْحَشَفَةَ فِي الْقُبُلِ فِي مَحَلِّ الِافْتِضَاضِ أَوْ فِي مَحَلِّ الْبَوْلِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَاشْتَرَطَ أَبُو مُحَمَّدٍ صَالِحٌ مَحَلَّ الِافْتِضَاضِ وَتَعَقَّبَهُ التَّادَلِيُّ قَائِلًا إنَّ تَغْيِيبَهَا فِي مَحَلِّ الْبَوْلِ قُصَارَاهُ أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ تَغْيِيبِهَا فِي الدُّبُرِ وَهُوَ مُوجِبٌ لِلْغُسْلِ فَلَوْ دَخَلَ الشَّخْصُ بِتَمَامِهِ فِي الْفَرْجِ فَلَا نَصَّ عِنْدَنَا وَقَالَتْ الشَّافِعِيَّةُ إنْ بَدَأَ فِي الدُّخُولِ بِذَكَرِهِ اغْتَسَلَ وَإِلَّا فَلَا كَأَنَّهُمْ رَأَوْهُ كَالتَّغْيِيبِ فِي الْهَوَاءِ وَيُفْرَضُ ذَلِكَ فِي الْفِيَلَةِ وَدَوَابِّ الْبَحْرِ الْهَائِلَةِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ تَغْيِيبَ الْحَشَفَةِ فِي الدُّبُرِ يُوجِبُ الْغُسْلَ هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَفِي ح قَوْلٌ شَاذٌّ لِمَالِكٍ إنَّ التَّغْيِيبَ فِي الدُّبُرِ لَا يُوجِبُ غُسْلًا حَيْثُ لَا إنْزَالَ وَلِلشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ وَإِنْ أَوْجَبَ الْغُسْلَ فَإِذَا كَانَ مُتَوَضِّئًا وَغَيَّبَ الْحَشَفَةَ فِي الدُّبُرِ وَلَمْ يُنْزِلْ وَغَسَلَ مَا عَدَا أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ أَجْزَأَهُ (قَوْلُهُ: وَمِنْ مَيِّتٍ) أَيْ وَلَا يُعَادُ غُسْلُ الْمَيِّتِ الْمُغَيَّبِ فِيهِ لِعَدَمِ التَّكْلِيفِ لَا يُقَالُ إنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ حِينَ غُسْلِهِ أَوَّلًا فَلِمَ غُسِلَ لِأَنَّا نَقُولُ غُسْلُهُ أَوَّلًا تَعَبُّدٌ ثُمَّ إنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ مِنْ بَهِيمَةٍ وَمَيِّتٍ فِي الْمُغَيَّبِ فِيهِ وَأَمَّا الْمُغَيِّبُ فَإِنْ كَانَ بَهِيمَةً وَجَبَ الْغُسْلُ عَلَى مَوْطُوءَتِهِ وَإِنْ كَانَ مَيِّتًا بِأَنْ أَدْخَلَتْ امْرَأَةٌ ذَكَرَ مَيِّتٍ فِي فَرْجِهَا فَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا غُسْلٌ مَا لَمْ تُنْزِلْ (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ إطَاقَةِ ذِي الْفَرْجِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ آدَمِيًّا أَوْ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُطِقْ فَلَا غُسْلَ) أَيْ ذِي الْحَشَفَةِ الْمُغَيِّبِ (قَوْلُهُ: أَوْ فِي هَوَى الْفَرْجِ) أَيْ أَوْ فِي ثُقْبِهِ بِالْأَوْلَى وَلَوْ انْسَدَّ الْمَخْرَجَانِ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ مَا لَمْ يُنْزِلْ بِخِلَافِ تَغْيِيبِهَا فِي مَحَلِّ الْبَوْلِ فَإِنَّهُ مُوجِبٌ لِلْغُسْلِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا مَرَّ

(قَوْلُهُ: وَنُدِبَ لِمُرَاهِقٍ إلَخْ) فِي الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ بَشِيرٍ مَا يَشْهَدُ لِلْمُصَنِّفِ مِنْ نَدْبِ الْغُسْلِ لِلْمُرَاهِقِ وَالصَّغِيرَةِ الَّتِي وَطِئَهَا بَالِغٌ وَنَصُّهُ إذَا عَدِمَ الْبُلُوغُ فِي الْوَاطِئِ أَوْ الْمَوْطُوءَةِ فَمُقْتَضَى الْمَذْهَبِ لَا غُسْلَ وَيُؤْمَرَانِ بِهِ عَلَى جِهَةِ النَّدْبِ اهـ وَقَالَ أَشْهَبُ وَابْنُ سَحْنُونٍ يَجِبُ الْغُسْلُ عَلَيْهِمَا وَعَلَيْهِ فَلَوْ صَلَّيَا بِدُونِ غُسْلٍ فَقَالَ أَشْهَبُ يُعِيدُ وَقَالَ ابْنُ سَحْنُونٍ يُعِيدُ بِقُرْبِ ذَلِكَ لَا أَبَدًا قَالَ سَنَدٌ وَهُوَ حَسَنٌ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ أَشْهَبَ وَالْمُرَادُ بِالْقُرْبِ كَالْيَوْمِ كَمَا فِي طفى وَالْمُرَادُ بِوُجُوبِ الْغُسْلِ عَلَيْهِمَا عَدَمُ صِحَّةِ الصَّلَاةِ بِدُونِهِ لِتَوَقُّفِهَا عَلَيْهِ كَالْوُضُوءِ لَا تَرَتُّبِ الْإِثْمِ عَلَى التَّرْكِ (قَوْلُهُ: وَطِئَ مُطِيقَةً) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ بَالِغَةً أَمْ لَا (قَوْلُهُ: دُونَ مَوْطُوءَتِهِ) أَيْ فَلَا يُنْدَبُ لَهَا وَلَوْ بَالِغَةً (قَوْلُهُ: كَصَغِيرَةٍ وَطِئَهَا) أَيْ فَيُنْدَبُ لَهَا الْغُسْلُ وَيَجِبُ عَلَى وَاطِئِهَا الْبَالِغِ (قَوْلُهُ: مَأْمُورَةً بِالصَّلَاةِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ مُرَاهِقَةً أَوْ لَا (قَوْلُهُ: هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ) أَيْ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ فِي الْأُولَى وَهِيَ مَا إذَا كَانَ الْوَاطِئُ مُرَاهِقًا أَنَّهُ يُنْدَبُ الْغُسْلُ لَهُ وَلِمَوْطُوءَتِهِ وَلَوْ بَالِغَةً مَا لَمْ تُنْزِلْ وَلِمَنْ قَالَ فِي الثَّانِيَةِ وَهِيَ الصَّغِيرَةُ إذَا وَطِئَهَا بَالِغٌ أَوْ غَيْرَهُ يُنْدَبُ لَهَا الْغُسْلُ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ وَاطِئِهَا بَالِغًا أَوْ غَيْرَهُ فِي نَدْبِ الْغُسْلِ لَهَا.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ أَرْبَعٌ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْوَاطِئَ وَالْمَوْطُوءَةَ إمَّا بَالِغَانِ أَوْ بَالِغٌ وَصَغِيرَةٌ أَوْ صَغِيرٌ

الصفحة 129