كتاب الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (اسم الجزء: 1)

وَاسْتِدْلَالٍ عَلَى حُكْمٍ، (وَ) تَمْنَعُ (دُخُولَ مَسْجِدٍ) وَلَوْ مَسْجِدَ بَيْتٍ هَذَا إذَا أَرَادَ الْمُكْثَ فِيهِ بَلْ (وَلَوْ مُجْتَازًا) أَيْ مَارًّا وَلَيْسَ لِصَحِيحٍ حَاضِرٍ دُخُولَهُ بِتَيَمُّمٍ إلَّا أَنْ يُضْطَرَّ بِأَنْ لَمْ يَجِدْ الْمَاءَ إلَّا فِي جَوْفِهِ أَوْ يَكُونَ بَيْتُهُ دَاخِلَهُ فَيُرِيدُ الدُّخُولَ أَوْ الْخُرُوجَ لِأَجْلِ الْغُسْلِ أَوْ يُضْطَرَّ إلَى الْمَبِيتِ بِهِ فَإِنَّهُ يَتَيَمَّمُ وَأَمَّا الْمَرِيضُ وَالْمُسَافِرُ الْعَادِمُ لِلْمَاءِ فَيَتَيَمَّمُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ فَرْضُهُ التَّيَمُّمُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَدْخُلَ لِلصَّلَاةِ فِيهِ بِهِ وَلَا يَمْكُثَ فِيهِ بِهِ إلَّا أَنْ يُضْطَرَّ (كَكَافِرٍ) فَإِنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ الدُّخُولِ فِيهِ

(وَإِنْ) (أَذِنَ) لَهُ (مُسْلِمٌ) فِي الدُّخُولِ مَا لَمْ تَدْعُ ضَرُورَةٌ لِدُخُولِهِ كَعِمَارَةٍ وَنُدِبَ أَنْ يَدْخُلَ مِنْ جِهَةِ عَمَلِهِ

وَلَمَّا قَدَّمَ أَنَّ مِنْ مُوجِبَاتِ الْغُسْلِ الْمَنِيَّ ذَكَرَ عَلَامَتَهُ بِقَوْلِهِ (وَلِلْمَنِيِّ) فِي اعْتِدَالِ مِزَاجِ الرَّجُلِ (تَدَفُّقٌ) عِنْدَ خُرُوجِهِ (وَرَائِحَةُ طَلْعٍ أَوْ) رَائِحَةُ (عَجِينٍ) قِيلَ أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ أَيْ رَائِحَتُهُ قَرِيبًا مِنْهُمَا وَقِيلَ يَخْتَلِفُ بَيْنَهُمَا بِاخْتِلَافِ الطَّبَائِعِ هَذَا كُلُّهُ فِي مَنِيِّ الرَّجُلِ حَالَ رُطُوبَتِهِ وَأَمَّا إذَا يَبِسَ أَشْبَهَتْ رَائِحَتُهُ الْبَيْضَ وَأَمَّا مَنِيُّ الْمَرْأَةِ فَهُوَ رَقِيقٌ أَصْفَرُ بِخِلَافِ الرَّجُلِ فَإِنَّهُ ثَخِينٌ أَبْيَضُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQمَا يُحَصَّنُ بِهِ مِنْ جُمْلَةِ مَا يُقْصَدُ بِالرُّقْيَةِ (قَوْلُهُ: وَاسْتِدْلَالٌ عَلَى حُكْمٍ) أَيْ فِقْهِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَسْجِدَ بَيْتٍ) أَيْ وَلَوْ مَغْصُوبًا لِصِحَّةِ الْجُمُعَةِ فِيهِ عَلَى الرَّاجِحِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُجْتَازًا) رُدَّ بِلَوْ عَلَى مَا قَالَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْمَذْهَبِ وِفَاقًا لِزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ لَا بَأْسَ أَنْ يَمُرَّ الْجُنُبُ فِي الْمَسْجِدِ إذَا كَانَ عَابِرَ سَبِيلٍ وَأَجَازَ ابْنُ مَسْلَمَةَ دُخُولَ الْجُنُبِ الْمَسْجِدَ مُطْلَقًا سَوَاءٌ مَكَثَ فِيهِ أَوْ كَانَ مُجْتَازًا (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِصَحِيحٍ حَاضِرٍ دُخُولُهُ بِتَيَمُّمٍ) أَيْ لَا لِلْمُكْثِ وَلَا لِلْمُرُورِ وَلَا لِلصَّلَاةِ وَلَوْ لِتَحْصِيلِ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ وَأَجَازَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ لِلْجُنُبِ دُخُولَ الْمَسْجِدِ بِالتَّيَمُّمِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ دَخَلَ مَارًّا أَوْ لِلْمُكْثِ وَلَوْ كَانَ حَاضِرًا صَحِيحًا (قَوْلُهُ: فَيُرِيدُ الدُّخُولَ أَوْ الْخُرُوجَ لِأَجْلِ الْغُسْلِ) أَيْ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ دُخُولُهُ بِالتَّيَمُّمِ وَالْخُرُوجُ مِنْهُ بِهِ.
بَقِيَ مَا إذَا كَانَ نَائِمًا فِي الْمَسْجِدِ وَاحْتَلَمَ فِيهِ فَهَلْ يَتَيَمَّمُ لِخُرُوجِهِ وَهُوَ مَا حَكَاهُ فِي النَّوَادِرِ أَوْ لَا وَهُوَ الْأَقْوَى كَمَا فِي ح فِي بَابِ التَّيَمُّمِ لِمَا فِيهِ مِنْ طُولِ الْمُكْثِ وَالْإِسْرَاعُ بِالْخُرُوجِ أَوْلَى (قَوْلُهُ: أَوْ يُضْطَرَّ إلَى الْمَبِيتِ بِهِ) أَيْ أَوْ لِلْإِقَامَةِ فِيهِ نَهَارًا كَمَا لَوْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ إنْ خَرَجَ (قَوْلُهُ: يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَدْخُلَ لِلصَّلَاةِ فِيهِ بِهِ) أَيْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ لِلصَّلَاةِ فِيهِ بِالتَّيَمُّمِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَمْكُثُ فِيهِ بِهِ) أَيْ وَلَا يَمْكُثُ فِي الْمَسْجِدِ بِالتَّيَمُّمِ بَعْدَ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُضْطَرَّ) أَيْ لِلْمَبِيتِ بِهِ أَوْ لِلْإِقَامَةِ فِيهِ نَهَارًا فَيَجُوزُ لَهُ الْمُكْثُ بِالتَّيَمُّمِ (قَوْلُهُ: كَكَافِرٍ) تَشْبِيهٌ فِي مَنْعِ دُخُولِ الْمَسْجِدِ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَذِنَ لَهُ مُسْلِمٌ) أَيْ خِلَافًا لِلشَّافِعِيَّةِ حَيْثُ قَالُوا إنْ أَذِنَ لَهُ مُسْلِمٌ فِي الدُّخُولِ جَازَ دُخُولُهُ وَإِلَّا فَلَا وَخِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ حَيْثُ قَالُوا بِجَوَازِ دُخُولِهِ الْمَسْجِدَ مُطْلَقًا أَذِنَ لَهُ مُسْلِمٌ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: مَا لَمْ تَدْعُ ضَرُورَةٌ لِدُخُولِهِ كَعِمَارَةٍ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ نَجَّارٌ أَوْ بَنَّاءٌ غَيْرُهُ أَوْ وُجِدَ مُسْلِمٌ غَيْرُهُ وَلَكِنْ كَانَ هُوَ أَتْقَنَ لِلصَّنْعَةِ فَلَوْ وُجِدَ مُسْلِمٌ غَيْرُهُ مُمَاثِلٌ لَهُ فِي إتْقَانِ الصَّنْعَةِ لَكِنْ كَانَتْ أُجْرَةُ الْمُسْلِمِ أَزْيَدَ مِنْ أُجْرَةِ الْكَافِرِ فَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ يَسِيرَةً لَمْ يَكُنْ هَذَا مِنْ الضَّرُورَةِ وَإِلَّا كَانَ مِنْهَا عَلَى الظَّاهِرِ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا

(قَوْلُهُ: ذَكَرَ عَلَامَتَهُ) أَيْ الَّتِي يُعْرَفُ بِهَا وَفَائِدَةُ التَّنْبِيهِ عَلَيْهَا أَنَّهُ لَوْ انْتَبَهَ فَوَجَدَ بَلَلًا رَائِحَتُهُ كَرَائِحَةِ الطَّعَامِ وَالْعَجِينِ عَلِمَ أَنَّهُ مَنِيٌّ لَا مَذْيٌ وَلَا بَوْلٌ (قَوْلُهُ: فِي اعْتِدَالِ مِزَاجٍ) أَيْ فِي حَالِ اعْتِدَالِ مِزَاجِهِ احْتِرَازًا عَمَّا إذَا كَانَ مَرِيضًا لِانْحِرَافِ مِزَاجِهِ فَإِنَّ مَنِيَّهُ يَتَغَيَّرُ وَتَخْتَلِفُ رَائِحَتُهُ وَالْمُرَادُ بِاعْتِدَالِ الْمِزَاجِ اسْتِوَاءُ الطَّبَائِعِ الْأَرْبَعِ وَعَدَمُ غَلَبَةِ وَاحِدٍ مِنْهَا عَلَى الْبَاقِي وَهِيَ الصَّفْرَاءُ وَالدَّمُ وَالسَّوْدَاءُ وَالْبَلْغَمُ (قَوْلُهُ: قِيلَ أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ) أَيْ وَفِي الْكَلَامِ حَذْفُ مُضَافٍ أَيْ قُرْبُ رَائِحَةِ طَلْعٍ وَعَجِينٍ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ يَخْتَلِفُ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ رَائِحَةِ الطَّلْعِ وَرَائِحَةِ الْعَجِينِ فَتَارَةً تَكُونُ رَائِحَتُهُ كَرَائِحَةِ الطَّلْعِ وَتَارَةً تَكُونُ رَائِحَتُهُ كَرَائِحَةِ الْعَجِينِ وَحِينَئِذٍ فَأَوْ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى حَالِهَا لِلتَّنْوِيعِ (قَوْلُهُ: أَشْبَهَتْ رَائِحَتُهُ الْبَيْضَ) أَيْ رَائِحَةَ الْبَيْضِ أَيْ الْمَشْوِيِّ (قَوْلُهُ: فَهُوَ رَقِيقٌ أَصْفَرُ) أَيْ وَيَخْرُجُ مِنْ غَيْرِ تَدَفُّقٍ بَلْ يَسِيلُ كَمَا فِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ وَرَائِحَتُهُ كَرَائِحَةِ طَلْعِ الْأُنْثَى مِنْ النَّخْلِ كَمَا قِيلَ

(قَوْلُهُ: وَيُجْزِئُ غُسْلُ الْجَنَابَةِ عَنْ الْوُضُوءِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الْأَوْلَى وَإِنَّ الْأَوْلَى لِلْمُغْتَسِلِ أَنْ يَتَوَضَّأَ بَعْدَ غُسْلِهِ لِأَنَّ أَكْثَرَ مَا يَسْتَعْمِلُ الْعُلَمَاءُ هَذِهِ الْعِبَارَةَ أَعْنِي يُجْزِئُ فِي الْإِجْزَاءِ الْمُجَرَّدِ عَنْ الْكَمَالِ وَفِيهِ نَظَرٌ فَقَدْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَا خِلَافَ فِي الْمَذْهَبِ فِيمَا عَلِمْت أَنَّهُ لَا فَضْلَ فِي الْوُضُوءِ بَعْدَ الْغُسْلِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ

الصفحة 139