كتاب الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (اسم الجزء: 1)

وَالظَّاهِرُ عَلَى بَحْثِهِ عَدَمُ تَرْكِهِمَا اهـ أَيْ لِأَنَّهُ اسْتَظْهَرَ عَدَمَ كَوْنِهِ حَيْضًا تَحِلُّ بِهِ الْمُعْتَدَّةُ فَمُقْتَضَاهُ أَنَّهَا لَا تَتْرُكُهُمَا وَإِنَّمَا قَالَ عَلَى بَحْثِهِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ فِي نَفْسِهِ تَرْكُهُمَا لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ حَيْضًا وَقَضَاؤُهُمَا لِاحْتِمَالِ أَنْ لَا يَكُونَ حَيْضًا وَقَدْ يُقَالُ بَلْ الظَّاهِرُ فِعْلُهُمَا وَقَضَاءُ الصَّوْمِ فَقَطْ وَإِنَّمَا تَوَقَّفَ لِعَدَمِ نَصٍّ فِي الْمَسْأَلَةِ وَأَمَّا سَمَاعُ ابْنِ الْقَاسِمِ فَقَالَ شَيْخُنَا إنَّمَا هُوَ فِيمَنْ اسْتَعْمَلَتْ الدَّوَاءَ لِرَفْعِهِ عَنْ وَقْتِهِ الْمُعْتَادِ فَيُحْكَمُ لَهَا بِالطُّهْرِ وَأَمَّا كَلَامُ ابْنِ كِنَانَةَ فَإِنَّمَا هُوَ فِيمَنْ عَادَتُهَا ثَمَانِيَةُ أَيَّامٍ مَثَلًا فَاسْتَعْمَلَتْ الدَّوَاءَ بَعْدَ ثَلَاثَةٍ مَثَلًا لِرَفْعِهِ بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ فَيُحْكَمُ لَهَا بِالطُّهْرِ خِلَافًا لِابْنِ فَرْحُونٍ فَلَيْسَ فِي السَّمَاعِ وَلَا فِي كَلَامِ ابْنِ كِنَانَةَ التَّكَلُّمُ عَلَى جَلْبِهِ فَمَا وَقَعَ لِلْأُجْهُورِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ سَهْوٌ (مِنْ قُبُلِ مَنْ تَحْمِلُ عَادَةً) احْتَرَزَ بِهِ عَنْ الْخَارِجِ مِنْ الدُّبُرِ أَوْ مِنْ ثُقْبَةٍ وَالْخَارِجِ بِنَفْسِهِ مِنْ صَغِيرَةٍ وَهِيَ مَا دُونَ التِّسْعِ أَوْ آيِسَةٍ كَبِنْتِ سَبْعِينَ، وَسُئِلَ النِّسَاءُ فِي بِنْتِ الْخَمْسِينَ إلَى السَّبْعِينَ فَإِنْ قُلْنَ حَيْضٌ أَوْ شَكَكْنَ فَحَيْضٌ (وَإِنْ) كَانَ الْخَارِجُ (دُفْعَةً) بِضَمِّ الدَّالِ الدَّفْقَةُ وَبِفَتْحِهَا الْمَرَّةُ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى وَهَذَا إشَارَةٌ إلَى أَقَلِّهِ بِاعْتِبَارِ الْخَارِجِ وَلَا حَدَّ لِأَكْثَرِهِ وَأَمَّا بِاعْتِبَارِ الزَّمَنِ فَلَا حَدَّ لِأَقَلِّهِ وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْعِبَادَةِ وَأَمَّا فِي الْعِدَّةِ وَالِاسْتِبْرَاءِ فَلَا بُدَّ مِنْ يَوْمٍ أَوْ بَعْضِهِ.

(وَأَكْثَرُهُ لِمُبْتَدَأَةٍ) غَيْرِ حَامِلٍ تَمَادَى بِهَا (نِصْفَ شَهْرٍ) خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَإِنْ انْقَطَعَ قَبْلَهُ طَهُرَتْ مَكَانَهَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِتَمَادِيهِ اسْتِغْرَاقُهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ بَلْ إذَا رَأَتْ بِاسْتِمْرَارِهِ قَطْرَةً فِي يَوْمٍ أَوْ لَيْلَةٍ حَسَبَتْ ذَلِكَ الْيَوْمَ أَوْ صَبِيحَةَ تِلْكَ اللَّيْلَةِ يَوْمَ دَمٍ وَإِنْ كَانَتْ تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي كُلَّمَا انْقَطَعَ (كَأَقَلِّ الطُّهْرِ) فَإِنَّهُ نِصْفُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي تَوْضِيحِهِ (قَوْلُهُ: عَلَى بَحْثِهِ) أَيْ اسْتِظْهَارِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا قَالَ عَلَى بَحْثِهِ إلَخْ) هَذَا الْكَلَامُ لعج قَصَدَ بِهِ بَيَانَ وَجْهِ تَقْيِيدِ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ عَلَى بَحْثِهِ وَلَمْ يُطْلِقْ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُقَالُ إلَخْ) هَذَا اعْتِرَاضٌ مِنْ بَعْضِ الْأَشْيَاخِ عَلَى عج حَيْثُ قَالَ الظَّاهِرُ فِي نَفْسِهِ أَيْ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ بَحْثِ الْمَنُوفِيِّ تَرْكُهُمَا وَقَضَاؤُهُمَا.
وَحَاصِلُهُ أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّ هَذَا شَكٌّ فِي الْمَانِعِ وَهُوَ لَغْوٌ وَحِينَئِذٍ فَالظَّاهِرُ فِعْلُهُمَا لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ غَيْرَ حَيْضٍ فَلَا يَفُوتُ الْأَدَاءُ فِي الْوَقْتِ وَقَضَاءُ الصَّوْمِ احْتِيَاطًا لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ حَيْضٌ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا تَوَقَّفَ) أَيْ الْمَنُوفِيُّ فِي تَرْكِهَا الصَّلَاةَ وَالصَّوْمَ (قَوْلُهُ: فَإِنَّمَا هُوَ فِيمَنْ عَادَتُهَا) أَيْ فِي الْحَيْضِ ثَمَانِيَةُ أَيَّامٍ إلَخْ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّ كَلَامَ ابْنِ كِنَانَةَ فِي اسْتِعْمَالِ الدَّوَاءِ لِأَجْلِ تَعْجِيلِ الطُّهْرِ مِنْ الْحَيْضِ (قَوْلُهُ: فَمَا وَقَعَ لِلْأُجْهُورِيِّ) أَيْ مِنْ اعْتِرَاضِهِ عَلَى الْمَنُوفِيِّ بِأَنَّ تَوَقَّفَهُ قُصُورٌ مِنْهُ وَاسْتِدْلَالُهُ بِمَا فِي السَّمَاعِ وَبِكَلَامِ ابْنِ كِنَانَةَ مِنْ أَنَّ وُجُودَ الدَّمِ بِدَوَاءٍ يُحْكَمُ لَهُ بِحُكْمِ الْحَيْضِ سَهْوٌ مِنْهُ قَالَ بْن وَنَصَّ السَّمَاعُ كَمَا فِي ح سُئِلَ عَنْ امْرَأَةٍ تُرِيدُ الْعُمْرَةَ وَتَخَافُ تَعْجِيلَ الْحَيْضِ تَشْرَبُ شَرَابًا لِتَأْخِيرِ الْحَيْضِ قَالَ لَيْسَ ذَلِكَ بِصَوَابٍ وَكَرِهَهُ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ إنَّمَا كَرِهَهُ مَخَافَةَ أَنْ تُدْخِلَ عَلَى نَفْسِهَا ضَرَرًا بِذَلِكَ فِي جِسْمِهَا اهـ وَفِي الْبَيَانِ أَيْضًا قَالَ ابْنُ كِنَانَةَ يُكْرَهُ مَا بَلَغَنِي أَنَّهُنَّ يَصْنَعْنَ مَا يَتَعَجَّلْنَ بِهِ الطُّهْرِ مِنْ الْحَيْضِ مِنْ شَرَابٍ أَوْ تَعَالُجٍ ابْنُ رُشْدٍ كَرِهَهُ مَخَافَةَ أَنْ يَضُرَّ بِهَا قَالَ ح فَعُلِمَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ لَيْسَ فِي ذَلِكَ إلَّا الْكَرَاهَةُ خَوْفًا مِنْ ضَرَرِ جِسْمِهَا وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ لَا يَحْصُلُ بِهِ الطُّهْرُ لَبَيَّنَهُ ابْنُ رُشْدٍ خِلَافًا لِابْنِ فَرْحُونٍ اهـ فَأَنْتَ تَرَى السَّمَاعَ الْمَذْكُورَ وَكَلَامَ ابْنِ كِنَانَةَ يَدُلَّانِ عَلَى تَأْخِيرِ الدَّمِ عَنْ وَقْتِهِ بِدَوَاءٍ أَوْ رَفْعِهِ بَعْدَ حُصُولِهِ بِدَوَاءٍ وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا تَكُونُ الْمَرْأَةُ طَاهِرًا خِلَافًا لِابْنِ فَرْحُونٍ وَلَيْسَ فِيهِمَا تَعَرُّضٌ لِمَسْأَلَةِ وُجُودِهِ بِدَوَاءٍ كَمَا زَعَمَهُ عج وَلِذَا لَمْ يَذْكُرْ فِيهِمَا ح إلَّا كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ وَكَلَامَ شَيْخِهِ اهـ كَلَامُ بْن.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَرْأَةَ إمَّا أَنْ تَسْتَعْمِلَ الدَّوَاءَ لِرَفْعِ الْحَيْضِ عَنْ وَقْتِهِ الْمُعْتَادِ فَفِي هَذِهِ يُحْكَمُ لَهَا بِالطُّهْرِ فِي الْوَقْتِ الْمُعْتَادِ الَّذِي كَانَ يَأْتِيهَا فِيهِ وَتَأَخَّرَ عَنْهُ وَهَذِهِ مَسْأَلَةُ السَّمَاعِ وَإِمَّا أَنْ تَسْتَعْمِلَ الدَّوَاءَ لِأَجْلِ تَعْجِيلِ الطُّهْرِ مِنْ الْحَيْضِ كَمَا لَوْ كَانَ عَادَتُهَا أَنْ يَأْتِيَهَا الدَّمُ ثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ فَاسْتَعْمَلَتْهُ بَعْدَ إتْيَانِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَانْقَطَعَ فَفِي هَذِهِ يُحْكَمُ لَهَا بِالطُّهْرِ بَعْدَ انْقِطَاعِهِ وَهَذِهِ مَسْأَلَةُ ابْنِ كِنَانَةَ وَإِمَّا أَنْ تَسْتَعْمِلَ الدَّوَاءَ لِأَجْلِ تَعْجِيلِ نُزُولِ الْحَيْضِ قَبْلَ وَقْتِهِ وَهَذِهِ مَسْأَلَةُ الْمَنُوفِيِّ الَّتِي اسْتَظْهَرَ فِيهَا أَنَّ النَّازِلَ غَيْرَ حَيْضٍ وَأَنَّهَا طَاهِرٌ (قَوْلُهُ: أَوْ ثُقْبَةٌ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ تَحْتَ الْمَعِدَةِ وَانْسَدَّ الْمَخْرَجَانِ وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَسُئِلَ النِّسَاءُ فِي بِنْتِ الْخَمْسِينَ) أَيْ كَمَا أَنَّهُنَّ يُسْأَلْنَ فِي الْمُرَاهِقَةِ الَّتِي رَاهَقَتْ الْبُلُوغَ وَقَارَبَتْهُ وَهِيَ بِنْتُ تِسْعٍ إلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ فَإِنْ جَزَمْنَ أَوْ شَكَكْنَ فَهُوَ حَيْضٌ وَإِلَّا فَلَا وَأَمَّا مَنْ زَادَ سِنُّهَا عَلَى ذَلِكَ إلَى الْخَمْسِينَ فَيُقْطَعُ بِأَنَّهُ حَيْضٌ (قَوْلُهُ: الدَّفْقَةُ) هُوَ بِالْفَاءِ وَالْقَافِ الشَّيْءُ الَّذِي يَنْزِلُ فِي زَمَنٍ يَسِيرٍ (قَوْلُهُ: وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْمَعْنَى مُخْتَلِفًا لِأَنَّ الدَّفْعَةَ بِالْفَتْحِ أَعَمُّ مِنْ الدُّفْعَةِ بِالضَّمِّ الدُّفْعَةُ بِالضَّمِّ مَعْنَاهَا الشَّيْءُ النَّازِلُ فِي زَمَنٍ يَسِيرٍ وَأَمَّا بِالْفَتْحِ فَمَعْنَاهَا النَّازِلُ مَرَّةً وَاحِدَةً نَزَلَ فِي زَمَنٍ يَسِيرٍ أَوْ كَثِيرٍ فَإِذَا نَزَلَ الدَّمُ وَاسْتَرْسَلَ فِي زَمَانٍ مُتَطَاوِلٍ قِيلَ لَهُ دَفْعَةٌ بِالْفَتْحِ لَا بِالضَّمِّ (قَوْلُهُ: وَالْأَوَّلُ) أَيْ وَهُوَ الْمَضْمُومُ أَوْلَى لِعِلْمِ الثَّانِي مِنْهُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى إنْ قُلْتَ بَلْ الْأَوَّلُ مُتَعَيِّنٌ لِأَنَّ الْمَرَّةَ صَادِقَةٌ بِانْقِطَاعِهِ

الصفحة 168