كتاب الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (اسم الجزء: 1)

كَالْجَمَاعَةِ لَا تَنْتَظِرُ غَيْرَهَا (تَقْدِيمُهَا) أَوَّلَ الْمُخْتَارِ بَعْدَ تَحَقُّقِ دُخُولِهِ (مُطْلَقًا) وَلَوْ ظُهْرًا فِي شِدَّةِ الْحَرِّ وَالْمُرَادُ تَقْدِيمًا نِسْبِيًّا فَلَا يُنَافِي نَدْبَ تَقْدِيمِ النَّفْلِ الْوَارِدِ فِي الْأَحَادِيثِ وَهُوَ الْفَجْرُ وَكَذَا الْوَرْدُ بِشُرُوطِهِ الْآتِيَةِ وَأَرْبَعٍ قَبْلَ الظُّهْرِ وَقَبْلَ الْعَصْرِ وَغَيْرُ هَذَا لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ (وَ) الْأَفْضَلُ لَهُ تَقْدِيمُهَا مُنْفَرِدًا (عَلَى) إيقَاعِهَا فِي (جَمَاعَةٍ) يَرْجُوهَا (آخِرُهُ) لِإِدْرَاكِ فَضِيلَةِ أَوَّلِ الْوَقْتِ ثُمَّ إنْ وَجَدَهَا أَعَادَ لِإِدْرَاكِ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ وَاعْتُرِضَ عَلَى إطْلَاقِهِ بِأَنَّ الرِّوَايَةَ إنَّمَا هِيَ فِي الصُّبْحِ بِنَدْبِ تَقْدِيمِهَا عَلَى جَمَاعَةٍ يَرْجُوهَا بَعْدَ الْإِسْفَارِ أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا ضَرُورِيَّ لَهَا وَإِلَّا لَوَجَبَ (وَ) الْأَفْضَلُ (لِلْجَمَاعَةِ تَقْدِيمُ غَيْرِ الظُّهْرِ) وَلَوْ جُمُعَةً (وَ) الْأَفْضَلُ لَهَا (تَأْخِيرُهَا) أَيْ الظُّهْرِ (لِرُبْعِ الْقَامَةِ) بَعْدَ ظِلِّ الزَّوَالِ صَيْفًا وَشِتَاءً لِأَجْلِ اجْتِمَاعِ النَّاسِ فَلَيْسَ هَذَا التَّأْخِيرُ مِنْ مَعْنَى الْإِبْرَادِ وَلِذَا قَالَ (وَيُزَادُ) عَلَى رُبْعِ الْقَامَةِ مِنْ أَجْلِ الْإِبْرَادِ (لِشِدَّةِ الْحَرِّ) وَمَعْنَى الْإِبْرَادِ الدُّخُولُ فِي وَقْتِ الْبَرْدِ فَتَحَصَّلَ أَنَّهُ يُنْدَبُ الْمُبَادَرَةُ فِي أَوَّلِ الْمُخْتَارِ مُطْلَقًا إلَّا الظُّهْرَ لِجَمَاعَةٍ تَنْتَظِرُ غَيْرَهَا

فَيُنْدَبُ تَأْخِيرُهَا وَتَحْتَهُ قِسْمَانِ تَأْخِيرٌ لِانْتِظَارِ الْجَمَاعَةِ فَقَطْ وَتَأْخِيرٌ لِلْإِبْرَادِ وَلَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ قَدْرَهُ قَالَ الْبَاجِيَّ نَحْوُ الذِّرَاعَيْنِ وَابْنِ حَبِيبٍ فَوْقَهَا بِيَسِيرٍ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ أَنْ لَا يَخْرُجَهَا عَنْ الْوَقْتِ (وَفِيهَا) (نَدْبُ تَأْخِيرِ الْعِشَاءِ) لِلْقَبَائِلِ وَالْحُرُسِ بَعْدَ الشَّفَقِ (قَلِيلًا)
ـــــــــــــــــــــــــــــQحُرْمَةِ التَّأْخِيرِ لِظَنِّ الْحَيْضِ أَمَّا عَلَى مَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ مِنْ كَرَاهَةِ التَّأْخِيرِ لِظَنِّهِ فَلَيْسَ ظَنُّ بَقِيَّةِ الْمَوَانِعِ كَظَنِّ الْمَوْتِ لَكِنْ تَقَدَّمَ أَنَّ كَلَامَهُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَخَفْ بِالتَّأْخِيرِ خُرُوجَ الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ وَإِلَّا فَلَا، فَيَتَّفِقُ عَلَى الْحُرْمَةِ هَذَا هُوَ التَّحْقِيقُ كَمَا فِي بْن وَلَا تَرْكَنْ لِغَيْرِهِ.
لَا يُقَالُ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ مَنْ عَلِمَتْ مَجِيءَ الْحَيْضِ فِي الْوَقْتِ وَأَخَّرَتْ الصَّلَاةَ عَامِدَةً وَأَتَاهَا الْحَيْضُ فِي الْوَقْتِ فَإِنَّ الصَّلَاةَ تَسْقُطُ عَنْهَا وَلَا تَقْضِيهَا لِأَنَّ عَدَمَ الْقَضَاءِ لَا يُنَافِي الْإِثْمَ

(قَوْلُهُ: كَالْجَمَاعَةِ لَا تَنْتَظِرُ غَيْرَهَا) أَيْ كَأَهْلِ الرَّبْطِ الَّذِينَ لَا يَتَفَرَّقُونَ (قَوْلُهُ: بَعْدَ تَحَقُّقِ دُخُولٍ) أَيْ لَا فِي أَوَّلِ جُزْءٍ مِنْ الْوَقْتِ لِأَنَّ إيقَاعَهَا إذْ ذَاكَ مِنْ فِعْلِ الْخَوَارِجِ الَّذِينَ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ تَأْخِيرَ الصَّلَاةِ عَنْ أَوَّلِ وَقْتِهَا حَرَامٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ ظُهْرًا إلَخْ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَتْ صُبْحًا أَوْ عَصْرًا أَوْ مَغْرِبًا أَوْ عِشَاءً أَوْ ظُهْرًا فِي غَيْرِ شِدَّةِ الْحَرِّ بَلْ وَلَوْ كَانَتْ ظُهْرًا فِي شِدَّةِ الْحَرِّ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ إلَخْ) هَذَا التَّقْرِيرُ لح (قَوْلُهُ: وَغَيْرُ هَذَا إلَخْ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُ عج أَنَّ الْفَذَّ وَمَنْ أُلْحِقَ بِهِ الْأَفْضَلُ لَهُمْ تَقْدِيمُهَا مُطْلَقًا تَقْدِيمًا حَقِيقِيًّا فَلَا يُطَالَبُونَ بِالنَّوَافِلِ الْقَبَلِيَّةِ وَإِنَّمَا يُطَالَبُ بِهَا الْجَمَاعَةُ الَّتِي تَنْتَظِرُ غَيْرَهَا وَمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ مِنْ تَأَكُّدِ النَّفْلِ قَبْلَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فَمَحْمُولٌ عَلَى مَنْ يَنْتَظِرُ الْجَمَاعَةَ سَوَاءٌ كَانَ إمَامًا أَمْ لَا.
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ الْوَاقِعَ بَيْنَ ح وَعِجْ فِي كَوْنِ التَّقْدِيمِ فِي حَقِّ الْفَذِّ وَمَنْ أُلْحِقَ بِهِ نِسْبِيًّا أَوْ حَقِيقِيًّا إنَّمَا هُوَ بِالنَّظَرِ لِلظُّهْرِ وَالْعَصْرِ لِأَنَّهُمَا اللَّتَانِ يُتَنَفَّلُ قَبْلَهُمَا دُونَ الْمَغْرِبِ لِكَرَاهَةِ التَّنَفُّلِ قَبْلَهَا وَدُونَ الصُّبْحِ إذْ لَا يُصَلِّي قَبْلَهَا إلَّا الْفَجْرَ وَالْوِرْدَ لِنَائِمٍ عَنْهُ بِاتِّفَاقٍ وَدُونَ الْعِشَاءِ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ شَيْءٌ فِي خُصُوصِ التَّنَفُّلِ قَبْلَهَا (قَوْلُهُ: وَالْأَفْضَلُ لَهُ) أَيْ لِلْفَذِّ تَقْدِيمُهَا أَيْ الصَّلَاةِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ وَجَدَهَا إلَخْ) أَيْ الْجَمَاعَةَ أَعَادَ لِإِدْرَاكِ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ أَيْ فَيَكُونُ مُحَصِّلًا لِلْفَضْلَيْنِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَخَّرَ وَلَمْ يُصَلِّ فَلَمْ يَكُنْ مُحَصِّلًا إلَّا لِفَضِيلَةٍ وَاحِدَةٍ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْإِعَادَةِ إذَا وَجَدَ الْجَمَاعَةَ هُوَ الصَّوَابُ خِلَافًا لِلْبِسَاطِيِّ فِي مُغْنِيهِ حَيْثُ قَالَ وَيَتَوَلَّدُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ إذَا صَلَّى وَحْدَهُ لَا يُعِيدُ فِي جَمَاعَةٍ (قَوْلُهُ: إنَّمَا هِيَ فِي الصُّبْحِ) أَيْ وَأَمَّا غَيْرُهَا فَفِعْلُهَا جَمَاعَةً آخِرَ الْوَقْتِ أَفْضَلُ مِنْ فِعْلِهَا مُنْفَرِدًا أَوَّلَهُ إنْ اتَّسَعَ وَقْتُ ذَلِكَ الْغَيْرِ لَا إنْ ضَاقَ كَالْمَغْرِبِ وَهَذَا الِاعْتِرَاضُ لِابْنِ مَرْزُوقٍ وَتَعَقَّبَهُ تت بِأَنَّ ابْنَ عَرَفَةَ نَقَلَ أَنَّ اخْتِلَافَ أَهْلِ الْمَذْهَبِ فِي تَرْجِيحِ أَوَّلِ الْوَقْتِ فَذَا عَلَى آخِرِهِ جَمَاعَةٌ أَوْ بِالْعَكْسِ عَامٌّ فِي جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ لَا فِي خُصُوصِ الصُّبْحِ وَحِينَئِذٍ فَلِلْمُصَنِّفِ سَنَدٌ فِي الْإِطْلَاقِ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا ثُمَّ إنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَعْرِضْ مُرَجِّحُ التَّأْخِيرِ كَرَجَاءِ الْمَاءِ وَالْقَصَّةِ الْبَيْضَاءِ أَوْ مُوجِبَةٌ كَذِي نَجَاسَةٍ يَرْجُو مَا يُزِيلُهَا بِهِ عَنْ بَدَنِهِ أَوْ ثَوْبِهِ وَمَنْ بِهِ مَانِعُ الْقِيَامِ يَرْجُو زَوَالَهُ فِي الْوَقْتِ قَالَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا ضَرُورِيَّ لَهَا) أَيْ وَإِنَّ اخْتِيَارِيَّهَا يَمْتَدُّ لِلطُّلُوعِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَوَجَبَ) أَيْ وَإِلَّا لَوْ قُلْنَا أَنَّ لَهَا ضَرُورِيًّا مِنْ الْإِسْفَارِ لِلطُّلُوعِ لَوَجَبَ فِعْلُهَا أَوَّلَ الْوَقْتِ وَلَا تَنْتَظِرُ الْجَمَاعَةَ الَّتِي يَرْجُوهَا بَعْدَ الْإِسْفَارِ (قَوْلُهُ: وَالْأَفْضَلُ لِلْجَمَاعَةِ) أَيْ الَّتِي تَنْتَظِرُ غَيْرَهَا وَأَمَّا الَّتِي تَنْتَظِرُ غَيْرَهَا فَهِيَ كَالْفَذِّ كَمَا مَرَّ يُنْدَبُ لَهُمْ التَّقْدِيمُ مُطْلَقًا حَتَّى لِلظُّهْرِ (قَوْلُهُ: تَقْدِيمُ غَيْرِ الظُّهْرِ) أَيْ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا تَقْدِيمًا نِسْبِيًّا بِالنِّسْبَةِ لِلْعَصْرِ وَتَقْدِيمًا حَقِيقِيًّا بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهَا ثُمَّ إنَّ غَيْرَ الظُّهْرِ صَادِقٌ بِالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالصُّبْحِ وَالْعِشَاءِ شِتَاءً وَصَيْفًا بِرَمَضَانَ وَغَيْرِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِمَا ذَكَرَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي الدُّرَرِ مِنْ نَدْبِ تَأْخِيرِ الْعِشَاءِ الْأَخِيرَةِ بِرَمَضَانَ عَنْ وَقْتِهَا الْمُعْتَادِ تَوْسِعَةً عَلَى النَّاسِ فِي الْفُطُورِ (قَوْلُهُ: لِرُبْعِ الْقَامَةِ) وَهُوَ ذِرَاعٌ بِأَنْ يَصِيرَ ظِلُّ الشَّخْصِ كَذَلِكَ زِيَادَةً عَلَى ظِلِّ الزَّوَالِ (قَوْلُهُ: مِنْ مَعْنَى الْإِبْرَادِ) أَيْ لِأَجْلِ مَعْنًى هُوَ الْإِبْرَادُ فَمِنْ لِلتَّعْلِيلِ وَإِضَافَةُ مَعْنًى لِلْإِبْرَادِ بَيَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ: لِشِدَّةِ الْحَرِّ) أَيْ لِأَجْلِ دَفْعِ شِدَّةِ الْحَرِّ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ فِي أَيِّ صَلَاةٍ وَفِي حَقِّ كُلِّ مُصَلٍّ سَوَاءٌ كَانَ فَذًّا أَوْ جَمَاعَةً تَنْتَظِرُ غَيْرَهَا وَلَا تَنْتَظِرُ غَيْرَهَا

(قَوْلُهُ: وَتَحْتَهُ) أَيْ وَتَحْتَ تَأْخِيرِهَا (قَوْلُهُ: وَتَأْخِيرٌ لِلْإِبْرَادِ) أَيْ لِأَجْلِ الدُّخُولِ فِي وَقْتِ الْبَرْدِ (قَوْلُهُ: قَدَّرَهُ) أَيْ قَدَّرَ التَّأْخِيرَ لِلْإِبْرَادِ بِخِلَافِ التَّأْخِيرِ لِانْتِظَارِ الْجَمَاعَةِ فَإِنَّهُ قَدْ عَيَّنَ قَدْرَهُ بِرُبْعِ الْقَامَةِ (قَوْلُهُ: أَنْ لَا يُخْرِجَهَا عَنْ الْوَقْتِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ بَعْدَ مُضِيِّ ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الْقَامَةِ وَأَفَادَ ح أَنَّ الْأَوْلَى تَأْخِيرُهَا لِلْإِبْرَادِ لِوَسَطِ الْوَقْتِ لِأَنَّهُ

الصفحة 180