كتاب الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (اسم الجزء: 1)

لَا مُطْلَقًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَالْقَبَائِلُ الْأَرْبَاضُ أَيْ أَطْرَافُ الْمِصْرِ وَالْحُرُسُ بِضَمِّ الْحَاءِ وَالرَّاءِ الْمُرَابِطُونَ أَيْ لِأَنَّ شَأْنَهُمْ التَّفَرُّقُ ثُمَّ الرَّاجِحُ التَّقْدِيمُ مُطْلَقًا

(وَإِنْ) (شَكَّ) لَوْ طَرَأَ فِي الصَّلَاةِ أَيْ تَرَدَّدَ مُطْلَقًا فَيَشْمَلُ الظَّنَّ إلَّا أَنْ يَغْلِبَ (فِي دُخُولِ الْوَقْتِ) وَصَلَّى (لَمْ تَجُزْ وَلَوْ) تَبَيَّنَ أَنَّهَا (وَقَعَتْ فِيهِ)

وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الِاخْتِيَارِيِّ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ شَرَعَ فِي بَيَانِ الضَّرُورِيِّ بِقَوْلِهِ (وَالضَّرُورِيُّ) أَيْ ابْتِدَاؤُهُ (بَعْدَ) أَيْ عَقِبَ وَتِلْوَ (الْمُخْتَارِ) سُمِّيَ بِذَلِكَ لِاخْتِصَاصِ جَوَازِ التَّأْخِيرِ إلَيْهِ بِأَرْبَابِ الضَّرُورَاتِ وَيَمْتَدُّ مِنْ مَبْدَإِ الْإِسْفَارِ الْأَعْلَى (لِلطُّلُوعِ فِي التَّصْحِيحِ) (وَ) يَمْتَدُّ ضَرُورِيُّ الظُّهْرِ الْخَاصِّ بِهَا مِنْ دُخُولِ مُخْتَارِ الْعَصْرِ وَيَمْتَدُّ ضَرُورِيُّ الْعَصْرِ مِنْ دُخُولِ الِاصْفِرَارِ وَيَسْتَمِرُّ (لِلْغُرُوبِ فِي الظُّهْرَيْنِ وَ) يَمْتَدُّ ضَرُورِيُّ الْمَغْرِبِ مِنْ مُضِيِّ مَا يَسَعُهَا وَشُرُوطُهَا وَضَرُورِيُّ الْعِشَاءِ مِنْ الثُّلُثِ الْأَوَّلِ وَيَسْتَمِرُّ (لِلْفَجْرِ فِي الْعِشَاءَيْنِ)
ـــــــــــــــــــــــــــــQالَّذِي أَخَّرَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَكَلَامُ ح يَرْجِعُ لِقَوْلِ الْبَاجِيَّ (قَوْلُهُ: لَا مُطْلَقًا) أَيْ لَا إنْ نُدِبَ تَأْخِيرُ الْعِشَاءِ قَلِيلًا لِلْجَمَاعَةِ مُطْلَقًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَإِذَا عَلِمْت أَنَّ كَلَامَهَا فِي خُصُوصِ الْقَبَائِلِ وَالْحَرَسِ فَلَا يَكُونُ كَلَامُهَا مُعَارِضًا لِمَا مَرَّ بِهِ مِنْ أَنَّ الْجَمَاعَةَ لَا يُؤَخِّرُونَ إلَّا الظُّهْرَ لِأَنَّ مَا مَرَّ مَحْمُولٌ عَلَى مَسَاجِدِ غَيْرِ الْقَبَائِلِ وَالْحَرَسِ وَكِلَاهُمَا مَحْمُولٌ عَلَى مَسَاجِدِ الْقَبَائِلِ وَالْحَرَسِ كَمَا هُوَ نَصُّهَا وَهَذَا جَوَابٌ عَنْ الْمُعَارِضَةِ (قَوْلُهُ: وَالْقَبَائِلُ الْإِرْبَاضُ) أَيْ أَهْلُ الْإِرْبَاضِ (قَوْلُهُ: أَيْ أَطْرَافُ الْمِصْرِ) أَيْ الْأَمَاكِنُ الَّتِي حَوْلَ الْبَلَدِ خَلْفَ السُّوَرِ كَالْحُسَيْنِيَّةِ وَالنَّاصِرِيَّةِ وَالْفَوَّالَةِ بِمِصْرَ (قَوْلُهُ: بِضَمِّ الْحَاءِ وَالرَّاءِ) أَيْ وَيُقَالُ أَيْضًا بِفَتْحِهَا وَهُوَ الْأَشْهَرُ وَقَوْلُهُ: الْمُرَابِطُونَ أَيْ الَّذِينَ شَأْنُهُمْ التَّفَرُّقُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ الرَّاجِحُ التَّقْدِيمُ مُطْلَقًا) أَيْ ثُمَّ الرَّاجِحُ نَدْبُ تَقْدِيمِ الْعِشَاءِ لِلْجَمَاعَةِ مُطْلَقًا حَتَّى لِأَهْلِ الْإِرْبَاضِ وَالْحَرَسِ وَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ مِنْ نَدْبِ تَأْخِيرِهَا لَهُمْ ضَعِيفٌ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ شَكَّ فِي دُخُولِ الْوَقْتِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا تَرَدَّدَ هَلْ دَخَلَ وَقْتُ الصَّلَاةِ أَوْ لَا عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ أَوْ ظَنَّ دُخُولَهُ ظَنًّا غَيْرَ قَوِيٍّ أَوْ ظَنَّ عَدَمَ الدُّخُولِ وَتَوَهَّمَ الدُّخُولَ سَوَاءٌ حَصَلَ لَهُ مَا ذُكِرَ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ أَوْ طَرَأَ لَهُ ذَلِكَ بَعْدَ الدُّخُولِ فِيهَا فَإِنَّهَا لَا تَجْزِيهِ لِتَرَدُّدِ النِّيَّةِ وَعَدَمِ تَيَقُّنِ بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ سَوَاءٌ تَبَيَّنَ بَعْدَ فَرَاغِ الصَّلَاةِ أَنَّهَا وَقَعَتْ قَبْلَهُ أَوْ وَقَعَتْ فِيهِ أَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ شَيْءٌ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ ظَنُّهُ بِدُخُولِ الْوَقْتِ قَوِيًّا فَإِنَّهَا تُجْزِئُ إذَا تَبَيَّنَ أَنَّهَا وَقَعَتْ فِيهِ كَمَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْإِرْشَادِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ إذَا ظَنَّ دُخُولَهُ سَوَاءٌ كَانَ الظَّنُّ قَوِيًّا أَمْ لَا وَلَوْ تَبَيَّنَ أَنَّهَا وَقَعَتْ فِيهِ وَأَمَّا إذَا دَخَلَ الصَّلَاةَ جَازِمًا بِدُخُولِ وَقْتِهَا فَإِنْ تَبَيَّنَ بَعْدَ فَرَاغِهَا قَبْلَهُ أَنَّهَا وَقَعَتْ فِيهِ أَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ شَيْءٌ فَالْإِجْزَاءُ وَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّهَا وَقَعَتْ لَمْ تُجْزِهِ. .
(تَنْبِيهٌ) قَدْ عَلِمْت مَا إذَا شَكَّ فِي دُخُولِ الْوَقْتِ وَأَمَّا إذَا شَكَّ فِي خُرُوجِهِ فَيَنْوِي الْأَدَاءَ كَمَا قَالَ عج لِأَنَّ الْأَصْلَ الْبَقَاءُ وَقَالَ اللَّقَانِيُّ لَا يَنْوِي أَدَاءً وَلَا قَضَاءً لِأَنَّهُ غَيْرُ مَطْلُوبٍ مَعَ الْمُبَادَرَةِ عَلَى الْفِعْلِ حِرْصًا عَلَى الْوَقْتِ فَلَوْ نَوَى الْأَدَاءَ لِظَنِّهِ بَقَاءَ الْوَقْتِ ثُمَّ تَبَيَّنَ خُرُوجُهُ صَحَّتْ صَلَاتُهُ اتِّفَاقًا كَمَا قَالَ ابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ عَكْسَهُ كَذَلِكَ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَطَرَأَ فِي الصَّلَاةِ) أَيْ هَذَا إذَا حَصَلَ الشَّكُّ قَبْلَ الدُّخُولِ فِيهَا بَلْ وَلَوْ طَرَأَ فِيهَا خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إذَا طَرَأَ الشَّكُّ بَعْدَ الدُّخُولِ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ إذَا تَبَيَّنَ أَنَّ الْإِحْرَامَ حَصَلَ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ

(قَوْلُهُ: أَيْ عَقِبَ وَتِلْوَ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ بَعْدَ فِي الْأَصْلِ ظَرْفٌ مُتَّسِعٌ وَلَمَّا كَانَ يُتَوَهَّمُ أَنَّ بَيْنَ الضَّرُورِيِّ وَالِاخْتِيَارِيِّ مُدَّةٌ مُتَّسِعَةٌ مَعَ أَنَّهُ مُلَاصِقٌ لَهُ دَفَعَ الشَّارِحُ ذَلِكَ بِجَعْلِهِ بَعْدَ بِمَعْنَى التِّلْوِ وَالْعَقِبِ فَهِيَ هُنَا مُسْتَعْمَلَةٌ فِي مَعْنًى مَجَازِيٍّ ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ الضَّرُورِيَّ عَقِبَ الْمُخْتَارِ فِي غَيْرِ أَرْبَابِ الْأَعْذَارِ وَالْمُسَافِرِ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِمَا فَالضَّرُورِيُّ قَدْ يَتَقَدَّمُ عَلَى الْمُخْتَارِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُشْتَرَكَةِ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: سُمِّيَ بِذَلِكَ) أَيْ سُمِّيَ مَا بَعْدَ الْمُخْتَارِ بِالضَّرُورِيِّ (قَوْلُهُ: لِاخْتِصَاصِ جَوَازِ التَّأْخِيرِ إلَيْهِ بِأَرْبَابِ الضَّرُورَاتِ) أَيْ وَإِثْمِ غَيْرِهِمْ وَإِنْ كَانَ الْجَمِيعُ مُؤَدِّينَ (قَوْلُهُ: لِلطُّلُوعِ) أَيْ لِمَبْدَإِ الطُّلُوعِ (قَوْلُهُ: مِنْ دُخُولِ مُخْتَارِ الْعَصْرِ) أَيْ الْخَاصِّ بِهَا وَهُوَ آخِرُ الْقَامَةِ الْأُولَى أَوْ بَعْدَ مُضِيِّ أَرْبَعِ رَكَعَاتِ الِاشْتِرَاكِ مِنْ الْقَامَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى الْخِلَافِ السَّابِقِ فِي أَنَّ الْعَصْرَ دَاخِلَةٌ عَلَى الظُّهْرِ أَوْ الظُّهْرَ دَاخِلَةٌ عَلَى الْعَصْرِ (قَوْلُهُ: وَيَسْتَمِرُّ لِلْغُرُوبِ فِي الظُّهْرَيْنِ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْعَصْرَ لَا تَخْتَصُّ بِأَرْبَعٍ قَبْلَ الْغُرُوبِ وَهُوَ رِوَايَةُ عِيسَى وَأَصْبَغَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَةُ يَحْيَى عَنْهُ أَنَّهَا تَخْتَصُّ بِأَرْبَعٍ قَبْلَ الْغُرُوبِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فَلَوْ صَلَّيْت الظُّهْرَ قَبْلَ الْغُرُوبِ بِأَرْبَعٍ كَانَتْ فَائِتَةً وَقَضَاءً وَلَيْسَتْ حَاضِرَةً

الصفحة 181