كتاب الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (اسم الجزء: 1)

(وَتُدْرَكُ فِيهِ) أَيْ فِي الضَّرُورِيِّ (الصُّبْحُ) أَدَاءً وَوُجُوبًا عِنْدَ زَوَالِ الْعُذْرِ (بِرَكْعَةٍ) بِسَجْدَتَيْهَا مَعَ قِرَاءَةِ فَاتِحَةٍ قِرَاءَةً مُعْتَدِلَةً وَطُمَأْنِينَةً وَاعْتِدَالًا وَيَجِبُ تَرْكُ السُّنَنِ كَالسُّورَةِ وَكَذَا الِاخْتِيَارِيُّ يُدْرَكُ بِرَكْعَةٍ (لَا أَقَلَّ) مِنْ رَكْعَةٍ بِسَجْدَتَيْهَا خِلَافًا لِأَشْهَبَ (وَالْكُلُّ) مَا فَعَلَ أَيْ فِي الْوَقْتِ وَخَارِجَهُ (أَدَاءً) حَقِيقَةً لَا حُكْمًا فَمَنْ حَاضَتْ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهَا فِي الثَّانِيَةِ سَقَطَتْ عَنْهُ لِحُصُولِ الْعُذْرِ وَقْتَ الْأَدَاءِ وَكَذَا لَوْ اقْتَدَى شَخْصٌ بِهِ فِيهَا لَبَطَلَتْ عَلَى الْمَأْمُومِ لِأَنَّهَا قَضَاءٌ خَلْفَ أَدَاءً وَقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ وَابْنُ قَدَّاحٍ بِالصِّحَّةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الثَّانِيَةَ أَدَاءً حُكْمًا وَهِيَ قَضَاءٌ فِعْلًا وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهَا أَدَاءٌ حُكْمًا وَبُطْلَانُ صَلَاةِ الْمُقْتَدِي مِنْ حَيْثُ مُخَالَفَةِ الْإِمَامِ نِيَّةً وَصِفَةً إذْ صِفَةُ صَلَاةِ الْإِمَامِ الْأَدَاءُ بِاعْتِبَارِ الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَصَلَاةُ الْمَأْمُومِ الْقَضَاءُ وَأَنَّهَا حَاضَتْ فِيهَا لَمْ تَسْقُطْ لِخُرُوجِ الْوَقْتِ حَقِيقَةً (وَ) تُدْرَكُ فِي الضَّرُورِيِّ الْمُشْتَرِكَانِ وَهُمَا الظُّهْرَانِ وَالْعِشَاءَانِ (بِفَضْلِ رَكْعَةٍ عَنْ) الصَّلَاةِ (الْأُولَى) عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ لَمَّا وَجَبَ تَقْدِيمُهَا عَلَى الْأُخْرَى فِعْلًا وَجَبَ التَّقْدِيرُ بِهَا (لَا) بِفَضْلِهَا عَنْ الصَّلَاةِ (الْأَخِيرَةِ) خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَسَحْنُونٍ وَغَيْرِهِمَا قَالُوا لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْوَقْتُ إذَا ضَاقَ اخْتَصَّ بِالْأَخِيرَةِ وَسَقَطَتْ الْأُولَى اتِّفَاقًا وَجَبَ التَّقْدِيرُ بِهَا وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِي حَائِضٍ مُسَافِرٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَا أَدَاءَ عَلَى الثَّانِي وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ بِأَنْ يُقَالَ قَوْلُهُ لِلْغُرُوبِ بَاقٍ عَلَى حَقِيقَتِهِ بِالنَّظَرِ لِلْعَصْرِ وَيُقَدَّرُ مُضَافٌ بِالنَّظَرِ لِلظُّهْرِ أَيْ لِقُرْبِ الْغُرُوبِ وَمَا قِيلَ هُنَا مِنْ الْخِلَافِ وَالتَّقْدِيرِ يُقَالُ أَيْضًا فِي قَوْلِهِ وَلِلْفَجْرِ فِي الْعِشَاءَيْنِ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا لَكِنَّ الَّذِي فِي بْن أَنَّ الْمَشْهُورَ رِوَايَةُ عِيسَى أَعْنِي عَدَمَ الِاخْتِصَاصِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: وَتُدْرِكُ فِيهِ الصُّبْحَ بِرَكْعَةٍ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا زَالَ الْعُذْرُ كَالنَّوْمِ وَالْإِغْمَاءِ وَالْجُنُونِ عَلَى مَا يَأْتِي وَكَانَ الْبَاقِي مِنْ ضَرُورِيِّ الصُّبْحِ مَا يَسَعُ رَكْعَةً بِسَجْدَتِهَا فَإِنَّهَا تَكُونُ مُدْرَكَةً مِنْ حَيْثُ الْأَدَاءُ وَيَتَعَلَّقُ بِهِ وُجُوبُ فِعْلِهَا وَإِنَّمَا خَصَّ الصُّبْحَ بِالذِّكْرِ مَعَ أَنَّ الْوَقْتَ الضَّرُورِيَّ يُدْرَكُ بِرَكْعَةٍ مُطْلَقًا كَانَ لِلصُّبْحِ أَوْ لِغَيْرِهَا لِأَنَّ غَيْرَهَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ بِفَضْلِ رَكْعَةٍ عَنْ الْأُولَى إنْ كَانَتْ مُتَعَدِّدَةً وَإِلَّا فَبِرَكْعَةٍ (قَوْلُهُ: مَعَ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ) أَيْ إنْ قُلْنَا بِوُجُوبِهَا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِهَا فِي الْجُلِّ فَالْمُعْتَبَرُ رَكْعَةٌ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ فَاتِحَةٍ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ تَرْكُ السُّنَنِ كَالسُّورَةِ) أَيْ وَكَالِاعْتِدَالِ عَلَى الْقَوْلِ بِسُنِّيَّتِهِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا الِاخْتِيَارِيُّ يُدْرَكُ بِرَكْعَةٍ) أَيْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ إدْرَاكِ الضَّرُورِيَّ بِرَكْعَةٍ لِأَنَّهُ هُنَا بَقِيَّةُ الصَّلَاةِ تَقَعُ فِي الْوَقْتِ وَإِنْ كَانَ ضَرُورِيًّا بِخِلَافِهَا فِي الضَّرُورِيِّ فَإِنَّ بَعْضَهَا يَقَعُ خَارِجَ الْوَقْتِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِأَشْهَبَ) أَيْ حَيْثُ قَالَ إنَّ الضَّرُورِيَّ يُدْرَكُ بِالرُّكُوعِ وَحْدَهُ وَلِلْمُبَالَغَةِ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِ صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ لَا أَقَلَّ وَإِنْ كَانَ يَكْفِي فِي الرَّدِّ قَوْلُهُ بِرَكْعَةٍ تَأَمَّلْ.
(تَنْبِيهٌ) كَوْنُ الْوَقْتِ لَا يُدْرَكُ بِأَقَلَّ مِنْ رَكْعَةٍ لَا يُنَافِي مَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ الْوَقْتَ مُمْتَدٌّ لِلطُّلُوعِ وَالْغُرُوبِ وَالْفَجْرِ لِأَنَّ وَقْتَ الصَّلَاةِ أَمْرٌ مُغَايِرٌ لِإِدْرَاكِهَا فَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ وُجُودُهُ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: فِي الثَّانِيَةِ) أَيْ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ الْحَاصِلَةِ خَارِجَ الْوَقْتِ (قَوْلُهُ: فِيهَا) أَيْ فِي الثَّانِيَةِ الْحَاصِلَةِ خَارِجَ الْوَقْتِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ قَضَاءٌ فِعْلًا) الْأُولَى حَقِيقَةٌ وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ لَوْ حَاضَتْ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهَا فِيهَا وَجَبَ الْقَضَاءُ وَيَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ فِيهَا فَهُوَ قَضَاءٌ خَلْفَ قَضَاءٍ وَثَمَرَةُ كَوْنِ الْأَدَاءِ حُكْمًا رَفْعُ الْإِثْمِ فَقَطْ.
وَوَرَدَ عَلَى كَلَامِ ابْنِ قَدَّاحٍ إشْكَالٌ وَهُوَ أَنَّ نِيَّةَ الْإِمَامِ مُخَالِفَةٌ لِنِيَّةِ الْمَأْمُومِ الَّذِي دَخَلَ مَعَهُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ بَعْدَ الْوَقْتِ لِأَنَّ الْإِمَامَ نَاوٍ لِلْأَدَاءِ وَالْمَأْمُومَ نَاوٍ لِلْقَضَاءِ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ نِيَّةَ الْأَدَاءِ تَنُوبُ عَنْ نِيَّةِ الْقَضَاءِ وَعَكْسُهُ عَلَى مَا قَالَهُ الْبُرْزُلِيُّ مِنْ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ عَمْدًا مُتَلَاعِبًا أَوْ سَهْوًا لَا عَلَى مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَالْأَدَاءُ أَوْ ضِدُّهُ مِمَّا يُفِيدُ خِلَافَهُ فَلِذَا قَالَ الشَّارِحُ وَالتَّحْقِيقُ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَمْ تَسْقُطْ) أَيْ بَلْ يَقْضِيهَا وَهَذَا قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ سَحْنُونٍ عَنْ أَبِيهِ وَاسْتَظْهَرَهُ ابْنُ قَدَّاحٍ وَحِّ وَقَالَ الْبَاجِيَّ وَاللَّخْمِيُّ أَنَّهُ أَقْيَسُ وَأَمَّا مَا تَقَدَّمَ مِنْ سُقُوطِ الصَّلَاةِ لِحُصُولِ الْعُذْرِ وَقْتَ الْأَدَاءِ فَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ وَشَهَرَهُ اللَّخْمِيُّ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: بِفَضْلِ رَكْعَةٍ) أَيْ بِرَكْعَةٍ

الصفحة 182