كتاب الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (اسم الجزء: 1)

طَهُرَتْ لِثَلَاثٍ قَبْلَ الْفَجْرِ فَعَلَى الْمَذْهَبِ تُدْرَكُ الْعِشَاءُ وَتَسْقُطُ الْمَغْرِبُ وَعَلَى مُقَابِلِهِ تُدْرِكُهُمَا لِفَضْلِ رَكْعَةٍ عَنْ الْعِشَاءِ الْمَقْصُورَةِ وَلِأَرْبَعٍ أَدْرَكَتْهُمَا اتِّفَاقًا وَلِاثْنَتَيْنِ أَدْرَكَتْ الثَّانِيَةَ فَقَطْ اتِّفَاقًا وَفِي حَائِضٍ حَاضِرٍ طَهُرَ لِأَرْبَعٍ قَبْلَ الْفَجْرِ فَعَلَى الْأَوَّلِ تُدْرِكُهُمَا لِفَضْلِ رَكْعَةٍ عَنْ الْمَغْرِبِ وَعَلَى الثَّانِي تُدْرِكُ الْعِشَاءَ فَقَطْ إذَا لَمْ يَفْضُلْ لِلْمَغْرِبِ شَيْءٌ فِي التَّقْدِيرِ وَلِخَمْسٍ أَدْرَكَتْهُمَا وَلِثَلَاثٍ سَقَطَتْ الْأُولَى اتِّفَاقًا فِيهِمَا فَتَمْثِيلُ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ (كَحَاضِرٍ سَافَرَ وَقَادِمٍ) صَوَابُهُ كَحَائِضٍ مُسَافِرَةٍ أَوْ حَاضِرَةٍ طَهُرَتْ وَإِلَّا فَظَاهِرُهُ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ ظَاهِرٌ فِي غَيْرِ ذِي الْعُذْرِ وَلَا يَظْهَرُ لِلتَّقْدِيرِ فِيهِ بِالْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ فَائِدَةٌ لِأَنَّ الْمُسَافِرَ لِأَرْبَعٍ قَبْلَ الْفَجْرِ يُصَلِّي الْعِشَاءَ سَفَرِيَّةً عَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ وَكَذَا لِأَقَلَّ لِاخْتِصَاصِ الْوَقْتِ بِالْأَخِيرَةِ وَالْقَادِمُ لِأَرْبَعٍ فَأَقَلَّ يُصَلِّي الْعِشَاءَ حَضَرِيَّةً وَأَمَّا النَّهَارِيَّتَانِ فَلَا يَظْهَرُ بِالتَّقْدِيرِ بِالْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ فَائِدَةٌ لِتَسَاوِيهِمَا (وَأَثِمَ) مَنْ أَوْقَعَ الصَّلَاةَ كُلَّهَا فِي الضَّرُورِيِّ وَإِنْ كَانَ مُؤَدِّيًا (إلَّا) أَنْ يَكُونَ تَأْخِيرُهُ لَهُ (لِعُذْرٍ) فَلَا يَأْثَمُ

ثُمَّ ذَكَرَ الْأَعْذَارَ بِقَوْلِهِ (بِكُفْرٍ) أَصْلِيٍّ بَلْ (وَإِنْ) حَصَلَ (بِرِدَّةٍ وَصِبًا) فَإِذَا بَلَغَ فِي الضَّرُورِيِّ وَلَوْ بِإِدْرَاكِ رَكْعَةٍ صَلَّاهَا وَلَا إثْمَ عَلَيْهِ وَتَجِبُ عَلَيْهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQفَاضِلَةٍ أَيْ زَائِدَةٍ عَنْ الصَّلَاةِ الْأُولَى (قَوْلُهُ: طَهُرَتْ لِثَلَاثٍ قَبْلَ الْفَجْرِ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا إذَا طَهُرَتْ لِثَلَاثٍ قَبْلَ الْغُرُوبِ فَقَدْ أَدْرَكَتْ الظُّهْرَيْنِ اتِّفَاقًا وَكَذَا الْأَرْبَعُ وَأَمَّا إذَا طَهُرَتْ لِاثْنَتَيْنِ فَقَدْ أَدْرَكَتْ الثَّانِيَةَ مِنْ الظُّهْرَيْنِ اتِّفَاقًا وَسَقَطَتْ الْأُولَى وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ الشَّارِحِ فِيمَا يَأْتِي وَأَمَّا النَّهَارِيَّتَانِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَعَلَى الْمَذْهَبِ تُدْرَكُ الْعِشَاءُ وَتَسْقُطُ الْمَغْرِبُ) وَذَلِكَ لِأَنَّنَا لَوْ قَدَّرْنَا بِالْأُولَى لَمْ يَبْقَ لِلثَّانِيَةِ شَيْءٌ وَالْوَقْتُ إذَا ضَاقَ يَخْتَصُّ بِالْأَخِيرَةِ فَيَكُونُ الْوَقْتُ الْبَاقِي الَّذِي يَسَعُ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ لِلْأَخِيرَةِ وَتَسْقُطُ الْأُولَى (قَوْلُهُ: وَلِأَرْبَعٍ) أَيْ وَإِذَا طَهُرَتْ أَدْرَكْتهمَا لِأَرْبَعٍ اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ إنْ قَدَّرَ بِالْأُولَى فَضَلَتْ رَكْعَةٌ لِلثَّانِيَةِ وَإِنْ قَدَّرَ بِالثَّانِيَةِ فَضَلَتْ رَكْعَتَانِ لِلْأُولَى (قَوْلُهُ: وَلِاثْنَتَيْنِ) أَيْ وَإِذَا طَهُرَتْ لِاثْنَتَيْنِ أَدْرَكَتْ الثَّانِيَةَ فَقَطْ اتِّفَاقًا لِأَنَّهَا إنْ قُدِّرَتْ بِالْأُولَى لَمْ يَبْقَ لِلثَّانِيَةِ شَيْءٌ وَإِنْ قُدِّرَتْ بِالثَّانِيَةِ لَمْ يَبْقَ لِلْأُولَى شَيْءٌ وَالْوَقْتُ إذَا ضَاقَ اخْتَصَّ بِالْأَخِيرَةِ (قَوْلُهُ: طَهُرَ لِأَرْبَعٍ قَبْلَ الْفَجْرِ) ذَكَرَ بِاعْتِبَارِ الشَّخْصِ وَأَمَّا لَوْ طَهُرَتْ لِأَرْبَعٍ فَأَقَلَّ قَبْلَ الْغُرُوبِ فَقَدْ أَدْرَكَتْ ثَانِيَ الظُّهْرَيْنِ اتِّفَاقًا وَسَقَطَتْ الْأُولَى وَلِخَمْسٍ أَدْرَكَتْهُمَا اتِّفَاقًا وَكَذَا مَا زَادَ عَلَى الْخَمْسِ (قَوْلُهُ: فَعَلَى الْأَوَّلِ تُدْرِكُهُمَا) أَيْ لِأَنَّهَا إذَا قُدِّرَتْ بِالْأُولَى بَقِيَ لِلثَّانِيَةِ رَكْعَةٌ فَتَكُونُ قَدْ طَهُرَتْ فِي وَقْتِهِمَا (قَوْلُهُ: كَحَاضِرٍ سَافَرَ وَقَادِمٍ) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا تَشْبِيهٌ لِبَيَانِ مَا يُدْرَكُ بِهِ الْقَصْرُ وَالْإِتْمَامُ كَمَا شَرَحَ بِهِ الْمَوَّاقُ وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَاشِرٍ وَالشَّيْخُ مَيَّارَةُ وَنَصَّهُ وَمَعْنَى كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ كَمَا تُدْرَكُ الصَّلَاتَانِ مَعًا بِفَضْلِ رَكْعَةٍ عَنْ إحْدَاهُمَا وَإِلَّا أُدْرِكَتْ الثَّانِيَةُ فَقَطْ كَذَلِكَ يُدْرَكُ حُكْمُ الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ بِفَضْلِ رَكْعَةٍ عَنْ إحْدَاهُمَا وَإِلَّا أُدْرِكَتْ الثَّانِيَةُ فَقَطْ فَيَقْصُرُهَا مَنْ سَافَرَ وَيُتِمُّهَا مَنْ حَضَرَ مِنْ سَفَرِهِ فَلَوْ سَافَرَ لِثَلَاثٍ قَبْلَ الْغُرُوبِ صَلَّاهُمَا سَفَرِيَّتَيْنِ وَإِنْ سَافَرَ قَبْلَ الْغُرُوبِ لِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ فَالْعَصْرُ سَفَرِيَّةٌ وَالظُّهْرُ حَضَرِيَّةٌ وَلَوْ قَدِمَ لِخَمْسٍ فَأَكْثَرَ صَلَّاهُمَا حَضَرِيَّتَيْنِ وَلِمَا دُونَهَا صَلَّى الْعَصْرَ حَضَرِيَّةً وَالظُّهْرَ سَفَرِيَّةً وَهَذَا ظَاهِرُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَحَاضِرٍ سَافَرَ وَقَادِمٍ وَمَا ذَكَرَهُ عج وَمَنْ تَبِعَهُ مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ كَحَاضِرٍ سَافَرَ إلَخْ تَمْثِيلٌ ثُمَّ اعْتَرَضَ بِأَنَّ ظَاهِرَهُ لَا يَصِحُّ وَصَوَّبَهُ بِمَا قَالَهُ الشَّارِحُ فَهُوَ تَكَلُّفٌ انْتَهَى بْن (قَوْلُهُ: لِاخْتِصَاصِ الْوَقْتِ بِالْأَخِيرَةِ) بِمَعْنَى أَنَّ الْوَقْتَ إذَا ضَاقَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْأَخِيرَةُ.
إنْ قُلْت هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ آخِرَ الْوَقْتِ تَخْتَصُّ بِهِ الثَّانِيَةُ اتِّفَاقًا وَهَذَا خِلَافُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُ مِنْ الْخِلَافِ وَنَصَّ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي اخْتِصَاصِ الْعَصْرِ بِأَرْبَعٍ قَبْلَ الْغُرُوبِ عَنْ الطُّهْرِ وَعَدَمِهِ قَوْلَانِ الْأَوَّلُ لِسَمَاعِ يَحْيَى وَالثَّانِي لِسَمَاعِ عِيسَى وَأَصْبَغَ مِنْ ابْنِ الْقَاسِمِ.
قُلْت لَا مُنَافَاةَ لِأَنَّ الِاخْتِصَاصَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بِاعْتِبَارِ الْوُجُوبِ أَوْ السُّقُوطِ لِارْتِفَاعِ الْعُذْرِ أَوْ طُرُوِّه بِاعْتِبَارِ الْقَصْرِ وَالْإِتْمَامِ وَمُخْتَلَفٌ فِيهِ بِاعْتِبَارِ الْأَدَاءِ وَعَدَمِهِ بِمَعْنَى أَنَّ الْأُولَى إذَا وَقَعَتْ آخِرَ الْوَقْتِ فَهِيَ أَدَاءٌ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ الِاخْتِصَاصِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَقَضَاءٌ عَلَى مُقَابِلِهِ انْتَهَى بْن (قَوْلُهُ: وَأَمَّا النَّهَارِيَّتَانِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتَا حَضَرِيَّتَيْنِ أَوْ سَفَرِيَّتَيْنِ كَانَ هُنَاكَ عُذْرٌ أَمْ لَا فَلَا يَظْهَرُ بِالتَّقْدِيرِ بِالْأَوْلَى مِنْهُمَا أَوْ بِالثَّانِيَةِ فَائِدَةٌ كَمَا أَنَّهُ لَا تَظْهَرُ فَائِدَةٌ فِي اللَّيْلَتَيْنِ إذَا لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ كَانَ الشَّخْصُ بِحَضَرٍ أَوْ سَفَرٍ وَإِنَّمَا تَظْهَرُ الْفَائِدَةُ بِالتَّقْدِيرِ بِالْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ مِنْ اللَّيْلَتَيْنِ إذَا كَانَ هُنَاكَ عُذْرٌ كَحَيْضٍ سَوَاءٌ كَانَتْ الْمَرْأَةُ بِحَضَرٍ أَوْ سَفَرٍ فَالْأَحْوَالُ ثَمَانِيَةٌ سِتَّةٌ لَا يَظْهَرُ فِيهَا فَائِدَةٌ وَاثْنَانِ تَظْهَرُ فِيهِمَا الْفَائِدَةُ (قَوْلُهُ: مَنْ أَوْقَعَ الصَّلَاةَ كُلَّهَا فِي الضَّرُورِيِّ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ أَوْقَعَ بَعْضًا مِنْهَا وَلَوْ رَكْعَةً فِي الِاخْتِيَارِيِّ وَبَاقِيهَا فِي الضَّرُورِيِّ فَلَا إثْمَ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ تَأْخِيرُهُ لَهُ) أَيْ لِلضَّرُورِيِّ

(قَوْلُهُ: بِكُفْرٍ وَإِنْ بِرِدَّةٍ) أَيْ إذَا أَسْلَمَ الْكَافِرُ الْأَصْلِيُّ أَوْ الْمُرْتَدُّ فِي الْوَقْتِ الضَّرُورِيِّ وَصَلَّى تِلْكَ الصَّلَاةَ فِيهِ فَإِنَّهُ لَا يَأْثَمُ سَوَاءٌ قُلْنَا بِخِطَابِهِمْ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ أَمْ لَا

الصفحة 183