كتاب الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (اسم الجزء: 1)

(وَ) وَقْتَ (خُطْبَةِ جُمُعَةٍ) أَيْ حَالَ شُرُوعِهِ فِيهَا لِأَنَّهُ يُشْغَلُ عَنْ سَمَاعِهَا الْوَاجِبِ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ وَقْتَ الْخُطْبَةِ بَلْ مِنْ ابْتِدَاءِ خُرُوجِهِ وَحَالَ صُعُودِهِ لِلْمِنْبَرِ وَحَالَ جُلُوسِهِ عَلَيْهِ كَمَا سَيُنَبَّهُ عَلَيْهِ فِي الْجُمُعَةِ وَكَذَا يُمْنَعُ النَّفَلُ عِنْدَ إقَامَةٍ وَضِيقِ وَقْتٍ عَنْ فَرْضٍ وَتَذَكُّرِ فَائِتَةٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ

(وَكِرْهُ) النَّفَلُ (بَعْدَ) طُلُوعِ (فَجْرٍ) وَلَوْ لِدَاخِلِ مَسْجِدٍ (وَ) بَعْدَ أَدَاءِ (فَرْضِ عَصْرٍ) (إلَى أَنْ تَرْتَفِعَ) الشَّمْسُ (قِيدَ) بِكَسْرِ الْقَافِ أَيْ قَدْرَ (رُمْحٍ) مِنْ رِمَاحِ الْعَرَبِ وَهِيَ اثْنَا عَشَرَ شِبْرًا بِشِبْرٍ مُتَوَسِّطٍ (وَ) إلَى أَنْ (تُصَلِّيَ الْمَغْرِبَ) فَإِنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ قَبْلَ إقَامَتِهَا جَلَسَ (إلَّا رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ) وَالشَّفْعِ وَالْوِتْرِ بِلَا شَرْطٍ (وَ) إلَّا (الْوَرْدُ) أَيْ صَلَاةُ اللَّيْلِ (قَبْلَ) صَلَاةِ (الْفَرْضِ) أَيْ الصُّبْحِ (لِنَائِمٍ عَنْهُ) أَيْ لِمَنْ عَادَتُهُ تَأْخِيرُهُ وَنَامَ عَنْهُ غَلَبَةً وَلَمْ يَخَفْ فَوَاتَ جَمَاعَةٍ وَلَا إسْفَارًا فَيُصَلِّيهِ بِهَذِهِ الْقُيُودِ الْأَرْبَعَةِ (وَ) إلَّا (جِنَازَةٌ وَسُجُودُ تِلَاوَةٍ) بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ (قَبْلَ إسْفَارٍ وَ) بَعْدَ صَلَاةِ عَصْرٍ قَبْلَ (اصْفِرَارٍ) لَا فِيهِمَا فَيُكْرَهَانِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (وَقَطْعُ مُحْرِمٍ) بِنَافِلَةٍ (بِوَقْتِ نَهْيٍ) وُجُوبًا إنْ كَانَ وَقْتَ تَحْرِيمٍ وَنَدْبًا إنْ كَانَ وَقْتَ كَرَاهَةٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ وَقَضَاءُ النَّفْلِ الْمُفْسِدِ وَسُجُودُ السَّهْوِ الْبَعْدِيِّ لِأَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَى كَوْنِهِ سُنَّةً (قَوْلُهُ: وَخُطْبَةُ جُمُعَةٍ) أَيْ وَأَمَّا خُطْبَةُ غَيْرِهَا فَلَا يَحْرُمُ النَّفَلُ وَقْتَهَا بَلْ يُكْرَهُ فَقَطْ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ عج (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ النَّفَلُ يُشْغِلُ عَنْ سَمَاعِهَا الْوَاجِبِ أَيْ عَنْ اسْتِمَاعِهَا الْوَاجِبِ وَالْمُرَادُ بِهِ السُّكُوتُ فَلَوْ تَفَكَّرَ بِدُونِ كَلَامٍ حَتَّى لَمْ يَسْمَعْ مَا قَالَ الْإِمَامُ لَمْ يَأْثَمْ (قَوْلُهُ: بَلْ مِنْ ابْتِدَاءٍ إلَخْ) أَيْ بَلْ يُمْنَعُ النَّفَلُ مِنْ ابْتِدَاءِ خُرُوجِهِ مِنْ الْخَلْوَةِ (قَوْلُهُ: وَحَالَ جُلُوسِهِ عَلَيْهِ) أَيْ إذَا كَانَ جُلُوسُهُ فِي الْوَقْتِ الْمُعْتَادِ لِصُعُودِهِ عَلَيْهِ فَلَوْ صَعِدَ وَجَلَسَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْوَقْتِ الْمُعْتَادِ فَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ الْوَقْتُ الْمُعْتَادُ إذَا جَاءَ فِيمَا يَظْهَرُ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: سَيُنَبِّهُ عَلَيْهِ فِي الْجُمُعَةِ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ يَحْرُمُ بِفِعْلِ الْإِمَامِ الْفِعْلُ وَيَحْرُمُ بِكَلَامِهِ الْكَلَامُ (قَوْلُهُ: وَتَذَكَّرَ فَائِتَةً) أَيْ وَعِنْدَ تَذَكُّرِ فَائِتَةً

(قَوْلُهُ: وَلَوْ لِدَاخِلِ مَسْجِدٍ) أَيْ فَلَا يُطَالَبُ بِتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ حَيْثُ قَالَ لَا بَأْسَ بِالنَّفْلِ لِدَاخِلِ الْمَسْجِدِ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ إلَى أَنْ تُقَامَ الصَّلَاةُ أَيْ وَكَذَا بَعْدَ الْفَجْرِ إلَى أَنْ تُقَامَ الصَّلَاةُ (قَوْلُهُ: وَكُرِهَ بَعْدَ أَدَاءِ فَرْضِ عَصْرٍ) أَيْ وَأَمَّا النَّفَلُ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ الْعَصْرِ وَقَبْلَ أَدَائِهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ بَلْ هُوَ مَنْدُوبٌ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: إلَى أَنْ تَرْتَفِعَ قِيدَ رُمْحٍ) هَذَا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَكُرِهَ بَعْدَ فَجْرٍ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ تَمْتَدُّ كَرَاهَةُ النَّفْلِ بَعْدَ الْفَجْرِ إلَى أَنْ يَظْهَرَ حَاجِبُ الشَّمْسِ فَيَحْرُمُ النَّفَلُ إلَى أَنْ يَتَكَامَلَ ظُهُورُ قُرْصِهَا فَتَعُودُ الْكَرَاهَةُ إلَى أَنْ تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ قِيدَ رُمْحٍ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ انْدَفَعَ الِاعْتِرَاضُ بِدُخُولِ وَقْتِ الْمَنْعِ فِي عُمُومِ وَقْتِ الْكَرَاهَةِ وَلَمْ يُنَبِّهْ الْمُصَنِّفُ عَلَى ذَلِكَ لِقُرْبِ الْعَهْدِ بِوَقْتِ الْمَنْعِ فَلَا يَغْفُلُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَإِلَى أَنْ تُصَلِّيَ الْمَغْرِبَ) هَذَا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَكُرِهَ بَعْدَ فَرْضِ عَصْرٍ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ تَمْتَدُّ كَرَاهَةُ النَّفْلِ بَعْدَ أَدَاءِ فَرْضِ الْعَصْرِ إلَى غُرُوبِ طَرَفِ الشَّمْسِ فَيَحْرُمُ إلَى اسْتِتَارِ جَمِيعِهَا فَتَعُودُ الْكَرَاهَةُ إلَى أَنْ تُصَلِّيَ الْمَغْرِبَ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ انْدَفَعَ الِاعْتِرَاضُ بِدُخُولِ وَقْتِ الْمَنْعِ فِي عُمُومِ وَقْتِ الْكَرَاهَةِ (قَوْلُهُ: إلَّا رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ إلَخْ) هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ وَكُرِهَ بَعْدَ فَجْرٍ (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْفَرْضِ) أَيْ فَلَا بَأْسَ بِإِيقَاعِهِمَا قَبْلَ صَلَاةِ الْفَرْضِ فَإِنْ صَلَّى الْفَرْضَ فَاتَ الْوَرْدُ وَالشَّفْعُ وَالْوِتْرِ وَأَخَّرَ الْفَجْرَ لِحِلِّ النَّافِلَةِ وَأَمَّا لَوْ تَذَكَّرَ الْوِرْدَ أَوْ الشَّفْعَ أَوْ الْوِتْرَ فِي أَثْنَاءِ الْفَجْرِ قَطَعَهُ وَإِنْ تَذَكَّرَهُ بَعْدَ صَلَاتِهِ فَإِنَّهُ يُصَلِّيهِ وَيُعِيدُ الْفَجْرَ إذْ لَا يَفُوتُ الْوَرْدُ وَالشَّفْعُ وَالْوِتْرُ إلَّا بِصَلَاةِ الْفَرْضِ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: لِنَائِمٍ عَنْهُ) أَيْ لَكِنْ جَوَازُ الْوَرْدِ قَبْلَ الْفَرْضِ لِنَائِمٍ عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَخَفْ فَوَاتَ جَمَاعَةً) أَيْ وَلَمْ يَخَفْ بِفِعْلِهِ بَعْدَ الْفَجْرِ فَوَاتَ جَمَاعَةِ الصُّبْحِ وَإِلَّا بَادَرَ لِفَرْضِهِ لِأَنَّ صَلَاةَ الْجَمَاعَةِ أَهَمُّ مِنْ أَلْفِ نَافِلَةٍ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: بِهَذِهِ الْقُيُودِ الْأَرْبَعَةِ) أَيْ وَهِيَ أَنْ يَكُونَ مِنْ عَادَتِهِ تَأْخِيرُهُ لِآخِرِ اللَّيْلِ وَأَنْ يَكُونَ نَامَ عَنْهُ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ غَلَبَةً وَأَنْ لَا يَخَافَ بِفِعْلِهِ بَعْدَ الْفَجْرِ فَوَاتَ الْجَمَاعَةِ فِي الصُّبْحِ وَأَنْ لَا يَخَافَ وُقُوعَ الصُّبْحِ فِي الْإِسْفَارِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا جِنَازَةٌ وَسُجُودُ تِلَاوَةٍ) هَذَا اسْتِثْنَاءٌ مِنْ وَقْتَيْ الْكَرَاهَةِ أَيْ مِنْ مَجْمُوعِ قَوْلِهِ وَكُرِهَ بَعْدَ فَجْرٍ وَفَرْضِ عَصْرٍ (قَوْلُهُ: لَا فِيهِمَا فَيُكْرَهَانِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ) فَلَوْ صَلَّى عَلَى الْجِنَازَةِ فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ فَإِنَّهَا لَا تُعَادُ بِحَالٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ صَلَّى عَلَيْهَا فِي وَقْتِ الْمَنْعِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّهَا تُعَادُ مَا لَمْ تُدْفَنْ أَيْ مَا لَمْ تُوضَعْ فِي الْقَبْرِ وَإِنْ لَمْ يُسَوَّ عَلَيْهَا التُّرَابُ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا تُعَادُ وَإِنْ لَمْ تُدْفَنْ وَهَذَا مَعَ عَدَمِ الْخَوْفِ عَلَيْهَا لَوْ أُخِّرَتْ لِوَقْتِ الْجَوَازِ أَمَّا عِنْدَ الْخَوْفِ عَلَيْهَا فَيُصَلِّي عَلَيْهَا بِاتِّفَاقٍ وَلَا إعَادَةَ دُفِنَتْ أَمْ لَا وَمَا قَالَهُ أَشْهَبُ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الطِّرَازِ وَقَالَ إنَّهُ أَبْيَنُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ: وَقَطْعُ مُحْرِمٍ بِنَافِلَةٍ بِوَقْتِ نَهْيٍ) أَيْ لِأَنَّهُ لَا يُتَقَرَّبُ إلَى اللَّهِ بِمَنْهِيٍّ عَنْهُ أَيْ وَسَوَاءٌ أَحْرَمَ بِهَا جَاهِلًا أَوْ عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا وَهَذَا التَّعْمِيمُ فِي غَيْرِ الدَّاخِلِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَإِنَّهُ إنْ أَحْرَمَ بِالنَّافِلَةِ جَهْلًا أَوْ نِسْيَانًا لَا يَقْطَعُ مُرَاعَاةً لِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ مِنْ أَنَّ الْأَوْلَى لِلدَّاخِلِ أَنْ يَرْكَعَ وَلَوْ كَانَ الْإِمَامُ يَخْطُبُ وَأَمَّا لَوْ دَخَلَ

الصفحة 187