كتاب الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (اسم الجزء: 1)

(وَفِي) صِحَّةِ (بِنَاءِ الْفَذِّ) وَعَدَمِهَا (خِلَافٌ وَإِذَا) (بَنَى) مَنْ لَهُ الْبِنَاءُ مِنْ إمَامٍ وَمَأْمُومٍ وَفَذٍّ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ (لَمْ يَعْتَدَّ) بِشَيْءٍ فَعَلَهُ قَبْلَ رُعَافِهِ (إلَّا بِرَكْعَةٍ كَمُلَتْ) بِسَجْدَتَيْهَا بِأَنْ ذَهَبَ لِلْغَسْلِ بَعْدَ أَنْ جَلَسَ لِلتَّشَهُّدِ أَوْ بَعْدَ أَنْ يَقُومَ بِالْفِعْلِ فِي غَيْرِ مَحَلِّ التَّشَهُّدِ فَإِذَا غَسَلَ وَرَجَعَ جَالِسًا إنْ كَانَ حَصَلَ لَهُ فِي جُلُوسِ التَّشَهُّدِ وَقَائِمًا إنْ كَانَ حَصَلَ فِي الْقِيَامِ فَيَشْرَعُ فِي الْقِرَاءَةِ وَلَوْ كَانَ قَرَأَ أَوَّلًا الْفَاتِحَةَ وَالسُّورَةَ فَلَوْ حَصَلَ الرُّعَافُ فِي رُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ أَنْ يَسْتَقِلَّ جَالِسًا لِلتَّشَهُّدِ أَوْ قَائِمًا لِلْقِرَاءَةِ أَلْغَى مَا فَعَلَهُ مِنْ تِلْكَ الرَّكْعَةِ وَبَنَى عَلَى الْإِحْرَامِ إنْ كَانَ فِي أَوَّلِ رَكْعَةٍ وَعَلَى مَا قَبْلَهَا إنْ كَانَ فِي غَيْرِهَا وَيَبْتَدِئُ مِنْ الْقِرَاءَةِ (وَأَتَمَّ مَكَانَهُ) فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ وُجُوبًا (إنْ ظَنَّ) وَأَوْلَى إنْ عَلِمَ (فَرَاغَ إمَامِهِ وَأَمْكَنَ) الْإِتْمَامُ فِيهِ (وَإِلَّا) يُمْكِنُ لِنَجَاسَةٍ أَوْ ضِيقٍ (فَالْأَقْرَبُ) مِنْ الْأَمْكِنَةِ (إلَيْهِ) أَيْ إلَى مَكَانِ الْغَسْلِ يَجِبُ الْإِتْمَامُ فِيهِ فَإِنْ تَبَيَّنَ خَطَأُ ظَنِّهِ صَحَّتْ (وَإِلَّا) يُتِمُّ فِي الْمَكَانِ الْمُمْكِنِ وَلَا فِي الْأَقْرَبِ إلَيْهِ (بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ وَلَوْ أَخْطَأَ ظَنُّهُ وَوَجَدَ إمَامَهُ فِي الصَّلَاةِ لِأَنَّهُ بِمُجَاوَزَةِ الْمَكَانِ الْوَاجِبِ صَارَ كَمُتَعَمِّدِ زِيَادَةً فِيهَا (وَرَجَعَ) وُجُوبًا (إنْ ظَنَّ بَقَاءَهُ) أَيْ بَقَاءَ الْإِمَامِ (أَوْ شَكَّ) فِيهِ وَأَوْلَى إنْ عَلِمَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQيَنْتَقِلُ مُنْفَرِدٌ لِجَمَاعَةٍ كَالْعَكْسِ (قَوْلُهُ: وَفِي صِحَّةِ بِنَاءِ الْفَذِّ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ عِنْدَ جَمَاعَةٍ (قَوْلُهُ: وَعَدَمُهَا) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيَقْطَعُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ وَشَهَرَهُ الْبَاجِيَّ وَلِاخْتِيَارِ الْمُصَنِّفِ هَذَا الْقَوْلَ قَدَّمَهُ حَيْثُ قَالَ إنْ كَانَ فِي جَمَاعَةٍ إذْ مُقْتَضَاهُ أَنَّ الْفَذَّ لَا يَبْنِي ثُمَّ حَكَى مَا فِي الْمَسْأَلَةِ مِنْ الْخِلَافِ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ هَلْ رُخْصَةُ الْبِنَاءِ لِحُرْمَةِ الصَّلَاةِ لِلْمَنْعِ مِنْ إبْطَالِ الْعَمَلِ أَوْ لِتَحْصِيلِ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ فَيَبْنِي عَلَى الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي وَالْمَسْبُوقُ حَيْثُ لَا يُدْرِكُ الْإِمَامَ كَالْفَذِّ عَلَى الْأَظْهَرِ وَيُمْكِنُ تَرْجِيحُ بِنَائِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ حُكْمِ الْإِمَامِ وَالْإِمَامُ الرَّاتِبُ الْمُصَلِّي وَحْدَهُ حُكْمُهُ حُكْمُ صَلَاتِهِ مَعَ جَمَاعَةٍ فِي الْبِنَاءِ عَلَى الْأَشْهَرِ وَقِيلَ إنَّهُ كَالْمُنْفَرِدِ كَذَا ذَكَرَهُ خش فِي كَبِيرِهِ (قَوْلُهُ: كَمُلَتْ بِسَجْدَتَيْهَا) فَإِنْ كَانَ مَا فَعَلَهُ قَبْلَ الرُّعَافِ بَعْضَ رَكْعَةٍ فَلَا يَعْتَدُّ بِهِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَعْتَدُّ بِالرَّكْعَةِ إذَا كَمُلَتْ بِسَجْدَتَيْهَا وَلَوْ لَمْ يَعْتَدِلْ بَعْدَهَا قَائِمًا أَوْ جَالِسًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الِاعْتِدَالِ بَعْدَ السَّجْدَتَيْنِ قَائِمًا إنْ لَمْ يَكُنْ بَعْدَهُمَا جُلُوسٌ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ الِاعْتِدَالِ جَالِسًا كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ بِأَنْ ذَهَبَ لِلْغَسْلِ بَعْدَ أَنْ جَلَسَ إلَخْ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ الْبَانِيَ لَا يَعْتَدُّ بِشَيْءٍ فَعَلَهُ قَبْلَ رُعَافِهِ إلَّا إذَا كَانَ رَكْعَةً كَامِلَةً بِمَا ذُكِرَ هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَمُقَابِلُهُ الِاعْتِدَادُ بِمَا فَعَلَهُ قَبْلَ الرُّعَافِ مُطْلَقًا لَا فَرْقَ بَيْنَ كُلِّ الرَّكْعَةِ وَبَعْضِهَا وَلَوْ الْإِحْرَامَ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ (قَوْلُهُ: أَلْغَى مَا فَعَلَهُ مِنْ تِلْكَ الرَّكْعَةِ) هَذَا عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ: وَبَنَى عَلَى الْإِحْرَامِ) أَشَارَ بِذَلِكَ لِلْفَرْقِ بَيْنَ الِاعْتِدَادِ وَبَيْنَ الْبِنَاءِ فَإِذَا بَنَى لَمْ يَعْتَدَّ إلَّا بِرَكْعَةٍ كَامِلَةٍ لَا أَقَلَّ سَوَاءً كَانَتْ الْأُولَى أَوْ غَيْرَهَا وَأَمَّا الْبِنَاءُ فَيَكُونُ وَلَوْ عَلَى الْإِحْرَامِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ الِاعْتِدَادِ الْبِنَاءُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الْبِنَاءِ الِاعْتِدَادُ وَخَالَفَ ابْنُ عَبْدُوسٍ حَيْثُ قَالَ إذَا لَمْ يُكْمِلْ الرَّكْعَةَ قَبْلَ الرُّعَافِ ابْتَدَأَ بِإِحْرَامٍ جَدِيدٍ وَلَا يَبْنِي عَلَى إحْرَامِهِ فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا فَتَحَصَّلَ أَنَّ الرَّاعِفَ إذَا غَسَلَ الدَّمَ قِيلَ يَعْتَدُّ بِمَا فَعَلَهُ قَبْلَ الرُّعَافِ مُطْلَقًا وَلَوْ لِإِحْرَامٍ فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا وَقِيلَ يَعْتَدُّ بِهِ إنْ كَانَ رَكْعَةً فَأَكْثَرَ وَإِلَّا ابْتَدَأَ بِإِحْرَامٍ جَدِيدٍ فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا وَقِيلَ يَعْتَدُّ بِمَا فَعَلَهُ إنْ كَانَ رَكْعَةً وَإِلَّا بَنَى عَلَى إحْرَامِهِ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ وَأَمَّا فِيهَا فَيَقْطَعُ وَيَبْتَدِئُ ظُهْرًا بِإِحْرَامٍ جَدِيدٍ وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: وَأَتَمَّ مَكَانَهُ) أَيْ الَّذِي فِيهِ غَسْلُ الدَّمِ وَمِثْلُهُ لَوْ رَجَعَ لِظَنِّ بَقَائِهِ فَعَلِمَ أَوْ ظَنَّ فِي أَثْنَاءِ الرُّجُوعِ فَرَاغَهُ قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُ فَإِنَّهُ يُتِمُّ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ الَّذِي حَصَلَ لَهُ فِيهِ الْعِلْمُ أَوْ الظَّنُّ بِالْفَرَاغِ فَإِنْ تَعَدَّاهُ مَعَ إمْكَانِ الْإِتْمَامِ فِيهِ بَطَلَتْ وَقَوْلُهُ وَأَتَمَّ مَكَانَهُ أَيْ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَسْجِدِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَغَيْرِهِمَا وَعَلَى الْمَشْهُورِ (قَوْلُهُ: إنْ ظَنَّ فَرَاغَ إمَامِهِ) أَيْ قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُ سَوَاءً ظَنَّ فَرَاغَهُ بِالْفِعْلِ بِمُجَرَّدِ الْغَسْلِ أَوْ ظَنَّ أَنَّهُ إذَا ذَهَبَ إلَيْهِ بَعْدَ الْغَسْلِ لَا يُدْرِكُهُ لِفَرَاغِهِ فِي حَالِ رُجُوعِهِ وَهَذَا التَّفْصِيلُ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَأَتَمَّ مَكَانَهُ إنْ ظَنَّ فَرَاغَ إمَامِهِ وَإِلَّا بَطَلَتْ وَرَجَعَ إنْ ظَنَّ بَقَاءَهُ أَوْ شَكَّ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَأْمُومِ وَالْإِمَامِ لِأَنَّهُ يَسْتَخْلِفُ وَيَصِيرُ مَأْمُومًا فَيَلْزَمُهُ مِنْ الرُّجُوعِ مَا يَلْزَمُ الْمَأْمُومَ وَأَمَّا الْفَذُّ عَلَى الْقَوْلِ بِبِنَائِهِ فَإِنَّهُ يُتِمُّ مَكَانَهُ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَبَيَّنَ خَطَأُ ظَنِّهِ) أَيْ بِبَقَاءِ إمَامِهِ صَحَّتْ ظَاهِرُهُ وَلَوْ فُرِضَ أَنَّهُ سَلَّمَ قَبْلَ الْإِمَامِ وَهُوَ كَذَلِكَ بِنَاءً عَلَى الرَّاجِحِ مِنْ أَنَّ الرَّاعِفَ يَخْرُجُ عَنْ حُكْمِ الْإِمَامِ بِمُجَرَّدِ خُرُوجِهِ لِغَسْلِ الدَّمِ حَتَّى يَرْجِعَ إلَيْهِ فَلَا يَسْرِي إلَيْهِ سَهْوُهُ وَقِيلَ إنَّهُ فِي حُكْمِهِ مُطْلَقًا وَقِيلَ إنَّهُ فِي حُكْمِهِ إنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً قَبْلَ خُرُوجِهِ لِغَسْلِ الدَّمِ اُنْظُرْ ح (قَوْلُهُ: وَإِلَّا يُتِمُّ فِي الْمَكَانِ الْمُمْكِنِ) أَيْ وَإِلَّا يُتِمُّ فِي مَكَانِ غَسْلِ الدَّمِ الْمُمْكِنِ الْإِتْمَامُ فِيهِ وَلَا فِي الْأَقْرَبِ إلَيْهِ بَلْ رَجَعَ لِمَكَانِ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: وَرَجَعَ) أَيْ لِأَدْنَى مَكَان يَصِحُّ فِيهِ الِاقْتِدَاءُ لَا لِمُصَلَّاهُ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ زِيَادَةُ مَشْيٍ فِي الصَّلَاةِ كَمَا فِي ح عَنْ ابْنِ فَرْحُونٍ (قَوْلُهُ: أَوْ شَكَّ فِيهِ) إنَّمَا لَزِمَهُ الرُّجُوعُ مَعَ الشَّكِّ لِأَنَّ الْأَصْلَ لُزُومُ مُتَابَعَتِهِ لِلْإِمَامِ فَلَا يَخْرُجُ مِنْهُ إلَّا بِعِلْمٍ أَوْ ظَنٍّ

الصفحة 206