كتاب الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (اسم الجزء: 1)

(وَلَوْ) ظَنَّ أَوْ شَكَّ إدْرَاكَهُ (بِتَشَهُّدٍ) بِحَيْثُ يُدْرِكُ مَعَهُ وَلَوْ السَّلَامَ فَلَوْ تَخَلَّفَ ظَنُّهُ بِأَنْ وَجَدَهُ فَرَغَ مِنْهَا صَحَّتْ (وَ) رَجَعَ (فِي الْجُمُعَةِ) وُجُوبًا إنْ أَدْرَكَ مِنْهَا رَكْعَةً (مُطْلَقًا) وَلَوْ عَلِمَ فَرَاغَهُ (لِأَوَّلِ) جُزْءٍ مِنْ (الْجَامِعِ) الَّذِي ابْتَدَأَهَا بِهِ لَا غَيْرُهُ فَإِنْ مَنَعَهُ مِنْهُ مَانِعٌ أَضَافَ إلَيْهَا أُخْرَى وَخَرَجَ عَنْ شَفْعٍ وَأَعَادَهَا ظُهْرًا (وَإِلَّا) يَرْجِعُ مَعَ ظَنِّهِ الْبَقَاءَ أَوْ الشَّكِّ فِيهِ فِي الْأُولَى وَفِي الْجُمُعَةِ مُطْلَقًا (بَطَلَتَا) أَيْ الصَّلَاةُ فِي الْأُولَى وَالْجُمُعَةِ فِي الثَّانِيَة (وَإِنْ) (لَمْ يُتِمَّ رَكْعَةً فِي الْجُمُعَةِ) قَبْلَ رُعَافِهِ فَخَرَجَ لِغَسْلِهِ وَظَنَّ عَدَمَ إدْرَاكِ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ أَوْ ظَنَّ إدْرَاكَهَا فَتَخَلَّفَ ظَنُّهُ (ابْتَدَأَ ظُهْرًا بِإِحْرَامٍ) جَدِيدٍ وَلَا يَبْنِي عَلَى إحْرَامِهِ الْأَوَّلِ فِي أَيْ مَكَان شَاءَ (وَسَلَّمَ) وُجُوبًا (وَانْصَرَفَ إنْ) (رَعَفَ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ) لِأَنَّ سَلَامَ حَامِلِ النَّجَاسَةِ أَخَفُّ مِنْ خُرُوجِهِ لِغَسْلِ الدَّمِ (لَا) إنْ رَعَفَ (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ سَلَامِ إمَامِهِ وَبَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ التَّشَهُّدِ فَلَا يُسَلِّمُ بَلْ يَخْرُجُ لِغَسْلِهِ مَا لَمْ يُسَلِّمْ الْإِمَامُ قَبْلَ الِانْصِرَافِ فَيُسَلِّمُ وَيَنْصَرِفُ (وَلَا يَبْنِي) الْمُصَلِّي (بِغَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الرُّعَافِ كَسَبْقِ حَدَثٍ أَوْ ذِكْرِهِ أَوْ سُقُوطِ نَجَاسَةٍ أَوْ ذِكْرِهَا أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ مُبْطِلَاتِ الصَّلَاةِ بَلْ يَسْتَأْنِفُهَا لِأَنَّ الْبِنَاءَ رُخْصَةٌ يُقْتَصَرُ فِيهَا عَلَى مَا وَرَدَ وَهُوَ إنَّمَا وَرَدَ فِي الرُّعَافِ وَكَمَا لَا يَبْنِي بِغَيْرِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَوْ بِتَشَهُّدٍ) رَدَّ بِلَوْ عَلَى ابْنِ شَعْبَانَ الْقَائِلِ إنَّهُ لَا يَرْجِعُ إذَا ظَنَّ بَقَاءَهُ إلَّا إذَا رَجَا إدْرَاكَ رَكْعَةٍ فَإِنْ لَمْ يَرْجُ إدْرَاكَهَا أَتَمَّ مَكَانَهُ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءً عَلِمَ أَوْ ظَنَّ بَقَاءَهُ أَوْ فَرَاغَهُ وَمَحِلُّ رُجُوعِهِ فِي الْجُمُعَةِ لِلْجَامِعِ إذَا كَانَ حَصَلَ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةٌ أَوْ يَظُنُّ إدْرَاكَ رَكْعَةٍ إذَا رَجَعَ وَإِلَّا فَلَا يَرْجِعُ وَيَقْطَعُ وَيَبْتَدِئُ ظُهْرًا بِإِحْرَامٍ جَدِيدٍ بِأَيِّ مَحَلٍّ شَاءَ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: لِأَوَّلِ جُزْءٍ إلَخْ) أَيْ فَلَوْ رَجَعَ لِصَدْرِ الْجَامِعِ الَّذِي ابْتَدَأَهَا بِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِزِيَادَةِ الْمَشْيِ (قَوْلُهُ: لَا غَيْرُهُ) أَيْ مِنْ مَسْجِدٍ آخَرَ أَوْ رِحَابٍ أَوْ طُرُقٍ مُتَّصِلَةٍ فَلَا يَكْفِي رُجُوعُهُ لِلرِّحَابِ وَلَا لِلطُّرُقِ الْمُتَّصِلَةِ بِهِ وَلَوْ كَانَ ابْتَدَأَ الصَّلَاةَ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِضِيقٍ حَيْثُ أَمْكَنَ الرُّجُوعُ لِلْجَامِعِ قَالَهُ شَيْخُنَا وَانْظُرْهُ مَعَ مَا سَيَأْتِي مِنْ تَرْجِيحِ الْقَوْلِ بِصِحَّةِ الْجُمُعَةِ فِي الرِّحَابِ وَالطُّرُقِ الْمُتَّصِلَةِ وَلَوْ لَمْ يَضِقْ الْمَسْجِدُ وَلَوْ لَمْ تَتَّصِلْ الصُّفُوفُ فَمُقْتَضَاهُ الِاكْتِفَاءُ بِالرُّجُوعِ لَهُمَا إذَا ابْتَدَأَهَا قَبْلَ الرُّعَافِ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ (قَوْلُهُ: فِي الْأُولَى) أَيْ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَهِيَ قَوْلُهُ وَرَجَعَ إنْ ظَنَّ بَقَاءَهُ أَوْ شَكَّ وَلَوْ بِتَشَهُّدٍ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا بَطَلَتَا) وَلَوْ ظَهَرَ أَنَّ الصَّوَابَ مَا فَعَلَهُ مِنْ عَدَمِ الرُّجُوعِ بِالنِّسْبَةِ لِلْأُولَى (قَوْلُهُ: أَوْ ظَنَّ إدْرَاكَهَا فَتَخَلَّفَ ظَنُّهُ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ ظَنَّ إدْرَاكَهَا وَلَمْ يَتَخَلَّفْ ظَنُّهُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ لَهَا وَلَا يُصَلِّي ظُهْرًا (قَوْلُهُ: ابْتَدَأَ ظُهْرًا) أَيْ قَطَعَهَا وَابْتَدَأَ ظُهْرًا أَيْ مَا لَمْ يَرْجُ إدْرَاكَ الْجُمُعَةِ فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى قَرِيبَةٍ أَوْ فِي مَسْجِدٍ آخَرَ بِالْبَلَدِ وَإِلَّا وَجَبَ صَلَاتُهَا جُمُعَةً وَلَا يُصَلِّيهَا ظُهْرًا قَالَهُ الْبَاسِطِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ كَمَا قَالَ بْن وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّهُ يَقْطَعُ وَيَبْتَدِئُ ظُهْرًا اهـ وَالْمَشْهُورُ وَمُقَابِلُهُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ سَحْنُونٍ مِنْ الِاعْتِدَادِ بِمَا فَعَلَهُ قَبْلَ الرُّعَافِ وَالْبِنَاءِ عَلَيْهِ مُطْلَقًا وَلَوْ الْإِحْرَامَ فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا وَفِي بْن عَنْ الْمَوَّاقِ أَنْ ابْنَ يُونُسَ نَسَبَهُ لِظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ لَكِنْ ضَعَّفَهُ أَشْيَاخُنَا (قَوْلُهُ: وَلَا يَبْنِي عَلَى إحْرَامِهِ) أَيْ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ إجْزَاءِ نِيَّةِ الْجُمُعَةِ عَنْ الظُّهْرِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَبْنِي عَلَى إحْرَامِهِ وَيُصَلِّي أَرْبَعًا بِنَاءً عَلَى إجْزَاءِ نِيَّةِ الْجُمُعَةِ عَنْ الظُّهْرِ وَالْقَوْلُ بِعَدَمِ الْبِنَاءِ عَلَى إحْرَامِهِ هُوَ الْمَشْهُورُ عَلَيْهِ فَلَوْ بَنَى عَلَى إحْرَامِهِ وَصَلَّى أَرْبَعًا فَالظَّاهِرُ الصِّحَّةُ كَمَا قَالَ ح كَذَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا (قَوْلُهُ: وَسَلَّمَ وَانْصَرَفَ إنْ رَعَفَ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ) إنْ قُلْتَ لَا فَائِدَةَ لِقَوْلِهِ وَانْصَرَفَ وَلَوْ قَالَ وَسَلَّمَ إنْ رَعَفَ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَكَفَى ذَلِكَ. قُلْتُ قَصَدَ الْمُصَنِّفُ بِذِكْرِهِ الرَّدَّ عَلَى ابْنِ حَبِيبٍ الْقَائِلِ إنَّهُ يُسَلِّمُ ثُمَّ يَذْهَبُ لِيَغْسِلَ الدَّمَ ثُمَّ يَرْجِعُ يَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ كَمَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا فِي الْحَاشِيَةِ وَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ تَعْلَمُ أَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ وَانْصَرَفَ أَيْ بِالْمَرَّةِ (قَوْلُهُ: بَلْ يَخْرُجُ لِغَسْلِهِ) أَيْ ثُمَّ يَرْجِعُ يَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ وَلَوْ كَانَ قَدْ تَشَهَّدَ قَبْلَ سَلَامِ إمَامِهِ لِأَجْلِ أَنْ يَتَّصِلَ بِهِ سَلَامُهُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَالتَّوْضِيحِ حَيْثُ قَالَا إذَا كَانَ قَدْ تَشَهَّدَ قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ ثُمَّ خَرَجَ لِغَسْلِ الدَّمِ فَلَا يُعِيدُ التَّشَهُّدَ بَعْدَ غَسْلِ الدَّمِ بَلْ يُسَلِّمُ فَقَطْ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُسَلِّمْ الْإِمَامُ قَبْلَ الِانْصِرَافِ) أَيْ قَبْلَ انْصِرَافِ الْمَأْمُومِ أَيْ فَإِنْ سَلَّمَ قَبْلَ انْصِرَافِهِ فَإِنَّ الْمَأْمُومَ يُسَلِّمُ وَيَنْصَرِفُ وَهَذَا قَيْدٌ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ بِالِانْصِرَافِ الْمَشْيُ الْكَثِيرُ فَوَافَقَ قَوْلَ السُّودَانِيِّ وَهُوَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ بَابَا لَوْ انْصَرَفَ لِغَسْلِهِ وَجَاوَزَ الصَّفَّيْنِ وَالثَّلَاثَةَ فَسَمِعَ الْإِمَامَ يُسَلِّمُ فَإِنَّهُ يُسَلِّمُ وَيَذْهَبُ وَأَمَّا لَوْ سَمِعَهُ يُسَلِّمُ بَعْدَ مُجَاوَزَةِ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يُسَلِّمُ بَلْ يَذْهَبُ لِغَسْلِ الدَّمِ ثُمَّ يَرْجِعُ يَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ.
(تَنْبِيهٌ) قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَسَلَّمَ وَانْصَرَفَ إنْ رَعَفَ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ لَا قَبْلَهُ هَذَا حُكْمُ الْمَأْمُومِ وَأَمَّا لَوْ رَعَفَ الْإِمَامُ قَبْلَ سَلَامِهِ أَوْ الْفَذُّ عَلَى الْقَوْلِ بِبِنَائِهِ فَقَالَ ح لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا وَالظَّاهِرُ أَنْ يُقَالَ إنْ حَصَلَ الرُّعَافُ بَعْدَ أَنْ أَتَى بِمِقْدَارِ السُّنَّةِ مِنْ التَّشَهُّدِ بِأَنْ أَتَى بِبَعْضٍ لَهُ بَالٌ فَإِنَّهُ يُسَلِّمُ وَالْإِمَامُ وَالْفَذُّ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ وَإِنْ رَعَفَ قَبْلَ ذَلِكَ فَإِنَّ الْإِمَامَ يَسْتَخْلِفُ مَنْ يُتِمُّ بِهِمْ التَّشَهُّدَ وَيَخْرُجُ لِغَسْلِ الدَّمِ وَيَصِيرُ حُكْمُهُ حُكْمَ الْمَأْمُومِ أَمَّا الْفَذُّ فَيَخْرُجُ لِغَسْلِ الدَّمِ وَيُتِمُّ مَكَانَهُ (قَوْلُهُ: وَلَا يَبْنِي بِغَيْرِهِ) أَيْ مِمَّا هُوَ مُنَافٍ لِلصَّلَاةِ وَمُبْطِلٌ

الصفحة 207