كتاب الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (اسم الجزء: 1)

لَا يَبْنِي بِهِ مَرَّةً ثَانِيَةً فَتَبْطُلُ وَلَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ لِكَثْرَةِ الْمُنَافِي (كَظَنِّهِ) أَيْ الرُّعَافَ (فَخَرَجَ) لِغَسْلِهِ (فَظَهَرَ) لَهُ (نَفِيهِ) أَيْ نَفْيُ الرُّعَافِ فَلَا يَبْنِي وَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ.

(وَمَنْ) (ذَرَعَهُ) أَيْ غَلَبَهُ وَسَبَقَهُ (قَيْءٌ) طَاهِرٌ يَسِيرٌ وَلَمْ يَزْدَرِدْ مِنْهُ شَيْئًا (لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ) فَإِنْ كَانَ نَجِسًا أَوْ كَثِيرًا أَوْ ازْدَرَدَ مِنْهُ شَيْئًا عَمْدًا لَا نِسْيَانًا بَطَلَتْ وَكَذَا غَلَبَةً عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَالْقَلْسُ كَالْقَيْءِ وَيَسْجُدُ لِلنِّسْيَانِ بَعْدَ السَّلَامِ (وَإِذَا) (اجْتَمَعَ بِنَاءٌ) وَهُوَ مَا فَاتَهُ بَعْدَ دُخُولِهِ مَعَ الْإِمَامِ (وَقَضَاءٌ) وَهُوَ مَا يَأْتِي بِهِ الْمَسْبُوقُ عِوَضًا عَمَّا فَاتَهُ قَبْلَ دُخُولِهِ مَعَهُ (لِرَاعِفٍ) وَنَحْوِهِ كَنَاعِسٍ وَغَافِلٍ وَمَزْحُومٍ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ لِكَرَاعِفٍ فِي رَبَاعِيَةٍ كَعِشَاءٍ (أَدْرَكَ) مِنْهَا مَعَ الْإِمَامِ (الْوُسْطَيَيْنِ) وَفَاتَتْهُ الْأُولَى قَبْلَ دُخُولِهِ مَعَهُ وَرَعَفَ فِي الرَّابِعَةِ فَخَرَجَ لِغَسْلِهِ فَفَاتَتْهُ قَدَّمَ الْبِنَاءَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQلَهَا أَشَارَ الشَّارِحُ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يَبْنِي لِلِازْدِحَامِ وَالنُّعَاسِ لِأَنَّهُ خَفِيفٌ لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ (قَوْلُهُ: لَا يَبْنِي بِهِ مَرَّةً ثَانِيَةً فَتَبْطُلُ إلَخْ) هَذَا مَا نَقَلَهُ ح عَنْ ابْنِ فَرْحُونٍ ثُمَّ قَالَ وَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ لِغَيْرِهِ صَرِيحًا إلَّا مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْجَمْعِ وَكَلَامُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِي مَسَائِلِ اجْتِمَاعِ الْبِنَاءِ وَالْقَضَاءِ يَقْتَضِي عَدَمَ الْبُطْلَانِ اهـ كَلَامُهُ وَأَشَارَ بِذَلِكَ لِقَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَإِذَا أَدْرَكَ الْأُولَى وَرَعَفَ فِي الثَّانِيَةِ ثُمَّ أَدْرَكَ الثَّالِثَةَ وَرَعَفَ فِي الرَّابِعَةِ انْتَهَى (قَوْلُهُ: فَلَا يَبْنِي) أَيْ لِأَنَّهُ مُفَرِّطٌ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَالَ سَحْنُونٌ يَبْنِي لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا يَجُوزُ لَهُ (قَوْلُهُ: وَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ) أَيْ وَلَوْ كَانَ إمَامًا وَكَذَا تَبْطُلُ صَلَاةُ مَأْمُومِيهِ أَيْضًا مُطْلَقًا عَلَى الرَّاجِحِ مِنْ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ ثَانِيهَا لَا بُطْلَانَ عَلَيْهِمْ مُطْلَقًا ثَالِثُهَا تَبْطُلُ إنْ كَانَ بِنَهَارٍ وَتَصِحُّ إنْ كَانَ بِلَيْلٍ لِعُذْرِ الْإِمَامِ.

(قَوْلُهُ: وَمَنْ ذَرَعَهُ قَيْءٌ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ) أَيْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ لِقَوْلِ ابْنُ رُشْدٍ الْمَشْهُورُ أَنَّ مَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ أَوْ الْقَلْسُ فَلَمْ يَرُدَّهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي صَلَاتِهِ وَلَا فِي صِيَامِهِ وَمُقَابِلُهُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ مَنْ تَقَايَأَ فِي الصَّلَاةِ عَامِدًا أَوْ غَيْرَ عَامِدٍ، ابْتَدَأَ الصَّلَاةَ (قَوْلُهُ: أَيْ غَلَبَهُ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ تَعَمَّدَ إخْرَاجُهُ أَوْ إخْرَاجَ الْقَلْسِ فَالْبُطْلَانُ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَزْدَرِدْ مِنْهُ شَيْئًا) أَيْ لَمْ يَبْتَلِعْ مِنْهُ شَيْئًا (قَوْلُهُ: أَوْ ازْدَرَدَ مِنْهُ شَيْئًا عَمْدًا إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا ازْدَرَدَ مِنْهُ شَيْئًا عَمْدًا فَالْبُطْلَانُ قَوْلًا وَاحِدًا فِي الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَإِنْ كَانَ سَهْوًا أَوْ غَلَبَةً فَقَوْلَانِ إلَّا أَنَّهُمَا عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ فِي الْغَلَبَةِ وَالرَّاجِحُ الصِّحَّةُ فِي النِّسْيَانِ وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلصَّوْمِ فَالرَّاجِحُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ الْقَوْلُ بِالْبُطْلَانِ وَوُجُوبِ الْقَضَاءِ فِي كُلٍّ مِنْ الْغَلَبَةِ وَالنِّسْيَانِ (قَوْلُهُ: وَالْقَلْسُ كَالْقَيْءِ) أَيْ فِي التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ مِنْ أَنَّهُ إذَا غَلَبَهُ شَيْءٌ مِنْهُ وَكَانَ طَاهِرًا يَسِيرًا وَلَمْ يَرْجِعْ مِنْهُ شَيْءٌ فَإِنَّ الصَّلَاةَ لَا تَبْطُلُ وَإِنْ تَعَمَّدَ إخْرَاجَهُ أَوْ كَانَ نَجِسًا أَوْ كَثِيرًا أَبْطَلَ وَإِنْ رَجَعَ مِنْهُ شَيْءٌ جَرَى عَلَى مَا مَرَّ مِنْ كَوْنِهِ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا أَوْ غَلَبَةً (قَوْلُهُ: وَيَسْجُدُ لِلنِّسْيَانِ) أَيْ لِازْدِرَادِ شَيْءٍ مِنْهُ نِسْيَانًا بَعْدَ السَّلَامِ إنْ كَانَ يَسِيرًا (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا فَاتَهُ بَعْدَ دُخُولِهِ مَعَ الْإِمَامِ) أَيْ وَهُوَ مَا يَأْتِي بِهِ عِوَضًا عَمَّا فَاتَهُ بَعْدَ دُخُولِهِ مَعَ الْإِمَامِ فَكُلٌّ مِنْ الْبِنَاءِ وَالْقَضَاءِ عِوَضٌ عَنْ الْفَائِتِ إلَّا أَنَّ الْبِنَاءَ عِوَضٌ عَنْ الْفَائِتِ بَعْدَ دُخُولِهِ مَعَ الْإِمَامِ وَالْقَضَاءُ عِوَضٌ عَنْ الْفَائِتِ قَبْلَ الدُّخُولِ فَالْبَاءُ فِي (بِنَاءً) إشَارَةٌ لِبَعْدُ وَالْقَافُ فِي قَضَاءً إشَارَةٌ لِقَبْلُ وَقِيلَ إنَّ كُلًّا مِنْ الْبِنَاءِ وَالْقَضَاءِ نَفْسُ الْفَائِتِ فَالْفَائِتُ بَعْدَ الدُّخُولِ مَعَ الْإِمَامِ بِنَاءٌ وَالْفَائِتُ قَبْلَ الدُّخُولِ مَعَ الْإِمَامِ قَضَاءٌ وَكَأَنَّ الشَّارِحَ الْتَفَتَ فِي الْبِنَاءِ لِلْفَائِتِ وَفِي الْقَضَاءِ لِلْعِوَضِ إشَارَةً لِلْقَوْلَيْنِ وَأَنَّ فِي كَلَامِهِ احْتِبَاكًا فَحَذَفَ مِنْ كُلِّ مَا أَثْبَتَهُ فِي الْآخَرِ ثُمَّ إنَّ تَفْسِيرَ الْبِنَاءِ وَالْقَضَاءِ بِنَفْسِ الْفَائِتِ أَوْ بِعِوَضِهِ تَفْسِيرٌ بِالْمَعْنَى الِاسْمِيِّ إذْ كُلٌّ مِنْهُمَا حِينَئِذٍ بِمَعْنَى اسْمِ الْمَفْعُولِ وَأَمَّا تَفْسِيرُهُمَا بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ فَالْبِنَاءُ فِعْلُ مَا فَاتَهُ بَعْدَ الدُّخُولِ مَعَ الْإِمَامِ بِصِفَتِهِ وَالْقَضَاءُ فِعْلُ مَا فَاتَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ مَعَ الْإِمَامِ بِصِفَتِهِ هَذَا وَقَدْ اعْتَرَضَ بَعْضُهُمْ تَعْرِيفَ الْبِنَاءِ وَالْقَضَاءِ بِمَا ذُكِرَ بِأَنَّهُ لَا يَشْمَلُ مَا إذَا أَدْرَكَ حَاضِرٌ ثَانِيَةَ صَلَاةِ مُسَافِرٍ فَإِنَّ مُقْتَضَى التَّعَارِيفِ الْمَذْكُورَةِ أَنَّهُ لَمْ يَجْتَمِعْ بِنَاءً وَقَضَاءً فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بَلْ وُجِدَ فِيهَا الْقَضَاءُ فَقَطْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَالتَّعْرِيفُ الْجَامِعُ أَنْ يُقَالَ الْبِنَاءُ مَا انْبَنَى عَلَى الْمُدْرَكِ وَالْقَضَاءُ مَا انْبَنَى عَلَيْهِ الْمُدْرَكُ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْفَوَاتِ عَدَمُ فِعْلِ الْمَأْمُومِ فِعْلَ الْإِمَامِ أَمْ لَا فَقَوْلُهُمْ فِي تَعْرِيفِ الْبِنَاءِ فِعْلُ مَا فَاتَهُ بَعْدَ الدُّخُولِ مَعَ الْإِمَامِ أَيْ سَوَاءً كَانَ الْإِمَامُ فَعَلَ ذَلِكَ الَّذِي فَاتَهُ أَمْ لَا فَظَهَرَ اجْتِمَاعُ الْبِنَاءِ وَالْقَضَاءِ حِينَئِذٍ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَرَعَفَ فِي الرَّابِعَةِ فَخَرَجَ لِغَسْلِهِ فَفَاتَتْهُ) أَيْ أَوْ نَعَسَ فِي الرَّابِعَةِ فَفَاتَتْهُ أَوْ زُوحِمَ عَنْهَا فَفَاتَتْهُ (قَوْلُهُ: قَدَّمَ الْبِنَاءَ) أَيْ كَمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَذَلِكَ لِانْسِحَابِ الْمَأْمُومِيَّةِ عَلَيْهِ بِالنَّظَرِ لَهُ فَكَانَ أَوْلَى بِالتَّقْدِيمِ مِنْ الْقَضَاءِ الَّذِي لَمْ يَنْسَحِبْ حُكْمُ الْمَأْمُومِيَّةِ عَلَيْهِ فِيهِ وَقَالَ

الصفحة 208