كتاب الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (اسم الجزء: 1)

كَسَرَاوِيلَ وَلَوْ بِغَيْرِ صَلَاةٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ زِيِّ السَّلَفِ (لَا) إنْ كَانَ التَّحْدِيدُ (بِرِيحٍ) أَوْ بَلَلٍ فَلَا يُكْرَهُ وَكُرِهَ صَلَاةٌ بِثَوْبٍ لَيْسَ عَلَى أَكْتَافِهِ مِنْهُ شَيْءٌ (وَ) كُرِهَ (انْتِقَابُ امْرَأَةٍ) أَيْ تَغْطِيَةُ وَجْهِهَا بِالنِّقَابِ وَهُوَ مَا يَصِلُ لِلْعُيُونِ فِي الصَّلَاةِ لِأَنَّهُ مِنْ الْغُلُوِّ وَالرَّجُلُ أَوْلَى مَا لَمْ يَكُنْ مِنْ قَوْمٍ عَادَتُهُمْ ذَلِكَ (كَكَفِّ) أَيْ ضَمٍّ وَتَشْمِيرٍ (كُمٍّ وَشَعْرٍ لِصَلَاةٍ) رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ فَالنِّقَابُ مَكْرُوهٌ مُطْلَقًا وَكَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرُهُ عَنْ قَوْلِهِ (وَ) كُرِهَ (تَلَثُّمٌ) وَلَوْ لِامْرَأَةٍ وَاللِّثَامُ مَا يَصِلُ لِآخِرِ الشَّفَةِ السُّفْلَى (كَ) كَرَاهَةِ (كَشْفِ) رَجُلٍ (مُشْتَرٍ) لِأَمَةٍ (صَدْرًا أَوْ سَاقًا) أَوْ مِعْصَمًا خَشْيَةَ التَّلَذُّذِ وَإِنَّمَا يَنْظُرُ الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ وَحُرِّمَ الْجَسُّ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ (قَوْلُهُ: كَسَرَاوِيلَ) هَذَا هُوَ الْمَسْمُوعُ لُغَةً دُونَ سِرْوَالٍ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ كَرَاهَةَ لُبْسِهِ إذَا لَمْ يَلْبَسْ فَوْقَهُ ثَوْبًا وَلَوْ تَرَدَّى عَلَى ذَلِكَ بِرِدَاءٍ وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ وَأَوَّلُ مَنْ لَبِسَ السَّرَاوِيلَ سَيِّدُنَا إبْرَاهِيمُ وَهَلْ لَبِسَهُ نَبِيُّنَا - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَوْ لَا؟ فِيهِ خِلَافٌ وَصَحَّ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا كَمَا فِي السُّنَنِ الْأَرْبَعِ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ زِيِّ السَّلَفِ) هَذَا تَعْلِيلٌ لِكَرَاهَةِ السَّرَاوِيلِ لَا لِكَرَاهَةِ الْمُحَدِّدِ مُطْلَقًا لِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي كَرَاهَتِهِ التَّحْدِيدُ لِلْعَوْرَةِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعِلَّةَ فِي كَرَاهَةِ السَّرَاوِيلِ أَمْرَانِ التَّحْدِيدُ وَكَوْنُهُ لَيْسَ مِنْ زِيِّ السَّلَفِ فَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ وَلِأَنَّهُ إلَخْ بِالْوَاوِ وَأَمَّا كَرَاهَةُ الْمُحَدِّدِ غَيْرَهُ فَلِلتَّحْدِيدِ نَفْسِهِ وَلِذَا قِيلَ بِكَرَاهَةِ لُبْسِ الْمِئْزَرِ وَإِنْ كَانَ مِنْ زِيِّ السَّلَفِ وَالْمُرَادُ بِالْمِئْزَرِ عَلَى هَذَا الْمِلْحَفَةُ الَّتِي تُجْعَلُ فِي الْوَسَطِ كَفُوطَةِ الْحَمَّامِ أَمَّا إنْ أُرِيدَ بِالْمِئْزَرِ الْمِلْحَفَةُ الَّتِي يَلْتَحِفُ جَمِيعُهُ بِهَا كَبُرْدَةٍ أَوْ حِرَامٍ فَلَا كَرَاهَةَ فِي لُبْسِهِ كَمَا قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ لِانْتِفَاءِ التَّحْدِيدِ وَلِكَوْنِهِ مِنْ زِيِّ السَّلَفِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ بَعْضَهُمْ فَسَّرَ الْمِئْزَرَ بِالْمِلْحَفَةِ الَّتِي يَلْتَحِفُ جَمِيعُهُ بِهَا كَابْنِ الْعَرَبِيِّ فَحَكَمَ بِعَدَمِ كَرَاهَتِهِ وَفَسَّرَهُ بَعْضُهُمْ بِمَا يُشَدُّ فِي الْوَسَطِ كَفُوطَةِ الْحَمَّامِ فَحَكَمَ بِكَرَاهَتِهِ (قَوْلُهُ: لَا إنْ كَانَ التَّحْدِيدُ بِرِيحٍ) أَيْ بِسَبَبِ ضَرْبِ رِيحٍ أَوْ بِسَبَبِ بَلَلٍ (قَوْلُهُ: لَيْسَ عَلَى أَكْتَافِهِ مِنْهُ شَيْءٌ) أَيْ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الثِّيَابِ الَّتِي يَسْتُرُ أَكْتَافَهُ بِهَا وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ (قَوْلُهُ: وَانْتِقَابُ امْرَأَةٍ) أَيْ سَوَاءً كَانَتْ فِي صَلَاةٍ أَوْ فِي غَيْرِهَا كَانَ الِانْتِقَابُ فِيهَا لِأَجْلِهَا أَوْ لَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مِنْ الْغُلُوِّ) أَيْ الزِّيَادَةِ فِي الدِّينِ إذْ لَمْ تَرِدْ بِهِ السُّنَّةُ السَّمْحَةُ (قَوْلُهُ: وَالرَّجُلُ أَوْلَى) أَيْ مِنْ الْمَرْأَةِ بِالْكَرَاهَةِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَكُنْ مِنْ قَوْمٍ عَادَتُهُمْ ذَلِكَ) أَيْ الِانْتِقَابُ فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَادَتُهُمْ ذَلِكَ كَأَهْلِ نَفُوسَةَ بِالْمَغْرِبِ فَإِنَّ النِّقَابَ مِنْ دَأْبِهِمْ وَمِنْ عَادَتِهِمْ لَا يَتْرُكُونَهُ أَصْلًا فَلَا يُكْرَهُ لَهُمْ الِانْتِقَابُ إذَا كَانَ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ وَأَمَّا فِيهَا فَيُكْرَهُ وَإِنْ اُعْتِيدَ كَمَا فِي المج (قَوْلُهُ: فَالنِّقَابُ مَكْرُوهٌ مُطْلَقًا) أَيْ كَانَ فِي الصَّلَاةِ أَوْ خَارِجَهَا سَوَاءٌ كَانَ فِيهَا لِأَجْلِهَا أَوْ لِغَيْرِهَا مَا لَمْ يَكُنْ لِعَادَةٍ وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ خَارِجَهَا بِخِلَافِ تَشْمِيرِ الْكُمِّ وَضَمِّ الشَّعْرِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يُكْرَهُ فِيهَا إذَا كَانَ فِعْلُهُ لِأَجْلِهَا وَأَمَّا فِعْلُهُ خَارِجَهَا أَوْ فِيهَا لَا لِأَجْلِهَا فَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ وَمِثْلُ ذَلِكَ تَشْمِيرُ الذَّيْلِ عَنْ السَّاقِ فَإِنْ فَعَلَهُ لِأَجْلِ شُغْلٍ فَحَضَرَتْ الصَّلَاةُ فَصَلَّى الصَّلَاةَ وَهُوَ كَذَلِكَ فَلَا كَرَاهَةَ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ عَادَ لِشُغْلِهِ أَمْ لَا وَحَمَلَهَا الشَّبِيبِيُّ عَلَى مَا إذَا عَادَ لِشُغْلِهِ وَصَوَّبَهُ ابْنُ نَاجِيٍّ.
(قَوْلُهُ: وَكَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرُهُ) أَيْ تَأْخِيرُ قَوْلِهِ لِصَلَاةٍ عَنْ قَوْلِهِ وَتَلَثُّمٌ أَيْ وَذَلِكَ لِأَنَّ اللِّثَامَ إنَّمَا يُكْرَهُ إذَا فُعِلَ فِي الصَّلَاةِ لِأَجْلِهَا لَا مُطْلَقًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ وَالْحَقُّ كَمَا فِي بْن أَنَّ اللِّثَامَ يُكْرَهُ فِي الصَّلَاةِ وَخَارِجَهَا سَوَاءً فُعِلَ فِيهَا لِأَجْلِهَا أَوْ لَا لِأَنَّهُ أَوْلَى بِالْكَرَاهَةِ مِنْ النِّقَابِ وَحِينَئِذٍ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: كَكَشْفِ رِجْلِ مُشْتَرٍ) أَيْ مَرِيدِ الشِّرَاءِ وَمَفْهُومُهُ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا كَرَاهَةَ فِي حَقِّهَا فِي الْكَشْفِ الْمَذْكُورِ إذَا أَرَادَتْ شِرَاءَ أَمَةٍ وَأَمَّا إذَا أَرَادَتْ شِرَاءَ عَبْدٍ فَلَا تَنْظُرُ مِنْهُ إلَّا الْوَجْهَ وَالْأَطْرَافَ وَلَا يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَكْشِفَ غَيْرَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: صَدْرًا أَوْ سَاقًا) لَا مَفْهُومَ لَهُ بَلْ وَكَذَلِكَ كَشْفُ مِعْصَمِهَا وَأَكْتَافِهَا ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ كَرَاهَةِ كَشْفِ الرِّجْلِ لِمَا ذُكِرَ مِنْ الْأَمَةِ الَّتِي أَرَادَ شِرَاءَهَا ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ فَفِي بْن لَمْ يَعْرِفْ الْمَوَّاقُ وَلَا غَيْرُهُ الْقَوْلَ بِالْكَرَاهَةِ إلَّا اللَّخْمِيُّ وَهُوَ إنَّمَا ذَكَرَهُ عَلَى وَجْهٍ يُفِيدُ أَنَّهُ مُقَابِلٌ لِلْمَشْهُورِ وَجَوَازُ نَظَرِ الرَّجُلِ لِمَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ مِنْ الْأَمَةِ بِلَا شَهْوَةٍ (قَوْلُهُ: خَشْيَةَ التَّلَذُّذِ) يُقَالُ عَلَيْهِ الْغَالِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ إنَّمَا قَصَدَ بِالْكَشْفِ التَّقْلِيبَ لَا اللَّذَّةَ فَهُوَ عِلَّةٌ ضَعِيفَةٌ

الصفحة 218