كتاب الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (اسم الجزء: 1)

(وَ) كُرِهَ (صَمَّاءُ) أَيْ اشْتِمَالُهَا وَهِيَ كَمَا فِي كُتُبِ اللُّغَةِ أَنْ يَرِدَ الْكِسَاءَ مِنْ قِبَلِ يَمِينِهِ عَلَى يَدِهِ الْيُسْرَى وَعَاتِقِهِ الْأَيْسَرِ ثُمَّ يَرِدُهُ ثَانِيًا مِنْ خَلْفِهِ عَلَى يَدِهِ الْيُمْنَى وَعَاتِقِهِ الْأَيْمَنِ فَيُغَطِّيهِمَا جَمِيعًا وَقَالَ بَعْضُهُمْ وَهِيَ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ أَنْ يَشْتَمِلَ بِثَوْبٍ يُلْقِيهِ عَلَى مَنْكِبَيْهِ مُخْرِجًا يَدَهُ الْيُسْرَى مِنْ تَحْتِهِ أَوْ إحْدَى يَدَيْهِ مِنْ تَحْتِهِ وَإِنَّمَا كُرِهَ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمَرْبُوطِ فَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ إتْمَامِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَلِأَنَّهُ يَظْهَرُ مِنْهُ جَنْبُهُ بِنَاءً عَلَى مَا لِلْفُقَهَاءِ فَهُوَ كَمَنْ صَلَّى بِثَوْبٍ لَيْسَ عَلَى أَكْتَافِهِ مِنْهُ شَيْءٌ لِأَنَّ كَشْفَ الْبَعْضِ وَهُوَ الْجَنْبُ كَكَشْفِ الْكُلِّ وَمَحِلُّ الْكَرَاهَةِ إنْ كَانَتْ (بِسِتْرٍ) أَيْ مَعَهَا سِتْرٌ كَإِزَارٍ تَحْتَهَا وَ (إلَّا) تَكُنْ بِسَاتِرٍ تَحْتَهَا (مُنِعَتْ) لِحُصُولِ كَشْفِ الْعَوْرَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ عَلَى تَفْسِيرِ الْفُقَهَاءِ وَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِالصَّمَّاءِ مَا يَشْمَلُ الِاضْطِجَاعَ قَالَ الْإِمَامُ هُوَ أَنْ يَرْتَدِيَ وَيُخْرِجَ ثَوْبَهُ مِنْ تَحْتِ يَدِهِ الْيُمْنَى أَيْ يُبْدِي كَتِفَهُ الْأَيْمَنَ بِأَنْ يَجْعَلَ حَاشِيَةَ الرِّدَاءِ تَحْتَ إبْطِهِ ثُمَّ يُلْقِي طَرَفَهُ عَلَى الْكَتِفِ الْأَيْسَرِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَهُوَ مِنْ نَاحِيَةِ الصَّمَّاءِ (كَاحْتِبَاءٍ لَا سِتْرَ مَعَهُ) فَيُمْنَعُ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ وَكَذَا فِيهَا فِي بَعْضِ أَحْوَالِهَا كَحَالَةِ التَّشَهُّدِ أَوْ فِي النَّفْلِ إذَا صَلَّى مِنْ جُلُوسٍ أَوْ الْفَرْضُ كَذَلِكَ وَهُوَ إدَارَةُ الْجَالِسِ بِظَهْرِهِ وَرُكْبَتَاهُ إلَى صَدْرِهِ ثَوْبَهُ مُعْتَمَدًا عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ بِسِتْرٍ أَجَازَ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ.

(وَعَصَى) الرَّجُلُ (وَصَحَّتْ) صَلَاتُهُ (إنْ) (لَبِسَ حَرِيرًا) خَالِصًا مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ وَأَعَادَ بِوَقْتٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَكُرِهَ صَمَّاءُ) أَيْ لِأَجْلِ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: أَيْ اشْتِمَالُهَا) الْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ أَيْ الِاشْتِمَالُ بِالثَّوْبِ الَّذِي هُوَ الصَّمَّاءُ (قَوْلُهُ: أَنْ يَرِدَ الْكِسَاءَ إلَخْ) مُحَصَّلُهُ أَنْ يَلْتَفَّ بِثَوْبٍ كَحِرَامٍ مَثَلًا وَيَسْتُرَ بِهِ جَمِيعَ بَدَنِهِ بِأَنْ يَضَعَهُ عَلَى كَتِفَيْهِ وَفَوْقَ يَدَيْهِ وَلَا يُخْرِجُ مِنْ تَحْتِهِ شَيْئًا مِنْ يَدَيْهِ وَهَذِهِ الصُّورَةُ مَكْرُوهَةٌ لِأَنَّهُ صَارَ كَالْمَرْبُوطِ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ كَمَالِ الْأَرْكَانِ وَإِنْ كَانَتْ لَيْسَتْ صَمَّاءَ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ.
(قَوْلُهُ: وَعَاتِقِهِ الْأَيْسَرِ) هُوَ مَنْكِبُهُ وَكَتِفُهُ (قَوْلُهُ: فَيُغَطِّيهِمَا) أَيْ الْعَاتِقَيْنِ (قَوْلُهُ: وَإِحْدَى يَدَيْهِ) أَيْ أَوْ مُخْرِجًا إحْدَى يَدَيْهِ أَيْ الْيُمْنَى أَوْ الْيُسْرَى مِنْ تَحْتِهِ وَأَوْ لِحِكَايَةِ الْخِلَافِ فَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ يُعَيِّنُ كَوْنَ الْيَدِ الْمُخْرَجَةِ مِنْ تَحْتِهِ الْيُسْرَى وَالثَّانِي لَا يُعَيِّنُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمَرْبُوطِ) هَذَا التَّعْلِيلُ يَأْتِي عَلَى تَفْسِيرِ اللُّغَوِيِّينَ وَالْفُقَهَاءِ وَقَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ إلَخْ إنَّمَا يَظْهَرُ عَلَى كَلَامِ الْفُقَهَاءِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ يَظْهَرُ مِنْهُ جَنْبُهُ) أَيْ جِهَةَ الْيَدِ الَّتِي أَخْرَجَهَا مِنْ تَحْتِ الثَّوْبِ الْمُشْتَمِلِ بِهَا وَهَذَا التَّعْلِيلُ إنَّمَا يَتَأَتَّى فِيمَا إذَا كَانَ لَيْسَ لَابِسًا لِقَمِيصٍ تَحْتَ الثَّوْبِ الْمُشْتَمِلِ بِهَا بَلْ لَابِسًا لِإِزَارٍ وَأَمَّا إذَا كَانَ لَابِسًا لِقَمِيصٍ فَعِلَّةُ الْكَرَاهَةِ كَوْنُهُ فِي مَعْنَى الْمَرْبُوطِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ كَشْفَ الْبَعْضِ وَهُوَ الْجَنْبُ كَكَشْفِ الْكُلِّ) فِيهِ أَنَّهُ لَا مَعْنَى لِلْبَعْضِيَّةِ هُنَا لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ الْكَتِفَيْنِ مَسْتُورَانِ وَاَلَّذِي يَبْدُو مِنْهُ إنَّمَا هُوَ جَنْبُهُ فَقَطْ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ لِأَنَّ مَا قَارَبَ الشَّيْءَ يُعْطَى حُكْمَهُ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ) أَيْ وَالتَّعْلِيلُ بِحُصُولِ كَشْفِ الْعَوْرَةِ ظَاهِرٌ عَلَى تَفْسِيرِ الْفُقَهَاءِ وَأَمَّا عَلَى تَفْسِيرِ اللُّغَوِيِّينَ فَلَا يَظْهَرُ ذَلِكَ التَّعْلِيلُ وَهُوَ حُصُولُ الْكَشْفِ بِالْفِعْلِ نَعَمْ يُخَافُ حُصُولُهُ وَذَلِكَ إذَا أَخْرَجَ إحْدَى يَدَيْهِ مِنْ تَحْتِ الثَّوْبِ السَّاتِرِ لَهَا وَأَرَادَ إظْهَارَهَا لِلسُّجُودِ (قَوْلُهُ: وَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِالصَّمَّاءِ مَا يَشْمَلُ الِاضْطِبَاعَ) أَيْ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَكْرُوهٌ فِي الصَّلَاةِ إنْ كَانَ مَعَهُ سَاتِرٌ وَإِلَّا مُنِعَ فَلَا وَجْهَ لِلنَّصِّ عَلَى أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ (قَوْلُهُ: هُوَ أَنْ يَرْتَدِيَ) أَيْ يَجْعَلَ الرِّدَاءَ عَلَى كَتِفَيْهِ (قَوْلُهُ: وَيُخْرِجُ ثَوْبَهُ) أَيْ وَهُوَ الرِّدَاءُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مِنْ نَاحِيَةِ الصَّمَّاءِ) أَيْ مِنْ جِهَةِ أَنَّ كُلًّا يَمْنَعُ إتْمَامَ الْأَرْكَانِ لِأَنَّهُ كَالْمَرْبُوطِ وَلِأَنَّهُ إذَا أَخْرَجَ يَدَهُ الْمَسْتُورَةَ بِالرِّدَاءِ انْكَشَفَتْ جَنْبُهُ إنْ كَانَ لَابِسًا لِإِزَارٍ تَحْتَ الرِّدَاءِ وَانْكَشَفَتْ عَوْرَتُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ سَاتِرَ تَحْتِهِ (قَوْلُهُ: كَاحْتِبَاءٍ لَا سَتْرَ مَعَهُ) هَذَا تَشْبِيهٌ فِي الْمَنْعِ وَالْفَرْضُ أَنَّ الثَّوْبَ الَّذِي احْتَبَى بِهِ غَيْرُ سَاتِرٍ لِعَوْرَتِهِ وَإِلَّا فَالْكَرَاهَةُ لِاحْتِمَالِ انْحِلَالِ حَبْوَتِهِ فَتَبْدُو عَوْرَتُهُ (قَوْلُهُ: فَيُمْنَعُ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ) أَيْ إذَا كَانَ يَرَاهُ النَّاسُ وَإِلَّا كُرِهَ وَقَوْلُهُ: وَكَذَا فِيهَا أَيْ سَوَاءً كَانَ يَرَاهُ أَحَدٌ مِنْ النَّاسِ أَوْ لَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ الِاحْتِبَاءَ الَّذِي لَا سَتْرَ مَعَهُ يُمْنَعُ إذَا كَانَ فِي صَلَاةٍ كَأَنْ يَرَاهُ النَّاسُ أَوْ لَا وَتَبْطُلُ بِهِ لِظُهُورِ عَوْرَتِهِ وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ فَيُمْنَعُ إذَا كَانَ يَرَاهُ النَّاسُ وَإِلَّا كُرِهَ فَقَطْ (قَوْلُهُ: بِظَهْرِهِ) الْبَاءُ بِمَعْنَى عَلَى وَقَوْلُهُ: إلَى صَدْرِهِ حَالٌ أَيْ حَالَ كَوْنِهِمَا مَضْمُومَيْنِ لِصَدْرِهِ وَقَوْلُهُ: ثَوْبُهُ أَيْ ثَوْبًا صَغِيرَةً غَيْرَ لَابِسٍ لَهَا كَفُوطَةِ حَمَّامٍ أَوْ حَبْلٍ مَثَلًا (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ بِسَتْرٍ) أَيْ فَإِنْ كَانَ الِاحْتِبَاءُ مَعَهُ سَاتِرًا لِعَوْرَتِهِ كَسِرْوَالٍ أَوْ ثَوْبٍ لَابِسٍ لَهُ جَازَ وَقَوْلُهُ: وَهُوَ أَيْ الْجَوَازُ ظَاهِرٌ وَقَوْلُهُ: فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ أَيْ إذَا كَانَ الِاحْتِبَاءُ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ وَأَمَّا إذَا كَانَ فِيهَا فَلَا يَظْهَرُ الْجَوَازُ هَذَا ظَاهِرُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ قَدْ صَرَّحَ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِجَوَازِ الِاحْتِبَاءِ فِي النَّوَافِلِ مَعَ السَّاتِرِ فَقَالَ وَلَا بَأْسَ بِالِاحْتِبَاءِ فِي النَّوَافِلِ لِلْجَالِسِ.

(قَوْلُهُ: وَعَصَى الرَّجُلُ) أَيْ وَأَمَّا الصَّبِيُّ فَالْحَرِيرُ وَالذَّهَبُ فِي حَقِّهِ مَكْرُوهَانِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ يُونُسَ وَفِي الْمَدْخَلِ الْمَنْعُ أَوْلَى وَأَمَّا إلْبَاسُهُ الْفِضَّةَ فَجَائِزٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِالْكَرَاهَةِ (قَوْلُهُ: إنْ لَبِسَ حَرِيرًا) أَيْ وَأَمَّا حَمْلُ الْحَرِيرِ فِيهَا مِنْ غَيْرِ لُبْسٍ فَجَائِزٌ (قَوْلُهُ: مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ) أَيْ وَأَمَّا عِنْدَ عَدَمِ وُجُودِ غَيْرِهِ فَالصَّلَاةُ فِيهِ مُتَعَيِّنَةٌ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ يُعِيدُ أَيْضًا بِوَقْتٍ كَمَا مَرَّ

الصفحة 219