كتاب الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (اسم الجزء: 1)

لِقَوْلٍ كَانَ مَوْجُودًا مِنْ قَبْلُ بَلْ يَجُوزُ وَالْأَغْلَبُ عَدَمُ الْمُوَافَقَةِ (وَ) مُشِيرًا (بِالِاخْتِيَارِ) أَيْ بِمَادَّتِهِ الشَّامِلَةِ لِلِاسْمِ وَالْفِعْلِ (لِ) اخْتِيَارِ الْإِمَامِ (أَبِي الْحَسَنِ عَلِيٍّ اللَّخْمِيِّ) صَاحِبِ التَّبْصِرَةِ (لَكِنْ إنْ كَانَ) مَادَّةُ الِاخْتِيَارِ الَّتِي أَشَرْت بِهَا مُلْتَبِسَةً (بِصِيغَةِ الْفِعْلِ) كَاخْتَارَهُ (فَذَلِكَ) الِاخْتِيَارُ إشَارَةٌ (لِاخْتِيَارِهِ هُوَ فِي نَفْسِهِ) أَيْ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ لَا مِنْ أَقْوَالِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ (وَ) إنْ كَانَ (بِالِاسْمِ) كَالْمُخْتَارِ (فَذَلِكَ لِاخْتِيَارِهِ) لِذَلِكَ الْقَوْلِ (مِنْ الْخِلَافِ) بَيْنَ أَهْلِ الْمَذْهَبِ وَسَوَاءٌ وَقَعَ مِنْهُ بِلَفْظِ الِاخْتِيَارِ أَوْ التَّصْحِيحِ أَوْ التَّرْجِيحِ أَوْ التَّحْسِينِ أَوْ غَيْرِهَا (وَ) مُشِيرًا بِالتَّرْجِيحِ (لِ) تَرْجِيحِ الْإِمَامِ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ (ابْنِ يُونُسَ) وَسَوَاءٌ وَقَعَ مِنْهُ بِلَفْظِ التَّرْجِيحِ أَوْ غَيْرِهِ حَالَ كَوْنِ التَّرْجِيحِ الَّذِي أَشَرْت بِهِ (كَذَلِكَ) أَيْ مُشَابِهًا لِلِاخْتِيَارِ الْمُشَارِ بِهِ لِلَّخْمِيِّ فِي كَوْنِهِ إنْ كَانَ بِصِيغَةِ الْفِعْلِ فَذَلِكَ لِاخْتِيَارِهِ هُوَ فِي نَفْسِهِ وَإِنْ كَانَ بِالِاسْمِ فَذَلِكَ لِاخْتِيَارِهِ مِنْ الْخِلَافِ (وَبِالظُّهُورِ لِ) لِإِمَامِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ (ابْنِ رُشْدٍ كَذَلِكَ وَبِالْقَوْلِ لِ) لِإِمَامِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ (عَلِيِّ بْنِ عُمَرَ الْمَازِرِيِّ) نِسْبَةٌ لِمَازَرَةَ بِفَتْحِ الزَّايِ وَكَسْرِهَا مَدِينَةٌ فِي جَزِيرَةِ صِقِلِّيَّةَ وَهُوَ تِلْمِيذُ اللَّخْمِيِّ (كَذَلِكَ) أَيْ فِي التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ وَالْمُرَادُ مَتَى ذَكَرْت ذَلِكَ فَهُوَ إشَارَةٌ إلَى تَرْجِيحِهِمْ لَا أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ مَتَى رَجَّحَ بَعْضُهُمْ شَيْئًا أَشَرْت لَهُ بِمَا مَرَّ (وَحَيْثُ) أَيْ وَكُلُّ مَكَان مِنْ هَذَا الْمُخْتَصَرِ أَوْ وَكُلُّ وَقْتٍ (قُلْت) فِيهِ (خِلَافٌ)
ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ الْفَهْمَيْنِ (قَوْلُهُ: بَلْ يَجُوزُ) أَيْ بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُوَافِقًا لِقَوْلٍ كَانَ مَوْجُودًا، وَالْأَغْلَبُ أَنْ لَا يَكُونَ مُوَافِقًا لِقَوْلٍ مَوْجُودٍ (قَوْلُهُ: مُلْتَبِسَةً بِصِيغَةِ الْفِعْلِ) أَيْ مِنْ الْتِبَاسِ الْعَامِّ بِالْخَاصِّ

(قَوْلُهُ: فَذَلِكَ لِاخْتِيَارِهِ هُوَ فِي نَفْسِهِ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ يَقْتَضِي التَّجَدُّدَ وَالْحُدُوثَ الْمُنَاسِبَ لِمَا يُجَدِّدُهُ وَيُحْدِثُهُ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ بِالِاسْمِ) أَيْ، وَإِنْ كَانَ مَادَّةُ الِاخْتِيَارِ مُلْتَبِسَةً بِصِيغَةِ الِاسْمِ وَقَوْلُهُ: فَذَلِكَ أَيْ الِاخْتِيَارُ إشَارَةٌ لِاخْتِيَارِهِ مِنْ الْخِلَافِ الْوَاقِعِ بَيْنَ أَهْلِ الْمَذْهَبِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الِاسْمَ يَقْتَضِي الثُّبُوتَ الْمُنَاسِبَ لِلثَّابِتِ بَيْنَ أَهْلِ الْمَذْهَبِ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ وَقَعَ مِنْهُ إلَخْ) أَيْ وَسَوَاءٌ وَقَعَ الِاخْتِيَارُ لِقَوْلٍ مِنْ اللَّخْمِيِّ بِلَفْظِ الِاخْتِيَارِ إلَخْ أَيْ فَإِنَّهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ يُشِيرُ الْمُصَنِّفُ لِاخْتِيَارِهِ بِصِيغَةِ الِاسْمِ أَوْ الْفِعْلِ مِنْ مَادَّةِ الِاخْتِيَارِ (قَوْلُهُ: وَمُشِيرًا بِالتَّرْجِيحِ) أَيْ بِمَادَّتِهِ الشَّامِلَةِ لِلِاسْمِ وَالْفِعْلِ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ وَقَعَ مِنْهُ بِلَفْظِ التَّرْجِيحِ إلَخْ) أَيْ وَسَوَاءٌ كَانَ التَّرْجِيحُ الْوَاقِعُ مِنْ ابْنِ يُونُسَ بِلَفْظِ التَّرْجِيحِ أَوْ التَّصْحِيحِ أَوْ الِاخْتِيَارِ أَوْ الِاسْتِحْسَانِ فَإِنَّهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ يُشِيرُ الْمُصَنِّفُ لِتَرْجِيحِهِ بِصِيغَةِ الْفِعْلِ أَوْ الِاسْمِ مِنْ مَادَّةِ التَّرْجِيحِ (قَوْلُهُ: فَذَلِكَ لِاخْتِيَارِهِ مِنْ الْخِلَافِ) أَيْ الْوَاقِعِ بَيْنَ الْمُتَقَدِّمِينَ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ (قَوْلُهُ: وَبِالظُّهُورِ) أَيْ وَبِمَادَّةِ الظُّهُورِ الشَّامِلَةِ لِلِاسْمِ وَالْفِعْلِ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ بَعْدُ وَبِالْقَوْلِ (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ حَالَ كَوْنِ الظُّهُورِ الَّذِي أَشَرْت بِهِ لِابْنِ رُشْدٍ مُشَابِهًا لِلِاخْتِيَارِ الْمُشَارِ بِهِ لِلَّخْمِيِّ فِي كَوْنِهِ إنْ كَانَ بِصِيغَةِ الْفِعْلِ فَذَلِكَ لِاخْتِيَارِهِ فِي نَفْسِهِ، وَإِنْ كَانَ بِصِيغَةِ الِاسْمِ فَذَلِكَ لِاخْتِيَارِهِ مِنْ الْخِلَافِ الْوَاقِعِ بَيْنَ الْمُتَقَدِّمِينَ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ
(قَوْلُهُ: فِي جَزِيرَةِ صِقِلِّيَّةَ) أَيْ وَهِيَ الْمُسَمَّاةُ الْآنَ بِسِلْسِلِيَّةَ وَهِيَ جَزِيرَةٌ بِالْقُرْبِ مِنْ مَالِطَةَ أَعَادَهَا اللَّهُ لِلْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ: فِي التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ) أَيْ فِي كَوْنِهِ إنْ كَانَ بِصِيغَةِ الْفِعْلِ فَذَلِكَ لِاخْتِيَارِهِ فِي نَفْسِهِ، وَإِنْ كَانَ بِصِيغَةِ الِاسْمِ فَذَلِكَ لِاخْتِيَارِهِ مِنْ الْخِلَافِ بَيْنَ أَهْلِ الْمَذْهَبِ الْمُتَقَدِّمِينَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ: إنَّ هَؤُلَاءِ الْأَشْيَاخَ لَهُمْ تَرْجِيحَاتٌ كَثِيرَةٌ مَشَى الْمُصَنِّفُ عَلَيْهَا وَلَمْ يُشِرْ لَهَا بِشَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: مَتَى ذَكَرْت ذَلِكَ) أَيْ مَا تَقَدَّمَ مِنْ مَادَّةِ الِاخْتِيَارِ أَوْ التَّرْجِيحِ أَوْ الظُّهُورِ أَوْ الْقَوْلِ (قَوْلُهُ: لَا أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ) أَيْ الْحَالَ وَالشَّأْنَ مَتَى رَجَّحَ بَعْضُهُمْ شَيْئًا إلَخْ أَيْ حَتَّى يَعْتَرِضَ بِوُجُودِ تَرْجِيحَاتٍ كَثِيرَةٍ لَهُمْ مَشَى الْمُصَنِّفُ عَلَيْهَا وَلَمْ يُشِرْ إلَيْهَا وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ هَؤُلَاءِ الْمَشَايِخَ الْأَرْبَعَةَ عَلَى تَرْتِيبِهِمْ فِي الْوُجُودِ وَأَقْدَمُهُمْ ابْنُ يُونُسَ الصَّقَلِّيُّ تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعمِائَةٍ وَوَاحِدٍ وَخَمْسِينَ ثُمَّ اللَّخْمِيُّ الصَّفَاقُصِيُّ تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعِمِائَةٍ وَثَمَانِيَةٍ وَسَبْعِينَ ثُمَّ ابْنُ رُشْدٍ الْقُرْطُبِيُّ تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسِمِائَةٍ وَثَلَاثِينَ ثُمَّ الْمَازِرِيُّ تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسِمِائَةٍ وَسِتٍّ وَثَلَاثِينَ وَخَصَّ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةَ بِالذِّكْرِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ لِأَحَدٍ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ مَا وَقَعَ لَهُمْ مِنْ التَّعَبِ فِي تَحْرِير الْمَذْهَبِ وَتَهْذِيبِهِ وَخُصَّ ابْنُ يُونُسَ بِالتَّرْجِيحِ؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ اجْتِهَادِهِ فِي الْمَيْلِ إلَى بَعْضِ أَقْوَالِ مَنْ سَبَقَهُ وَمَا يَخْتَارُهُ لِنَفْسِهِ قَلِيلٌ وَخُصَّ ابْنُ رُشْدٍ بِالظُّهُورِ لِاعْتِمَادِهِ كَثِيرًا عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَاتِ فَيَقُولُ يَأْتِي عَلَى رِوَايَةِ كَذَا كَذَا وَظَاهِرُ مَا فِي سَمَاعِ فُلَانٍ كَذَا وَخُصَّ الْمَازِرِيُّ بِالْقَوْلِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قَوِيَتْ عَارِضَتُهُ فِي الْعُلُومِ وَتَصَرَّفَ فِيهَا تَصَرُّفَ الْمُجْتَهِدِينَ كَانَ صَاحِبَ قَوْلٍ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ وَخُصَّ اللَّخْمِيُّ بِمَادَّةِ الِاخْتِيَارِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ أَجْرَأَهُمْ عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَيْ وَكُلُّ مَكَان إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ حَيْثُ مُبْتَدَأٌ وَأَنَّهَا إمَّا بِمَعْنَى الْمَكَانِ أَوْ الزَّمَانِ وَقَوْلُهُ: فَذَلِكَ إلَخْ هُوَ الْخَبَرُ وَدَخَلَتْ الْفَاءُ عَلَيْهِ لِإِجْرَاءِ كَلِمَةِ الظَّرْفِ مَجْرَى كَلِمَةِ الشَّرْطِ فِي الْعُمُومِ وَحَاصِلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ

الصفحة 22