كتاب الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (اسم الجزء: 1)

أَيْ هَذَا اللَّفْظُ (فَذَلِكَ) أَيْ قَوْلِي خِلَافٌ إشَارَةً (لِلِاخْتِلَافِ) بَيْنَ أَئِمَّةِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ (فِي التَّشْهِيرِ) لِلْأَقْوَالِ إنْ تَسَاوَى الْمُشَهِّرُونَ فِي الرُّتْبَةِ عِنْدَهُ وَسَوَاءٌ وَقَعَ مِنْهُمْ بِلَفْظِ التَّشْهِيرِ أَوْ بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَالْمَذْهَبِ كَذَا أَوْ الظَّاهِرِ كَذَا أَوْ الرَّاجِحِ أَوْ الْمَعْرُوفِ أَوْ الْمُعْتَمَدِ كَذَا فَالْمُرَادُ بِالتَّشْهِيرِ التَّرْجِيحُ، فَإِنْ لَمْ يَتَسَاوَ الْمُرَجِّحُونَ اقْتَصَرَ عَلَى مَا رَجَّحَهُ الْأَقْوَى عُرِفَ ذَلِكَ مِنْ تَتَبُّعِ كَلَامِهِ (وَحَيْثُ ذَكَرْت قَوْلَيْنِ أَوْ أَقْوَالًا) بِلَا تَرْجِيحٍ (فَذَلِكَ) إشَارَةٌ (لِعَدَمِ اطِّلَاعِي فِي الْفَرْعِ) أَيْ الْحُكْمِ الْفِقْهِيِّ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الِاخْتِلَافُ (عَلَى أَرْجَحِيَّةِ) أَيْ رَاجِحِيَّةٍ (مَنْصُوصَةٍ) لِأَهْلِ الْمَذْهَبِ أَيْ لَمْ أَجِدْ تَرْجِيحًا أَصْلًا فَأَفْعَلُ التَّفْضِيلِ فِي الْمُصَنَّفِ لَيْسَ عَلَى بَابِهِ فَتَأَمَّلْ أَمَّا لَوْ وَجَدَ رَاجِحِيَّةً أَوْ أَرْجَحِيَّةً لِأَحَدِ الْأَقْوَالِ لَاقْتَصَرَ عَلَى الرَّاجِحِ أَوْ الْأَرْجَحِ وَلَوْ وَجَدَ رَاجِحِيَّةً لِلْكُلِّ لَعَبَّرَ بِخِلَافٍ كَمَا مَرَّ فَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ (وَأَعْتَبِرُ)
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنَّ الشُّيُوخَ إذَا اخْتَلَفُوا فِي تَشْهِيرِ أَقْوَالٍ فِي مَسْأَلَةٍ فَإِنَّهُ يَذْكُرُ الْقَوْلَيْنِ الْمَشْهُورَيْنِ أَوْ الْأَقْوَالَ الْمَشْهُورَةَ وَيَأْتِي بَعْدَهَا بِلَفْظِ خِلَافٌ إشَارَةً لِذَلِكَ
(قَوْلُهُ: أَيْ هَذَا اللَّفْظُ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ " خِلَافٌ " فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا مَرْفُوعٌ عَلَى الْحِكَايَةِ إذْ هُوَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي لَهُ فِي الْأَبْوَابِ مَرْفُوعٌ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ تَارَةً وَمَذْكُورٌ أُخْرَى، وَإِنَّمَا لَمْ يَنْصِبْهُ نَظَرًا لِكَوْنِهِ مَقُولَ الْقَوْلِ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّهُ مَتَى ذَكَرَ أَقْوَالًا مُخْتَلِفَةً فِي مَسْأَلَةٍ كَقَوْلِهِ: اُعْتُدَّ بِهِ عِنْدَ مَالِكٍ لَا ابْنِ الْقَاسِمِ وَكَقَوْلِهِ وَتَصَرُّفُهُ قَبْلَ الْحَجْرِ مَحْمُولٌ عَلَى الْإِجَازَةِ عِنْدَ مَالِكٍ لَا ابْنِ الْقَاسِمِ كَانَتْ تِلْكَ الْأَقْوَالُ مُخْتَلِفَةً فِي التَّشْهِيرِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لَا يُقَالُ الْقَوْلُ لَا يَنْصِبُ الْمُفْرَدَ.
لِأَنَّا نَقُولُ: إنَّهُ يَنْصِبُهُ إذَا أُوِّلَ الْقَوْلُ بِالذِّكْرِ وَحِينَئِذٍ فَلَوْ نَصَبَ خِلَافًا لَكَانَ الْمَعْنَى وَحَيْثُ ذَكَرْت خِلَافًا أَيْ اخْتِلَافًا وَنِزَاعًا فِي مَسْأَلَةٍ سَوَاءٌ عَبَّرَ بِمَادَّةِ الْخِلَافِ أَوْ الْأَقْوَالِ أَوْ لَمْ يُعَبِّرْ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ وَقَعَ مِنْهُمْ إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي التَّشْهِيرِ مِنْ هَؤُلَاءِ الْمُشَهِّرِينَ الْمُتَسَاوِينَ فِي الرُّتْبَةِ عِنْدَهُ بِلَفْظِ التَّشْهِيرِ بِأَنْ عَبَّرَ كُلٌّ مِنْهُمْ بِالْمَشْهُورِ كَذَا وَقَوْلُهُ: أَوْ بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ إلَخْ أَيْ بِأَنْ عَبَّرَ كُلٌّ مِنْهُمْ بِالْمَذْهَبِ كَذَا أَوْ الْمَعْرُوفِ كَذَا أَوْ الْمُعْتَمَدِ كَذَا أَوْ الرَّاجِحِ كَذَا
(قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَتَسَاوَ الْمُرَجِّحُونَ) أَيْ فِي الرُّتْبَةِ عِنْدَهُ (قَوْلُهُ: اقْتَصَرَ عَلَى مَا رَجَّحَهُ الْأَقْوَى) أَيْ عَلَى مَا رَجَّحَهُ أَعْلَاهُمْ فِي الرُّتْبَةِ وَاقْتِصَارُهُ عَلَى مَا رَجَّحَهُ الْأَقْوَى بِالنَّظَرِ لِلْغَالِبِ وَمِنْ غَيْرِ الْغَالِبِ قَدْ يَذْكُرُ أَوَّلًا الْمُعْتَمَدُ وَيَذْكُرُ بَعْدَهُ الْقَوْلُ الضَّعِيفُ كَقَوْلِهِ فِي الذَّكَاةِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ مَا شَهَرَهُ الْأَعْلَى وَشَهَرَ أَيْضًا الِاكْتِفَاءَ بِنِصْفِ الْحُلْقُومِ وَالْوَدَجَيْنِ (قَوْلُهُ: وَحَيْثُ ذَكَرْت قَوْلَيْنِ إلَخْ) أَيْ وَكُلُّ مَكَان مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَقَعَ مِنِّي فِيهِ ذِكْرُ قَوْلَيْنِ أَوْ أَقْوَالٍ بِأَنْ قَالَ: هَلْ كَذَا أَوْ كَذَا قَوْلَانِ أَوْ أَقْوَالٌ أَوْ قَالَ هَلْ كَذَا أَوْ كَذَا ثَالِثُهَا كَذَا وَرَابِعُهَا كَذَا فَلَا فَرْقَ بَيْنَ تَلَفُّظِهِ بِصِيغَةِ الْقَوْلِ وَعَدَمِهِ (قَوْلُهُ: فَذَلِكَ) أَيْ ذِكْرُ الْقَوْلَيْنِ أَوْ الْأَقْوَالِ بِلَا تَرْجِيحٍ (قَوْلُهُ: إشَارَةٌ) أَيْ ذُو إشَارَةٍ أَوْ مُشِيرٌ (قَوْلُهُ: أَيْ الْحُكْمُ الْفِقْهِيُّ) أَشَارَ بِهَذَا التَّعْرِيفِ لِلْفَرْعِ وَهُوَ الْحُكْمُ الْفِقْهِيُّ أَيْ الْحُكْمُ الشَّرْعِيُّ الْمُتَعَلِّقُ بِكَيْفِيَّةِ عَمَلٍ قَلْبِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ فَالْأَوَّلُ كَثُبُوتِ الْوُجُوبِ لِلنِّيَّةِ فِي الْوُضُوءِ فَإِنَّهُ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ تَعَلَّقَ بِالْوُجُوبِ الَّذِي هُوَ كَيْفِيَّةٌ لِلنِّيَّةِ الَّتِي هِيَ عَمَلٌ قَلْبِيٌّ، وَالثَّانِي كَثُبُوتِ الْوُجُوبِ لِلْوُضُوءِ فَإِنَّهُ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ تَعَلَّقَ بِالْوُجُوبِ الَّذِي هُوَ كَيْفِيَّةٌ لِلْعَمَلِ الْغَيْرِ الْقَلْبِيِّ أَعْنِي الْوُضُوءَ، وَالْمُرَادُ بِكَوْنِ الْحُكْمِ شَرْعِيًّا أَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ الشَّرْعِ الَّذِي جَاءَ بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالِاسْتِنْبَاطِ (قَوْلُهُ: أَيْ لَمْ أَجِدْ تَرْجِيحًا أَصْلًا) أَيْ لَمْ أَجِدْ فِي تِلْكَ الْأَقْوَالِ الْمَوْجُودَةِ فِي ذَلِكَ الْفَرْعِ تَرْجِيحًا لِأَحَدٍ أَصْلًا (قَوْلُهُ: فَتَأَمَّلْ) أَمْرٌ بِالتَّأَمُّلِ لِصُعُوبَةِ الْمَقَامِ؛ لِأَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِحَسَبِ ظَاهِرِهِ يَصْدُقُ بِمَا إذَا اطَّلَعَ عَلَى رَاجِحِيَّةٍ لِأَحَدِ الْقَوْلَيْنِ أَوْ الْأَقْوَالِ وَبِمَا إذَا اطَّلَعَ عَلَى رَاجِحِيَّةٍ لِكُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ أَوْ الْأَقْوَالِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْأَمْرُ فِي ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ وَجَدَ رَاجِحِيَّةً) أَيْ لِأَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَكَانَ مُقَابِلُهُ ضَعِيفًا (قَوْلُهُ: وَأَرْجَحِيَّةً) أَيْ لِأَحَدِ الْأَقْوَالِ وَكَانَ مُقَابِلُهُ رَاجِحًا فَقَطْ
(قَوْلُهُ: فَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ) الْأُولَى مَا إذَا اطَّلَعَ عَلَى رَاجِحِيَّةٍ فِي كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ وَفِي هَذِهِ

الصفحة 23