كتاب الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (اسم الجزء: 1)

أَوْ اتَّصَلَ بِهَا أَوْ انْفَصَلَ عَنْهَا وَكَانَ يَسِيرًا كَآنِيَةِ وُضُوءٍ غَسَلَ عُضْوَهُ فِيهِ وَاحْتُرِزَ بِالْمَاءِ عَنْ التُّرَابِ فَلَا يُكْرَهُ التَّيَمُّمُ عَلَيْهِ مَرَّةً أُخْرَى لِعَدَمِ تَعَلُّقِهِ بِالْأَعْضَاءِ (وَفِي) كَرَاهَةِ اسْتِعْمَالِ مَاءٍ مُسْتَعْمَلٍ فِي (غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ حَدَثٍ، وَكَذَا حُكْمُ خَبَثٍ مِمَّا يَتَوَقَّفُ عَلَى مُطْلَقٍ، وَيُقْصَدُ مَعَهُ الصَّلَاةُ كَغُسْلِ إحْرَامٍ وَجُمُعَةٍ وَعِيدٍ وَتَجْدِيدِ وُضُوءٍ وَمَاءِ غَسْلَةٍ ثَانِيَةٍ وَثَالِثَةٍ وَعَدَمِ كَرَاهَتِهِ (تَرَدُّدٌ) .
وَأَمَّا الْغَسْلَةُ الرَّابِعَةُ وَمَا غُسِلَ بِهِ إنَاءٌ أَوْ ثَوْبٌ نَظِيفَانِ أَوْ وُضُوءٌ لَمْ يُقْصَدْ بِهِ صَلَاةٌ كَوُضُوءِ جُنُبٍ أَوْ لِزِيَارَةِ صَالِحٍ أَوْ سُلْطَانٍ فَلَا يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهُ فِي مُتَوَقِّفٍ عَلَى طَهُورٍ قَطْعًا
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْإِعَادَةَ بِخِلَافِ الْعَكْسِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ اتَّصَلَ بِهَا) أَيْ وَاسْتَمَرَّ عَلَى اتِّصَالِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ انْفَصَلَ عَنْهَا) أَيْ كَمَاءِ فِي قَصْرِيَّةٍ أَدْخَلَ يَدَهُ أَوْ رِجْلَهُ فِيهَا وَدَلَكَهَا فِيهَا، فَإِنْ دَلَكَهَا خَارِجَهَا فَلَا كَرَاهَةَ؛ لِأَنَّ الِاسْتِعْمَالَ عِنْدَ أَصْحَابِنَا بِالدَّلْكِ لَا بِمُجَرَّدِ إدْخَالِ الْعُضْوِ وَهَذَا غَيْرُ قَوْلِهِ مَا تَقَاطَرَ إذْ مَعْنَاهُ أَنَّهُ جَمَعَ مَا تَقَاطَرَ مِنْ الْمَاءِ النَّازِلِ مِنْ أَعْضَائِهِ فِي إنَاءٍ، وَأَمَّا إذَا اغْتَرَفْتَ مِنْ الْإِنَاءِ وَغَسَلْتَ الْأَعْضَاءَ خَارِجَهُ فَهَذَا الْمَاءُ الَّذِي فِي الْإِنَاءِ وَاغْتَرَفْتَ مِنْهُ غَيْرُ مُسْتَعْمَلٍ (قَوْلُهُ: وَكَانَ يَسِيرًا) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ انْفَصَلَ عَنْهَا، وَأَمَّا الْمُتَّصِلُ بِهَا فَلَا يَكُونُ إلَّا يَسِيرًا (قَوْلُهُ: كَآنِيَةِ وُضُوءٍ) أَيْ وَكَذَا آنِيَةُ غُسْلٍ فَهِيَ قَلِيلَةٌ حَتَّى بِالنِّسْبَةِ لِلْمُتَوَضِّئِ.
(تَنْبِيهٌ) مَا تَقَاطَرَ مِنْ الْعُضْوِ الَّذِي تَتِمُّ بِهِ الطَّهَارَةُ أَوْ اتَّصَلَ بِهِ مُسْتَعْمَلٌ بِلَا نِزَاعٍ، وَأَمَّا مَا تَقَاطَرَ مِنْ الْعُضْوِ غَيْرِ الْأَخِيرِ أَوْ اتَّصَلَ بِهِ، فَإِنْ اُسْتُعْمِلَ بَعْدَ تَمَامِ الطَّهَارَةِ فَهُوَ اسْتِعْمَالٌ لِمَاءٍ مُسْتَعْمَلٍ فِي حَدَثٍ أَيْضًا، وَإِنْ اُسْتُعْمِلَ قَبْلَ تَمَامِ الطَّهَارَةِ، فَإِنْ قُلْنَا: إنَّ الْحَدَثَ يَرْتَفِعُ عَنْ كُلِّ عُضْوٍ بِانْفِرَادِهِ فَكَذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا يُكْرَهُ كَذَا ذَكَرَ شَيْخُنَا فِي الْحَاشِيَةِ (قَوْلُهُ: وَفِي غَيْرِهِ تَرَدُّدٌ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمَاءَ إذَا اُسْتُعْمِلَ أَوَّلًا فِي غَيْرِ رَفْعِ الْحَدَثِ وَإِزَالَةِ حُكْمِ الْخَبَثِ بِأَنْ اسْتَعْمَلَهُ فِيمَا يَتَوَقَّفُ عَلَى مُطْلَقٍ وَيُقْصَدُ مَعَهُ الصَّلَاةُ كَغُسْلِ الْإِحْرَامِ وَالْجُمُعَةِ وَالْعِيدِ وَتَجْدِيدِ وُضُوءٍ وَغَسْلَةٍ ثَانِيَةٍ وَثَالِثَةٍ هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُسْتَعْمَلَ ثَانِيًا فِي رَفْعِ حَدَثٍ وَحُكْمِ خَبَثٍ أَوْ أَوْضِيَةٍ أَوْ اغْتِسَالَاتٍ مَنْدُوبَةٍ أَوْ يَكْرَهُ تَرَدُّدٌ لِلْمُتَأَخِّرِينَ فَالْكَرَاهَةُ لِابْنِ بَشِيرٍ وَصَاحِبِ الْإِرْشَادِ وَعَدَمُهَا لِسَنَدٍ وَابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ كَذَا فِي بْن وَهَذَا التَّرَدُّدُ مُسْتَوٍ لَمْ يُعْتَمَدْ وَاحِدٌ مِنْ الْقَوْلَيْنِ (قَوْلُهُ: وَمَاءِ غَسْلَةٍ ثَانِيَةٍ وَثَالِثَةٍ) جَعَلَهُمَا مِنْ مَحَلِّ التَّرَدُّدِ هُوَ مَا ارْتَضَاهُ عج وَاَلَّذِي اسْتَظْهَرَهُ ح فِي مَاءِ الْغَسْلَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الظَّاهِرُ كَرَاهَتُهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ تَمَامِ رَفْعِ الْحَدَثِ فَيَنْسَحِبُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: أَوْ لِزِيَارَةِ صَالِحٍ أَوْ سُلْطَانٍ أَيْ أَوْ لِتَبَرُّدٍ (قَوْلُهُ: فَلَا يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهُ فِي مُتَوَقِّفٍ عَلَى طَهُورٍ قَطْعًا) أَيْ مِثْلُ رَفْعِ حَدَثٍ أَوْ حُكْمِ خَبَثٍ وَالْأَوْضِيَةِ وَالِاغْتِسَالَاتِ الْمَنْدُوبَةِ وَقَوْلُهُ: فَلَا يُكْرَهُ إلَخْ أَيْ فَهَذِهِ خَارِجَةٌ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ كَمَا أَنَّ مَاءَ غُسْلِ الذِّمِّيَّةِ مِنْ الْحَيْضِ لِأَجْلِ أَنْ يَطَأَهَا زَوْجُهَا الْمُسْلِمُ خَارِجَةً مِنْ الْخِلَافِ لِكَرَاهَةِ اسْتِعْمَالِ ذَلِكَ الْمَاءِ بَعْدَ ذَلِكَ فِي رَفْعِ حَدَثٍ أَوْ أَوْضِيَةٍ أَوْ اغْتِسَالَاتٍ مَنْدُوبَةٍ فَهِيَ مِنْ جُمْلَةِ أَفْرَادِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَكُرِهَ مَاءٌ مُسْتَعْمَلٌ فِي حَدَثٍ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ صُوَرَ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ صُورَةً؛ لِأَنَّ اسْتِعْمَالَهُ أَوَّلًا إمَّا فِي حَدَثٍ أَوْ فِي حُكْمِ خَبَثٍ، وَإِمَّا فِي طَهَارَةٍ مَسْنُونَةٍ أَوْ مُسْتَحَبَّةٍ، وَإِمَّا فِي غَسْلِ إنَاءٍ وَنَحْوِهِ، وَكُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ إذَا اُسْتُعْمِلَ ثَانِيًا فَلَا بُدَّ أَنْ يُسْتَعْمَلَ فِي أَحَدِهَا فَالْمُسْتَعْمَلُ فِي حَدَثٍ أَوْ فِي حُكْمِ خَبَثٍ يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهُ فِي رَفْعِ الْحَدَثِ لَا فِي إزَالَةِ الْخَبَثِ، وَصُوَرُهُ أَرْبَعٌ وَكَذَا يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهُ فِي الطَّهَارَةِ الْمَسْنُونَةِ وَالْمُسْتَحَبَّةِ وَصُوَرُهُ أَرْبَعٌ أَيْضًا وَلَا يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهُ فِي غَسْلٍ كَالْإِنَاءِ وَهَاتَانِ صُورَتَانِ، وَالْمُسْتَعْمَلُ فِي الطَّهَارَةِ الْمَسْنُونَةِ وَالْمُسْتَحَبَّةِ يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهُ فِي رَفْعِ الْحَدَثِ وَحُكْمِ الْخَبَثِ وَكَذَا فِي الطَّهَارَةِ الْمَسْنُونَةِ وَالْمُسْتَحَبَّةِ عَلَى أَحَدِ التَّرَدُّدَيْنِ فِي الْمَسَائِلِ الثَّمَانِيَةِ لَا فِي غَيْرِ

الصفحة 42