كتاب الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (اسم الجزء: 1)

(نُدِبَ نَزْحٌ) مِنْهُ لِتَزُولَ الرُّطُوبَاتُ الَّتِي خَرَجَتْ مِنْ فِيهِ عِنْدَ فَتْحِهِ وَقْتَ خُرُوجِ رُوحِهِ وَيُنْقِصُ النَّازِحُ الدَّلْوَ لِئَلَّا تَطْفُوَ الدُّهْنِيَّةُ فَتَعُودَ لِلْمَاءِ وَيَكُونَ النَّزْحُ (بِقَدْرِهِمَا) أَيْ بِقَدْرِ الْحَيَوَانِ وَالْمَاءِ مِنْ قِلَّةِ الْمَاءِ وَكَثْرَتِهِ وَصِغَرِ الْحَيَوَانِ وَكِبَرِهِ فَيَقِلُّ النَّزْحُ مَعَ صِغَرِ الْحَيَوَانِ وَكَثْرَةِ الْمَاءِ وَيَكْثُرُ مَعَ كِبَرِهِ وَقِلَّةِ الْمَاءِ وَيُتَوَسَّطُ فِي عِظَمِهِمَا وَصِغَرِهِمَا وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى ظَنِّ زَوَالِ الرُّطُوبَاتِ وَكُلَّمَا كَثُرَ النَّزْحُ كَانَ أَحْسَنَ وَاحْتُرِزَ بِالْبَرِّيِّ عَنْ الْبَحْرِيِّ وَبِذِي النَّفْسِ عَنْ غَيْرِهِ كَالْعَقْرَبِ وَبِالرَّاكِدِ عَنْ الْجَارِي فَلَا يُنْدَبُ النَّزْحُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ.
ثُمَّ صَرَّحَ بِمَفْهُومِ الشَّرْطِ لِخَفَائِهِ وَلِلرَّدِّ عَلَى مَنْ يَقُولُ فِيهِ بِنَدْبِ النَّزْحِ فَقَالَ: (لَا إنْ) (وَقَعَ) الْبَرِّيُّ فِي الْمَاءِ (مَيِّتًا) أَوْ حَيًّا وَأُخْرِجَ حَيًّا فَلَا يُنْدَبُ النَّزْحُ (وَإِنْ زَالَ تَغَيُّرُ) الْمَاءِ الْكَثِيرِ وَلَا مَادَّةَ لَهُ (النَّجِسِ) بِكَسْرِ الْجِيمِ أَيْ الْمُتَنَجِّسِ (لَا بِكَثْرَةِ مُطْلَقٍ) صُبَّ عَلَيْهِ وَلَا بِإِلْقَاءِ شَيْءٍ مِنْ تُرَابٍ أَوْ طِينٍ بَلْ بِنَفْسِهِ أَوْ بِنَزْحِ بَعْضِهِ (فَاسْتَحْسَنَ الطَّهُورِيَّةَ) لِذَلِكَ الْمَاءِ لِأَنَّ تَنَجُّسَهُ إنَّمَا كَانَ لِأَجْلِ التَّغَيُّرِ، وَقَدْ زَالَ وَالْحُكْمُ يَدُورُ مَعَ عِلَّتِهِ وُجُودًا وَعَدَمًا كَالْخَمْرِ يَتَخَلَّلُ (وَعَدَمُهَا) أَيْ الطَّهُورِيَّةِ يَعْنِي وَالطَّاهِرِيَّةُ وَكَأَنَّهُ اتَّكَلَ عَلَى اسْتِصْحَابِ الْأَصْلِ (أَرْجَحُ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَالْأَوَّلُ ضَعِيفٌ إلَّا
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُصَنِّفُ مِنْ نَدْبِ النَّزْحِ مَعَ الْقُيُودِ وَهِيَ كَوْنُ الْحَيَوَانِ الْوَاقِعِ فِي الْمَاءِ بَرِّيًّا ذَا نَفْسٍ سَائِلَةٍ، وَالْمَاءُ الْوَاقِعُ فِيهِ رَاكِدٌ وَغَيْرُ كَثِيرٍ جِدًّا وَمَاتَ فِيهِ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ هُوَ الْمَشْهُورُ وَقِيلَ يَجِبُ النَّزْحُ وَعَلَى الْمَشْهُورِ فَهُوَ مَكْرُوهُ الِاسْتِعْمَالِ قَبْلَ النَّزْحِ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ وَيُعِيدُ مَنْ صَلَّى بِهِ فِي الْوَقْتِ كَمَا فِي ح وَابْنِ مَرْزُوقٍ نَقْلًا عَنْ الْأَكْثَرِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: نُدِبَ نَزْحٌ) أَيْ وَكُرِهَ اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ قَبْلَ النَّزْحِ لَا بَعْدَهُ فَلَا كَرَاهَةَ.
(قَوْلُهُ: لِئَلَّا تَطْفُوَ) أَيْ تَعْلُوَ الدُّهْنِيَّةُ عَلَى وَجْهِ الْمَاءِ الَّذِي فِي الدَّلْوِ فَتَسْقُطَ فِي الْبِئْرِ فَتَضِيعَ ثَمَرَةُ النَّزْحِ (قَوْلُهُ: فِي عِظَمِهِمَا) أَيْ الْمَاءِ الرَّاكِدِ وَالْحَيَوَانِ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَالتَّحْقِيقُ) أَيْ وَأَمَّا مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّهُ يُنْدَبُ النَّزْحُ بِقَدْرِهِمَا فَهُوَ خِلَافُ التَّحْقِيقِ إذْ لَا يُفِيدُ حُكْمًا؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَ النَّدْبَ عَلَى مَجْهُولٍ وَهُوَ النَّزْحُ بِقَدْرِهِمَا وَهَذَا التَّحْقِيقُ لِلرَّجْرَاجِيِّ (قَوْلُهُ: عَلَى ظَنِّ زَوَالِ الرُّطُوبَاتِ) أَيْ لَا عَلَى النَّزْحِ بِقَدْرِهِمَا (قَوْلُهُ: وَاحْتُرِزَ بِالْبَرِّيِّ إلَخْ) وَاحْتُرِزَ أَيْضًا بِقَوْلِهِ، وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ عَمَّا إذَا تَغَيَّرَ أَحَدُ أَوْصَافِ الْمَاءِ فَإِنَّهُ يَجِبُ النَّزْحُ لِنَجَاسَتِهِ وَحِينَئِذٍ فَيُنْزَحُ كُلُّهُ إنْ كَانَ لَا مَادَّةَ لَهُ وَيُغْسَلُ الْجُبُّ بَعْدَ ذَلِكَ وَمَا لَهُ مَادَّةٌ يُنْزَحُ مِنْهُ مَا يُزِيلُ التَّغَيُّرَ كَانَ الْمَاءُ كَثِيرًا أَوْ قَلِيلًا (قَوْلُهُ: لَا إنْ وَقَعَ مَيِّتًا) الَّذِي فِي بْن عَنْ ابْنِ مَرْزُوقٍ تَرْجِيحُ الْقَوْلِ بِأَنَّ الْوُقُوعَ مَيِّتًا كَالْمَوْتِ فِيهِ اهـ وَلَكِنْ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ ظَاهِرٌ مِنْ تَعْلِيلِ الرُّطُوبَاتِ السَّابِقِ (قَوْلُهُ: وَأُخْرِجَ حَيًّا) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ حَيًّا فَقَطْ (قَوْلُهُ: فَلَا يُنْدَبُ النَّزْحُ) وَهَلْ جَسَدُهُ مَحْمُولٌ عَلَى الطَّهَارَةِ، وَلَوْ غَلَبَتْ مُخَالَطَتُهُ لِلنَّجَاسَةِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَوْ مَا غَلَبَتْ مُخَالَطَتُهُ لِلنَّجَاسَةِ مَحْمُولٌ عَلَيْهَا وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ نُمَيْرٍ وَمَالَ إلَيْهِ ابْنُ الْإِمَامِ وَقَالَهُ ح، وَمَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ أَظْهَرُ إذَا وَقَعَ فِي طَعَامٍ؛ لِأَنَّ الطَّعَامَ لَا يُطْرَحُ بِالشَّكِّ وَمَا قَالَهُ غَيْرُهُ ظَاهِرٌ إذَا كَانَ وَقَعَ فِي الْمَاءِ فَيُكْرَهُ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ إنْ كَانَ قَلِيلًا وَفِي المج وَجَسَدُ غَالِبِ النَّجَاسَةِ يُحْمَلُ عَلَيْهَا، وَلَوْ فِي الطَّعَامِ خِلَافًا للح؛ لِأَنَّ هَذَا ظَنٌّ لَا شَكٌّ
(قَوْلُهُ: وَإِنْ زَالَ إلَخْ) صُورَتُهَا مَاءٌ كَثِيرٌ وَلَا مَادَّةَ لَهُ حَلَّتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ وَغَيَّرَتْهُ ثُمَّ زَالَ ذَلِكَ التَّغَيُّرُ تَحْقِيقًا أَوْ ظَنًّا لَا بِمُطْلَقٍ خُلِطَ بِهِ وَلَا بِإِلْقَاءِ شَيْءٍ فِيهِ مِنْ تُرَابٍ أَوْ طِينٍ بَلْ زَالَ تَغَيُّرُهُ بِنَفْسِهِ أَوْ بِنَزْحِ بَعْضِهِ فَالْمَسْأَلَةُ ذَاتُ قَوْلَيْنِ قِيلَ: إنَّ الْمَاءَ يَعُودُ طَهُورًا وَقِيلَ بِاسْتِمْرَارِ نَجَاسَتِهِ، فَإِنْ زَالَ تَغَيُّرُهُ بِصَبِّ مُطْلَقٍ عَلَيْهِ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ أَوْ مَاءٍ مُضَافٍ انْتَفَتْ نَجَاسَتُهُ قَوْلًا وَاحِدًا كَمَا لَوْ زَالَ تَغَيُّرُهُ بِإِلْقَاءِ شَيْءٍ فِيهِ مِنْ تُرَابٍ أَوْ طِينٍ وَلَمْ يَظْهَرْ فِيهِ أَحَدُ أَوْصَافِ مَا أُلْقِيَ فِيهِ، فَإِنْ ظَهَرَ فَلَا نَصَّ وَاسْتَظْهَرَ بَعْضُهُمْ نَجَاسَتَهُ وَبَعْضُهُمْ طَهُورِيَّتَهُ (قَوْلُهُ: تَغَيَّرَ الْمَاءُ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ زَالَ تَغَيُّرُ نَفْسِ النَّجَاسَةِ كَالْبَوْلِ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى نَجَاسَتِهِ جَزْمًا؛ لِأَنَّ نَجَاسَتَهُ لِبَوْلِيَّتِهِ لَا لِتَغَيُّرِهِ وَلَا وَجْهَ لِمَا حَكَاهُ فِيهِ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ مِنْ الْخِلَافِ كَمَا فِي شب كَذَا فِي المج (قَوْلُهُ: وَلَا مَادَّةَ لَهُ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ كَانَ لَهُ مَادَّةٌ فَإِنَّهُ يَطْهُرُ بِاتِّفَاقٍ؛ لِأَنَّ تَغَيُّرَهُ حِينَئِذٍ زَالَ بِكَثْرَةِ الْمُطْلَقِ (قَوْلُهُ: أَيْ الْمُتَنَجِّسُ) وَهُوَ مَا غَيَّرَهُ النَّجَسُ بِالْفَتْحِ (قَوْلُهُ: وَعَدَمُهَا أَرْجَحُ) أَيْ لِأَنَّ النَّجَاسَةَ لَا تُزَالُ إلَّا بِالْمَاءِ الْمُطْلَقِ وَلَيْسَ حَاصِلًا وَحِينَئِذٍ فَيَسْتَمِرُّ بَقَاءُ النَّجَاسَةِ (قَوْلُهُ: وَكَأَنَّهُ اتَّكَلَ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ: إنَّ الطَّهُورِيَّةَ أَخَصُّ مِنْ الطَّاهِرِيَّةِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ الطَّهُورِيَّةِ نَفْيُ الطَّاهِرِيَّةِ وَهَذَا الْقَائِلُ يَقُولُ بِنَفْيِهِمَا مَعًا.
وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ عَوْدَ الضَّمِيرِ عَلَى الطَّهُورِيَّةِ لَا يَمْنَعُ مِنْ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِنَفْيِ الطَّاهِرِيَّةِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ قَرِينَةَ الِاسْتِصْحَابِ وَهُوَ تَعَيُّنُ إرَادَةِ الطَّاهِرِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَالْأَوَّلُ ضَعِيفٌ) تَبِعَ الشَّارِحُ فِي اعْتِمَادِ الْقَوْلِ الثَّانِي وَتَضْعِيفِ الْأَوَّلِ عج وعبق وشب وَشَيْخَنَا فِي الْحَاشِيَةِ وَاَلَّذِي فِي بْن تَرْجِيحُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَتَضْعِيفُ الثَّانِي وَمِنْ بَدِيعِ الِاتِّفَاقِ أَنَّ بْن عَوَّلَ عَلَى مَا فِي ح وَإِنَّ عج اسْتَدَلَّ أَيْضًا بِكَلَامِ ح وَلَكِنَّ الْحَقَّ أَنَّ

الصفحة 46