كتاب الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (اسم الجزء: 1)

أَنَّهُ اُعْتُرِضَ بِأَنَّهُ لَيْسَ لِابْنِ يُونُسَ هُنَا تَرْجِيحٌ وَمَفْهُومُ الْمَاءِ الْكَثِيرِ أَنَّ الْقَلِيلَ بَاقٍ عَلَى تَنْجِيسِهِ بِلَا خِلَافٍ وَمَفْهُومٌ لَا بِكَثْرَةِ مُطْلَقٍ أَنَّهُ يَطْهُرُ إذَا زَالَ تَغَيُّرُهُ بِكَثْرَةِ الْمُطْلَقِ وَكَذَا بِقَلِيلِهِ أَوْ بِمُضَافٍ طَاهِرٍ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ وَكَذَا لَوْ زَالَ التَّغَيُّرُ بِإِلْقَاءِ طِينٍ أَوْ تُرَابٍ إنْ زَالَ أَثَرُهُمَا فَلَوْ قَالَ لَا بِصَبِّ طَاهِرٍ كَانَ أَوْلَى وَمَفْهُومُ النَّجِسِ أَنَّهُ لَوْ زَالَ تَغَيُّرُ الطَّاهِرِ بِنَفْسِهِ أَوْ بِطَاهِرٍ فَهُوَ طَهُورٌ (وَ) إذَا شُكَّ فِي مُغَيِّرِ الْمَاءِ (قُبِلَ خَبَرِ الْوَاحِدِ) الْعَدْلِ الرِّوَايَةِ وَلَوْ أُنْثَى أَوْ عَبْدًا الْمُخْبِرُ بِنَجَاسَتِهِ (إنْ بَيَّنَ) الْمُخْبِرُ (وَجْهَهَا) كَأَنْ يَقُولَ تَغَيَّرَ بِدَمٍ أَوْ بَوْلٍ (أَوْ) لَمْ يُبَيِّنْ الْمُخْبِرُ وَجْهَهَا وَلَكِنْ (اتَّفَقَا) أَيْ الْمُخْبِرُ وَالْمُخْبَرُ (مَذْهَبًا) وَالْمُخْبِرُ بِالْكَسْرِ عَالِمٌ بِمَا يُنَجِّسُ وَمَا لَا يُنَجِّسُ (وَإِلَّا) بِأَنْ اخْتَلَفَ الْمَذْهَبُ مَعَ عَدَمِ بَيَانِ الْوَجْهِ (فَقَالَ) الْمَازِرِيُّ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ (يُسْتَحْسَنُ) أَيْ يُسْتَحَبُّ (تَرْكُهُ) لِتَعَارُضِ الْأَصْلِ وَهُوَ الطَّهُورِيَّةُ وَإِخْبَارُ الْمُخْبِرِ بِتَنْجِيسِهِ وَهَذَا عِنْدَ وُجُودِ غَيْرِهِ وَإِلَّا تَعَيَّنَ (وَوُرُودُ الْمَاءِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQكَلَامَ ح فِيهِ تَقْوِيَةٌ لِكُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ فَإِنَّهُ ذَكَرَ أَثْنَاءَ كَلَامِهِ عَنْ ابْنِ الْفَاكِهَانِيِّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ تَشْهِيرَ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ بِعَدَمِ الطَّهُورِيَّةِ وَذَكَرَ أَنَّ ابْنَ عَرَفَةَ أَنْكَرَ الْقَوْلَ بِالطَّهُورِيَّةِ الَّذِي هُوَ رِوَايَةُ ابْنِ وَهْبٍ وَهَذَا مُسْتَنَدُ عج وَذَكَرَ أَنَّ الْقَوْلَ بِالطَّهُورِيَّةِ صَحَّحَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَارْتَضَاهُ سَنَدٌ وَالطُّرْطُوشِيُّ وَهَذَا مُسْتَنَدُ بْن وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ هَذَا الْخِلَافِ إذَا وُجِدَ مَاءٌ آخَرُ غَيْرُ ذَلِكَ الْمَاءِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يُوجَدْ إلَّا هُوَ فَإِنَّهُ يُسْتَعْمَلُ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ أَمَّا عَلَى الْأَوَّلِ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا عَلَى الثَّانِي فَمُرَاعَاةً لِلْخِلَافِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَوْلَ الثَّانِي يَقُولُ: إنَّ مَحَلَّ الْحُكْمِ بِالنَّجَاسَةِ وَعَدَمِ الِاسْتِعْمَالِ إذَا وُجِدَ غَيْرُهُ وَإِلَّا اُسْتُعْمِلَ مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ الْأَوَّلِ كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: لَيْسَ لِابْنِ يُونُسَ هُنَا تَرْجِيحٌ) أَيْ وَإِنَّمَا كَلَامُهُ كَمَا قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ فِيمَا إذَا أُزِيلَ عَيْنُ النَّجَاسَةِ بِمُضَافٍ فَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْعَيْنَ زَالَتْ وَهَلْ الْحُكْمُ بَاقٍ أَوْ لَا قَوْلَانِ رَجَّحَ ابْنُ يُونُسَ بَقَاءَهُ (قَوْلُهُ: وَمَفْهُومُ الْمَاءِ الْكَثِيرِ) قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ: وَانْظُرْ مَا حَدُّ الْكَثِيرِ (قَوْلُهُ: بِلَا خِلَافٍ) أَيْ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ وَلَا مَادَّةَ لَهُ إنَّ الَّذِي لَهُ مَادَّةٌ يَطْهُرُ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّ تَغَيُّرَهُ قَدْ زَالَ بِكَثْرَةِ مُطْلَقٍ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ) أَيْ فَإِنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُ إذَا صُبَّ عَلَيْهِ مُطْلَقٌ يَسِيرٌ أَوْ مُضَافٌ طَاهِرٌ فَإِنَّهُ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ لَا بِكَثْرَةِ مُطْلَقٍ مَعْنَاهُ لَا بِمُطْلَقٍ كَثِيرٍ وَهَذَا شَامِلٌ لِمَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: إنْ زَالَ أَثَرُهُمَا) أَيْ لَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ مِنْ أَوْصَافِهِمَا فِيمَا أُلْقِيَا فِيهِ أَمَّا إنْ وُجِدَ فَلَا يَطْهُرُ لِاحْتِمَالِ بَقَاءِ النَّجَاسَةِ مَعَ بَقَاءِ أَثَرِهِمَا
(قَوْلُهُ: فَلَوْ قَالَ لَا بِصَبِّ طَاهِرٍ) أَيْ لِيَكُونَ مَفْهُومُهُ شَامِلًا لِمَا إذَا زَالَ بِمُطْلَقٍ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ أَوْ تُرَابٍ أَوْ طِينٍ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَوْ زَالَ تَغَيُّرُ الطَّاهِرِ إلَخْ) أَيْ كَمَا إذَا تَغَيَّرَ الْمَاءُ بِطَاهِرٍ ثُمَّ زَالَ تَغَيُّرُهُ بِنَفْسِهِ أَوْ بِإِلْقَاءِ شَيْءٍ فِيهِ طَاهِرٍ فَهُوَ طَهُورٌ كَمَا جَزَمَ بِهِ ح وَإِنْ كَانَ الْقِيَاسُ جَعْلَهُ مِنْ الْمُخَالِطِ الْمُوَافِقِ كَمَا لِبَعْضِهِمْ وَلَكِنَّ الْأَقْوَى مَا قَالَهُ ح (قَوْلُهُ: وَقُبِلَ خَبَرُ الْوَاحِدِ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمَاءَ إذَا كَانَ مُتَغَيِّرًا وَلَمْ يَعْلَمْ هَلْ تَغَيُّرُهُ بِقَرَارِهِ أَوْ بِمُفَارِقٍ فَأَخْبَرَ وَاحِدٌ بِنَجَاسَتِهِ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ خَبَرُهُ بِشَرْطَيْنِ: أَنْ يَكُونَ عَدْلَ رِوَايَةٍ وَأَنْ يُبَيِّنَ وَجْهَهَا أَوْ يَتَّفِقَا مَذْهَبًا كَمَا أَنَّهُ إذَا أَخْبَرَ بِأَنَّهُ طَاهِرٌ عِنْدَ ظُهُورِ مَا يُنَافِي الطَّهَارَةَ يُقْبَلُ خَبَرُهُ بِمَا ذُكِرَ مِنْ الشَّرْطَيْنِ، فَإِنْ كَانَ الْمَاءُ غَيْرَ مُتَغَيِّرٍ وَأَخْبَرَ بِالنَّجَاسَةِ فَلَا يُقْبَلُ خَبَرُهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الطَّهَارَةُ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ هُنَا لَا يُنَافِي قَوْلَهُ أَوْ شَكَّ فِي مُغَيِّرِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يُوجَدْ مُخْبِرٌ يُخْبِرُ بِالطَّهَارَةِ أَوْ النَّجَاسَةِ، وَقَوْلُهُ: وَقُبِلَ خَبَرُ الْوَاحِدِ إنَّمَا نَصَّ عَلَى الْوَاحِدِ؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ مَنْ يَتَأَتَّى مِنْهُ الْإِخْبَارُ وَإِلَّا فَمِثْلُ الْوَاحِدِ الِاثْنَانِ فَمَا زَادَ، وَلَوْ بَلَغَ الْمُخْبِرُونَ عَدَدَ التَّوَاتُرِ كَمَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا وَالشُّرُوطُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْوَاحِدِ تَأْتِي فِي الزَّائِدِ وَاسْتَظْهَرَ أَنَّ الْجِنَّ فِي ذَلِكَ كَبَنِي آدَمَ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: الْعَدْلِ الرِّوَايَةِ) وَهُوَ الْمُسْلِمُ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ غَيْرُ الْفَاسِقِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى حُرًّا أَوْ عَبْدًا. (قَوْلُهُ: الْمُخْبِرُ بِنَجَاسَتِهِ) أَيْ أَوْ بِطَهَارَتِهِ (قَوْلُهُ: إنْ بَيَّنَ وَجْهَهَا) أَيْ النَّجَاسَةِ بِقَرِينَةِ السِّيَاقِ وَكَذَا الطَّهَارَةُ إنْ ظَهَرَ مُنَافِيهَا وَإِلَّا فَهِيَ الْأَصْلُ (قَوْلُهُ: إنْ بَيَّنَ وَجْهَهَا) أَيْ إذَا اخْتَلَفَ مَذْهَبُ السَّائِلِ وَالْمُخْبِرِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَعْتَقِدَ مَا لَيْسَ نَجِسًا نَجِسًا وَأَوْلَى إذَا اتَّفَقَا فِيهِ (قَوْلُهُ: أَوْ اتَّفَقَا مَذْهَبًا) أَيْ فِي شَأْنِ النَّجَاسَةِ وَلَيْسَ بِلَازِمٍ أَنْ يَكُونَا مَالِكِيَّيْنِ (قَوْلُهُ: يُسْتَحْسَنُ تَرْكُهُ) أَيْ وَهَلْ يُعِيدُ الصَّلَاةَ فِي الْوَقْتِ إذَا تَوَضَّأَ بِهِ وَصَلَّى أَوْ لَا ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ الثَّانِي قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ اسْتِحْبَابُ التَّرْكِ (قَوْلُهُ: وَوُرُودُ الْمَاءِ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَوُرُودُ النَّجَاسَةِ عَلَى الْمَاءِ كَعَكْسِهِ؛ لِأَنَّ الْمُشَبَّهَ بِهِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ أَقْوَى مِنْ الْمُشَبَّهِ وَهُنَا بِالْعَكْسِ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ إذَا وَرَدَ عَلَى

الصفحة 47