كتاب الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (اسم الجزء: 1)

(مِنْ) حَيَوَانٍ نَجِسِ الْمَيْتَةِ (حَيٍّ وَمَيِّتٍ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ فَالْمُنْفَصِلُ مِنْ الْآدَمِيِّ مُطْلَقًا طَاهِرٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ ثُمَّ بَيَّنَ إبْهَامَ مَا بِقَوْلِهِ (مِنْ قَرْنٍ وَعَظْمٍ وَظِلْفٍ) هُوَ لِلْبَقَرَةِ وَالشَّاةِ كَالْحَافِرِ لِلْفَرَسِ وَالْحِمَارِ وَأَرَادَ بِهِ مَا يَعُمُّ الْحَافِرَ (وَظُفْرٍ) لِبَعِيرٍ وَنَعَامٍ وَإِوَزٍّ وَدَجَاجٍ وَمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الدَّجَاجَ لَيْسَ مِنْ ذِي الظُّفْرِ فَالْمُرَادُ بِهِ الْجِلْدَةُ بَيْنَ الْأَصَابِعِ (وَعَاجٍ) أَيْ سِنِّ فِيلٍ (وَقَصَبِ رِيشٍ) بِتَمَامِهَا وَهِيَ الَّتِي يَكْتَنِفُهَا الزَّغَبُ (وَجِلْدٌ) إذَا لَمْ يُدْبَغْ بَلْ (وَلَوْ دُبِغَ) فَلَا يُؤَثِّرُ دَبْغُهُ طَهَارَةً فِي ظَاهِرِهِ وَلَا بَاطِنِهِ وَخَبَرُ «أَيُّمَا إهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ» وَنَحْوُهُ مَحْمُولٌ عِنْدَنَا فِي مَشْهُورِ الْمَذْهَبِ عَلَى الطَّهَارَةِ اللُّغَوِيَّةِ وَهِيَ النَّظَافَةُ وَلِذَا جَازَ الِانْتِفَاعُ بِهِ فِيمَا أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ (وَرُخِّصَ فِيهِ) أَيْ فِي جِلْدِ الْمَيْتَةِ (مُطْلَقًا) سَوَاءٌ كَانَ مِنْ جِلْدِ مُبَاحِ الْأَكْلِ أَوْ مُحَرَّمِهِ (إلَّا مِنْ خِنْزِيرٍ) فَلَا يُرَخَّصُ فِيهِ مُطْلَقًا ذُكِّيَ أَمْ لَا لِأَنَّ الذَّكَاةَ لَا تَعْمَلُ فِيهِ إجْمَاعًا فَكَذَا الدِّبَاغُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَكَذَا جِلْدُ الْآدَمِيِّ لِشَرَفِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ وُجُوبِ دَفْنِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَهُمَا طَرِيقَتَانِ حَكَاهُمَا ابْنُ عَرَفَةَ وَظَاهِرُهُ اسْتِوَاؤُهُمَا كَمَا قَالَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ وَنَقَلَهُ شَيْخُنَا فِي الْحَاشِيَةِ وَلَا يَدْخُلُ الْخِلَافُ أَجْسَادَ الْأَنْبِيَاءِ إذْ أَجْسَادُهُمْ بَلْ جَمِيعُ فَضَلَاتِهِمْ طَاهِرَةٌ اتِّفَاقًا حَتَّى بِالنِّسْبَةِ لَهُمْ؛ لِأَنَّ الطَّهَارَةَ مَتَى ثَبَتَتْ لِذَاتٍ فَهِيَ مُطْلَقَةٌ وَاسْتِنْجَاؤُهُمْ تَنْزِيهٌ وَتَشْرِيعٌ، وَلَوْ قَبْلَ النُّبُوَّةِ، وَإِنْ كَانَ لَا حُكْمَ إذْ ذَاكَ لِاصْطِفَائِهِمْ مِنْ أَصْلِ الْخِلْقَةِ بَلْ فِي شَرْحِ دَلَائِلِ الْخَيْرَاتِ لِلْفَاسِيِّ أَنَّ الْمَنِيَّ الَّذِي خُلِقَ مِنْهُ الرَّسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَاهِرٌ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ (قَوْلُهُ: مِنْ حَيٍّ) مِنْهُ ثَوْبُ الثُّعْبَانِ (قَوْلُهُ: فَالْمُنْفَصِلُ مِنْ الْآدَمِيِّ إلَخْ) مِنْ جُمْلَتِهِ مَا نُحِتَ مِنْ الرِّجْلِ بِالْحَجَرِ فَإِنَّهُ مِنْ الْجِلْدِ فَفِيهِ الْخِلَافُ كَقُلَامَةِ الظُّفْرِ بِخِلَافِ مَا نَزَلَ مِنْ الرَّأْسِ عِنْدَ حَلْقِهِ فَإِنَّهُ طَاهِرٌ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُ وَسَخٌ مُتَجَمِّدٌ مُنْعَقِدٌ؛ لِأَنَّهُ أَجْزَاءٌ مِنْ الْجِلْدِ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ فِي حَالِ حَيَاتِهِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمُعْتَمَدِ) أَيْ بِنَاءً عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ طَهَارَةِ مَيْتَتِهِ، وَأَمَّا عَلَى الضَّعِيفِ فَمَا أُبِينَ مِنْهُ نَجِسٌ مُطْلَقًا.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْخِلَافَ فِيمَا أُبِينَ مِنْ الْآدَمِيِّ فِي حَالِ حَيَاتِهِ وَبَعْدَ مَوْتِهِ كَالْخِلَافِ فِي مَيْتَتِهِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ أَنَّ مَا أُبِينَ مِنْهُ حَيًّا لَا يُخْتَلَفُ فِي نَجَاسَتِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ فِيهِ الْخِلَافُ (تَنْبِيهٌ) عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ طَهَارَةِ مَا أُبِينَ مِنْ الْآدَمِيِّ مُطْلَقًا يَجُوزُ رَدُّ سِنٍّ قُلِعَتْ لِمَحَلِّهَا لَا عَلَى مُقَابِلِهِ (قَوْلُهُ: وَمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الدَّجَاجَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالظُّفْرِ فِي هَذَا الْبَابِ مَا يُقَصُّ فَيَدْخُلُ الدَّجَاجُ فِي الظُّفْرِ بِخِلَافِ بَابِ الذَّبَائِحِ فَإِنَّ الْمُرَادَ بِالظُّفْرِ فِيهِ الْجِلْدَةُ الَّتِي بَيْنَ الْأَصَابِعِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَكُونُ الدَّجَاجُ مِنْ ذِي الظُّفْرِ اهـ فَعَدُّ الدَّجَاجِ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ ذِي الظُّفْرِ لَا يُعَارِضُ مَا فِي الذَّبَائِحِ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ ذِي الظُّفْرِ (قَوْلُهُ: بِتَمَامِهَا) أَيْ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَصْلِهَا وَطَرَفِهَا؛ لِأَنَّهُ كَانَ حَيًّا خِلَافًا لِمَنْ قَالَ النَّجِسُ أَصْلُهَا لَا طَرَفُهَا كَذَا فِي ح وَيَشْهَدُ لَهُ كَلَامُ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَالتَّوْضِيحِ وَفِي الْمَوَّاقِ مَا يَقْتَضِي ضَعْفَهُ وَاعْتِمَادُ الْقَوْلِ بِأَنَّ النَّجِسَ أَصْلُهَا لَا طَرَفُهَا اُنْظُرْ بْن وَنَبَّهَ الْمُؤَلِّفُ عَلَى نَجَاسَةِ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ بِقَوْلِهِ مِنْ قَرْنٍ إلَخْ دُونَ غَيْرِهَا مِنْ لَحْمٍ وَعَصَبٍ وَعُرُوقٍ مَعَ شُمُولِ قَوْلِهِ وَمَا أُبِينَ مِنْ حَيٍّ أَوْ مَيِّتٍ لِذَلِكَ الْغَيْرِ لِلْخِلَافِ فِيمَا ذُكِرَ فَإِنَّ بَعْضَهُمْ يَقُولُ بِطَهَارَةِ مَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّ الْحَيَاةَ لَا تَحُلُّهُ بِخِلَافِ اللَّحْمِ وَالْعَصَبِ وَالْعُرُوقِ فَقَدْ اتَّفَقُوا عَلَى نَجَاسَتِهَا؛ لِأَنَّ الْحَيَاةَ تَحُلُّهَا.
(قَوْلُهُ: وَجِلْدٍ) يَعْنِي أَنَّ الْجِلْدَ الْمَأْخُوذَ مِنْ الْحَيِّ أَوْ الْمَيِّتِ نَجِسٌ (قَوْلُهُ: وَلَا بَاطِنِهِ) خِلَافًا لِسَحْنُونٍ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ الْقَائِلِينَ أَنَّ جِلْدَ الْمَيْتَةِ مُطْلَقًا، وَلَوْ خِنْزِيرًا يَطْهُرُ بِالدِّبَاغِ طَهَارَةً شَرْعِيَّةً وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الَّذِي أَشَارَ الْمُصَنِّفُ لِرَدِّهِ بِلَوْ (قَوْلُهُ: وَلِذَا جَازَ) أَيْ لِأَجْلِ طَهَارَتِهِ طَهَارَةً لُغَوِيَّةً (قَوْلُهُ: وَرُخِّصَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَوْ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ وَالضَّمِيرُ عَائِدٌ إلَى الْإِمَامِ أَيْ وَجَوَّزَ الْإِمَامُ فِيهِ (قَوْلُهُ: أَيْ فِي جِلْدِ الْمَيْتَةِ) أَيْ فِي اسْتِعْمَالِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ مُحَرَّمِهِ) ذُكِّيَ ذَلِكَ الْمُحَرَّمُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: لَا تَعْمَلُ فِيهِ إجْمَاعًا) أَيْ بِخِلَافِ الْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ فَإِنَّ الذَّكَاةَ تَنْفَعُ فِيهَا عِنْدَ بَعْضِهِمْ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ إلَّا مِنْ خِنْزِيرٍ، وَمُقَابِلُهُ مَا شَهَّرَهُ الْإِمَامُ عَبْدُ الْمُنْعِمِ بْنُ الْفَرَسِ بِالْفَاءِ وَالرَّاءِ الْمَفْتُوحَتَيْنِ فِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ مِنْ أَنَّ جِلْدَ الْخِنْزِيرِ كَجِلْدِ غَيْرِهِ فِي جَوَازِ اسْتِعْمَالِهِ فِي الْيَابِسَاتِ وَالْمَاءِ إذَا دُبِغَ سَوَاءٌ ذُكِّيَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَكَذَا جِلْدُ الْآدَمِيِّ) أَيْ مِثْلُ جِلْدِ الْخِنْزِيرِ فِي كَوْنِهِ لَا يُرَخَّصُ فِيهِ مُطْلَقًا جِلْدُ الْآدَمِيِّ فَلَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا بَعْدَ الدَّبْغِ فِي

الصفحة 54