كتاب الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (اسم الجزء: 1)

وَإِنْ وَقَعَ مَا ذَكَرَ (لِحَائِضٍ) أَيْ مِنْهَا (نَاسِيَةً) فَأَوْلَى مِنْ غَيْرِهَا أَوْ مِنْهَا مُتَعَمِّدَةً، وَإِنَّمَا بَالَغَ عَلَيْهَا لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهَا مَعْذُورَةٌ بِالْخُرُوجِ مِنْ الْمَسْجِدِ وَالْفِطْرِ وَالنِّسْيَانِ

(وَإِنْ أَذِنَ) سَيِّدٌ أَوْ زَوْجٌ (لِعَبْدٍ أَوْ امْرَأَةٍ فِي نَذْرٍ) لِعِبَادَةٍ مِنْ اعْتِكَافٍ أَوْ صِيَامٍ أَوْ إحْرَامٍ فِي زَمَنٍ مُعَيَّنٍ فَنَذَرَاهَا (فَلَا مَنْعَ) مِنْ الْوَفَاءِ بِهَا أَيْ لَا يَجُوزُ الْمَنْعُ فَإِنْ كَانَ النَّذْرُ مُطْلَقًا فَلَهُ الْمَنْعُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى الْفَوْرِ (كَغَيْرِهِ) أَيْ كَإِذْنِ مَنْ ذَكَرَ لَهُمَا فِي غَيْرِ نَذْرٍ بَلْ فِي تَطَوُّعٍ (إنْ دَخَلَا) فِي النَّذْرِ فِي الْأُولَى وَفِي الْمُعْتَكَفِ مَثَلًا فِي الثَّانِيَةِ فَالشَّرْطُ رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ وَمَعْنَى الدُّخُولِ فِي النَّذْرِ أَنْ يَنْذِرَا بِاللَّفْظِ

(وَ) إنْ اجْتَمَعَ عَلَى امْرَأَةٍ عِبَادَاتٌ مُتَضَادَّةُ الْأَمْكِنَةِ كَعِدَّةٍ وَإِحْرَامٍ وَاعْتِكَافٍ (أَتَمَّتْ مَا سَبَقَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الِاعْتِكَافِ وَكَذَا مَا سَبَقَ مِنْ إحْرَامٍ عَلَى عِدَّةٍ كَمَا إذَا طَلَّقَهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا وَهِيَ مُعْتَكِفَةٌ أَوْ مُحْرِمَةٌ فَتَتَمَادَى عَلَى اعْتِكَافِهَا أَوْ إحْرَامِهَا حَتَّى تُتِمَّهُ (أَوْ) مَا سَبَقَ مِنْ (عِدَّةٍ) عَلَى اعْتِكَافٍ كَمَا لَوْ طَلُقَتْ أَوْ مَاتَ عَنْهَا ثُمَّ نَذَرَتْ اعْتِكَافًا فَتَسْتَمِرُّ فِي مَنْزِلِ عِدَّتِهَا حَتَّى تُتِمَّهَا ثُمَّ تَفْعَلُ الِاعْتِكَافَ الْمَضْمُونَ، وَأَمَّا مَا بَقِيَ مِنْ مُعَيَّنٍ إنْ بَقِيَ مِنْ زَمَنِهِ شَيْءٌ وَإِلَّا فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهَا فَهَذِهِ ثَلَاثُ صُوَرٍ وَأَشَارَ لِرَابِعَةٍ، وَهِيَ إذَا سَبَقَتْ الْعِدَّةُ الْإِحْرَامَ بِقَوْلِهِ (إلَّا أَنْ تُحْرِمَ) وَهِيَ بِعِدَّةِ طَلَاقٍ بَلْ (وَإِنْ) كَانَتْ مُلْتَبِسَةً (بِعِدَّةِ مَوْتٍ فَيَنْفُذُ) إحْرَامُهَا مَعَ إثْمِهَا فَتَخْرُجُ لَهُ (وَتَبْطُلُ) الْعِدَّةُ أَيْ مَبِيتُهَا وَالْمُكْثُ لَهَا لَا أَصْلُ الْعِدَّةِ وَفِي نُسْخَةٍ بِالْيَاءِ التَّحْتِيَّةِ أَيْ حَقَّهَا فِي الْمَبِيتِ وَبَقِيَ صُورَتَانِ طُرُوُّ اعْتِكَافٍ عَلَى إحْرَامٍ وَعَكْسُهُ فَتُتِمُّ السَّابِقَ مِنْهُمَا إلَّا أَنْ تَخْشَى فِي الثَّانِيَةِ فَوَاتَ الْحَجِّ فَتُقَدِّمُهُ إنْ كَانَا فَرْضَيْنِ أَوْ نَفْلَيْنِ وَالْإِحْرَامُ فَرْضًا وَالِاعْتِكَافُ نَفْلًا فَإِنْ كَانَ الِاعْتِكَافُ فَرْضًا وَالْإِحْرَامُ نَفْلًا أَتَمَّتْ الِاعْتِكَافَ وَهَاتَانِ الصُّورَتَانِ لَا يَخُصَّانِ الْمَرْأَةَ

(وَإِنْ مَنَعَ) السَّيِّدُ (عَبْدَهُ نَذْرًا) أَيْ الْوَفَاءَ بِنَذْرٍ نَذَرَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ (فَعَلَيْهِ وَفَاؤُهُ إنْ عَتَقَ) لِبَقَائِهِ بِذِمَّتِهِ إنْ كَانَا مَضْمُونًا أَوْ مُعَيَّنًا وَبَقِيَ وَقْتُهُ وَإِلَّا لَمْ يَقْضِهِ فَإِنْ مَنَعَهُ مَا نَذَرَهُ بِإِذْنِهِ فَعَلَيْهِ إنْ عَتَقَ وَلَوْ مُعَيَّنًا فَاتَ وَقْتُهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ، وَإِنْ لِحَائِضٍ) هَذَا مُبَالَغَةٌ فِي الْمَفْهُومِ وَاللَّامُ بِمَعْنَى مِنْ أَيْ وَصِحَّتُهُ بِعَدَمِ مَا ذَكَرَهُ فَإِنْ حَلَّ شَيْءٌ مِمَّا ذَكَرَ بَطَلَ الِاعْتِكَافُ هَذَا إذَا حَصَلَ مِنْ غَيْرِ حَائِضٍ بَلْ، وَإِنْ حَصَلَ مِنْ حَائِضٍ نَاسِيَةٍ لِاعْتِكَافِهَا وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُعْتَكِفَةَ إذَا حَاضَتْ وَخَرَجَتْ عَلَيْهَا حُرْمَةُ الِاعْتِكَافِ فَحَصَلَ مِنْهَا مَا ذَكَرَ نَاسِيَةً لِاعْتِكَافِهَا فَإِنَّهُ يَبْطُلُ وَتَسْتَأْنِفُهُ مِنْ أَوَّلِهِ وَمِثْلُ الْحَائِضِ غَيْرُهَا مِنْ بَقِيَّةِ أَرْبَابِ الْأَعْذَارِ الْمَانِعَةِ مِنْ الصَّوْمِ كَالْعِيدِ أَوْ الِاعْتِكَافِ كَالْمَرَضِ كَمَا يَأْتِي فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَإِنْ مِنْ الْحَائِضِ كَانَ أَوْلَى

(قَوْلُهُ، وَإِنْ أَذِنَ لِعَبْدٍ أَوْ امْرَأَةٍ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ السَّيِّدَ إذَا أَذِنَ لِعَبْدِهِ الَّذِي تَضُرُّ عِبَادَتُهُ بِعَمَلِهِ أَوْ لِزَوْجَتِهِ الَّتِي يَحْتَاجُ لَهَا فِي نَذْرِ عِبَادَةٍ مِنْ اعْتِكَافٍ أَوْ صَوْمٍ أَوْ إحْرَامٍ فِي زَمَنٍ مُعَيَّنٍ فَنَذْرَاهَا فَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ مَنْعُ الْوَفَاءِ بِهَا وَإِنْ لَمْ يَدْخُلَا فِي تِلْكَ الْعِبَادَةِ بِأَنْ لَمْ يَحْصُلْ دُخُولُ الْمُعْتَكِفِ وَلَا تَلَبَّسَ بِالصَّوْمِ وَلَا بِالْإِحْرَامِ بَلْ حَصَلَ النَّذْرُ خَاصَّةً إلَّا أَنْ يَكُونَ النَّذْرُ الَّذِي أَذِنَا فِيهِ مُطْلَقًا غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِأَيَّامٍ مُعَيَّنَةٍ فَلَهُ الْمَنْعُ وَلَوْ دَخَلَا فِي الْعِبَادَةِ وَمِنْ بَابِ أَوْلَى مَا إذَا نَذَرَا بِغَيْرِ إذْنِهِ مُعَيَّنًا أَمْ لَا، وَأَمَّا إنْ أَذِنَ السَّيِّدُ لِعَبْدِهِ أَوْ الزَّوْجُ لِامْرَأَتِهِ فِي الْفِعْلِ خَاصَّةً بِدُونِ نَذْرٍ فَلَا يَقْطَعُهُ عَلَيْهِمَا إنْ دَخَلَا فِيهِ أَيْ فِي ذَلِكَ الْفِعْلِ الَّذِي أَذِنَهُمَا فِيهِ صَوْمًا أَوْ اعْتِكَافًا أَوْ إحْرَامًا فَإِنْ لَمْ يَدْخُلَا فِيهِ كَانَ لَهُ مَنْعُهُمَا مِنْ الدُّخُولِ فِيهِ فَإِنْ أَذِنَ الزَّوْجُ أَوْ السَّيِّدُ فِي النَّذْرِ ثُمَّ مَنَعَا مِنْهُ فَقَالَ الْعَبْدُ أَوْ الزَّوْجَةُ وَقَعَ مِنِّي النَّذْرُ وَقَالَ السَّيِّدُ أَوْ الزَّوْجُ لَمْ يَقَعْ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ

(قَوْلُهُ فَهَذِهِ ثَلَاثُ صُوَرٍ) أَيْ وَهِيَ طُرُوُّ عِدَّةٍ عَلَى اعْتِكَافٍ أَوْ عَلَى إحْرَامٍ أَوْ طُرُوُّ اعْتِكَافٍ عَلَى عِدَّةٍ فَفِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ تُتِمُّ السَّابِقَ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ تُحْرِمَ إلَخْ) هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ؛ لِأَنَّ مَا قَبْلَ الِاسْتِثْنَاءِ طُرُوُّ الْعِدَّةِ عَلَى الِاعْتِكَافِ أَوْ الْإِحْرَامِ وَطُرُوُّ الِاعْتِكَافِ عَلَى الْعِدَّةِ وَمَا بَعْدَهُ فِي طُرُوُّ الْإِحْرَامِ عَلَى الْعِدَّةِ وَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ تُحْرِمَ، وَإِنْ بِعِدَّةِ مَوْتٍ أَيْ إلَّا أَنْ تُحْرِمَ وَهِيَ مُتَلَبِّسَةٌ بِعِدَّةِ هَذَا إذَا كَانَتْ عِدَّةَ طَلَاقٍ بَلْ، وَإِنْ كَانَتْ عِدَّةَ وَفَاةٍ (قَوْلُهُ لَا أَصْلُ الْعِدَّةِ) أَيْ بِحَيْثُ تَتَزَوَّجُ مِنْ غَيْرِ عِدَّةٍ أَوْ أَنَّهَا تَتْرُكُ الْإِحْدَادَ وَقَوْلُهُ بِالْيَاءِ التَّحْتِيَّةِ أَيْ فِي قَوْلِهِ يَبْطُلُ (قَوْلُهُ فَتُتِمُّ السَّابِقَ إلَخْ) قَدْ عَلِمْت مِنْ مَجْمُوعِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ أَنَّ الصُّوَرَ سِتَّةٌ وَأَنَّهَا تُتِمُّ السَّابِقَ فِي خَمْسَةٍ مِنْهَا وَيَبْطُلُ الْأَوَّلُ فِي وَاحِدَةٍ.
(قَوْلُهُ إلَّا أَنْ تَخْشَى فِي الثَّانِيَةِ) أَيْ مِنْ هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ وَهِيَ طُرُوُّ الْإِحْرَامِ عَلَى الِاعْتِكَافِ أَيْ أَنَّ مَحَلَّ إتْمَامِهَا لِلِاعْتِكَافِ مَا لَمْ تَخْشَى بِإِتْمَامِهِ فَوَاتَ الْحَجِّ إلَخْ وَهَذَا التَّقْيِيدُ أَصْلُهُ لعج وَاعْتَرَضَهُ طفى بِأَنَّ إطْلَاقَ أَبِي الْحَسَنِ وَأَبِي عِمْرَانَ يُنَافِيهِ حَيْثُ قَالَا إنْ الْمُعْتَكِفَةَ إذَا أَحْرَمَتْ يَنْعَقِدُ إحْرَامُهَا وَلَا تَخْرُجُ لَهُ حَتَّى يَنْقَضِيَ اعْتِكَافُهَا اُنْظُرْ ابْنَ غَازِيٍّ اهـ بْن وَالْحَاصِلُ أَنَّ ظَاهِرَ إطْلَاقِهِمَا أَنَّهَا تُتِمُّ الِاعْتِكَافَ مُطْلَقًا خَافَتْ فَوَاتَ الْحَجِّ أَمْ لَا وَسَلَّمَ ذَلِكَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ لَكِنَّ كَلَامَ عج أَنْسَبُ بِمَا يَأْتِي مِنْ تَرْجِيحِ الْقَوْلِ بِتَقْدِيمِ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ إذَا خَشِيَ فَوَاتَهُ عَلَى الصَّلَاةِ خِلَافًا لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَصَلَّى وَلَوْ فَاتَ فَتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ) حَمَلَ الْمُصَنِّفُ عَلَى غَيْرِ الْمَأْذُونِ فِيهِ لِقَوْلِهِ إنْ عَتَقَ؛ لِأَنَّ الْمَأْذُونَ فِيهِ يَفْعَلُهُ، وَإِنْ لَمْ يَعْتِقْ بِأَنْ يَرْفَعَ أَمْرَهُ لِلْحَاكِمِ فَيُجْبِرُ سَيِّدَهُ عَلَى أَنْ يُمَكِّنَهُ مِنْ فِعْلِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ مَنَعَهُ مَا نَذَرَهُ بِإِذْنِهِ إلَخْ) هَذَا ظَاهِرٌ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَنْصُوصٍ؛ لِأَنَّ طَاعَتَهُ لِسَيِّدِهِ فِيمَا نَذَرَ بِإِذْنِهِ لَا تَجُوزُ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ النَّذْرَ الْمُعَيَّنَ يَجِبُ قَضَاؤُهُ إنْ تَرَكَهُ اخْتِيَارًا اهـ بْن (قَوْلُهُ وَلَوْ مُعَيَّنًا فَاتَ وَقْتُهُ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ مَضْمُونًا أَوْ مُعَيَّنًا وَبَقِيَ وَقْتُهُ بَلْ وَلَوْ كَانَ مُعَيَّنًا وَفَاتَ وَقْتُهُ؛ لِأَنَّهُ

الصفحة 545