كتاب الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (اسم الجزء: 1)
(وَلَا يُمْنَعُ مُكَاتَبٌ يَسِيرَهُ) أَيْ لَيْسَ لِسَيِّدِهِ مَنْعُهُ مِنْ يَسِيرِ الِاعْتِكَافِ الَّذِي لَا يَحْصُلُ بِهِ عَجْزٌ عَنْ شَيْءٍ مِنْ نُجُومِ الْكِتَابَةِ (وَلَزِمَ يَوْمٌ إنْ نَذَرَ لَيْلَةً) وَأَوْلَى عَكْسُهُ (لَا) إنْ نَذَرَ (بَعْضَ يَوْمٍ) فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ إذْ لَا يُصَامُ بَعْضُ يَوْمٍ وَعُوِّضَ بِمَنْ نَذَرَ صَلَاةَ رَكْعَةٍ أَوْ صَوْمَ بَعْضِ يَوْمٍ فَيَلْزَمُ إكْمَالُ ذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ وَفُرِّقَ بِأَنَّ الصَّلَاةَ وَالصِّيَامَ لَمَّا كَانَا مِنْ دَعَائِمِ الْإِسْلَامِ كَانَ لَهُمَا مَزِيَّةٌ عَلَى الِاعْتِكَافِ
(وَ) لَزِمَ (تَتَابُعُهُ فِي مُطْلَقِهِ) أَيْ الَّذِي لَمْ يُقَيَّدْ بِتَتَابُعٍ وَلَا عَدَمِهِ فَإِنْ نَوَى أَحَدَهُمَا عَمِلَ بِهِ وَهَذَا فِي الْمَنْذُورِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (وَ) لَزِمَ (مَنْوِيُّهُ) أَيْ مَا نَوَاهُ مِنْ الْعَدَدِ بِأَنْ نَوَى فِي التَّطَوُّعِ عَشْرَةَ أَيَّامٍ مَثَلًا لَزِمَهُ (حِينَ دُخُولِهِ) الْمُعْتَكَفَ مَا نَوَاهُ فَحِينَ مُتَعَلِّقٌ بِلَزِمَ وَيَجُوزُ تَعَلُّقُهُ بِمَنْوِيِّهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ غَيْرُ صَحِيحٍ (كَمُطْلَقِ الْجِوَارِ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا تَشْبِيهٌ تَامٌّ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَحْكَامِ الِاعْتِكَافِ فَيَلْزَمُهُ تَتَابُعُهُ إنْ نَوَاهُ أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا وَإِنْ نَوَى عَدَمَهُ عَمِلَ بِهِ وَيَلْزَمُ فِيهِ الصَّوْمُ وَيَمْتَنِعُ فِيهِ مَا يَمْتَنِعُ فِي الِاعْتِكَافِ وَيُبْطِلُهُ مَا يُبْطِلُهُ فَمَنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُجَاوِرَ الْمَسْجِدِ يَوْمًا مَثَلًا فَهُوَ نَذْرُ اعْتِكَافٍ بِلَفْظِ جِوَارٍ فَلَا فَرْقَ فِي الْمَعْنَى بَيْنَ قَوْلِهِ أَعْتَكِفُ مُدَّةً كَذَا أَوْ أُجَاوِرُ وَاللَّفْظُ لَا يُرَادُ لِعَيْنِهِ وَإِنَّمَا يُرَادُ لِمَعْنَاهُ وَالْمُرَادُ بِالْمُطْلَقِ مَا لَمْ يُقَيَّدْ بِنَهَارٍ فَقَطْ وَلَا لَيْلٍ فَقَطْ فَهُوَ اعْتِكَافٌ بِلَفْظِ جِوَارٍ كَمَا عَلِمْت وَسَوَاءٌ كَانَ مَنْذُورًا أَوْ مَنْوِيًّا وَيَلْزَمُهُ مَا نَوَاهُ بِدُخُولِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQفَوَّتَهُ عَلَى نَفْسِهِ حَيْثُ أَطَاعَ سَيِّدَهُ وَلَمْ يُخَالِفْهُ وَيَرْفَعْهُ لِلْحَاكِمِ لِيُجْبِرَهُ عَلَى تَمْكِينِهِ مِنْ فِعْلِهِ؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ أَذِنَهُ فِي النَّذْرِ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ
(قَوْلُهُ وَلَا يُمْنَعُ مُكَاتَبٌ يَسِيرَهُ) أَيْ مِنْ يَسِيرِ الِاعْتِكَافِ الَّذِي شَرَعَ فِيهِ وَلَوْ بِلَا إذْنٍ مِنْ سَيِّدِهِ قَالَ خش وَمِثْلُهُ الْمَرْأَةُ أَيْ الَّتِي يَحْتَاجُ لَهَا زَوْجُهَا فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ يَسِيرِ الِاعْتِكَافِ وَظَاهِرُهُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ أَذِنَ لَهَا فِيهِ أَمْ لَا وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ، وَإِنْ أَذِنَ لِعَبْدٍ أَوْ امْرَأَةٍ فِي نَذْرٍ فَلَا مَنْعَ فَإِنَّ مَفْهُومَهُ الْمَنْعُ عِنْدَ عَدَمِ الْإِذْنِ وَلَوْ يَسِيرًا وَيَدُلُّ عَلَى بُطْلَانِهِ أَيْضًا مَا تَقَدَّمَ فِي الْجَمَاعَةِ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا يُقْضَى عَلَى زَوْجِهَا بِهِ، وَإِذَا كَانَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ الْمَسْجِدِ لِصَلَاةٍ وَاحِدَةٍ فَأَحْرَى الِاعْتِكَافُ اهـ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا كَانَ يَحْتَاجُ لَهَا الزَّوْجُ فَهِيَ كَالْعَبْدِ فِيمَا ذَكَرَ مِنْ الْقِسْمَيْنِ أَيْ مِنْ الْإِذْنِ وَعَدَمِهِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ لَا يَحْتَاجُ لَهَا فَيَجُوزُ لَهَا أَنْ تَعْتَكِفَ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْهُ وَلَوْ كَثُرَ (قَوْلُهُ وَلَزِمَ يَوْمٌ) أَيْ زِيَادَةً عَلَى اللَّيْلَةِ (قَوْلُهُ وَأَوْلَى عَكْسُهُ) أَيْ فَإِنْ نَذَرَ يَوْمًا لَزِمَهُ لَيْلَةٌ زِيَادَةً عَلَى الْيَوْمِ الَّذِي نَذَرَهُ وَاللَّيْلَةُ الَّتِي تَلْزَمُهُ فِي هَذِهِ لَيْلَةُ الْيَوْمِ الَّذِي نَذَرَهُ لَا اللَّيْلَةُ الَّتِي بَعْدَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ مَا لِابْنِ يُونُسَ وَغَيْرِهِ وَحِينَئِذٍ يَلْزَمُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ دُخُولُهُ الْمُعْتَكَفَ قَبْلَ الْغُرُوبِ أَوْ مَعَهُ وَكَذَا فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ قَالَهُ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ) أَيْ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيَّةِ اهـ بْن وَقَوْلُهُ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ أَيْ مَا لَمْ يَنْوِ الْجِوَارَ وَإِلَّا لَزِمَهُ مَا نَذَرَهُ وَاعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ لُزُومِ شَيْءٍ بِاتِّفَاقِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ وَاخْتِلَافِهِمَا فِي أَنَّ مَنْ نَذَرَ طَاعَةً نَاقِصَةً كَصَلَاةِ رَكْعَةٍ وَصَوْمِ بَعْضِ يَوْمٍ يَلْزَمُهُ إكْمَالُهُ عِنْدَ الْأَوَّلِ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ عِنْدَ الثَّانِي فِي غَيْرِ الِاعْتِكَافِ، وَأَمَّا هُوَ فَلَا يَلْزَمُهُ فِيهِ شَيْءٌ بِاتِّفَاقِهِمَا لِضَعْفِ أَمْرِ الِاعْتِكَافِ وَبِخِلَافِ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَالْحَجِّ فَإِنَّ أَمْرَهَا قَوِيٌّ لِكَوْنِهَا مِنْ دَعَائِمِ الْإِسْلَامِ.
(قَوْلُهُ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ) أَيْ حَيْثُ قَالَ لَا يَلْزَمُ شَيْءٌ كَالِاعْتِكَافِ
(قَوْلُهُ وَلَزِمَ تَتَابُعُهُ) أَيْ الِاعْتِكَافِ الْمَنْذُورِ فِي مُطْلَقِهِ أَيْ فِيمَا إذَا نَذَرَهُ مُطْلَقًا غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِتَتَابُعٍ وَلَا تَفْرِيقٍ فَإِذَا نَذَرَ اعْتِكَافَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ تَتَابُعُهَا؛ لِأَنَّ طَرِيقَةَ الِاعْتِكَافِ وَشَأْنَهُ التَّتَابُعُ (قَوْلُهُ فَإِنْ نَوَى أَحَدَهُمَا عَمِلَ بِهِ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ إذَا نَوَى عَدَمَ التَّتَابُعِ لَمْ يَلْزَمْهُ تَتَابُعٌ وَلَا تَفْرِيقٌ اهـ بْن (قَوْلُهُ حِينَ دُخُولِهِ الْمُعْتَكَفَ) أَيْ؛ لِأَنَّ النَّفَلَ يَلْزَمُ إتْمَامُهُ بِالشُّرُوعِ فِيهِ فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ مُعْتَكَفَهُ فَلَا يَلْزَمُهُ مَا نَوَاهُ (قَوْلُهُ مُتَعَلِّقٌ بِلَزِمَ) أَيْ فَيَكُونُ الدُّخُولُ سَبَبًا فِي اللُّزُومِ.
(قَوْلُهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ) أَيْ أَنَّ مَا نَوَاهُ حِينَ دُخُولِهِ لَازِمٌ لَهُ (قَوْلُهُ وَمَا قِيلَ) الْقَائِلُ لِذَلِكَ خش وَعَلَّلَ بِعِلَّةٍ لَا مَعْنَى لَهَا (قَوْلُهُ كَمُطْلِقِ الْجِوَارِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ كَالْجِوَارِ الْمُطْلَقِ إذْ فَرْقٌ بَيْنَ مُطْلَقِ الْمَاهِيَّةِ وَالْمَاهِيَّةِ الْمُطْلَقَةِ فَإِنَّ الثَّانِي عِبَارَةٌ عَنْ الْمَاهِيَّةِ بِقَيْدِ الْإِطْلَاقِ، وَهُوَ أَخَصُّ مِنْ الْأَوَّلِ وَقَوْلُهُ كَمُطْلِقِ الْجِوَارِ كَأَنْ يَقُولَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُجَاوِرَ الْمَسْجِدَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ وَلَمْ يَنْوِ لَيْلًا وَلَا نَهَارًا أَوْ لَمْ يَتَلَفَّظْ بِذَلِكَ وَلَمْ يَنْوِ الْفِطْرَ وَلَمْ يَتَلَفَّظْ بِهِ فَإِذَا قَالَ ذَلِكَ وَكَانَ كَذَلِكَ فَكَأَنَّهُ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ اعْتِكَافُ عَشَرَةِ أَيَّامٍ وَحِينَئِذٍ فَهُوَ اعْتِكَافٌ بِلَفْظِ الْجِوَارِ فَيَلْزَمُهُ مَا يَلْزَمُ فِي الِاعْتِكَافِ وَيَمْتَنِعُ مَا يَمْتَنِعُ فِيهِ وَحِينَئِذٍ فَيَلْزَمُهُ تَتَابُعُهَا إنْ نَوَاهُ أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَإِنْ نَوَى التَّفْرِيقَ عَمِلَ بِهَا، وَإِذَا نَوَى فِي قَلْبِهِ أَنْ يُجَاوِرَ فِي الْمَسْجِدِ عَشَرَةَ أَيَّامٍ وَلَمْ يَنْوِ لَيْلًا وَلَا نَهَارًا وَلَا فِطْرًا فَهُوَ اعْتِكَافٌ فِي الْمَعْنَى غَيْرُ مَنْذُورٍ فَإِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ لَزِمَهُ اعْتِكَافُ عَشَرَةِ أَيَّامٍ، وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَمَفْهُومُ لَمْ يُقَيِّدْ بِلَيْلٍ وَلَا نَهَارٍ أَنَّهُ إذَا قَيَّدَ بِذَلِكَ بِالتَّلَفُّظِ أَوْ النِّيَّةِ لَزِمَهُ مَا قَيَّدَ بِهِ فَقَطْ لَكِنْ بِلَا صَوْمٍ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْجِوَارُ مُطْلَقًا وَلَكِنْ نَوَى الْفِطْرَ أَوْ تَلَفَّظَ بِهِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ مِنْ غَيْرِ صَوْمٍ وَمَحَلُّ لُزُومِهِ إذَا قَيَّدَ بِالْفِطْرِ أَوْ اللَّيْلِ أَوْ النَّهَارِ إذَا نَذَرَ الْجِوَارَ أَمَّا إذَا نَوَاهُ فَقَطْ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَلَوْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْجِوَارَ إمَّا مُطْلَقٌ أَوْ مُقَيَّدٌ بِلَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ فَإِنْ كَانَ مُطْلَقًا وَلَمْ يَنْوِ فِيهِ فِطْرًا لَزِمَ بِالنَّذْرِ إذَا نَذَرَهُ وَلَزِمَ بِالدُّخُولِ إذَا نَوَاهُ، وَإِنْ نَوَى فِيهِ الْفِطْرَ فَلَا يَلْزَمُ إلَّا بِالنَّذْرِ وَلَا يَلْزَمُ بِالدُّخُولِ إذَا نَوَاهُ وَكَذَا الْمُقَيَّدُ بِلَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ فَلَا يَلْزَمُ إلَّا بِالنَّذْرِ وَلَا يَلْزَمُ بِالدُّخُولِ إذَا نَوَى ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ نَذْرٍ
الصفحة 546
560