كتاب الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (اسم الجزء: 1)
فَإِنْ قَيَّدَهُ أَوْ نَوَى فِيهِ الْفِطْرَ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا نَذْرُهُ بِاللَّفْظِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (لَا) الْجِوَارُ الْمُقَيَّدُ بِقَيْدِ (النَّهَارِ فَقَطْ) أَوْ اللَّيْلِ فَقَطْ وَكَذَا الْمُطْلَقُ الْمَنْوِيُّ فِيهِ الْفِطْرُ (فَبِاللَّفْظِ) أَيْ لَا يَلْزَمُ إلَّا بِالتَّلَفُّظِ بِنَذْرِهِ وَلَا يَلْزَمُ بِالدُّخُولِ عَلَى مَا يَأْتِي وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى النَّهَارِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ (وَلَا يَلْزَمُ فِيهِ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ تَلَفَّظَ بِالنَّذْرِ (صَوْمٌ) إذْ الْمُقَيَّدُ بِاللَّيْلِ أَوْ الْمُطْلَقُ الَّذِي نَوَى فِيهِ الْفِطْرَ لَا يُتَوَهَّمُ فِيهِ صَوْمٌ حَتَّى يُحْتَاجَ لِنَفْيِهِ أَيْ وَلَا يَلْزَمُ الْمُجَاوِرَ حِينَ لَفَظَ بِنَذْرِهِ صَوْمٌ وَلَا غَيْرُهُ مِنْ لَوَازِمِ الِاعْتِكَافِ لَكِنْ لَا يَخْرُجُ لِعِيَادَةِ مَرِيضٍ وَنَحْوِهَا؛ لِأَنَّهُ يُنَافِي نَذْرَهُ الْمُجَاوَرَةَ فِي الْمَسْجِدِ نَهَارَهُ وَيَخْرُجُ لِمَا يَخْرُجُ لَهُ الْمُعْتَكِفُ وَلَا يَخْرُجُ لِمَا لَا يَخْرُجُ لَهُ ثُمَّ إنَّ نَاوِيَ الْجِوَارِ الْمُقَيَّدِ بِالْفِطْرِ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ لَا يَلْزَمُهُ بِدُخُولِهِ مَا بَعْدَ يَوْمِ دُخُولِهِ (وَفِي) لُزُومِهِ إكْمَالُ (يَوْمِ دُخُولِهِ) وَعَدَمِ لُزُومِهِ إذْ لَا صَوْمَ فِيهِ، وَهُوَ الْأَرْجَحُ (تَأْوِيلَانِ) أَمَّا إنْ نَوَى يَوْمًا فَقَطْ لَمْ يَلْزَمْهُ إكْمَالُهُ قَطْعًا كَمَنْ نَوَى جِوَارَ مَسْجِدٍ مَا دَامَ فِيهِ أَوْ وَقْتًا مُعَيَّنًا فَقَوْلُهُ وَفِي يَوْمٍ إلَخْ رَاجِعٌ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ فَبِاللَّفْظِ أَيْ فَإِنْ لَمْ يَلْفِظْ فَفِي إلَخْ (وَ) لَزِمَ (إتْيَانُ سَاحِلٍ) الْمُرَادُ بِهِ مَحَلُّ الرِّبَاطِ كَدِمْيَاطِ وَالْإِسْكَنْدَرِيَّة وَنَحْوِهِمَا سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ كَوْنُهُ عَلَى شَاطِئِ الْبَحْرِ (لِنَاذِرِ صَوْمٍ) أَوْ صَلَاةٍ لَا اعْتِكَافٍ (بِهِ) أَيْ فِي السَّاحِلِ (مُطْلَقًا) كَانَ فِي مَكَان مَفْضُولٍ أَوْ فَاضِلٍ كَأَحَدِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ فَرْضًا كَانَ الصَّوْمُ أَصَالَةً أَمْ لَا
(وَ) لَزِمَ إتْيَانُ (الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ فَقَطْ) (لِنَاذِرِ عُكُوفٍ) أَوْ صَوْمٍ أَوْ صَلَاةٍ (بِهَا) أَيْ فِيهَا (وَإِلَّا) بِأَنْ نَذَرَ الْعُكُوفَ بِسَاحِلٍ أَوْ عُكُوفًا أَوْ صَوْمًا كَصَلَاةٍ بِغَيْرِهَا كَالْأَزْهَرِ وَجَامِعِ عَمْرٍو (فَبِمَوْضِعِهِ) الَّذِي نَذَرَ فِيهِ الِاعْتِكَافَ أَوْ الصَّلَاةَ أَوْ الصَّوْمَ بِفِعْلِ الْمَنْذُورِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ قَرُبَ جِدًّا.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ نَذَرَ شَيْئًا مِنْ الثَّلَاثَةِ فِي أَحَدِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ لَزِمَهُ الذَّهَابُ إلَيْهِ كَسَاحِلٍ فِي نَذْرِ صَوْمٍ أَوْ صَلَاةٍ لَا اعْتِكَافٍ فَيَفْعَلُهُ فِي مَوْضِعِهِ، وَأَمَّا غَيْرُ السَّاحِلِ وَالْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ فَبِمَوْضِعِهِ إنْ بَعُدَ وَإِلَّا فَقَوْلَانِ
ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ مَكْرُوهَاتِهِ فَقَالَ (وَكُرِهَ) لِلْمُعْتَكِفِ (أَكْلُهُ خَارِجَ الْمَسْجِدِ) يَعْنِي بِفِنَائِهِ أَوْ رَحْبَتِهِ الْخَارِجَةِ عَنْهُ فَإِنْ أَكَلَ خَارِجًا عَنْ ذَلِكَ بَطَلَ (وَ) كُرِهَ (اعْتِكَافُهُ)
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ فَإِنْ قَيَّدَهُ) أَيْ بِاللَّيْلِ فَقَطْ أَوْ بِالنَّهَارِ فَقَطْ وَقَوْلُهُ أَوْ نَوَى أَيْ أَوْ أَطْلَقَ وَلَكِنْ نَوَى إلَخْ (قَوْلُهُ بِنَذْرِهِ) أَيْ بِنَذْرِ النَّهَارِ وَكَذَا اللَّيْلِ (قَوْلُهُ الْمُقَيَّدِ بِالْفِطْرِ) أَيْ وَبِاللَّيْلِ أَوْ بِالنَّهَارِ (قَوْلُهُ وَفِي يَوْمِ دُخُولِهِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْجِوَارَ إذَا كَانَ مُقَيَّدًا بِلَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ أَوْ بِالْفِطْرِ فَلَا يَلْزَمُ إلَّا بِالنَّذْرِ كَمَا مَرَّ وَلَا يَلْزَمُ وَلَوْ دَخَلَ إنْ كَانَ مَنْوِيًّا وَهَلْ عَدَمُ اللُّزُومِ فِي الْمَنْوِيِّ مُطْلَقًا حَتَّى فِي يَوْمِ الدُّخُولِ فَلَهُ الْخُرُوجُ مِنْ الْمَسْجِدِ بَعْدَ دُخُولِهِ أَوْ عَدَمُ اللُّزُومِ أَنَّهُ هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ يَوْمِ الدُّخُولِ، وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لَهُ فَيَلْزَمُهُ إتْمَامُهُ تَأْوِيلَانِ وَالرَّاجِحُ مِنْهُمَا الْأَوَّلُ فَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي يَوْمِ الدُّخُولِ، وَأَمَّا بَعْدَهُ فَلَا يَلْزَمُ اتِّفَاقًا وَهَلْ التَّأْوِيلَانِ فِي يَوْمِ الدُّخُولِ سَوَاءٌ نَوَى مُجَاوَرَةَ يَوْمٍ أَوْ أَيَّامٍ، وَهُوَ مَا قَالَهُ ح وَبَهْرَامُ وَمِثْلُهُ فِي التَّوْضِيحِ وَاعْتَمَدَهُ اللَّقَانِيُّ أَوْ الْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا نَوَى مُجَاوَرَةَ أَيَّامٍ، وَأَمَّا إذَا نَوَى مُجَاوَرَةَ يَوْمٍ فَلَا يَلْزَمُ إكْمَالُهُ بِالدُّخُولِ قَطْعًا، وَهُوَ مَا قَالَهُ الْمَوَّاقُ وَاعْتَمَدَهُ عج إذَا عَلِمْت ذَلِكَ أَنَّ الشَّارِحَ مَاشٍ عَلَى طَرِيقَةِ عج اهـ (قَوْلُهُ كَمَنْ نَوَى جِوَارَ مَسْجِدٍ مَا دَامَ فِيهِ أَوْ وَقْتًا مُعَيَّنًا) فَلَا يَلْزَمُ بَقِيَّةُ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَا بَقِيَّةُ الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ (قَوْلُهُ وَإِتْيَانُ سَاحِلٍ) عَطْفٌ عَلَى يَوْمٍ مِنْ قَوْلِهِ وَلَزِمَ بِيَوْمٍ (قَوْلُهُ كَدِمْيَاطَ) بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُعْجَمَةِ كَمَا فِي اللُّبِّ لِلسُّيُوطِيِّ (قَوْلُهُ سُمِّيَ بِذَلِكَ) أَيْ سُمِّيَ مَحَلُّ الرِّبَاطِ سَاحِلًا (قَوْلُهُ عَلَى شَاطِئِ الْبَحْرِ) أَيْ فَالسَّاحِلُ فِي الْأَصْلِ شَاطِئُ الْبَحْرِ الَّذِي يُلْقِي فِيهِ رَمْلَهُ فَأُطْلِقَ هُنَا وَأُرِيدَ بِهِ مَحَلُّ الرِّبَاطِ تَسْمِيَةً لِلْحَالِ بِاسْمِهِ مَحَلِّهِ (قَوْلُهُ لَا اعْتِكَافٍ) أَيْ؛ لِأَنَّ الصَّوْمَ وَالصَّلَاةَ لَا يَمْنَعَانِ الْجِهَادَ وَالْحَرَسَ وَالِاعْتِكَافُ يَمْنَعُ ذَلِكَ فَلِذَا كَانَ نَاذِرُهُ لَا يَأْتِي إلَيْهِ (قَوْلُهُ كَانَ) أَيْ النَّاذِرُ مُقِيمًا فِي مَكَان مَفْضُولٍ أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِمَكَانِ الرِّبَاطِ أَوْ كَانَ مَكَانُهُ أَفْضَلَ كَمَا لَوْ كَانَ مَكَانُهُ أَحَدَ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ أَوْ كَانَ مَكَانُهُ مُسَاوِيًا لِمَكَانِ الرِّبَاطِ
(قَوْلُهُ وَلَزِمَ إتْيَانُ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْمَوْضِعُ الَّذِي هُوَ فِيهِ أَفْضَلُ كَمَنْ بِالْمَدِينَةِ نَذَرَ الِاعْتِكَافَ مَثَلًا بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ أَوْ مَكَّةَ وَبِهِ قِيلَ وَقِيلَ إنَّهُ لَا يَأْتِي مِنْ الْفَاضِلِ لِلْمَفْضُولِ وَيَأْتِي مِنْ الْمَفْضُولِ لِلْفَاضِلِ وَسَيَأْتِي الْقَوْلَانِ فِي بَابِ النَّذْرِ وَالرَّاجِحُ مِنْهُمَا الثَّانِي.
(قَوْلُهُ أَنَّ مَنْ نَذَرَ شَيْئًا مِنْ الثَّلَاثَةِ) أَيْ وَهِيَ الصَّلَاةُ وَالصَّوْمُ وَالِاعْتِكَافُ وَقَوْلُهُ لَزِمَهُ الذَّهَابُ إلَيْهِ أَيْ وَفِعْلُ مَا نَذَرَهُ فِيهِ وَهَلْ مُطْلَقًا أَوْ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ النَّاذِرِ أَفْضَلَ وَإِلَّا فَعَلَهُ فِيهِ قَوْلَانِ وَقَوْلُهُ كَسَاحِلٍ أَيْ كَمَا يَلْزَمُهُ الْإِتْيَانُ لِسَاحِلٍ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَقَوْلَانِ) أَيْ وَإِلَّا يَكُنْ بَعِيدًا بَلْ كَانَ قَرِيبًا، وَهُوَ مَا لَا يَحْتَاجُ لِشَدِّ رَاحِلَةٍ فَقَوْلَانِ فِي فِعْلِ الْمَنْذُورِ بِمَوْضِعِ النَّذْرِ أَوْ بِالْمَحَلِّ الَّذِي نَذَرَ الْفِعْلَ فِيهِ وَهَذَا إذَا كَانَ الْمَنْذُورُ صَلَاةً أَوْ اعْتِكَافًا، وَأَمَّا إنْ كَانَ صَوْمًا فَهَلْ كَذَلِكَ، وَهُوَ مَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ أَوْ يَفْعَلُ الصَّوْمَ بِمَوْضِعِهِ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ؛ لِأَنَّهُ لَا ارْتِبَاطَ لِلصَّوْمِ بِالْمَكَانِ وَهَذَا هُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنْ كَلَامِ ح
[مَكْرُوهَاتِ الِاعْتِكَاف]
(قَوْلُهُ وَكُرِهَ أَكْلُهُ خَارِجَ الْمَسْجِدِ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْمُعْتَكِفِ أَنْ يَأْكُلَ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ فِي صَحْنِهِ أَوْ فِي الْمَنَارَةِ وَيُكْرَهُ أَكْلُهُ خَارِجَ الْمَسْجِدِ بِالْقُرْبِ مِنْهُ كَفِنَائِهِ أَيْ قُدَّامَ بَابِهِ وَرَحْبَتِهِ، وَهِيَ مَا زِيدَ بِالْقُرْبِ مِنْهُ لِتَوْسِعَتِهِ، وَأَمَّا أَكْلُهُ خَارِجًا عَمَّا يُكْرَهُ أَكْلُهُ فِيهِ فَهُوَ مُبْطِلٌ لِلِاعْتِكَافِ وَهَذَا التَّفْصِيلُ هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَالْمَجْمُوعَةِ وَاَلَّذِي لِلْبَاجِيِّ الْبُطْلَانُ بِالْخُرُوجِ مِنْ الْمَسْجِدِ وَأَطْلَقَ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ الْإِطْلَاقُ فِي كَلَامِهِ عَلَى التَّفْصِيلِ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ كَالْمُدَوَّنَةِ كَرَاهَةُ الْأَكْلِ خَارِجَهُ وَلَوْ خَفَّ الْأَكْلُ وَعَدَمُ كَرَاهَةِ الشُّرْبِ خَارِجَهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ.
الصفحة 547
560