كتاب الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (اسم الجزء: 1)
(وَإِخْرَاجُهُ) أَيْ يُكْرَهُ لِلْقَاضِي أَنْ يُخْرِجَهُ (لِحُكُومَةٍ) قَبْلَ تَمَامِ اعْتِكَافِهِ مَا لَمْ تَطُلْ مُدَّةُ الِاعْتِكَافِ بِحَيْثُ تَضُرُّ بِرَبِّ الْحَقِّ وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ (إنْ لَمْ يَلُدَّ) بِفَتْحِ الْيَاءِ وَضَمِّهَا؛ لِأَنَّهُ سُمِعَ لَدَّ وَأَلُدُّ (بِهِ) أَيْ بِاعْتِكَافِهِ وَإِلَّا فَلَا يُكْرَهُ إخْرَاجُهُ وَاللَّدَدُ الْفِرَارُ مِنْ دَفْعِ الْحَقِّ وَالْمُمَاطَلَةُ بِهِ
ثُمَّ بَيَّنَ الْجَائِزَ بِقَوْلِهِ (وَجَازَ) لِلْمُعْتَكِفِ (إقْرَاءُ قُرْآنٍ) عَلَى غَيْرِهِ أَوْ سَمَاعُهُ مِنْ الْغَيْرِ لَا عَلَى وَجْهِ التَّعْلِيمِ وَالتَّعَلُّمِ وَإِلَّا كُرِهَ (وَ) جَازَ (سَلَامُهُ عَلَى مَنْ بِقُرْبِهِ) أَيْ سُؤَالُهُ عَنْ حَالِهِ كَقَوْلِهِ كَيْفَ حَالُك وَكَيْفَ أَصْبَحْت مَثَلًا صَحِيحًا أَوْ مَرِيضًا مِنْ غَيْرِ انْتِقَالٍ لَهُ عَنْ مَجْلِسِهِ وَإِلَّا كُرِهَ، وَأَمَّا قَوْلُهُ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي الذِّكْرِ (وَتَطَيُّبُهُ) بِأَنْوَاعِ الطِّيبِ، وَإِنْ كُرِهَ لِصَائِمٍ غَيْرِهِ مُعْتَكِفٍ؛ لِأَنَّ هَذَا مَعَهُ مَانِعٌ يَمْنَعُهُ مِمَّا يُفْسِدُ اعْتِكَافَهُ، وَهُوَ الْمَسْجِدُ وَبُعْدُهُ عَنْ النِّسَاءِ
(وَ) جَازَ لَهُ (أَنْ يَنْكِحَ) بِفَتْحِ الْيَاءِ أَيْ يَعْقِدَ لِنَفْسِهِ (وَيُنْكِحَ) بِضَمِّهَا أَيْ يُزَوِّجَ مَنْ فِي وِلَايَتِهِ بِحَجْرٍ أَوْ رِقٍّ أَوْ قَرَابَةٍ إذَا كَانَ ذَلِكَ (بِمَجْلِسِهِ بِغَيْرِ انْتِقَالٍ وَلَا طُولٍ) وَإِلَّا كُرِهَ (وَأَخْذُهُ إذَا خَرَجَ لِكَغُسْلِ جُمُعَةٍ) أَوْ جَنَابَةٍ أَوْ عِيدٍ (ظُفْرًا أَوْ شَارِبًا) أَوْ عَانَةً أَوْ إبِطًا خَارِجَ الْمَسْجِدِ وَكُرِهَ فِيهِ كَحَلْقِ رَأْسِهِ مُطْلَقًا إلَّا أَنْ يَتَضَرَّرَ (فَلْيُخْرِجْ رَأْسَهُ عَنْ الْمَسْجِدِ وَالْحَلَّاقُ خَارِجَهُ)
(وَ) جَازَ لَهُ إذَا خَرَجَ لِغُسْلِ ثَوْبِهِ مِنْ نَجَاسَةٍ (انْتِظَارُ غُسْلِ ثَوْبِهِ أَوْ تَجْفِيفِهِ) إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ إذَا كَانَ لَا يَمْشِي، وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى مَا أَفَادَهُ اللَّقَانِيُّ وَعُورِضَتْ الْكَرَاهَةُ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ جَوَازِ تَأْذِينِهِ بِصَحْنِ الْمَسْجِدِ وَلَكِنَّ النَّصَّ مُتَّبِعٌ (قَوْلُهُ وَإِخْرَاجُهُ لِحُكُومَةٍ) أَيْ لِدَعْوَةٍ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ وَلَا يَبْطُلُ الِاعْتِكَافُ حِينَئِذٍ وَمَحَلُّ هَذَا إذَا أُخْرِجَ قَهْرًا عَنْهُ، وَأَمَّا خُرُوجُهُ بِاخْتِيَارِهِ لِذَلِكَ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ يُبْطِلُ اعْتِكَافَهُ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَإِنْ خَرَجَ يَطْلُبُ حَدًّا أَوْ دَيْنًا أَوْ خَرَجَ فِيمَا عَلَيْهِ مِنْ حَدٍّ أَوْ دَيْنٍ فَسَدَ اعْتِكَافُهُ وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ: إنْ أَخْرَجَهُ قَاضٍ لِحُكُومَةٍ أَوْ غَيْرِهَا كَارِهًا فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَبْتَدِئَ اعْتِكَافَهُ، وَإِنْ بَنَى أَجْزَأَهُ اهـ وَظَاهِرُ إطْلَاقِهَا سَوَاءٌ أَلَدَّ بِاعْتِكَافِهِ أَوْ لَا وَقَالَ الْقَلْشَانِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ إنْ أُخْرِجَ كَارِهًا وَكَانَ اعْتِكَافُهُ هَرَبَا مِنْ دَفْعِ الْحَقِّ فَخُرُوجُهُ يُبْطِلُ اعْتِكَافَهُ اتِّفَاقًا اهـ وَنَحْوُهُ فِي الْجَوَاهِرِ فَيُقَيَّدُ إطْلَاقُ كَلَامِهَا بِذَلِكَ اهـ بْن (قَوْلُهُ مَا لَمْ تَطُلْ مُدَّةُ الِاعْتِكَافِ) أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ الْبَاقِي مِنْ مُدَّةِ الِاعْتِكَافِ كَثِيرًا.
(قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ) أَيْ فِي إخْرَاجِهِ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَلُدَّ بِهِ) أَيْ أَنَّ مَحَلَّ كَرَاهَةِ إخْرَاجِهِ لِأَجْلِ سَمَاعِهِ دَعْوَى تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَتَبَيَّنْ لَدَدَهُ وَأَنَّهُ إنَّمَا اعْتَكَفَ فِرَارًا مِنْ إعْطَاءِ الْحَقِّ وَإِلَّا تَعَيَّنَ إخْرَاجُهُ كَانَ الْبَاقِي مِنْ مُدَّةِ الِاعْتِكَافِ كَثِيرًا أَوْ قَلِيلًا كَمَا فِي خش، وَهُوَ الصَّوَابُ وَيَبْطُلُ اعْتِكَافُهُ بِهَذَا الْخُرُوجِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ خَرَجَ طَائِعًا لِطَلَبِ حَقٍّ لَهُ أَوْ لِدَعْوَى مُتَوَجِّهَةٍ عَلَيْهِ فَسَدَ اعْتِكَافُهُ وَلَوْ كَانَ غَيْرَ مُلِدٍّ بِذَلِكَ الِاعْتِكَافِ، وَإِنْ أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ قَهْرًا عَنْهُ فَسَدَ اعْتِكَافُهُ إنْ كَانَ مُلِدًّا بِهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُلِدٍّ بِهِ فَلَا يَبْطُلُ اعْتِكَافُهُ وَلَهُ أَنْ يَبْنِيَ عَلَى مَا فَعَلَهُ
[الْجَائِزَ لِلْمُعْتَكِفِ]
(قَوْلُهُ وَجَازَ إقْرَاءُ قُرْآنٍ عَلَى غَيْرِهِ إلَخْ) أَيْ وَلَا يَحْمِلُ الْمُصَنِّفُ عَلَى ظَاهِرِهِ مِنْ تَعْلِيمِهِ الْقُرْآنَ لِغَيْرِهِ بِمَوْضِعِهِ كَمَا فِي الْجَلَّابِ فَإِنَّهُ مُعْتَرَضٌ بِأَنَّ هَذَا مَكْرُوهٌ كَمَا فِي ح عَنْ سَنَدٍ لَا جَائِزٌ وَمَا فِي الْجَلَّابِ مِنْ الْجَوَازِ ضَعِيفٌ كَذَا فِي خش وعبق وَفِيهِ أَنَّ كَلَامَ الْجَلَّابِ قَدْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي التَّوْضِيحِ وَكَذَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَابْنُ غَازِيٍّ فِي تَكْمِيلِ التَّقْيِيدِ وَالْمَوَّاقُ وَغَيْرُهُمْ وَاقْتِصَارُهُمْ عَلَيْهِ يُؤْذِنُ بِأَنَّهُ الْمَذْهَبُ لَكِنَّ مَا فِي الْجَلَّابِ قَيَّدَهُ شَارِحُهُ الشَّارْمَسَاحِيُّ وَنَصُّهُ وَإِقْرَاءُ الْقُرْآنِ فَيَجُوزُ، وَإِنْ كَثُرَ؛ لِأَنَّهُ ذِكْرٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَاصِدًا لِلتَّعْلِيمِ فَيَمْتَنِعُ كَثِيرُهُ اهـ نَقَلَهُ أَبُو عَلِيٍّ الْمِسْنَاوِيُّ وَبِهَذَا يُجْمَعُ بَيْنَ كَلَامَيْ سَنَدٍ وَالْجَلَّابِ اهـ بْن فَقَوْلُ سَنَدٍ إنَّ سَمَاعَهُ مِنْ الْغَيْرِ مَكْرُوهٌ إذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ التَّعْلِيمِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ كَثِيرًا وَقَوْلُ الْجَلَّابِ إنَّ إقْرَاءَ الْقُرْآنِ لِلْغَيْرِ جَائِزٌ وَلَوْ كَثُرَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ تَعْلِيمَهُ وَيُكْثِرُ وَإِلَّا كُرِهَ.
(قَوْلُهُ أَيْ سُؤَالُهُ عَنْ حَالِهِ) مَحَلُّ الْجَوَازِ إذَا كَانَ السُّؤَالُ لَطِيفًا لَا طُولَ فِيهِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا كُرِهَ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ وُجِدَ انْتِقَالٌ أَيْ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ طُولٌ فِي السُّؤَالِ بِدُونِ انْتِقَالٍ كُرِهَ، وَأَمَّا لَوْ حَصَلَ انْتِقَالٌ لِخَارِجِ الْمَسْجِدِ بَطَلَ اعْتِكَافُهُ (قَوْلُهُ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي الذِّكْرِ) أَيْ لِمَا قِيلَ إنَّ السَّلَامَ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ كَذَا ذَكَرَ بَعْضُهُمْ (قَوْلُهُ وَتَطَيُّبُهُ) أَيْ جَازَ تَطَيُّبُ الْمُعْتَكِفِ بِأَنْوَاعِ الطِّيبِ فِي لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ سَوَاءٌ كَانَ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ خِلَافًا لحمديس الْقَائِلِ بِكَرَاهَتِهِ فِي حَقِّهِمَا اهـ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ (قَوْلُهُ بِغَيْرِ انْتِقَالٍ) أَيْ لِمَحَلِّ آخَرَ مِنْ الْمَسْجِدِ وَإِلَّا كُرِهَ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الِانْتِقَالُ بِمَحَلٍّ خَارِجَ الْمَسْجِدِ بَطَلَ اعْتِكَافُهُ
(قَوْلُهُ وَأَخْذُهُ) أَيْ قَصُّهُ وَإِزَالَتُهُ وَقَوْلُهُ إذَا خَرَجَ أَيْ مِنْ مُعْتَكَفِهِ (قَوْلُهُ أَوْ جَنَابَةٍ أَوْ عِيدٍ) أَيْ أَوْ لِحَرٍّ أَصَابَهُ فَالْكَافُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي الْحَقِيقَةِ دَاخِلَةٌ عَلَى جُمُعَةٍ كَذَا فِي عبق وَالْأَوْلَى مُلَاحَظَةُ دُخُولِهَا عَلَى كُلٍّ مِنْ الْمُضَافِ وَالْمُضَافِ إلَيْهِ لِيَدْخُلَ خُرُوجُهُ لِشِرَاءِ طَعَامٍ أَوْ مَاءٍ تَأَمَّلْ وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ إذَا خَرَجَ أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ لِمُجَرَّدِ قَصِّ الشَّارِبِ وَالظُّفْرِ وَمَا مَعَهُمَا، وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَكُرِهَ فِيهِ) أَيْ وَلَوْ جَمَعَ ذَلِكَ فِي ثَوْبِهِ وَأَلْقَاهُ خَارِجَهُ لِحُرْمَةِ الْمَسْجِدِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ خَارِجَهُ وَاَلَّذِي لَهُ فِعْلُهُ إذَا خَرَجَ إنَّمَا هُوَ إزَالَةُ الظُّفْرِ وَالشَّارِبِ وَالْإِبِطِ وَالْعَانَةِ لَا حَلْقُ الرَّأْسِ كَمَا يُفِيدُهُ أَبُو الْحَسَنِ خِلَافًا لِمَا فِي خش مِنْ أَنَّهُ إذَا خَرَجَ لِغُسْلِ الْجُمُعَةِ جَازَ لَهُ حَلْقُ الرَّأْسِ وَلَا يَخْرُجُ لَهَا اسْتِقْلَالًا وَوَافَقَهُ فِي المج عَلَى ذَلِكَ
(قَوْلُهُ انْتِظَارُ إلَخْ) أَيْ وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَجْلِسَ خَارِجَ الْمَسْجِدِ عِنْدَ مَنْ يَغْسِلُهَا لَهُ مُنْتَظِرًا غُسْلَهَا وَتَجْفِيفَهَا (قَوْلُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُهُ) أَيْ وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يَسْتَنِيبُهُ فِي الْجُلُوسِ عِنْدَ الْغَسَّالِ أَوْ عِنْدَ الثَّوْبِ إلَى أَنْ يَجِفَّ فَالْجَوَازُ مُقَيَّدٌ
الصفحة 549
560