كتاب الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (اسم الجزء: 1)

مِنْ نَفْطِ النَّارِ (وَرُطُوبَةِ فَرْجٍ) مِنْ غَيْرِ مُبَاحِ الْأَكْلِ أَمَّا مِنْهُ فَطَاهِرَةٌ إلَّا الْمُتَغَذِّيَ بِنَجِسٍ (وَدَمٌ مَسْفُوحٌ) أَيْ جَارٍ بِسَبَبِ فَصْدٍ أَوْ ذَكَاةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ إذَا كَانَ مِنْ غَيْرِ سَمَكٍ وَذُبَابٍ بَلْ (وَلَوْ) كَانَ مَسْفُوحًا (مِنْ سَمَكٍ وَذُبَابٍ) وَقُرَادٍ وَحَلَمٍ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِطَهَارَتِهِ مِنْهَا، وَأَمَّا قَبْلَ سَيَلَانِهِ مِنْ السَّمَكِ فَلَا يُحْكَمُ بِنَجَاسَتِهِ وَلَا يُؤْمَنُ بِإِخْرَاجِهِ فَلَا بَأْسَ بِإِلْقَائِهِ فِي النَّارِ حَيًّا (وَسَوْدَاءُ) مَائِعٌ أَسْوَدُ كَالدَّمِ الْعَبِيطِ أَيْ الْخَالِصِ الَّذِي لَا خَلْطَ فِيهِ أَوْ كَدَرَ أَوْ أَحْمَرَ غَيْرَ قَانِئٍ أَيْ شَدِيدِ الْحُمْرَةِ (وَرَمَادُ نَجَسٍ) بِفَتْحِ الْجِيمِ عَيْنُ النَّجَاسَةِ وَبِكَسْرِهَا الْمُتَنَجِّسُ وَلَفْظُهُ هُنَا يَحْتَمِلُهُمَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ النَّجَاسَةَ إذَا تَغَيَّرَتْ أَعْرَاضُهَا لَا تَتَغَيَّرُ عَنْ الْحُكْمِ الَّذِي كَانَتْ عَلَيْهِ عَمَلًا بِالِاسْتِصْحَابِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ طَاهِرٌ (وَدُخَانُهُ)
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: مِنْ نَفْطِ النَّارِ) وَكَذَا مَا يَسِيلُ مِنْ نَفِطَاتِ الْجَسَدِ فِي أَيَّامِ الْحَرِّ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ مُبَاحٍ) شَمِلَ ذَلِكَ الْآدَمِيَّ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الرَّاجِحِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِطَهَارَةِ رُطُوبَةِ فَرْجِ الْآدَمِيِّ وَيَتَرَتَّبُ عَلَى نَجَاسَةِ رُطُوبَةِ فَرْجِ الْآدَمِيِّ تَنْجِيسُ ذَكَرِ الْوَاطِئِ أَوْ إدْخَالُ خِرْقَةٍ أَوْ أُصْبُعٍ مَثَلًا فِيهِ فَتَعَلَّقَ بِهِ أَوْ بِهَا الرُّطُوبَةُ (قَوْلُهُ: أَمَّا مِنْهُ فَطَاهِرَةٌ) أَيْ لِأَنَّهُ إذْ كَانَ بَوْلُهُ طَاهِرًا فَأَوْلَى رُطُوبَةُ فَرْجِهِ وَمَحَلُّ طَهَارَةِ رُطُوبَةِ فَرْجِ الْمُبَاحِ مَا لَمْ يَتَغَذَّ بِنَجِسٍ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ وَمَا لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ يَحِيضُ كَإِبِلٍ وَإِلَّا كَانَتْ نَجِسَةً عَقِبَ حَيْضِهِ، وَأَمَّا بَعْدَهُ فَطَاهِرَةٌ لِمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ، وَإِنْ زَالَ عَيْنُ النَّجَاسَةِ بِغَيْرِ الْمُطْلَقِ إلَخْ كَذَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا (قَوْلُهُ: إذَا كَانَ مِنْ غَيْرِ سَمَكٍ) أَيْ إذَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ سَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ غَيْرَ سَمَكٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: بَلْ وَلَوْ مِنْ سَمَكٍ وَذُبَابٍ) أَيْ فَهُوَ نَجِسٌ وَيُعْفَى عَمَّا دُونَ الدِّرْهَمِ إذَا انْفَصَلَ عَنْهُ وَهَلْ الدَّمُ الْمَسْفُوحُ الَّذِي فِي السَّمَكِ هُوَ الْخَارِجُ عِنْدَ التَّقْطِيعِ الْأَوَّلِ لَا مَا خَرَجَ عِنْدَ التَّقْطِيعِ الثَّانِي أَوْ الْجَارِي عِنْدَ جَمِيعِ التَّقْطِيعَاتِ وَاسْتَظْهَرَ بَعْضٌ الْأَوَّلَ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِطَهَارَتِهِ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ وَهُوَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ وَيَتَرَتَّبُ عَلَى الْخِلَافِ جَوَازُ أَكْلِ السَّمَكِ الَّذِي يُوضَعُ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ وَيَسِيلُ دَمُهُ مِنْ بَعْضِهِ إلَى بَعْضٍ وَعَدَمُ جَوَازِ ذَلِكَ فَعَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لَا يُؤْكَلُ مِنْهُ إلَّا الصَّفُّ الْأَعْلَى وَعَلَى كَلَامِ ابْنِ الْعَرَبِيِّ يُؤْكَلُ كُلُّهُ وَمَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ الْخَارِجَ مِنْ السَّمَكِ لَيْسَ بِدَمٍ بَلْ رُطُوبَةٌ وَحِينَئِذٍ فَهُوَ طَاهِرٌ.
وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا شَكَّ هَلْ هَذَا السَّمَكُ كَانَ مِنْ الصَّفِّ الْأَعْلَى أَوْ مِنْ غَيْرِهِ أُكِلَ؛ لِأَنَّ الطَّعَامَ لَا يُطْرَحُ بِالشَّكِّ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَسَوْدَاءُ) أَيْ الَّتِي هِيَ أَحَدُ الْأَخْلَاطِ الْأَرْبَعَةِ: الصَّفْرَاءُ وَالدَّمُ وَالسَّوْدَاءُ وَالْبَلْغَمُ وَلَا بُدَّ فِي كُلِّ إنْسَانٍ مِنْ وُجُودِ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ فَالسَّوْدَاءُ وَالدَّمُ نَجِسَانِ وَالصَّفْرَاءُ وَالْبَلْغَمُ طَاهِرَانِ (قَوْلُهُ: مَائِعٌ أَسْوَدُ) أَيْ يَخْرُجُ مِنْ الْمَعِدَةِ (قَوْلُهُ: كَالدَّمِ الْعَبِيطِ) هُوَ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ مَعْنَاهُ الْخَالِصُ أَيْ الصَّافِي الَّذِي لَا خَلْطَ فِيهِ، وَأَمَّا الْغَبِيطُ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ فَهُوَ الْهَوْدَجُ وَمِنْهُ قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ
تَقُولُ وَقَدْ مَالَ الْغَبِيطُ بِنَا مَعًا ... عَقَرْت بَعِيرِي يَا امْرَأَ الْقَيْسِ فَانْزِلْ
(قَوْلُهُ: أَوْ كَدَرَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ السَّوْدَاءَ تُطْلَقُ عَلَى ثَلَاثَةِ أُمُورٍ: الدَّمُ الْخَالِصُ الَّذِي لَا خَلْطَ فِيهِ، وَالدَّمُ الَّذِي فِيهِ خَلْطٌ؛ لِأَنَّ الْكَدَرَ هُوَ غَيْرُ الصَّافِي وَعَدَمُ الصَّفَاءِ بِالْخَلْطِ، وَالدَّمُ الْأَحْمَرُ الَّذِي لَمْ تَشْتَدَّ حُمْرَتُهُ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا عَلَى الْأَوَّلَيْنِ مَائِعٌ أَسْوَدُ إمَّا خَالِصٌ مِنْ الْخَلْطِ وَهُوَ مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ كَالدَّمِ الْعَبِيطِ وَإِمَّا غَيْرُ خَالِصٍ وَهُوَ مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (أَوْ كَدَرَ) ، وَأَمَّا عَلَى الثَّالِثِ فَهِيَ دَمٌ أَحْمَرُ خَالِصٌ وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الدَّمَ وَالسَّوْدَاءَ نَجِسَانِ فَلَوْ خَالَطَ الْقَيْءُ أَوْ الْقَلْسُ أَحَدَهُمَا أَوْ عَذِرَةً حَالَ كَوْنِ الْقَيْءِ أَوْ الْقَلْسِ يَنْقَلِبُ إلَى الْمَعِدَةِ فَإِنَّ الْمَعِدَةَ تُنَجَّسُ وَيَتَرَتَّبُ عَلَى نَجَاسَةِ الْمَعِدَةِ بُطْلَانُ صَلَاتِهِ إذَا كَانَ الرَّدُّ الْمَذْكُورُ عَمْدًا عَلَى مَا يَأْتِي فِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ (قَوْلُهُ: أَيْ شَدِيدُ الْحُمْرَةِ) تَفْسِيرٌ لِقَانِئٍ (قَوْلُهُ: وَرَمَادُ نَجِسٍ) قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ مَا نَصُّهُ اعْتَمَدَ الْمُصَنِّفُ فِيمَا صَرَّحَ بِهِ مِنْ نَجَاسَةِ الرَّمَادِ عَلَى قَوْلِ الْمَازِرِيِّ إنَّهُ لَا يَطْهُرُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ مِنْ الْأَئِمَّةِ وَمَا كَانَ حَقُّهُ أَنْ يُفْتَى فِيهِ إلَّا بِمَا اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ وَالتُّونُسِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ مِنْ طَهَارَتِهِ، وَأَمَّا كَلَامُ الْمَازِرِيِّ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ الْأَئِمَّةَ مِنْ غَيْرِ مَذْهَبِنَا اهـ نَقَلَهُ بْن ثُمَّ إنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَرَمَادُ نَجِسٍ بِالْإِضَافَةِ أَيْ رَمَادُ وَقَيْدُ نَجِسٍ لَا بِالتَّنْوِينِ؛ لِأَنَّ الرَّمَادَ إذَا كَانَ نَجِسًا لَمْ يُحْكَمْ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ نَجِسٌ؛ لِأَنَّهُ تَحْصِيلُ الْحَاصِلِ (قَوْلُهُ: بِنَاءً) رَاجِعٌ لِكَلَامِ الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ طَاهِرٌ) أَيْ مُطْلَقًا وَأَنَّ النَّارَ تَطْهُرُ سَوَاءٌ أَكَلَتْ النَّارُ النَّجَاسَةَ أَكْلًا قَوِيًّا أَوْ لَا خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِنَجَاسَتِهِ كَالْمُصَنِّفِ وَلِمَنْ فَصَلَ وَعَلَى الْمُعْتَمَدِ فَالْخُبْزُ الْمَخْبُوزُ بِالرَّوْثِ النَّجِسِ طَاهِرٌ، وَلَوْ تَعَلَّقَ بِهِ شَيْءٌ مِنْ الرَّمَادِ وَتَصِحُّ الصَّلَاةُ قَبْلَ غَسْلِ الْفَمِ مِنْ أَكْلِهِ وَيَجُوزُ حَمْلُهُ فِي

الصفحة 57