كتاب الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (اسم الجزء: 1)

ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ طَهَارَتُهُ أَيْضًا (وَبَوْلٌ وَعَذِرَةٌ مِنْ آدَمِيٍّ وَ) مِنْ (مُحَرَّمٍ) كَحِمَارٍ (وَ) مِنْ (مَكْرُوهٍ) كَسَبْعٍ وَهِرٍّ وَوَطْوَاطٍ

وَلَمَّا ذَكَرَ الْأَعْيَانَ الطَّاهِرَةَ وَالنَّجِسَةَ ذَكَرَ حُكْمَ مَا إذَا حَلَّتْ النَّجَاسَةُ بِطَاهِرٍ فَقَالَ (وَيَنْجُسُ كَثِيرُ طَعَامٍ مَائِعٍ) كَعَسَلٍ وَسَمْنٍ وَلَوْ جَمَدَ بَعْدَ ذَلِكَ فَالْقَلِيلُ أَوْلَى (بِنَجِسٍ) أَوْ مُتَنَجِّسٍ يَتَحَلَّلُ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ ظَنًّا لَا شَكًّا إذْ لَا يُطْرَحُ الطَّعَامُ بِهِ وَأَوْلَى إذَا عُلِمَ بِأَنَّهُ لَا يَتَحَلَّلُ مِنْهُ شَيْءٌ كَالْعَظْمِ إذْ الْحُكْمُ عِنْدَنَا لَا يَنْتَقِلُ (قَلَّ) حَلَّ فِيهِ فَالْكَثِيرُ أَوْلَى وَلَوْ بِمَعْفُوٍّ عَنْهُ فِي الصَّلَاةِ أَوْ لَمْ يُمْكِنْ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ كَرَوْثِ فَارٍ، وَمِثْلُ الطَّعَامِ الْمَاءُ الْمُضَافُ كَمَاءِ الْعَجِينِ أَوْ سُكَّرٍ حَيْثُ حَلَّتْ فِيهِ النَّجَاسَةُ بَعْدَ الْإِضَافَةِ وَإِلَّا اُعْتُبِرَ التَّغَيُّرُ (كَ) طَعَامٍ (جَامِدٍ) وَهُوَ الَّذِي إذَا أُخِذَ مِنْهُ شَيْءٌ لَا يَتَرَادُّ بِسُرْعَةٍ كَثَرِيدٍ وَسَمْنٍ وَعَسَلٍ جَامِدَيْنِ فَيَنْجُسُ (إنْ أَمْكَنَ السَّرَيَانُ) فِي جَمِيعِهِ تَحْقِيقًا أَوْ ظَنًّا لَا شَكًّا
ـــــــــــــــــــــــــــــQالصَّلَاةِ وَكَذَا يَنْبَنِي عَلَيْهِ طَهَارَةُ مَا حَمِيَ مِنْ الْفَخَّارِ بِنَجِسٍ وَكَذَا عَرَقُ حَمَّامٍ بِهِ (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ) أَيْ دُخَانُ النَّجِسِ طَاهِرٌ الَّذِي فِي ح أَنَّ ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ نَجَاسَةُ دُخَانِ النَّجَاسَةِ وَهُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ وَالتُّونُسِيُّ وَالْمَازِرِيُّ وَأَبُو الْحَسَنِ وَابْنُ عَرَفَةَ قَالَ بَعْضُهُمْ وَهُوَ الْمَشْهُورُ نَعَمْ ابْنُ رُشْدٍ اخْتَارَ طَهَارَتَهُ كَالرَّمَادِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَبَوْلٌ وَعَذِرَةٌ مِنْ آدَمِيٍّ) أَيْ غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْآدَمِيِّ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى أَكَلَ الصَّغِيرُ الطَّعَامَ أَمْ لَا زَالَتْ رَائِحَةُ الْبَوْلِ مِنْهُ أَمْ لَا كَانَ الْبَوْلُ كَثِيرًا أَوْ قَلِيلًا، وَلَوْ مُتَطَايِرًا كَرُءُوسِ الْإِبَرِ، وَلَوْ نَزَلَ الْبَوْلُ أَوْ الطَّعَامُ عَلَى حَالَتِهِ مِنْ غَيْرِ تَغَيُّرٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ

(قَوْلُهُ: وَيَنْجُسُ كَثِيرُ طَعَامٍ إلَخْ) شَمِلَ مَنْطُوقُهُ مَسْأَلَةَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهِيَ مَنْ فَرَّغَ عَشْرَ قِلَالِ سَمْنٍ فِي زِقَاقٍ جَمْعُ زِقٍّ وِعَاءٌ مِنْ جِلْدٍ ثُمَّ وَجَدَ فِي قُلَّةٍ فَارِغَةٍ مِنْهَا فَارَةً يَابِسَةً لَا يَدْرِي فِي أَيْ زِقٍّ فَرَّغَهَا فَإِنَّهُ يَحْرُمُ أَكْلُ الزِّقَاقِ كُلِّهَا وَبَيْعُهَا، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ طَرْحِ الطَّعَامِ بِالشَّكِّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي نَجَاسَةٍ شَكَّ فِي طُرُوِّهَا عَلَى الطَّعَامِ وَهِيَ هُنَا مُحَقَّقَةٌ وَلَكِنَّهَا لَمْ يَتَعَيَّنْ مَحَلُّهَا تَعَلَّقَ حُكْمُهَا بِالْكُلِّ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ بَعْدَ وُقُوعِ النَّجَاسَةِ فِيهِ وَقَوْلُهُ فَالْقَلِيلُ أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ مَفْهُومَ كَثِيرٍ مَفْهُومُ مُوَافَقَةٍ وَأَنَّهُ مِنْ فَحْوَى الْخِطَابِ (قَوْلُهُ: بِنَجِسٍ) أَيْ بِسُقُوطِ نَجِسٍ فِيهِ تَحْقِيقًا أَوْ ظَنًّا وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ النَّجِسُ السَّاقِطُ يَتَحَلَّلُ مِنْهُ شَيْءٌ فِي الطَّعَامِ تَحْقِيقًا أَوْ ظَنًّا وَسَوَاءٌ كَانَتْ النَّجَاسَةُ الْوَاقِعَةُ فِي الْمَائِعِ مَائِعَةً أَوْ يَابِسَةً فَفِي الْبُرْزُلِيِّ عَنْ ابْنِ قَدَّاحٍ إذَا وَقَعَتْ رِيشَةُ غَيْرِ مُذَكًّى فِي طَعَامٍ مَائِعٍ طُرِحَ وَقَوْلُهُ لَا شَكًّا أَيْ فِي التَّحَلُّلِ وَكَذَا فِي سُقُوطِ النَّجَاسَةِ (قَوْلُهُ: وَأَوْلَى إذَا عَلِمَ) أَيْ أَوْ ظَنَّ (قَوْلُهُ: إذْ الْحُكْمُ) الْمُرَادُ بِهِ وَصْفُ النَّجَاسَةِ الْقَائِمُ بِالشَّيْءِ النَّجِسِ كَالْعَظْمِ لَا يَنْتَقِلُ وَحِينَئِذٍ فَيُطْرَحُ ذَلِكَ الْعَظْمُ وَحْدَهُ دُونَ الطَّعَامِ وَاقْتَضَى كَلَامُهُ تَنْجِيسَ الْقَمْلَةِ لِلْعَجِينِ حَيْثُ لَمْ تُحْصَرْ فِي مَحَلٍّ خِلَافًا لِمَنْ قَاسَهُ بِمُحَرَّمٍ جُهِلَ عَيْنُهَا بِبَادِيَةٍ فَلَا يَحْرُمُ نِسَاءُ تِلْكَ الْبَادِيَةِ كَمَا فِي ح.
إنْ قُلْت: ذَكَرَ ابْنُ يُونُسَ أَنَّ الطَّعَامَ إذَا وَقَعَتْ فِيهِ قَمْلَةٌ فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ لِقِلَّتِهَا وَكَثْرَتِهِ قُلْت: لَعَلَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ قَلِيلَ النَّجَاسَةِ لَا يَضُرُّ كَثِيرَ الطَّعَامِ وَإِلَّا فَهُوَ مُشْكِلٌ كَذَا نَقَلَ شَيْخُنَا عَنْ ابْنِ مَرْزُوقٍ قَالَ فِي المج وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْفَرْعَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَذْهَبِ سَحْنُونٍ مِنْ أَنَّ الْقَمْلَةَ لَا نَفْسَ لَهَا سَائِلَةٌ وَيُؤَيِّدُهُ إسْنَادُهُ لَهُ فِي النَّوَادِرِ وَفِي نَقْلِ ابْنِ عَرَفَةَ وَعَلَيْهِ فَلَا يُقَيَّدُ بِالْقِلَّةِ إلَّا لِلِاحْتِيَاطِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِمَعْفُوٍّ عَنْهُ فِي الصَّلَاةِ) أَيْ كَدُونِ دِرْهَمٍ مِنْ دَمٍ لِقَصْرِ الْعَفْوِ عَلَى الصَّلَاةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا فِي ح (قَوْلُهُ: كَرَوْثِ فَارٍ) أَيْ شَأْنُهُ اسْتِعْمَالُ النَّجَاسَةِ كَفَارِ الْبَيْتِ، فَإِذَا حَلَّ رَوْثُهُ فِي طَعَامٍ نَجَّسَهُ خِلَافًا لِمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ مِنْ طَهَارَةِ طَعَامٍ طُبِخَ وَفِيهِ رَوْثُ الْفَارَةِ كَذَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ الطَّعَامِ الْمَاءُ الْمُضَافُ) أَيْ فَإِذَا حَلَّتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ، وَلَوْ قَلِيلَةً تَنَجَّسَ، وَلَوْ لَمْ يَتَغَيَّرْ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَنَقَلَ الزَّرْقَانِيُّ عَنْ النَّاصِرِ أَنَّ الْمَاءَ الْمُضَافَ لَيْسَ كَالطَّعَامِ وَحِينَئِذٍ فَلَا تُنَجِّسُهُ النَّجَاسَةُ إلَّا إذَا غَيَّرَتْهُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ حَلَّتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ قَبْلَ الْإِضَافَةِ فَلَا يَتَنَجَّسُ إلَّا إذَا تَغَيَّرَ، وَقَدْ أَلْغَزَ فِي المج فِي ذَلِكَ بِقَوْلِهِ:
قُلْ لِلْفَقِيهِ إمَامِ الْعَصْرِ قَدْ مَزَجْت ... ثَلَاثَةً بِإِنَاءٍ وَاحِدٍ نَسَبُوا
لَهَا الطَّهَارَةَ حَيْثُ الْبَعْضُ قُدِّمَ أَوْ ... إنْ قُدِّمَ الْبَعْضُ فَالتَّنْجِيسُ مَا السَّبَبُ
(قَوْلُهُ: لَا يَتَرَادُّ بِسُرْعَةٍ) أَيْ لَا يَتَرَادُّ مِنْ الْبَاقِي مَا يَمْلَأُ مَوْضِعَ الْمَأْخُوذِ بِقُرْبٍ، فَإِنْ تَرَادَّ بِسُرْعَةٍ فَهُوَ مَائِعٌ

الصفحة 58