كتاب الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (اسم الجزء: 1)

(تَجْتَهِدُ) فِي دَرْءِ الْبَوْلِ أَوْ الْغَائِطِ بِأَنْ تُنَحِّيَهُ عَنْهَا حَالَ بَوْلِهِ أَوْ تَجْعَلَ لَهُ خِرَقًا تَمْنَعُ وُصُولَهُ لَهَا، فَإِذَا أَصَابَهَا شَيْءٌ بَعْدَ التَّحَفُّظِ عُفِيَ عَنْهُ لَا إنْ لَمْ تَتَحَفَّظْ وَمِثْلُهَا الْكَنَّافُ وَالْجَزَّارُ (وَنُدِبَ لَهَا) أَيْ لِلْمُرْضِعِ وَكَذَا مَنْ أُلْحِقَ بِهَا (ثَوْبٌ لِلصَّلَاةِ) لَا لِذِي سَلَسٍ وَدُمَّلٍ وَنَحْوِهِمَا لِاتِّصَالِ عُذْرِهِمْ نَعَمْ يُنْدَبُ لَهُمْ إعْدَادُ خِرْقَةٍ لِدَرْءِ ذَلِكَ (وَ) كَ (دُونِ) مِسَاحَةِ (دِرْهَمٍ) بَغْلِيٍّ وَهِيَ الدَّائِرَةُ الَّتِي تَكُونُ فِي ذِرَاعِ الْبَغْلِ (مِنْ) عَيْنٍ أَوْ أَثَرِ دَمٍ (مُطْلَقًا) مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ وَلَوْ دَمَ حَيْضٍ أَوْ خِنْزِيرٍ فِي ثَوْبٍ أَوْ بَدَنٍ أَوْ مَكَان وَمَفْهُومُهُ أَنَّ مَا كَانَ قَدْرَ الدِّرْهَمِ لَا يُعْفَى عَنْهُ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ الْعَفْوُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَصَابَهَا عِنْدَ عَدَمِهِ؛ لِأَنَّ سَبَبَ الْعَفْوِ الضَّرُورَةُ خِلَافًا لِلْمَشَذَّالِيِّ اُنْظُرْ شب (قَوْلُهُ: تَجْتَهِدُ) الْجُمْلَةُ صِفَةٌ لِمُرْضِعَةٍ لَا حَالٌ؛ لِأَنَّ مُرْضِعَةً نَكِرَةٌ بِلَا مُسَوِّغٍ وَمُضَافٌ إلَيْهِ وَلَمْ يُوجَدْ شَرْطُ مَجِيئِهَا مِنْهُ (قَوْلُهُ: بِأَنْ تُنَحِّيَهُ) أَيْ الْوَلَدَ وَقَوْلُهُ تَمْنَعُ وُصُولَهُ أَيْ الْبَوْلِ أَوْ الْغَائِطِ وَأَفْرَدَ الضَّمِيرَ؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ بِأَوْ (قَوْلُهُ: فَإِذَا أَصَابَهَا شَيْءٌ) أَيْ مِنْ بَوْلِهِ أَوْ غَائِطِهِ (قَوْلُهُ: عُفِيَ عَنْهُ) غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ يُنْدَبُ لَهَا غَسْلُهُ إنْ تَفَاحَشَ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا غَسْلُ مَا أَصَابَهَا مِنْ بَوْلِهِ أَوْ عَذِرَتِهِ، وَلَوْ رَأَتْهُ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ التَّوْضِيحِ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنِ هَارُونَ وَصَاحِبِ الْجَوَاهِرِ وَابْنِ نَاجِيٍّ خِلَافًا لِقَوْلِ ابْنِ فَرْحُونٍ مَا رَأَتْهُ لَا بُدَّ مِنْ غَسْلِهَا لَهُ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا النَّضْحُ عِنْدَ الشَّكِّ فِي الْإِصَابَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَوْلَا الْعَفْوُ لَوَجَبَ عَلَيْهَا النَّضْحُ عِنْدَ الشَّكِّ وَالْغَسْلُ عِنْدَ التَّحَقُّقِ فَالْعَفْوُ أَسْقَطَ هَذَيْنِ الْحُكْمَيْنِ، نَعَمْ يُنْدَبُ لَهَا الْغَسْلُ إنْ تَفَاحَشَ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهَا الْكَنَّافُ) أَيْ الَّذِي يَنْزَحُ الْكُنُفَ وَالْجَزَّارُ الَّذِي يَذْبَحُ الْحَيَوَانَ فَيُعْفَى عَمَّا أَصَابَهُمَا بَعْدَ التَّحَفُّظِ لَا إنْ لَمْ يَتَحَفَّظَا فَلَا عَفْوَ وَيَجِبُ عَلَيْهِمَا الْغَسْلُ عِنْدَ تَحَقُّقِ الْإِصَابَةِ أَوْ ظَنِّهَا وَالنَّضْحُ عِنْدَ الشَّكِّ (قَوْلُهُ: وَكَذَا مَنْ أُلْحِقَ بِهَا) أَيْ مِنْ الْكَنَّافِ وَالْجَزَّارِ (قَوْلُهُ: لِاتِّصَالِ عُذْرِهِمْ) أَيْ لِعَدَمِ ضَبْطِهِ فَلَا يُمْكِنُهُمْ التَّحَفُّظُ مِنْ خُرُوجِ النَّجَاسَةِ حَتَّى فِي الصَّلَاةِ فَلَا فَائِدَةَ فِي إعْدَادِهِمْ الثَّوْبَ بِخِلَافِ الْمُرْضِعَةِ وَمَنْ أُلْحِقَ بِهَا وَإِنَّمَا لَمْ يُوجِبُوا لِلْمُرْضِعَةِ إعْدَادَ الثَّوْبِ؛ لِأَنَّ إصَابَةَ النَّجَاسَةِ لَهَا أَمْرٌ يَتَكَرَّرُ فَأَشْبَهَ حَالُهَا حَالَ الْمُسْتَنْكَحِ وَلِخِفَّةِ أَمْرِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ (قَوْلُهُ: لِدَرْءِ ذَلِكَ) أَيْ لِدَفْعِ النَّازِلِ مِنْ ذَلِكَ السَّلَسِ وَالدُّمَّلِ (قَوْلُهُ: وَدُونَ دِرْهَمٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَ مَخْلُوطًا بِمَائِعٍ حَيْثُ كَانَ بِالْمَائِعِ دُونَ دِرْهَمٍ.
وَأَمَّا لَوْ صَارَ دُونَ الدِّرْهَمِ بِالْمَائِعِ أَكْثَرَ مِنْ مِسَاحَةِ الدِّرْهَمِ فَلَا عَفْوَ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ " مِسَاحَةِ " إلَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْمِسَاحَةُ لَا الْكَمِّيَّةُ فَإِذَا كَانَ دُونَ مِسَاحَةِ الدِّرْهَمِ فَالْعَفْوُ وَلَوْ كَانَ الدَّمُ قَدْرَ الدِّرْهَمِ أَوْ أَكْثَرَ فِي الْكَمْيَّةِ وَذَلِكَ كَنُقْطَةٍ مِنْ الدَّمِ ثَخِينَةٍ قَالَ بْن وَاعْلَمْ أَنَّ هُنَا قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا قَوْلُ أَهْلِ الْعِرَاقِ يُعْفَى عَنْ يَسِيرِ الدَّمِ فِي الصَّلَاةِ وَخَارِجِهَا فَهُوَ مُغْتَفَرٌ مُطْلَقًا فِي جَمِيعِ الْحَالَاتِ، وَالثَّانِي لِلْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ أَنَّ اغْتِفَارَهُ مَقْصُورٌ عَلَى الصَّلَاةِ فَلَا تُقْطَعُ لِأَجْلِهِ إذَا ذَكَرَهُ فِيهَا وَلَا يُعِيدُ.
وَأَمَّا إذَا رَآهُ خَارِجَ الصَّلَاةِ، فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِغَسْلِهِ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي قَوْلِهَا يُؤْمَرُ بِغَسْلِهِ خَارِجَ الصَّلَاةِ فَحَمَلَهَا ابْنُ هَارُونَ وَالْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَحَمَلَهَا عِيَاضٌ وَأَبُو الْحَسَنِ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَلَى الْوُجُوبِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ جَرَى هُنَا عَلَى مَذْهَبِ الْعِرَاقِيِّينَ لِقَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ أَظْهَرُ وَلِمَا فِي ح عَنْ سَنَدٍ مِمَّا يَقْتَضِي أَنَّهُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَقَرَّرَهُ عج وَحِّ بِمَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ لَكِنْ اقْتَصَرُوا عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ فِيهَا لِلِاسْتِحْبَابِ تَبَعًا لِلْمُصَنِّفِ فِي التَّوْضِيحِ وَابْنِ هَارُونَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ ضَعِيفٌ) اعْلَمْ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ فِيهَا ثَلَاثُ طُرُقٍ الْأُولَى طَرِيقَةُ ابْنِ سَابِقٍ وَهِيَ أَنَّ مَا دُونَ الدِّرْهَمِ يُعْفَى عَنْهُ اتِّفَاقًا وَمَا فَوْقَهُ لَا يُعْفَى عَنْهُ اتِّفَاقًا وَفِي الدِّرْهَمِ رِوَايَتَانِ وَالْمَشْهُورُ عَدَمُ الْعَفْوِ، وَالثَّانِيَةُ لِابْنِ بَشِيرٍ

الصفحة 72