كتاب الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (اسم الجزء: 1)

(وَغَسْلُهُ) أَيْ مَا عَلَى الْجُمْجُمَةِ بَدَلَ مَسْحِهِ (مُجْزٍ) عَنْ مَسْحِهِ لِأَنَّهُ مَسْحٌ وَزِيَادَةٌ وَإِنْ كَانَ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءً أَيْ يُكْرَهُ عَلَى الْأَظْهَرِ

(وَ) الْفَرِيضَةُ الرَّابِعَةُ (غَسْلُ رِجْلَيْهِ بِكَعْبَيْهِ النَّاتِئَيْنِ) أَيْ الْبَارِزَيْنِ (بِمَفْصِلَيْ السَّاقَيْنِ) تَثْنِيَةُ مَفْصِلٍ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الصَّادِ وَاحِدُ مَفَاصِلِ الْأَعْضَاءِ وَبِالْعَكْسِ اللِّسَانُ وَالْعُرْقُوبُ مَجْمَعُ مَفْصِلِ السَّاقِ مِنْ الْقَدَمِ وَالْعَقِبُ تَحْتَهُ وَيُحَافِظُ وُجُوبًا عَلَيْهِمَا (وَنُدِبَ تَخْلِيلُ أَصَابِعِهِمَا) يَبْدَأُ بِخِنْصَرِ الْيُمْنَى وَيَخْتِمُ بِإِبْهَامِهَا ثُمَّ بِإِبْهَامِ الْيُسْرَى وَيَخْتِمُ بِخِنْصَرِهَا مِنْ أَسْفَلِهَا بِسَبَّابَتَيْهِ (وَلَا يُعِيدُ) مَحَلِّ الظُّفْرِ أَوْ الشَّعْرِ (مَنْ قَلَمَ) بِتَخْفِيفِ اللَّامِ وَتَشْدِيدِهَا (ظُفْرَهُ أَوْ) (حَلَقَ رَأْسَهُ) بَعْدَ وُضُوئِهِ لِأَنَّ حَدَثَهُ قَدْ ارْتَفَعَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُسْتَرْخِي مَنْ مَسْحِ رَأْسِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مَرَّةً لِظَاهِرِهِ وَمَرَّةً لِبَاطِنِهِ وَهُمَا وَاجِبَانِ يَحْصُلُ بِهِمَا التَّعْمِيمُ الْوَاجِبُ لِظَاهِرِ الشَّعْرِ وَبَاطِنِهِ الْوَاجِبِ وَالثَّالِثَةُ لِتَحْصِيلِ السُّنَّةِ وَبِهَذَا قَالَ عج وَمَنْ تَبِعَهُ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ بَلْ الْحَقُّ مَا قَالَهُ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْأُجْهُورِيُّ: إنَّ الشَّعْرَ إنَّمَا يُمْسَحُ مَرَّتَيْنِ فَقَطْ مَرَّةً لِلْفَرْضِ وَمَرَّةً أُخْرَى لِلسُّنَّةِ، وَأَنَّ الْإِدْخَالَ مِنْ تَتِمَّةِ الرَّدِّ الَّذِي هُوَ سُنَّةٌ وَشَرْطٌ فِيهِ وَلِذَا قَالَ الْمُؤَلِّفُ فِي رَدِّ الْمَسْحِ: وَلَمَّا كَانَ كَلَامُهُ هُنَا لَا يَدُلُّ عَلَى حُكْمِ الرَّدِّ فِي نَفْسِهِ نَبَّهَ عَلَيْهِ بَعْدُ بِقَوْلِهِ وَرَدَّ مَسْحَ رَأْسِهِ إلَخْ وَنُصُوصُ الْأَئِمَّةِ كَالْمُدَوَّنَةِ وَالرِّسَالَةِ وَعَبْدِ الْوَهَّابِ وَابْنِ يُونُسَ وَاللَّخْمِيِّ وَعِيَاضٍ وَابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ عَرَفَةَ كُلُّهَا ظَاهِرَةٌ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ وَلَيْسَ فِي كَلَامِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إشْعَارٌ بِمَا قَالَهُ عج أَصْلًا، وَقَدْ قَالُوا: إنَّ الظَّوَاهِرَ إذَا كَثُرَتْ بِمَنْزِلَةِ النَّصِّ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا قَوْلُ الْفَاكِهَانِيِّ إنَّمَا كَانَ الرَّدُّ سُنَّةً وَالثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ فِي الْمَغْسُولِ مُسْتَحَبَّتَيْنِ؛ لِأَنَّ الَّذِي يَمْسَحُهُ فِي الرَّدِّ غَيْرُ الَّذِي يَمْسَحُهُ أَوَّلًا فِي حَقِّ ذِي الشَّعْرِ وَأُلْحِقَ غَيْرُهُ بِهِ بِخِلَافِ الَّذِي غَسَلَ ثَانِيًا وَثَالِثًا، فَإِنَّهُ عَيْنُ الْأَوَّلِ اهـ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى بُطْلَانِ مَا ادَّعَاهُ عج؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْمُسْتَرْخِي لَوْ كَانَ يَمْسَحُ فِي الْأُولَى ظَاهِرَ الشَّعْرِ وَبَاطِنَهُ كَمَا زَعَمَهُ عج لَكَانَ الْمَمْسُوحُ أَوَّلًا هُوَ الْمَمْسُوحَ ثَانِيًا وَذَلِكَ خِلَافُ مَا قَالَهُ الْفَاكِهَانِيُّ وَابْنُ بَشِيرٍ وَأَيْضًا يَلْزَمُهُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ أَنْ يَمْسَحَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ لِأَجْلِ تَحْصِيلِ التَّعْمِيمِ فِي السُّنَّةِ أَيْضًا وَلَا قَائِلَ بِهِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَغَسْلُهُ مُجْزٍ) هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِعَدَمِ إجْزَائِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مَسْحٌ) أَيْ لِأَنَّ الْغَسْلَ مَسْحٌ وَزِيَادَةٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ لَا يَجُوزُ) أَيْ أَنَّ غَسْلَهُ مُجْزٍ عَنْ مَسْحِهِ وَإِنْ كَانَ الْغَسْلُ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءً أَيْ لَا يَجُوزُ الْقُدُومُ عَلَيْهِ بِمَعْنَى أَنَّهُ يُكْرَهُ.

(وَقَوْلُهُ: بِكَعْبَيْهِ) الْبَاءُ لِلْمُصَاحَبَةِ بِمَعْنَى مَعَ بِخِلَافِهَا فِي قَوْلِهِ بِمَفْصِلَيْ السَّاقَيْنِ، فَإِنَّهَا لِلظَّرْفِيَّةِ بِمَعْنَى فِي، أَيْ النَّاتِئَيْنِ فِي مَحَلِّ فَصْلِ السَّاقِ مِنْ الْعَقِبِ (قَوْلُهُ: وَبِالْعَكْسِ اللِّسَانُ) أَيْ أَنَّ الْمِفْصَلَ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الصَّادِ اللِّسَانُ (قَوْلُهُ: مَجْمَعُ مَفْصِلِ السَّاقِ مِنْ الْقَدَمِ) أَيْ مَحَلُّ جَمْعِ فَصْلِ السَّاقِ مِنْ الْقَدَمِ أَيْ مَحَلُّ حُصُولِ فَصْلِ السَّاقِ مِنْ الْقَدَمِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ السَّاقَ مُنْفَصِلٌ مِنْ الْعَقِبِ وَيَلْزَمُ مِنْهُ انْفِصَالُهُ عَنْ الْقَدَمِ، وَالْكَعْبُ فِي مَحَلِّ انْفِصَالِ السَّاقِ مِنْ الْعَقِبِ، وَالْعُرْقُوبُ فِي مَحَلِّ انْفِصَالِ السَّاقِ مِنْ الْقَدَمِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَالْعَقِبُ تَحْتَهُ) جُمْلَةٌ مُرَكَّبَةٌ مِنْ مُبْتَدَإٍ وَخَبَرٍ فِي مَحَلِّ الْحَالِ (قَوْلُهُ: عَلَيْهِمَا) أَيْ عَلَى غَسْلِهِمَا وَالضَّمِيرُ لِلْعُرْقُوبِ وَالْعَقِبِ (قَوْلُهُ: وَنُدِبَ تَخْلِيلُ أَصَابِعِهِمَا) أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِوُجُوبِ التَّخْلِيلِ فِي الرِّجْلَيْنِ كَالْيَدَيْنِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ قِيلَ بِوُجُوبِهِ فِيهِمَا، وَقِيلَ بِنَدْبِهِ فِيهَا وَالْمَشْهُورُ وُجُوبُهُ فِي الْيَدَيْنِ وَنَدْبُهُ فِي الرِّجْلَيْنِ وَإِنَّمَا وَجَبَ تَخْلِيلُ أَصَابِعِ الْيَدَيْنِ دُونَ أَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ عَلَى الْمَشْهُورِ لِعَدَمِ شِدَّةِ الْتِصَاقِهَا بِخِلَافِ أَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ فَقَدْ أَشْبَهَ مَا بَيْنَهُمَا الْبَاطِنَ لِشِدَّةِ الِالْتِصَاقِ فِيمَا بَيْنَهَا (قَوْلُهُ: مِنْ أَسْفَلِهَا) أَيْ وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ تَخْلِيلُهَا مِنْ أَسْفَلِهَا بِخِلَافِ أَصَابِعِ الْيَدَيْنِ، فَإِنَّ الْأَوْلَى فِي تَخْلِيلِهَا أَنْ يَكُونَ مِنْ ظَاهِرِهَا؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنُ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَلَا يُعِيدُ مَنْ قَلَّمَ ظُفْرَهُ أَوْ حَلَقَ رَأْسَهُ) أَيْ عَلَى الْمَذْهَبِ وَقِيلَ يَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَةُ غَسْلِ مَوْضِعِ الظُّفْرِ وَالشَّعْرِ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَمِثْلُ مَنْ قَلَّمَ ظُفْرَهُ فِي عَدَمِ الْإِعَادَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ مَنْ حَفَرَ عَلَى شَوْكَةٍ بَعْدَ الْوُضُوءِ بِخِلَافِ زَوَالِ الْخُفِّ وَالْجَبِيرَةِ؛ لِأَنَّ مَسْحَ الْخُفِّ بَدَلٌ فَسَقَطَ عِنْدَ حُصُولِ مُبْدَلِهِ، وَالْجَبِيرَةُ

الصفحة 89