كتاب الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (اسم الجزء: 1)

إنْ كَانَ ثُلُثَ الْأَعْضَاءِ غَسْلًا عَلَى مَا يَأْتِي (بِنِيَّةٍ) شَرْطًا، فَإِنْ بَنَى بِغَيْرِهَا لَمْ يُجْزِهِ

(إنْ نَسِيَ) وَفَرَّقَ بَيْنَ الْأَعْضَاءِ يَعْنِي تَرَكَ مَا بَعْدَ الْمَفْعُولِ نَاسِيًا إكْمَالَ وُضُوئِهِ ثُمَّ تَذَكَّرَ، فَإِنَّهُ يَبْنِي عَلَى مَا فَعَلَ (مُطْلَقًا) طَالَ مَا قَبْلَ التَّذَكُّرِ أَوْ لَمْ يَطُلْ (وَ) بَنَى بِغَيْرِ تَجْدِيدِ نِيَّةٍ لِحُصُولِهَا حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا (إنْ) (عَجَزَ) عَنْ إكْمَالِ وُضُوئِهِ بِأَنْ أَعَدَّ مِنْ الْمَاءِ مَا يَظُنُّ أَنَّهُ يَكْفِيهِ أَوْ يَشُكُّ فِي كِفَايَتِهِ فَلَمْ يَكْفِهِ فِيهِمَا (مَا لَمْ يَطُلْ) الْفَصْلُ وَكَذَا لَوْ أَعَدَّ مِنْ الْمَاءِ مَا لَا يَكْفِيهِ جَزْمًا أَوْ ظَنًّا وَقِيلَ لَا يَبْنِي مُطْلَقًا وَلَوْ لَمْ يُطِلْ فِيهِمَا أَيْ لِتَرَدُّدِ نِيَّتِهِ بَلْ دَاخِلٌ عَلَى عَدَمِ الْإِتْمَامِ وَكَذَا لَوْ فَرَّقَ عَمْدًا مُخْتَارًا أَيْ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ رَفَضَ فَيَبْنِي مَا لَمْ يُطِلْ عَلَى التَّحْقِيقِ وَخِلَافُهُ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ، فَإِنْ طَالَ ابْتَدَأَ وُضُوءَهُ لِفَقْدِ الْمُوَالَاةِ، وَأَمَّا لَوْ أَعَدَّ مِنْ الْمَاءِ مَا يَجْزِمُ بِأَنَّهُ يَكْفِيهِ فَتَبَيَّنَ خِلَافُهُ أَوْ أَرَاقَهُ شَخْصٌ أَوْ غَصَبَهُ أَوْ أُرِيقَ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ أَوْ أُكْرِهَ عَلَى التَّفْرِيقِ، فَإِنَّهُ مُلْحَقٌ فِي هَذِهِ الْخَمْسَةِ بِالنَّاسِي عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَيَبْنِي مُطْلَقًا وَكَذَا لَوْ قَامَ بِهِ مَانِعٌ لَمْ يَقْدِرْ مَعَهُ عَلَى إكْمَالِ وُضُوئِهِ ثُمَّ زَالَ هَذَا حَاصِلُ كَلَامِهِمْ وَكَانَ التَّحْقِيقُ حَيْثُ جَعَلُوا الْمُوَالَاةَ وَاجِبَةً مَعَ الذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ أَنْ يَجْعَلُوا النَّاسِيَ وَالْعَاجِزَ مُسْتَوِيَيْنِ فِي الْبِنَاءِ مُطْلَقًا وَيُفَسِّرُوا الْعَاجِزَ بِهَذِهِ الصُّوَرِ الَّتِي جَعَلُوهَا مُلْحَقَةً بِالنَّاسِي إذْ الْعَجْزُ ظَاهِرٌ فِيهَا وَيَحْكُمُوا بِأَنَّ غَيْرَهُمَا يَبْنِي مَا لَمْ يَطُلْ لِعَدَمِ ضَرَرِ التَّفْرِيقِ الْيَسِيرِ وَيَجْعَلُوا مَا فَسَّرُوا بِهِ الْعَاجِزَ مِنْ الصُّورَتَيْنِ مُلْحَقًا بِغَيْرِهِمَا، وَالطُّولُ مُقَدَّرٌ (بِجَفَافِ أَعْضَاءٍ بِزَمَنٍ) أَيْ فِي زَمَنٍ (اعْتَدَلَا) أَيْ الْأَعْضَاءُ وَالزَّمَنُ فَاعْتِدَالُ الْأَعْضَاءِ مِنْ حَيْثُ اعْتِدَالُ صَاحِبِهَا بَيْنَ الشُّيُوخَةِ وَالشَّبُوبَةِ حَالَ الصِّحَّةِ، وَاعْتِدَالُ الزَّمَنِ كَوْنُهُ بَيْنَ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ حَالَ سُكُونِ الرِّيحِ وَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ اعْتِدَالِ الْمَكَانِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQصَلَاةٌ وَصَوْمٌ ثُمَّ حَجٌّ وَعُمْرَةٌ ... طَوَافٌ عُكُوفٌ وَائْتِمَامٌ تَحَتَّمَا
وَفِي غَيْرِهَا كَالْوَقْفِ وَالطُّهْرِ خَيِّرَنْ ... فَمَنْ شَاءَ فَلْيَقْطَعْ وَمَنْ شَاءَ تَمَّمَا
(قَوْلُهُ: إنْ كَانَ ثُلُثَ الْأَعْضَاءِ) أَيْ وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ ثُلُثَهَا فَهُوَ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ بَنَى وَإِنْ شَاءَ رَفَضَ مَا فَعَلَ وَابْتَدَأَ آخَرَ (قَوْلُهُ: بِنِيَّةٍ) أَيْ جَدِيدَةٍ، وَقَوْلُهُ شَرْطًا أَيْ حَالَةَ كَوْنِ النِّيَّةِ شَرْطًا فِي الْبِنَاءِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ بَنَى بِغَيْرِهَا لَمْ يُجْزِهِ) وَذَلِكَ لَوْ خَاضَ بَحْرًا بَعْدَ تَذَكُّرِهِ بِلَا نِيَّةِ إتْمَامِ الْوُضُوءِ كَمَا فِي شب عَنْهَا.

(قَوْلُهُ: طَالَ مَا قَبْلَ التَّذَكُّرِ أَوْ لَمْ يَطُلْ) مَحَلُّ الْقَصْدِ هُوَ الطُّولُ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الطُّولِ مُوَالَاةٌ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَجَزَ) الْوَاوُ لِلِاسْتِئْنَافِ وَجَوَابُ الشَّرْطِ مَحْذُوفٌ أَيْ بَنَى مَا لَمْ يَطُلْ وَلَيْسَتْ الْوَاوُ عَاطِفَةً عَلَى إنْ نَسِيَ وَإِلَّا لَاقْتَضَى أَنَّ الْعَاجِزَ يَبْنِي بِنِيَّةٍ (قَوْلُهُ: لِحُصُولِهَا إلَخْ) هَذَا إشَارَةٌ لِلْفَرْقِ بَيْنَ النَّاسِي وَالْعَاجِزِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ النَّاسِيَ لَمَّا كَانَ عِنْدَهُ إعْرَاضٌ عَنْ الْوُضُوءِ احْتَاجَ لِتَجْدِيدِ نِيَّةٍ بِخِلَافِ الْعَاجِزِ، فَإِنَّهُ لَمَّا لَمْ يُعْرِضْ عَنْ الْوُضُوءِ وَلَمْ يَذْهَلْ عَنْهُ لَمْ يَحْتَجْ لِنِيَّةٍ لِحُصُولِهَا حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ) أَيْ بَيْنَ انْتِهَاءِ مَا فَعَلَ أَوَّلًا وَبَيْنَ إكْمَالِ الْوُضُوءِ، فَإِنْ طَالَ ابْتَدَأَ الْوُضُوءَ مِنْ أَوَّلِهِ كَمَا يَأْتِي لِلشَّارِحِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ أَعَدَّ مِنْ الْمَاءِ مَا لَا يَكْفِيهِ جَزْمًا أَوْ ظَنًّا) أَيْ فَإِنَّهُ يَبْنِي بِغَيْرِ نِيَّةٍ إنْ لَمْ يَطُلْ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ: لَا يَبْنِي مُطْلَقًا إلَخْ) أَيْ لِلتَّلَاعُبِ وَالدُّخُولِ عَلَى الْفَسَادِ وَعَدَمِ جَزْمِ النِّيَّةِ فَهُوَ أَشَدُّ مِنْ عَمْدِ التَّفْرِيقِ الْمُغْتَفَرِ فِيهِ الْقُرْبُ كَمَا فِي عج وَارْتَضَاهُ شَيْخُنَا فِي الْحَاشِيَةِ وَلَكِنَّهُ اعْتَمَدَ الْأَوَّلَ فِي تَقْرِيرِهِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ فَرَّقَ عَمْدًا إلَخْ) أَيْ فَيَكُونُ جُمْلَةُ الصُّوَرِ الَّتِي يَبْنِي فِيهَا عِنْدَ عَدَمِ الطُّولِ خَمْسَ صُوَرٍ صُورَتَانِ يَبْنِي فِيهِمَا اتِّفَاقًا وَهُمَا صُورَتَا الْعَجْزِ الْحُكْمِيِّ أَعْنِي مَا إذَا أَعَدَّ مِنْ الْمَاءِ مَا يَكْفِيهِ ظَنًّا أَوْ شَكًّا فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا يَكْفِيهِ وَثَلَاثُ صُوَرٍ يَبْنِي فِيهَا عَلَى الرَّاجِحِ: مَنْ أَعَدَّ مِنْ الْمَاءِ مَا لَا يَكْفِيهِ جَزْمًا أَوْ ظَنًّا وَمَنْ فَرَّقَ عَامِدًا مُخْتَارًا غَيْرَ رَافِضٍ لِلنِّيَّةِ (قَوْلُهُ: وَخِلَافُهُ) أَيْ وَخِلَافُ التَّحْقِيقِ وَهُوَ عَدَمُ الْبِنَاءِ مُطْلَقًا وَلَوْ لَمْ يَطُلْ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ طَالَ) أَيْ التَّفْرِيقُ مِنْ الْعَاجِزِ وَالْعَامِدِ وَمَنْ ذُكِرَ مَعَهُمَا (قَوْلُهُ: ابْتَدَأَ وُضُوءَهُ إلَخْ) أَيْ فَلَوْ خَالَفَ وَبَنَى عَلَى مَا فَعَلَهُ أَوَّلًا وَصَلَّى بِذَلِكَ الْوُضُوءِ أَعَادَ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ أَبَدًا لِتَرْكِ الْوَاجِبِ وَهُوَ الْمُوَالَاةُ (قَوْلُهُ: أَوْ أُكْرِهَ عَلَى التَّفْرِيقِ) قَالَ طفى فِي أَجْوِبَتِهِ الظَّاهِرُ أَنَّ الْإِكْرَاهَ هُنَا يَكُونُ بِمَا يَأْتِي لَلْمُؤَلِّفِ فِي الطَّلَاقِ مِنْ خَوْفِ مُؤْلِمٍ فَأَعْلَى إذْ هَذَا الْإِكْرَاهُ هُوَ الْمُعْتَبَرُ فِي الْعِبَادَاتِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ قَامَ بِهِ مَانِعٌ) أَيْ فَتَكُونُ الصُّوَرُ الَّتِي يَبْنِي فِيهَا مُطْلَقًا سَبْعَةً: النَّاسِي، وَهَذِهِ الصُّوَرُ السِّتَّةُ الْمَذْكُورَةُ هُنَا الْمُلْحَقَةُ بِهِ (قَوْلُهُ: مُسْتَوِيَيْنِ فِي الْبِنَاءِ مُطْلَقًا) أَيْ لِعَدَمِ وُجُوبِ الْمُوَالَاةِ فِي حَقِّهِمْ (قَوْلُهُ: بِهَذِهِ الصُّوَرِ إلَخْ) أَيْ السِّتَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي قَوْلِهِ
وَأَمَّا لَوْ أَعَدَّ مِنْ الْمَاءِ مَا يَجْزِمُ بِأَنَّهُ يَكْفِيهِ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا يَكْفِيهِ أَوْ أَرَاقَهُ شَخْصٌ أَوْ غَصَبَهُ أَوْ أُرِيقَ مِنْهُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ أَوْ أُكْرِهُ عَلَى التَّفْرِيقِ أَوْ قَامَ بِهِ مَانِعٌ لَمْ يَقْدِرْ مَعَهُ عَلَى إكْمَالِ وُضُوئِهِ (قَوْلُهُ: وَيَحْكُمُوا بِأَنَّ غَيْرَهُمَا) أَيْ غَيْرَ الْعَاجِزِ وَالنَّاسِي وَهُوَ الْعَامِدُ حَقِيقَةً أَعْنِي مَنْ فَرَّقَ عَامِدًا مُخْتَارًا أَوْ حُكْمًا وَهُوَ مَنْ أَعَدَّ مِنْ الْمَاءِ مَا لَا يَكْفِيهِ قَطْعًا أَوْ ظَنًّا (قَوْلُهُ: وَيَجْعَلُوا مَا فَسَّرُوا بِهِ الْعَاجِزَ مِنْ الصُّورَتَيْنِ) أَيْ وَهُمَا مَا إذَا أَعَدَّ مِنْ الْمَاءِ مَا يَكْفِيهِ ظَنًّا أَوْ شَكًّا فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا يَكْفِيهِ (قَوْلُهُ: مُلْحَقًا بِغَيْرِهِمَا)

الصفحة 92