كتاب الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (اسم الجزء: 1)

لَا تُنَافِي الْوُضُوءَ وَلَا تُؤَثِّرُ فِيهِ خَلَلًا (أَوْ) وَإِنْ (أَخْرَجَ بَعْضَ الْمُسْتَبَاحِ) أَيْ مَا أُبِيحَ لَهُ فِعْلُهُ بِالْوُضُوءِ كَمَا إذَا نَوَى بِهِ صَلَاةَ الظُّهْرِ لَا الْعَصْرِ أَوْ الصَّلَاةَ لَا مَسَّ الْمُصْحَفِ أَوْ بِالْعَكْسِ لِأَنَّ حَدَثَهُ قَدْ ارْتَفَعَ بِاعْتِبَارِ مَا نَوَاهُ فَجَازَ لَهُ فِعْلُهُ بِهِ وَفِعْلُ غَيْرِهِ (أَوْ) وَإِنْ (نَسِيَ حَدَثًا) أَيْ نَاقِضًا وَنَوَى غَيْرَهُ مِنْ أَحْدَاثٍ حَصَلَتْ مِنْهُ سَوَاءٌ كَانَ الْمَنْوِيُّ هُوَ الْأَوَّلَ أَوْ غَيْرَهُ، وَكَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ حَصَلَ مِنْهُ إلَّا الْمَنْسِيُّ وَلَا مَفْهُومَ لِنَسِيَ بَلْ وَلَوْ ذَكَرَهُ فَالْمُعْتَبَرُ مَفْهُومُ قَوْلِهِ (لَا أَخْرَجَهُ) أَيْ الْحَدَثَ بِأَنْ قَالَ: نَوَيْتُ الْوُضُوءَ مِنْ الْبَوْلِ لَا مِنْ الْغَائِطِ مَثَلًا فَلَا يَصِحُّ وُضُوءُهُ لِلتَّنَاقُضِ (أَوْ نَوَى مُطْلَقَ الطَّهَارَةِ) الشَّامِلَةِ لِلْحَدَثِ وَالْخَبَثِ أَيْ مِنْ حَيْثُ تَحَقُّقُهَا فِي أَحَدِهِمَا لَا بِعَيْنِهِ أَمَّا إنْ قَصَدَ الطَّهَارَةَ لَا بِقَيْدِ الشُّمُولِ فَالظَّاهِرُ الْإِجْزَاءُ كَمَا لِسَنَدٍ إذْ فِعْلُهُ دَلِيلٌ عَلَى طَهَارَةِ الْحَدَثِ (أَوْ) نَوَى (اسْتِبَاحَةَ مَا) أَيْ شَيْءٍ (نُدِبَتْ) الطَّهَارَةُ (لَهُ) كَقِرَاءَةِ قُرْآنٍ ظَاهِرًا أَوْ زِيَارَةِ صَالِحٍ أَوْ عَالِمٍ أَوْ نَوْمٍ أَوْ تَعْلِيمِ عِلْمٍ أَوْ تَعَلُّمِهِ أَوْ دُخُولٍ عَلَى سُلْطَانٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْوِيَ رَفْعَ الْحَدَثِ فَلَا يَرْتَفِعُ حَدَثُهُ لِأَنَّ مَا نَوَاهُ يَصِحُّ فِعْلُهُ مَعَ بَقَاءِ الْحَدَثِ

(أَوْ) (قَالَ) أَيْ بِقَلْبِهِ أَيْ نَوَى مَنْ كَانَ مُتَوَضِّئًا وَشَكَّ فِي الْحَدَثِ (إنْ كُنْتُ أَحْدَثْتُ فَ) هَذَا الْوُضُوءُ (لَهُ) أَيْ لِلْحَدَثِ لَمْ يُجْزِهِ سَوَاءٌ تَبَيَّنَ حَدَثُهُ أَمْ لَا لِعَدَمِ جَزْمِهِ بِالنِّيَّةِ حَيْثُ عَلَّقَ الْوُضُوءَ عَلَى أَمْرٍ غَيْرِ مُحَقَّقٍ إذْ الْوَاجِبُ عَلَى الشَّاكِّ فِي الْحَدَثِ أَنْ يَتَوَضَّأَ بِنِيَّةٍ جَازِمَةٍ (أَوْ) (جَدَّدَ) وُضُوءَهُ بِنِيَّةِ الْفَضِيلَةِ لِاعْتِقَادِهِ أَنَّهُ عَلَى وُضُوءٍ (فَتَبَيَّنَ) لَهُ (حَدَثُهُ)
ـــــــــــــــــــــــــــــQدُخُولَهَا عَلَى الْمَتْبُوعِ، وَظَاهِرُهُ الْإِجْزَاءُ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْمَاءُ لَا يُتَبَرَّدُ بِهِ عَادَةً كَمَا لَوْ نَوَى التَّبَرُّدَ بِمَاءٍ سَاخِنٍ وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: لَا تُنَافِي الْوُضُوءَ وَلَا تُؤَثِّرُ فِيهِ خَلَلًا) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ غَسْلَ الْأَعْضَاءِ لِلْوُضُوءِ يَتَضَمَّنُ التَّبَرُّدَ مَثَلًا، فَإِذَا نَوَاهُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مُضَادًّا لِلْوُضُوءِ وَلَا مُؤَثِّرًا فِيهِ خَلَلًا (قَوْلُهُ: فَجَازَ لَهُ فِعْلُهُ بِهِ) أَيْ فَجَازَ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ بِذَلِكَ الْوُضُوءِ مَا نَوَاهُ وَأَنْ يَفْعَلَ غَيْرَهُ وَهُوَ مَا أَخْرَجَهُ، وَإِخْرَاجُهُ لِغَيْرِ مَا نَوَاهُ لَا يَضُرُّ (قَوْلُهُ: وَنَوَى غَيْرَهُ) أَيْ وَنَوَى الْوُضُوءَ مِنْ غَيْرِهِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْأَسْبَابَ إذَا تَعَدَّدَتْ نَابَ أَحَدُهَا عَنْ الْآخَرِ (قَوْلُهُ: هُوَ الْأَوَّلَ) أَيْ هُوَ الَّذِي حَصَلَ مِنْهُ أَوَّلًا (قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ حَصَلَ مِنْهُ إلَّا الْمَنْسِيُّ) أَيْ وَنَوَى الْوُضُوءَ مِنْ حَدَثٍ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ مِنْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: بَلْ وَلَوْ ذَكَرَهُ) أَيْ وَنَوَى الْوُضُوءَ مِنْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: لَا أَخْرَجَهُ) عَطْفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ أَيْ أَوْ نَسِيَ حَدَثًا وَلَمْ يُخْرِجْهُ لَا أَخْرَجَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ نَوَى مُطْلَقَ الطَّهَارَةِ الشَّامِلَةِ لِلْحَدَثِ وَالْخَبَثِ) أَيْ فَلَا يَصِحُّ وُضُوءُهُ (قَوْلُهُ: أَيْ مِنْ حَيْثُ تَحَقُّقُهَا فِي أَحَدِهِمَا لَا بِعَيْنِهِ) أَيْ أَوْ مِنْ حَيْثُ تَحَقُّقُهَا فِيهِمَا مَعًا أَوْ مِنْ حَيْثُ تَحَقُّقُهَا فِي الْخَبَثِ فَالضَّرَرُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: فَالظَّاهِرُ الْإِجْزَاءُ) أَيْ كَمَا أَنَّهُ إذَا نَوَى مُطْلَقَ الطَّهَارَةِ مِنْ حَيْثُ تَحَقُّقُهَا فِي الْحَدَثِ، فَإِنَّهُ يُجْزِئُ فَالْإِجْزَاءُ فِي صُورَتَيْنِ وَعَدَمُهُ فِي ثَلَاثٍ بَقِيَ مَا إذَا نَوَى الطَّهَارَةَ مِنْ الْحَدَثِ وَالْخَبَثِ مَعًا وَفِي المج إذَا نَوَاهُمَا مَعًا لِنَجَاسَةِ الْعُضْوِ وَلَمْ يُضِفْ الْمَاءَ فَيُجْزِئُ (قَوْلُهُ: نُدِبَ الطَّهَارَةُ لَهُ) أَيْ نُدِبَ الْوُضُوءُ لَهُ فَالْمُرَادُ بِالطَّهَارَةِ الْوُضُوءُ (قَوْلُهُ: كَقِرَاءَةِ قُرْآنٍ ظَاهِرًا) أَيْ بِدُونِ مُصْحَفٍ نَعَمْ إذَا نَوَى بِغُسْلِهِ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ ظَاهِرًا أَجْزَأَهُ عَنْ غُسْلِ الْجَنَابَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ إلَّا بَعْدَ ارْتِفَاعِ الْجَنَابَةِ وَأَوْلَى مِنْهُ إذَا نَوَى بِغُسْلِهِ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ فِي الْمُصْحَفِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ فَفِي الْوُضُوءِ إذَا نَوَى الْوُضُوءَ لِمَسِّ الْمُصْحَفِ جَازَ لَهُ الصَّلَاةُ بِهِ وَإِذَا نَوَى الْوُضُوءَ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ ظَاهِرًا فَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ بِهِ لِعَدَمِ ارْتِفَاعِ حُدُوثِهِ.
وَأَمَّا فِي الْغُسْلِ إذَا نَوَى بِهِ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ ظَاهِرًا أَوْ فِي الْمُصْحَفِ أَجْزَأَهُ عَنْ غُسْلِ الْجَنَابَةِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَرْتَفِعُ حَدَثُهُ) أَيْ وَيَحْصُلُ لَهُ ثَوَابٌ كَوُضُوءِ الْجُنُبِ لِلنَّوْمِ عَلَى مَا رَدَّ بِهِ عب عَلَى ح وَكُلُّ هَذَا إذَا نَوَى إبَاحَةَ الْأَمْرِ الَّذِي يُنْدَبُ لَهُ الْوُضُوءُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْوِيَ رَفْعَ الْحَدَثِ، وَأَمَّا إذَا نَوَى الطَّهَارَةَ لِيَزُورَ مَثَلًا غَيْرَ مُحْدِثٍ جَازَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ عب هُنَا وَفِي بَابِ الْغُسْلِ.

(قَوْلُهُ: إنْ كُنْتُ أَحْدَثْتُ) أَيْ حَصَلَ مِنِّي نَاقِضٌ وَقَوْلُهُ فَلَهُ أَيْ فَهَذَا الْوُضُوءُ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَصَلَ مِنِّي نَاقِضٌ فَلَا يَكُونُ لَهُ (قَوْلُهُ: لَمْ يُجْزِهِ) أَيْ كَمَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ تَبَيَّنَ حَدَثُهُ أَمْ لَا) أَيْ بِأَنْ اسْتَمَرَّ بَاقِيًا عَلَى شَكِّهِ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ جَزْمِهِ بِالنِّيَّةِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ حِينَ نَوَى إنْ كُنْتُ أَحْدَثْتُ فَلَهُ إلَخْ غَيْرُ مُسْتَحْضِرٍ أَنَّ الشَّكَّ فِي الْحَدَثِ غَيْرُ نَاقِضٍ لِلْوُضُوءِ وَأَمَّا لَوْ كَانَ مُسْتَحْضِرًا لِذَلِكَ كَانَتْ نِيَّتُهُ جَازِمَةً لَا تَرَدُّدَ فِيهَا وَإِنْ كَانَ لَفْظُهُ دَالًّا عَلَى التَّرَدُّدِ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ وُضُوءُهُ صَحِيحًا كَمَا فِي عج (قَوْلُهُ: إذْ الْوَاجِبُ إلَخْ) الْأَوْلَى الْإِتْيَانُ بِالْفَاءِ بِحَيْثُ يَقُولُ فَالْوَاجِبُ إلَخْ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ بِمُجَرَّدِ شَكِّهِ فِي الْحَدَثِ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ فَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ

الصفحة 94