كتاب الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (اسم الجزء: 1)

وَاضِعًا أُصْبُعَيْهِ السَّبَّابَةَ وَالْإِبْهَامَ مِنْ الْيَدِ الْيُسْرَى عَلَيْهِ عِنْدَ نَثْرِهِ مَاسِكًا لَهُ مِنْ أَعْلَاهُ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي النَّظَافَةِ

(وَ) خَامِسُهَا (مَسْحُ وَجْهَيْ كُلِّ أُذُنٍ) أَيْ ظَاهِرُهُمَا وَبَاطِنُهُمَا فَفِيهِ تَغْلِيبُ الْوَجْهِ عَلَى الْبَاطِنِ

(و) سَادِسُهَا (تَجْدِيدُ مَائِهِمَا) أَيْ الْأُذُنَيْنِ فَلَوْ مَسَحَهُمَا بِلَا تَجْدِيدِ مَاءٍ لَهُمَا كَانَ آتِيًا بِسُنَّةِ الْمَسْحِ فَقَطْ وَبَقِيَ عَلَيْهِ سُنَّةُ مَسْحِ الصِّمَاخَيْنِ إذْ هُوَ سُنَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ فَالسُّنَنُ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِالْأُذُنَيْنِ ثَلَاثَةٌ

(وَ) سَابِعُهَا (رَدُّ مَسْحِ رَأْسِهِ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَعْرٌ بِأَنْ يَعُمَّهَا بِالْمَسْحِ ثَانِيًا بَعْدَ أَنْ عَمَّهَا أَوَّلًا وَلَا يَحْصُلُ التَّعْمِيمُ إذَا كَانَ الشَّعْرُ طَوِيلًا إلَّا بِالرَّدِّ الْأَوَّلِ ثُمَّ يَأْتِي بِالسُّنَّةِ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَنْ يُعِيدَ الْمَسْحَ وَالرَّدَّ كَذَا قِيلَ إلَّا أَنَّهُمْ اسْتَظْهَرُوا مَا لِلزَّرْقَانِيِّ مِنْ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الرَّدُّ فِي الْمُسْتَرْخِي لِأَنَّ لَهُ حُكْمَ الْبَاطِنِ وَالْمَسْحُ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّخْفِيفِ وَمَحَلُّ كَوْنِ الرَّدِّ سُنَّةً مَا بَقِيَ بِيَدِهِ بَلَلٌ مِنْ الْمَسْحِ الْوَاجِبِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنْ يَقُولَ وَجَازَتَا أَيْ السُّنَّتَانِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ رَاعَى كَوْنَهُمَا فِعْلَيْنِ وَالْمُرَادُ بِالْجَوَازِ هُنَا خِلَافُ الْأَوْلَى كَمَا قَالَ الشَّارِحُ؛ لِأَنَّهُ مُقَابِلٌ لِلنَّدْبِ وَقَوْلُهُ بِغَرْفَةٍ رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ قَبْلَهُ أَيْ جَازَا مَعًا بِغَرْفَةٍ وَجَازَ إحْدَاهُمَا بِغَرْفَةٍ فَالْأُولَى كَأَنْ يَتَمَضْمَضَ بِغَرْفَةٍ وَاحِدَةٍ ثَلَاثًا ثُمَّ يَسْتَنْشِقَ مِنْ تِلْكَ الْغَرْفَةِ الَّتِي تَمَضْمَضَ مِنْهَا ثَلَاثًا أَيْضًا عَلَى الْوَلَاءِ أَوْ يَتَمَضْمَضَ وَاحِدَةً وَيَسْتَنْشِقَ أُخْرَى وَهَكَذَا مِنْ غَرْفَةٍ وَاحِدَةٍ وَالثَّانِيَةُ كَأَنْ يَتَمَضْمَضَ بِغَرْفَةٍ ثَلَاثًا وَيَسْتَنْشِقَ بِغَرْفَةٍ أُخْرَى ثَلَاثًا وَبَقِيَتْ صِفَةٌ أُخْرَى وَالظَّاهِرُ جَوَازُهَا وَإِنْ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَمْ أَقِفْ عَلَى مَنْ ذَكَرَهَا وَهِيَ أَنْ يَتَمَضْمَضَ مِنْ غَرْفَةٍ مَرَّتَيْنِ وَالثَّالِثَةُ مِنْ ثَانِيَةٍ ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ مِنْهَا مَرَّةً ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ اثْنَتَيْنِ مِنْ غَرْفَةٍ ثَالِثَةٍ.

(قَوْلُهُ: وَاضِعًا إصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةَ وَالْإِبْهَامَ مِنْ الْيَدِ الْيُسْرَى عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْأَنْفِ، فَإِنْ لَمْ يَجْعَلْ إصْبَعَيْهِ عَلَى أَنْفِهِ وَلَا نَزَلَ الْمَاءُ مِنْ الْأَنْفِ بِالنَّفَسِ وَإِنَّمَا نَزَلَ بِنَفَسِهِ فَلَا يُسَمَّى هَذَا اسْتِنْثَارًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ وَضْعَ الْأُصْبُعَيْنِ مِنْ تَمَامِ السُّنَّةِ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى أَخْذِهِ فِي تَعْرِيفِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الشَّاذِلِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ وَقِيلَ: إنَّ ذَلِكَ مُسْتَحَبٌّ وَاخْتَارَهُ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: مِنْ الْيَدِ الْيُسْرَى) هَذَا مُسْتَحَبٌّ لَا أَنَّ حَقِيقَةَ الِاسْتِنْثَارِ تَتَوَقَّفُ عَلَى ذَلِكَ كَمَا أَنَّ كَوْنَ الْأُصْبُعَيْنِ السَّبَّابَةِ وَالْإِبْهَامِ كَذَلِكَ أَيْ مُسْتَحَبٌّ قَالَهُ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: أَيْ ظَاهِرُهُمَا وَبَاطِنُهُمَا) ظَاهِرُ الْأُذُنِ هُوَ مَا يَلِي الرَّأْسَ وَبَاطِنُهَا هُوَ مَا كَانَ مُوَاجِهًا؛ لِأَنَّهَا خُلِقَتْ كَالْوَرْدَةِ ثُمَّ فُتِحَتْ وَقِيلَ بِالْعَكْسِ (قَوْلُهُ: فَفِيهِ تَغْلِيبُ الْوَجْهِ عَلَى الْبَاطِنِ) وَزَادَ لَفْظَ كُلٍّ لِئَلَّا يَتَوَالَى تَثْنِيَتَانِ لَوْ قَالَ وَجْهَيْ أُذُنَيْنِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ لِثِقَلِهِ وَأَيْضًا لَوْ قَالَ كَذَلِكَ لَمْ يَتَنَاوَلْ مَسْحَ بَاطِنِهِمَا.

(قَوْلُهُ: وَتَجْدِيدُ مَائِهِمَا) أَيْ مَاءٍ لَهُمَا فَفِي الْكَلَامِ حَذْفُ الْجَارِ (قَوْلُهُ: كَانَ آتِيًا بِسُنَّةِ الْمَسْحِ فَقَطْ) أَيْ وَتَارِكًا لِسُنَّةِ تَجْدِيدِ الْمَاءِ (قَوْلُهُ: وَمَسْحُ الصِّمَاخَيْنِ) الصِّمَاخُ هُوَ الثُّقْبُ الَّذِي تَدْخُلُ فِيهِ رَأْسُ الْأُصْبُعِ مِنْ الْأُذُنِ (قَوْلُهُ: إذْ هُوَ سُنَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ) أَيْ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ نَقْلًا عَنْ اللَّخْمِيِّ وَابْنِ يُونُسَ لَكِنَّ الَّذِي يُفِيدُهُ كَلَامُ التَّوْضِيحِ أَنَّ مَسْحَ الصِّمَاخَيْنِ مِنْ جُمْلَةِ مَسْحِ الْأُذُنَيْنِ لَا أَنَّهُ سُنَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ (قَوْلُهُ: ثَلَاثَةٌ) أَيْ مَسْحُ ظَاهِرِهِمَا وَبَاطِنِهِمَا وَمَسْحُ الصِّمَاخَيْنِ وَتَجْدِيدُ الْمَاءِ لَهُمَا.

(قَوْلُهُ: وَرَدُّ مَسْحِ رَأْسِهِ) أَيْ إلَى حَيْثُ بَدَأَ فَيَرُدُّ مِنْ الْمُؤَخَّرِ إلَى الْمُقَدَّمِ أَوْ عَكْسِهِ أَوْ مِنْ أَحَدِ الْفَوْدَيْنِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يُعِيدَ الْمَسْحَ وَالرَّدَّ) أَيْ فَعَلَى هَذَا لَا بُدَّ لِصَاحِبِ الشَّعْرِ الطَّوِيلِ مِنْ مَسْحِ رَأْسِهِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ مَرَّةً لِظَاهِرِهَا وَمَرَّةً لِبَاطِنِهَا وَهُمَا وَاجِبَتَانِ بِهِمَا يَحْصُلُ التَّعْمِيمُ الْوَاجِبُ ثُمَّ يُطَالَبُ بِمَسْحِهَا عَلَى سَبِيلِ السُّنَّةِ مَرَّتَيْنِ مَرَّةً لِظَاهِرِهَا وَمَرَّةً لِبَاطِنِهَا لِيَحْصُلَ تَعْمِيمُهَا بِالْمَسْحِ ثَانِيًا بَعْدَ أَنْ عَمَّهَا أَوَّلًا (قَوْلُهُ: كَذَا قِيلَ) قَائِلُهُ الْعَلَّامَةُ عج وَمَنْ وَافَقَهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْ بْن أَنَّ النَّقْلَ لَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ: مَا لِلزَّرْقَانِيِّ) الْمُرَادُ بِهِ الشَّيْخُ أَحْمَدُ بْنُ فُجْلَةَ وَوَافَقَهُ عَلَى قَوْلِهِ الشَّيْخُ

الصفحة 98